تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
سخن موسس فقید
سخن موسس فقید
هداية الطالب
صفحه 88

المعروف بشيخ العراقيين، ومحمّد حسن آل ياسين الكاظمي، ومحمّد حسين الكاظمي، وحبيب الله الرشتي، وعيسى بن الحسين الربعي، والسيد أسد الله الأصفهاني، والشيخ محمّد باقر الاصفهاني ولد صاحب حاشية المعالم، والشيخ جعفر الأعسم، والشيخ حسن المامقاني، وميرزا حسين الخليلي، والسيد حسين الترك، والسيد حسين حفيد السيد بحر العلوم، والشيخ جعفر التستري، وغيرهم.

وأما مصنفات شيخنا : فأهمّها كتاب «جواهر الكلام» (الكتاب مورد البحث) طُبع الكتاب عدّة مرّات، وأخيرها طُبع في 43 جزءاً، ورسالة فتوائية سماها «نجاة العباد في يوم المعاد»، وهداية الناسكين في مناسك الحج، ورسالة في المواريث. توفى عام 1266هـ  ودفن في النجف الاشرف.

صفحه 89

الحاشية على الروضة البهية

لجمال الدين الخوانساري

حاشية جمال الدين الخوانساري على الروضة البهية - والروضه هى شرح اللمعة - من الحواشي المهمّة والنافعة، إذْ هي مشحونة بالتحقيقات العلمية.

عبّر عنها الأردبيلي في «جامع الرواة»(1) بالتعليقات.

طُبعت على الحجر في إيران في مجلد كبير.

وكذلك طُبعت على الحجر أيضاً مع شرح اللمعة، منضمة إلى بقيّة الحواشي.

حاشية جمال والمكاسب

لقد أشار الشيخ في مكاسبه إلى ما أفاده جمال المحققين الخوانساري في حاشيته على الروضة البهية، في أربعة مواضع، و هي:

الموضع الأول: في مبحث بيع الفضولي في مسألة(2): معاني الكشف في الإجازة. حيث أشار الشيخ هنا إلى اعتراض جمال المحققين على القائلين بالكشف الحقيقي مع الالتزام بكون الإجازة شرطاً متأخراً.

  • (1) جامع الرواة 1: 235.
    (2) المكاسب 3: 408 ، وراجع حاشية الروضة البهية 1: 314 ط. الحجرية.

صفحه 90

الموضع الثاني: في مبحث شروط المتعاقدين في مسألة(1): ولاية الفقيه.

الموضع الثالث: في مبحث شروط صحّة الشرط في مسألة(2): ما اشتهر بين الفقهاء من جواز اشتراط الضمان في العارية، وعدم جوازه في الإجارة.

الموضع الرابع: في مبحث أحكام الخيار في مسألة(3): كون المبيع في ضمان من ليس له الخيار.

هو محمّد بن الحسين بن جمال الدين محمّد بن الحسين جمال الدين الخوانساري، الفقيه، المحقق، جليل القدر.

أخذ العلم عن الفقيهين الكبيرين: والده حسين المتوفى 1098 هـ . ، وخاله محمّد باقر السبزواري (المتوفى 1090 هـ .) صاحب ذخيرة المعاد.

برع في كثير من العلوم، وتصدّى للإجابة عن المسائل المختلفة.

وكان عارفاً بالأخبار، والكلام، والحكمة.

تخرج عليه جملة من العلماء، منهم:

  • (1) المصدر السابق 3: 559 ، وراجع حاشية الروضة.
    (2) المصدر السابق 6: 47 ، وراجع حاشية الروضة.
    (3) المصدر السابق 6: 178 ، وراجع حاشية الروضة.
    (4) مصادر الترجمة: جامع الرواة 1: 235، رياض العلماء 2: 57، روضات الجنات 2: 349 برقم 219، أمل الآمل 2: 101 برقم 219، الكنى والألقاب 2: 222، الفوائد الرضوية: 153، أعيان الشيعة 6: 148، لؤلؤة البحرين: 90، طبقات أعلام الشيعة 5: 166، موسوعة طبقات الفقهاء 11: 90 برقم 3369.

صفحه 91

محمّد رفيع بن فرج الجيلاني، والسيد محمّد إبراهيم بن محمّد التبريزي، والسيد أبوالقاسم جعفر بن الحسين الأصفهاني، والسيد محمّد حسين بن محمّد صالح الخاتون آبادي، وغيرهم.

ألّف مجموعة من الرسائل، وشرح كتباً عديدة، منها:

رسالة في الجمعة (مطبوعة)، رسالة في الخمس (مطبوعة)، رسالة في النية (مطبوعة)، رسالة في النذر (مطبوعة)، رسالة في معنى الكراهية (مطبوعة)، الحاشية على «شرائع الإسلام» للمحقق الحلّي، الحاشية على «الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية» (الكتاب مورد البحث)، الحاشية على «مَنْ لايحضره الفقيه»، الحاشية على «تهذيب الأحكام»، الحاشية على الطبيعيات (الشفاء) لابن سيناء (مطبوعة)، ترجمة وشرح «غرر الحكم ودرر الكلام» من كلمات الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، الحاشية على شرح عضد الدين اللاهيجي على «المختصر» في أصول الفقه لابن الحاجب المالكي، وغير ما ذكرناه.

توفى في عام اثنتين وعشرين ومائة وألف (1122 هـ .)، وقيل إحدى وعشرين، وقيل خمس وعشرين.

صفحه 92

الحاشية على إرشاد الاذهان للمحقق الكركي

وهي حاشية الشيخ علي بن الحسين بن عبدالعالي الكركي، المعروف بالمحقق الثاني، المتوفى عام 940 هـ . على كتاب «إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان» للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر المتوفى عام 726 هـ .

وهي حاشية قيّمة كتبها المحقق الكركي على كافة مباحث الإرشاد.

وتمتاز بأنّها توضيحيّة، أوضح فيها العبارات الغامضة، وأشار إلى اختلاف العلماء في المسائل; وذلك بالتعرّض الى ذكر بعض الأقوال الواردة في المسألة.

ولا يلاحظ القارئ في هذه الحاشية الاستدلال العميق، كما هو عليه في كتابه «جامع المقاصد في شرح القواعد».

وكما نبّه في مواضع عديدة، إلى ما اختاره العلامة الحلّي (مصنّف الإرشاد) من آراء اُخرى في المسألة، والتي وردت في سائر مؤلفاته الفقهية، فوقف عندها وناقشها، كما في كتاب المتاجر عند قول المصنّف: «ولو باعه على أنّها جُرباتٌ معيّنة فنقصت تخيّر المشتري بين الردّ وأخذ الناقص بالحصة من الثمن على رأي ».

حيث قال الكركي في ذيل المسألة : واعلم انّ المصنّف في (المختلف) احتمل ثبوت الخيار للبائع إن لم يبذل له المشتري جميع الثمن، على تقدير

صفحه 93

الرