تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
سخن موسس فقید
سخن موسس فقید
مسند سهل بن زياد الآدمى (جلد دوم)

(349)

كتا ب الجـهاد


(351)

أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه

الحديث 811: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله‌ بن عبدالرّحمن، عن مسمع بن عبدالملك، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: لمّا وجّهني[1] رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله إلى اليمن قال[2]: يا عليّ لا تقاتل[3] أحدا حتّى تدعوه إلى الإسلام، وأيم الله‌ لإن يهدي الله‌ عزّوجلّ على يديك رجلاً خيرٌ لك ممّا طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه[4].

المصادر: الكافي 5: 36، كتاب الجهاد، باب الدُّعاء إلى الإسلام قبل القتال، ح2، وسائل الشيعة 15: 43، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب10 ذيل ح1، جامع أحاديث الشيعة 13: 143، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب42 باب وجوب الدُّعاء إلى الإسلام قبل القتال، ح1.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: «أيم الله‌» اسم وضع للقسم والولاء أن يرثه.[5]

الحديث 812: محمّد بن أبي عبدالله‌ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد،


--------------------------------------------------

1. في الوسائل والجامع: «بعثني» بدل «لمّا وجّهني».

2. في الوسائل: «فقال» بدل «قال»

3. في الوسائل والجامع: «لا تقاتلنّ» بدل «لا تقاتل».

4. في الوسائل زيادة: «يا عليّ».

5. كتاب الوافي 15: 92.


(352)

ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا، عن الحسن بن العبّاس بن الحريش[1] عن أبي جعفر[2] عليه‌السلام قال: لقد خلق الله‌ جلّ ذكره ليلة القدر أوّل ما خلق الدّنيا، ولقد خلق فيها أوّل نبيّ يكون، وأوّل وصيّ يكون، ولقد قضى أن يكون في كلّ سنة ليلةٌ يهبط فيها بتفسير الاُمور إلى مثلها من السّنة المقبلة، من جحد ذلك فقد ردّ على الله‌ عزّ وجلّ علمه لأنّه لا يقوم الأنبياء والرّسل والمحدّثون إلاّ أن تكون عليهم حجّة بما يأتيهم في تلك اللّيلة مع الحجّة الّتي يأتيهم بها جبرئيل عليه‌السلام.

قلت: والمحدّثون أيضاً يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة عليهم‌السلام؟ قال: أمّا الأنبياء والرّسل صلّى الله‌ عليهم فلا شكّ، ولا بدّ لمن سواهم من أوّل يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدّنيا أن تكون على أهل الأرض حجّة ينزل ذلك في تلك اللّيلة إلى من أحبّ من عباده.

وأيم الله‌ لقد نزل الرّوح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم، وايم الله‌ ما مات آدم إلاّ وله وصيّ، وكلّ من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها، ووضع لوصيّه من بعده، وايم الله‌ إن كان النّبيّ ليؤر فيما يأتيه من الأمر في تلك اللّيلة من آدم إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أن أوص إلى فلان.

ولقد قال الله‌ عزّوجلّ في كتابه لولاة الأمر من بعد محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله خاصّةً: «وَعَدَ الله‌ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ـ إلى قوله ـ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»[3].

يقول: أستخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيّكم كما إستخلف وصاة آدم


--------------------------------------------------

1. في الوسائل: «الجريش» بدل «الحريش».

2. في الوسائل والجامع زيادة: «الثاني».

3. النور 24:55.


(353)

من بعده حتّى يبعث النّبيّ الّذي يليه «يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً».

يقول: يعبدونني بإيمان لا نبيّ بعد محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آلهفمن قال غير ذلك «فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» فقدمكّن ولاة الأمر بعد محمّد بالعلم ونحن هم، فاسألونا فإن صدّقناكم فأقرّوا وما أنتم بفاعلين، أمّا علمنا فظاهر، وأمّا إبّان أجلنا الّذي يظهر فيه الدّين منّا حتّى لا يكون بين النّاس إختلاف، فإنّ له أجلًا من ممرّ اللّيالي والأيّام إذا أتى ظهر، وكان الأمر واحداً.

وأيم الله‌ لقد قضي الأمر أن لا يكون بين المؤنين إختلاف، ولذلك جعلهم شهداء على النّاس ليشهد محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله علينا، ولنشهد على شيعتنا، ولتشهد شيعتنا على النّاس، أبى الله‌ عزّوجلّ أن يكون في حكمه إختلاف، أو بين أهل علمه تناقض.

ثمّ قال أبو جعفر عليه‌السلام: فضل إيمان المؤن بحمله «إِنَّا أَنزَلنَاهُ»وبتفسيرها على من ليس مثله في الإيمان بها، كفضل الإنسان على البهائم، وإنّ الله‌ عزّوجلّ ليدفع بالمؤنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنّه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين، ولا أعلم أنّ في هذا الزّمان جهاداً إلاّ الحجّ والعمرة والجوار.

المصادر: الكافي 1: 250، كتاب الحجّة، باب في شأن إنّا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها، ح7، وأورد ذيله في وسائل الشيعة 15: 47، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب12 ح4، وأورد ذيله في جامع أحاديث الشيعة 13: 52، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب16 باب اشتراط وجوب الجهاد بأمر الإمام...، ح12.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: (لقد خلق الله‌ تعالى ليلة القدر أوّل ما خلق الدّنيا) يريد أنّ الزمان من أوّله إلى آخره لا يخلو من ليلة القدر، أو يريد أنّها أوّل ليلة عند خلق الدّنيا،


(354)

وهكذا جرى قضاء الله‌ تعالى ليجيء فيها تفسير الاُمور إلى من هو أهله، وعلى التقديرين لا دلالة فيه على أنّ اللّيل مقدّم على النهار فلا ينافي قوله تعالى: «وَ لاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ».[1]

قوله (خلق فيها أوّل نبيّ) يريد خلق فيها أوّل نبيّ في سلسلة الأنبياء، وأوّل وصيّ في سلسلة الأوصياء، وإنّما قيّد بالأوّل، لأنّه لم يخلق كلّ نبيّ وكلّ وصيّ فيها كما يظهر لمن نظر في تواريخ مواليدهم، [ويحتمل أن يراد بالخلق التقدير فيعمّ].

قوله (يهبط فيها بتفسير الاُمور) قد تحقّق أنّ أئمّتنا عليهم‌السلام كانوا عالمين بجميع الاُمور إلاّ أنّ بعضها لمّا كان محتوما مبرما، وبعضها غير محتوم، كان المراد بتفسيرها تفسير غير المحتوم فيحصل لهم العلم في تلك اللّيلة، بأنّه صار محتوما فيؤمرون بفعل هذا وترك ذاك إلى ما شاء الله‌ تعالى، وفي لفظ التفسير إيماء إلى ذلك. ويُحتمل أن يُراد به الإعلام، بأنّها وجدت في الأعيان وهذا غير الإعلام بأنّها ستوجد وما كان متحقّقا لهم هو الثاني دون الأوّل.

قوله: (فقد ردّ على الله‌ علمه) أي علم الله‌ الّذي هبطه على أوليائه، أو علمه بأنّه هبطه.

قوله: (لأنّه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدّثون) تعليل للردّ المذكور، يعني لا يقوم هؤلاء العظام بأمر الخلق وإرشادهم إلاّ أن تكون لله‌ تعالى حجّة وبرهان عليهم، وهي ما يأتيهم الملائكة من العلوم المتكثّرة في ليلة القدر، وما يأتيهم جبرئيل عليه‌السلام في غيرها من سائر الأوقات، ومن أنكر ذلك فقد ردّ على الله‌ علمه الّذي أنزله إليهم، والرادّ على الله‌ كافر، فكيف يستحقّ الخلافة.


--------------------------------------------------

1. يس 36:40.


(355)

قوله (قلت: والمحدّثون أيضا يأتيهم جبرئيل عليه‌السلام أو غيره) السؤال إنّما هو عن إتيان جبرئيل عليه‌السلام لا عن إتيان غيره من الملائكة؛ لأنّ إتيان غيره كان معلوما للسائل بقرينة قوله «والمحدّثون»، ويحتمل أن يكون إتيان الملك معلوما له فسأل هل هو جبرئيل عليه‌السلام أو غيره.

قوله (من أوّل يوم خلقت فيه الأرض) المراد أوّل يوم خلقت عند وجود الأرض كما يشعر به قوله (على أهل الأرض)، وفيه دلالة على أنّ اليوم مقدّم على اللّيل، ويؤيّده أنّ العالم عند خلقه لابدّ أن يكون على أشرف الأوضاع، والطلوع أشرف من الغروب.

قوله (حجّة ينزل ذلك) المراد بالحجّة العلم الّذي ينزل أو الملك الّذي ينزل به ذلك الملك في ليلة القدر، وإنّما لم يبيّن الملك النازل هل هو جبرئيل أو غيره للدلالة على التعميم.

قوله (إلى من أحبّ من عباده) دلّ على أنّ المنزّل إليه لابدّ أن يكون من محبوبيه فلا يكون فاسقا؛ لأنّ الفاسق مبغوض.

قوله (ان كان النبيّ ليؤمر) «أن» مخفّفة كما مرّ، وفيه تنبيه على أنّ سنّة الله‌ جرت في كلّ نبيّ من آدم إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أن لا يمضي إلاّ بعد نصّ وصيّ بأمر الله‌ تعالى فكيف تتخلّف هذه السنّة في محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله.

ثمّ أشار بقوله: «ولقد قال الله‌ تعالى إلى آخره» مؤكّدا بالقسم إلى أنّ الله‌ تعالى نصّ بأوصياء نبيّنا مخاطباً لهم للإكرام والتشريف.

قوله: «وَعَدَ الله‌ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ».[1] المراد بالإيمان التصديق الكامل المنزّه عن شوائب الوهم والخيال، وهو الّذي يرى المعقول شاهدا والغائب حاضرا، وبالصالحات الأعمال الصالحة كلّها صغيرها وكبيرها،


--------------------------------------------------

1. النور 24: 55 .


(356)

وحقيرها وجليلها. وفي العطف إيماء إلى أنّ الأعمال خارجة عن حقيقة الإيمان.

قوله (يقول أستخلفكم) أي يقول الله‌ تعالى مخاطبا للأوصياء عليهم‌السلام: «كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»[1].

قوله (أمّا علمنا فظاهر) يعني أمّا علمنا فظاهر لم يدخل النقص فيه بغلبة الأعداء، وأمّا وقت ظهورنا وغلبتنا عليهم حتّى يظهر الدين ويرتفع الاختلاف بين الناس فله أجل معيّن عند الله‌ تعالى، إذا جاء أجله صار الدين واحدا ورجع الناس من الاختلاف إلى الاتّحاد، وهو زمان ظهور مهديّ هذه الاُمّة.

قوله (ولذلك جعلهم شهداء على الناس) أي ولقضائه تعالى بأن لا يكون بين المؤمنين إختلاف في الذين جعلهم الله‌ تعالى شهداء على الناس؛ لأنّ بناء الشهادة على التوافق في المشهود به، ولذلك تردّ الشهادة لو إختلف الشهود فيه، فدلّت الآية على أنّه لا إختلاف في علم الله‌ ولا في دينه ولا في حكمه.

قوله (فضل إيمان المؤمن) هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: أنّ فضل إيمان المؤمن العالم بها وبتفسيرها على إيمان المؤمن غير العالم كفضل الإنسان على البهائم، وربما يؤيّده لفظ الحمل، ففيه ترغيب في تحصيل العلم.

وثانيهما: وهو الأظهر أنّ فضل المؤمن بها وبتفسيرها على غير المؤمن بها من أهل الخلاف كالفضل المذكور، ويرجّحه قوله: «وإنّ الله‌ تعالى ليدفع بالمؤمنين بها إلى آخره».

قوله (وأنّ الله‌ تعالى ليدفع)، يعني أنّ الله‌ تعالى ليدفع بالمؤمنين بها عن


--------------------------------------------------

1. النور 24: 55.


(357)

الجاحدين لها عذاب الدّنيا، ولولا المؤمنون بها لعذّبهم في الدّنيا وأهلكهم كافّة، وذلك الدفع ليعذّبهم في الآخرة عذابا أليما بسبب جحدهم وإنكارهم إيّاها، وذلك الدفع أو كمال عذاب الآخرة لمن علم الله‌ تعالى أنّه لا يتوب عن إنكاره، ولا يرجع عنه إلى الإيمان بها، وهذا الدفع مثل ما يدفع الله‌ تعالى بالمجاهدين في سبيله عن القاعدين هلاكهم بسيوف المشركين أو بعقوبته.

قوله: (ولا أعلم في هذا الزمان جهادا إلاّ الحجّ والعمرة والجوار) الجوار بالكسر: الذمّة والأمان فيكون بها جارك، وأيضا المجاورة، ومنه الجار الّذي يجاورك، والمضاف محذوف على الأخير لو اُريد أحسن الجوار، وفيه دلالة على أنّ وجوب الجهاد مشروط بوجود الإمام وتمكّنه.[1]

قال الفيض الكاشاني:

بيان: لعلّ السرّ في كون خلق ليلة القدر مع أوّل خلق الدّنيا، وخلق أوّل نبيّ أو وصيّ يكون فيها أنّ ليلة القدر يدبّر فيها كلّ أمر يكون في الدّنيا، ويقدّر فيها كلّ شيء يوجد في العالم، وتنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر إلى نبي أو وصي، كما تقرّر ذلك كلّه في النصوص.

وتعيين الوصي للنبي إنّما يكون في تلك الليلة، فلو كانت الدّنيا متقدّمة على ليلة القدر لزم أن يكون إمضاؤها قبل تدبيرها وتقديرها، ولو كانت ليلة القدر متقدّمة على الدّنيا لزم أن لا تتنزّل الملائكة والروح فيها لفقد المنزّل إليه.

ثمّ إنّ الدّنيا إنّما كانت دنيا لدنوّها من الإنسان بالإضافة إلى الآخرة فهما حالتان للإنسان، فلا دنيا قبل إنسان، ولا إنسان قبل نبي أو وصي، إذ لا يقوم هذا النوع إلاّ بحجّة كما يأتي بيانه من الأخبار، فخلق النبيّ الأوّل والوصي الأوّل من حيث كونه وصيّا إنّما يكون في ليلة القدر.


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 6: 13 ـ 16.


(358)

ولا ليلة قدر، ولا دنيا إلاّ وفيهما نبي أو وصي، ولا نبي ولا وصي إلاّ ولهما ليلة قدر. «فقد ردّ على الله‌ علمه»؛ لأنّ علم الله‌ في الاُمور المتجدّدة في كلّ سنة لابدّ أن ينزّل في ليلة القدر إلى الأرض ليكون حجّة على الأنبياء والمحدّثين لنبوّتهم وولايتهم، فالرادّ لليلة القدر هو الرادّ على الله‌ علمه الجاحد أن يكون علمه في الأرض.

«فلا شكّ» أي في إتيان جبرئيل، لم يتعرّض عليه‌السلام لجواب السائل، بل أعرض عنه إلى غيره تنبيها له على أنّ هذا السؤال غير مهمّ له، وإنّما المهمّ له التصديق بنزول الأمر على الأوصياء ليكون حجّة لهم على أهل الأرض.

وأمّا أنّ النازل بالأمر هل هو جبرئيل أو غيره، فليس العلم به بمهمّ له، أو أنّه لم ير المصلحة في إظهار ذلك له؛ لكونه أجنبيّاً كما يشعر به قوله عليه‌السلام فيما بعد (وما أنتم بفاعلين) «ووضع» أي النبيّ الأمر أو على البناء للمفعول أو بالتنوين عوضا عن المضاف إليه عطف على الأمر.

(بإيمان لا نبيّ بعد محمّد)، يعني أنّ نفي الشرك عبارة عن أن لا يعتقد النبوّة في الخليفة الظاهر الغالب أمره.

(ومن قال غير ذلك) هذا تفسير لقوله تعالى: «وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»[1] يعني ومن كفر بهذا الوعد بأن قال: إنّ مثل هذا الخليفة لا يكون إلاّ نبيا ولا نبيّ بعد محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله فهذا الوعد غير صادق أو كفر بهذا الموعود بأن قال: إذا ظهر أمره هذا نبيّ، أو قال هذا ليس بخليفة لاعتقاده الملازمة بين الأمرين، فقوله عليه‌السلام (غير ذلك) إشارة إلى الأمرين، والسرّ في هذا التفسير أنّ العامّة لا يعتقدون مرتبة متوسّطة بين مرتبة النبوّة، ومرتبة آحاد أهل الإيمان من الرعيّة


--------------------------------------------------

1. النور 24: 55.


(359)

في العلم اللدنّي بالأحكام، ولهذا ينكرون إمامة أئمّتنا عليهم‌السلامزعما منهم أنّهم كسائر آحاد الناس فإذا سمعوا منهم من غرائب العلم أمرا زعموا أنّهم عليهم‌السلام يدّعون النبوّة لأنفسهم.

(لكمال عذاب الآخرة) أي ليكمل العذاب عليهم (والجوار) أي قضاء حقّ المجاورة والصبر على أذى الجار والعشير، كأنّه عليه‌السلام شبّه العبادات الثلاث بالجهاد وجعلها عوضا عنه في هذا الزمان لما فيها من جهاد النفس على مشاقّها ولا سيّما ما يتحمّل من أذى الأعداء الجاحدين للحق.[1]

وقال العلاّمة المجلسي:

«أوّل ما خلق الله‌ الدّنيا» فيه إشعار بتقديم اللّيل على النهار، ويمكن أن يكون المراد أوّل ليلة من ليالي الدّنيا.

«ولقد خلق فيها أوّل نبي» أي آدم عليه‌السلام. «وأوّل وصيّ»، أي شيث عليه‌السلام، ويمكن أن يكون الخلق في الأخير أو في الجميع بمعنى التقدير.

«فلا شكّ» أي في نزول جبرئيل عليهم، وإنّما أبهم عليه‌السلام الأمر في الأوصياء للتقيّة، أو لقصور عقل السائل، لئلاّ يتوهم النبوّة فيهم.

وقيل: أعرض عنه إلى غيره تنبيها له، على أنّ هذا السؤال غير مهم له، وإنّما المهمّ له التصديق بنزول الأمر على الأوصياء ليكون حجّة لهم على أهل الأرض. وأمّا أنّ النازل بالأمر هل هو جبرئيل أو غيره، فليس العلم به بمهم له.

وأقول: الظاهر أنّ قوله «قلت» كلام الحسن بن العبّاس الراوي، وضمير «قال» لأبي جعفر عليه‌السلام.

وقوله: «أن يكون» أي من أن يكون و«حجّة» إما مرفوع فالعائد مقدّر.


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 2: 57.


(360)

وحاصل الكلام: وأمّا من سواهم، أي من سوى الأنبياء من أوّل الدّنيا إلى آخره فلابد من أن يكون على أهل الأرض حجّة لهم أو بسببهم.

ثمّ بيّن الحجّة بقوله «ينزل ذلك» أي الحكم والأمر «في تلك اللّيلة إلى من أحبّ من عباده» أي إليهم، فهذا من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر، لبيان أنّ المنزل إليه لابد أن يكون من أحبّ العباد، وإمّا منصوب بكونه خبر يكون واسمه الضمير الراجع إلى الموصول، والمعنى أنّ من سوى الأنبياء لابدّ من أن يكون حجّة على العباد بكمال علمهم، وكونهم عالمين بجميع ما يرد عليهم من الحوادث والأحكام، ولا يكون ذلك إلاّ بنزول الملائكة إليهم في تلك اللّيلة.

وجملة «ينزل» أيضا بيان، كما مرّ.

ويؤّيد الأوّل أنّ هذا الخبر رواه مؤلف كتاب (تأويل الآيات الظاهرة).

وفيه هكذا: «ولابدّ لمن سواهم من أوّل يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدّنيا من أن يكون على أهل الأرض حجّة ينزل ذلك الأمر في تلك اللّيلة إلى من أحبّ من عباده وهو الحجّة» بناء على إرجاع هو إلى النزول، ويحتمل إرجاعه إلى من أحبّ، فيوافق الثّاني أيضا. وهذان الوجهان ممّا خطر بالبال.

وقيل: المراد بمن سواهم سائر أهل الأرض سواء كان محدّثا أم لا.

وقوله «على أهل الأرض» من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر، أي عليهم، يعني أنّ إتيان جبرئيل الأنبياء والرّسل ينسب إلى من سواهم أيضا، لأنّه لابدّ لهم من ذلك الإتيان، ليكون على أهل الأرض حجّة فكونه منسوبا إلى المحدّثين بطريق أولى، ولا يخفى ما فيه.

«ووضع» على بناء المعلوم أو المجهول، أي وضع الله‌ أو النبيّ وقرّر نزول الأمر لوصيّه، وربما يقرأ وضع بالتنوين عوضا عن المضاف إليه عطفا على الأمر.

وفي تأويل الآيات «ووضعه لوصيّه». «إن كان النبيّ» إن بكسر الهمزة مخففة


(361)

عن المثقّلة، وضمير الشأن فيه مقدّر «كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ».

وبعد ذلك: «وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ»[1] فيقول، تفسير للآية، أي يقول الله‌.

وفي تأويل الآيات «يقول» وفي بعض نسخ الكتاب «أيضا»، أستخلفكم بصيغة المتكلّم.

«لعلمي» أي لحفظه «كما إستخلف» بصيغة الغائب المعلوم على الالتفات، أو المجهول أو بصيغة المتكلّم. وفي تأويل الآيات «كما إستخلفت» وهو أظهر.

«بإيمان لا نبيّ بعد محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله» وفي تأويل الآيات: أن لا نبيّ، يعني أن نفي الشرك عبارة عن أن لا يعتقد النبوّة في الخليفة الظاهر الغالب أمره.

«ومن قال غير ذلك» هذا تفسير لقوله تعالى: «وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ».[2] يعني من كفر بهذا الوعد بأن قال مثل هذا الخليفة لا يكون إلاّ نبيا ولا نبيّ بعد محمّد فهذا الوعد غير صادق، أو كفر بهذا الوعد بأن قال: إذا ظهر أمره هذا نبيّ، أو قال: ليس بخليفة لإعتقاده الملازمة بين الأمرين. فقوله عليه‌السلام: «غير ذلك» إشارة إلى الأمرين.

والسرّ في هذا التفسير أنّ العامّة لا يعتقدون مرتبة متوسّطة بين مرتبة النبوّة ومرتبة آحاد أهل الإيمان من الرعيّة في العلم اللّدني بالأحكام، ولهذا ينكرون إمامة أئمّتنا زعما منهم أنّهم كسائر آحاد الناس، فإذا سمعوا منهم من غرائب العلم أمرا زعموا أنّهم عليهم‌السلام يدّعون النبوّة لأنفسهم، ولذا قال هشام بن عبدالملك مشيراً إلى الباقر عليه‌السلام: هذا نبي أهل الكوفة.


--------------------------------------------------

1. النور 24: 55.

2. النور 24: 55 .


(362)

«فقد مكّن وُلاة الأمر بعد محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله بالعلم» أي مكّنهم في الخلافة أو في الدّين بما أعطاهم من العلم الكامل لا ببسط اليد، فإنّه مختصّ ببعضهم.

أو الباء بمعنى في، أو ضمّن التمكين معنى التوكيل. وفي بعض النسخ «فقد مكّن ووكّل» ولعلّه من إضافة الناسخ. والظاهر أنّه إشارة إلى قوله تعالى: «وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ»[1] وفسّر تمكين الدّين لهم بتمكينهم في الدين بوفور العلم، وهذا عام يشمل جميعهم.

وقوله: «وليبدّلَنّهُم» إشارة إلى غلبتهم في زمان القائم عليه‌السلام، ولذا قال: «أما علمنا فظاهر» أي في كلّ زمان ومن كلّ أحد منّا.

«وأمّا إبّان أجلنا» إشارة الى تبديل الخوف بالأمن «وكان الأمر» أي الدّين واحدا لا إختلاف فيه.

قوله عليه‌السلام: «ولذلك» أي لعدم الاختلاف «جعلهم شهداء» لأنّ شهادة بعضهم على بعض بالحقّية لا تكون إلاّ مع التوافق وكذا على غيرهم لا تتأتّى إلاّ مع ذلك، إذ الاختلاف في الشهادة موجب لردّ الحكم.

ويحتمل أن يكون المراد بالمؤمنين الائمّة عليهم‌السلام أي حكم الله‌ حكما حتما أن لا يكون بين أئمّة المؤمنين إختلاف، وأن يكونوا مؤيّدين من عنده تعالى، ولكونهم كذلك جعلهم الشّهداء على الناس، والظاهر أن قوله «أن لا يكون» بيان للأمر، وقيل: المراد بالأمر الّذي ينزل في ليلة القدر» «وأن لا يكون» مفعول له أي لأن لا يكون.

و«جعلهم شهداء» إشارة إلى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِى الله‌ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ


--------------------------------------------------

1. النور 24:55.


(363)

سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِى هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ»[1].

فإن جعلنا الخطاب متوجها إلى جميع المؤمنين فيكون شهادتهم عليهم‌السلامداخلة في شهادة الرّسول، ويكون شهادتهم على الناس إشارة إلى الشهادتين الأخيرتين معا، وإن جعلناه متوجّها إلى الأئمّة فذكر شهادة الشيعة إستطراديّ، أو شهادة الشيعة بمنزلة شهادتهم وداخلة فيها.

قوله عليه‌السلام: «فضل إيمان المؤمن» أي فضل المؤمن من حيث الإيمان، أو يقدّر مضاف في قوله «على من ليس مثله» أي على إيمان من ليس مثله «لكمال عذاب الآخرة»، أي إنّما يدفع عنهم في الدّنيا ليكمل لهم العذاب في الآخرة.

«لمن علم» أي كون الدفع لكمال عذاب الآخرة وشدّته إنّما هو لمن علم أنـّه لا يتوب، وأمّا من علم أنـّه يتوب فإنّما يدفع لعلمه بأنـّه يتوب.

ولمّا ذكر الجهاد هنا وفي الآية المشار إليها سابقا، وكان مظنّة أن يفهم السائل وجوب الجهاد في زمانه عليه‌السلام مع عدم تحقّق شرائطه مع المخالفين، أو مع من يخرج من الجاهلين أزال عليه‌السلام ذلك التوهّم بقوله: «ولا أعلم» أي هذه الأعمال قائمة مقام الجهاد لمن لم يتمكّن عنه.

أو قوله تعالى: «وَ جَاهِدُوا فِى الله‌ حَقَّ جِهَادِهِ»[2] شاملة لهذه الاُمور أيضا. والمراد بالجوار المحافظة على الذمّة والأمان، أو رعاية حق المجاورين في المنزل، أو مطلق المجاورين والمعاشرين والتقيّة منهم، وحسن المعاشرة معهم والصبر على أذاهم. وقيل: كأنّه عليه‌السلام شبّه العبادات الثلاث بالجهاد لما فيها من جهاد النفس على مشاقّها، ولا سيّما ما يتحمّل من أذى الأعداء الجاهلين للحق، وقيل:


--------------------------------------------------

1. الحجّ 22: 77 ـ 78.

2. الحجّ22:78.


(364)

المراد بالجوار مجاورة العلماء وكسب التفقه في الدّين ولا يخفى بعده.[1]

الحديث 813: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن عبدالله‌، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله‌ بن المغيرة قال: قال محمّد بن عبدالله‌ للرّضا (صلوات الله‌ عليه) وأنا أسمع: حدّثني أبي عن أهل بيته، عن آبائه أنه قال له بعضهم: إنّ في بلادنا موضع رباط يقال له: قزوين، وعدواً يقال له: الديلم فهل من جهاد أو هل من رباط؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجّوه، فأعاد عليه الحديث فقال: عليكم بهذا البيت فحجّوه، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آلهبدراً، فإن مات ينتظر أمرنا كان كمن كان مع قائمنا (صلوات الله‌ عليه)، هكذا في فسطاطه، وجمع بين السبّابتين، ولا أقول: هكذا، وجمع بين السبابة والوسطى، فإن هذه أطول من هذه، فقال أبو الحسن عليه‌السلام: صدق.

المصادر: وسائل الشيعة 15: 47، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب12 ح5، وأورد صدره وذيله في الحديث 1 من الباب 44 من أبواب وجوب الحجّ من المجلّد الحادي عشر.

مرّ الحديث في الصفحة 120 رقم الحديث 556.

الحديث 814: حدّثنا أبي رحمه‌الله قال: حدّثنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا سهل بن زياد قال: حدّثني عليّ بن الريّان قال: حدّثنا عبيدالله‌ بن عبدالله‌ الدهقان الواسطيّ، عن الحسين بن خالد الكوفي، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال: قلت: جعلت فداك حديث كان يرويه عبدالله‌ بن بكير، عن عبيد بن زرارة، قال: فقال[2]


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 3: 90 ـ 95.

2. في الجامع زيادة:«عليه السلام».


(365)

لي: وما هو؟ قال: قلت: روي عن عبيد بن زرارة أنّه لقي أبا عبدالله‌ عليه‌السلام في السنة التي خرج فيها إبراهيم بن عبدالله‌ بن الحسن فقال له: جعلت فداك، إنّ هذا قد ألّف الكلام وسارع الناس إليه فما الّذي تأمر به؟ قال: فقال: إتّقوا الله‌ واسكنوا ما سكنت السماء والأرض.

قال: وكان عبدالله‌ بن بكير يقول: والله‌ لئن كان عبيد بن زرارة صادقا فما من خروج وما من قائم. قال: فقال لي أبو الحسن عليه‌السلام: الحديث على ما رواه عبيد، وليس على ما تأوّله عبدالله‌ بن بكير، إنّما عنى أبو عبدالله‌ عليه‌السلام بقوله: «ما سكنت السماء» من النداء باسم صاحبك و«ما سكنت الأرض» من الخسف بالجيش.

المصادر: معانى الأخبار: 266 باب معنى الخبر الّذي روي عن الصادق عليه‌السلام...، ح1، وسائل الشيعة 15: 55، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب13 ح14، وفيه: «بتفاوت في السند والمتن»، جامع أحاديث الشيعة 13:72، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدّو وما يناسبه، ب18 باب حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم عليه‌السلام و...، ح15.

الحديث 815: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله‌ بن عبدالرحمن الأصمّ، عن مسمع بن عبدالملك، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: لمّا بعث رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ببراءة[1] مع عليّ عليه‌السلام بعث معه اُناسا، وقال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله[2]: مَن استأسر من غير جراحة مثقلة فليس منّا.

المصادر: الكافي 5: 34، كتاب الجهاد، باب (بلا عنوان) ح2، وسائل الشيعة 15: 86، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب28 ح1، جامع أحاديث الشيعة 13: 173، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب54 باب أنّ من اُسر بعد جراحة مثقلة...، ح1.


--------------------------------------------------

1. في الجامع: «براية» بدل «ببراءة».

2. ليس في الوسائل: «رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله».


(366)

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: «إستأسر» أي صار أسيرا، كإستحجر، أي صار حجرا.[1]

وقال العلاّمة المجلسي:

قال في المُغرِب: إستأسر الرجل للعدوّ إذا أعطى يده بيده وانقاد، وهو لازم كماترى، ولم نسمعه متعدّيا إلاّ في حديث عبدالرحمن وصفوان أنّهما إستأسرا المرأتين اللّتين كانتا عندهما من هوازن.[2]

الحديث 816: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه، فقال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام: ما منعك أن تبارزه؟ قال: كان فارس العرب وخشيت أن يغلبني[3]، فقال له أميرالمؤمنين صلوات الله‌ عليه: فإنّه بغى عليك، ولو بارزته لغلبته[4] ولو بغى جبل على جبل لهدّ الباغي.

وقال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: إنّ الحسين[5] بن عليّ عليهماالسلام دعا رجلاً إلى المبارزة فعلم به أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال[6]: لئن عدت إلى مثل هذا لاُعاقبنّك، ولئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لاُعاقبنّك، أما علمت أنّه بغيٌ.

المصادر: الكافي 5: 34، كتاب الجهاد، باب طلب المبارزة، ح2، تهذيب الأحكام 6: 169، كتاب الجهاد، ب79، باب النوادر، ح2، وسائل الشيعة 15: 90، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب31 ح2، جامع أحاديث الشيعة 13: 150، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب46 باب حكم طلب المبارزة، ح2.


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 15: 122.

2. مرآة العقول 18: 362.

3. هامش الكافي: في بعض النسخ: «يقتلني» وفي التهذيب: «يقتلني» بدل «يغلبني».

4. في التهذيب: «لقتلته» بدل «لغلبته».

5. في التهذيب: «الحسن» بدل «الحسين».

6. في التهذيب زيادة: «له أميرالمؤمنين عليه‌السلام».


(367)

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قال الفيروز آبادي: (الهدّ) الهدم الشديد والكسر. قوله عليه‌السلام: «دعا رجلاً» كان ترك أولى. ويحتمل أن يكون تأديبه عليه‌السلام لتعليم غيره.[1]

الحديث 817: أبي رحمه‌الله قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن فضيل بن عثمان الأعور قال: سمعت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام يقول[2]: ما من مولود ولد[3] إلاّ على الفطرة، فأبواه[4] يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه، وإنّما أعطى رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله الذمّة وقبل الجزية عن رؤس اُولئك بأعيانهم على أن لا يهوّدوا ولا ينصّروا ولا يمجّسوا[5] فأمّا الأولاد وأهل الذمّة اليوم فلا ذمّة لهم.

المصادر: علل الشرائع: 376، ب104 ـ العلّة الّتي من أجلها سقطت الجزية...، ح2، وسائل الشيعة 15: 126، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب48 ذيل ح3، جامع أحاديث الشيعة 13: 210، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب75، باب شرائط الذمّة، ح4.

الحديث 818: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القداح، عن أبيه ميمون، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام، أنّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام كان إذا أراد القتال قال هذه الدّعوات: ـ اللّهُمّ إنّك أعلمت سبيلاً من سبلك جعلت فيه رضاك، وندبت إليه أولياءك، وجعلته أشرف سبلك عندك ثوابا وأكرمها لديك مآبا، وأحبّها إليك مسلكا، ثمّ إشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 18: 364، وراجع كتاب الوافي 15: 130، وملاذ الأخيار 9:449.

2. في الوسائل: «عن أبي عبد الله‌ عليه‌السلام أنّه قال:» بدل «قال: سمعت أبا عبد الله‌ عليه‌السلام يقول».

3. في الوسائل والجامع: «يولد» بدل «ولد».

4. في الوسائل زيادة: «اللّذان».

5. ليس في الوسائل والجامع: «ولا يمجّسوا».


(368)

الجنّة،يقاتلون في سبيل الله‌ فيقتلون ويقتلون وعدا عليك حقّا، فاجعلني ممّن إشترى[1] فيه منك نفسه ثمّ وفى لك ببيعه الّذي بايعك عليه غير ناكث ولا ناقض عهدا، ولا مبدّلاً تبديلاً، بل إستيجابا لمحبّتك، وتقرّبا به إليك، فاجعله خاتمة عملي،وصيّر فيه فناءَ عُمري، وارزقني فيه لك وبه مشهدا توجب لي به منك الرضا، وتحطّ به عنيّ الخطايا، وتجعلني في الأحياء المرزوقين بأيدي العُداة والعُصاة تحت لواء الحقّ، وراية الهدى ماضيا على نصرتهم قُدُما، غير مولٍّ دُبُرا،ولا محدث شكّا، اللّهمّ وأعوذ بك عند ذلك من الجُبن عند موارد الأهوال، ومن الضّعف عند مُساورَةِ الابطال، ومن الذّنب المحبط للأعمال، فأحجم من شك أو مضى[2] بغير يقين فيكون سعيي في تباب وعملي غير مقبول.

المصادر: الكافي 5: 46، كتاب الجهاد، ح1، وسائل الشيعة 15: 136، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب55 ح1، جامع أحاديث الشيعة 13: 132، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ وما يناسبه، ب38 باب استحباب الدُّعاء بالمأثور...، ح1.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «في سبيل الله‌» أقول: رواه سيّد ابن طاوس في كتاب الإقبال في أدعية نوافل شهر رمضان. وفيه يقاتلون في سبيلك، وهو الظاهر، وفيه بعد ذلك ولا ناقض عهدك ولا مبدّل تبديلاً إلاّ إستنجازا لوعدك، وإستيجابا لمحبّتك، وتقرّبا به إليك فصلّ على محمّد وآله واجعله[3].

قوله عليه‌السلام: «وبه مشهدا» عطف على فيه ولعلّه زيد من النسّاخ، أو صحّف.

وفي الإقبال، وأرزقني فيه لك وبك مشهدا، وهو الأصوب.


--------------------------------------------------

1. في الوسائل: «يشتري» بدل «اشترى».

2. في الوسائل والجامع: «أمضى» بدل «مضى».

3. هكذا في النصّ.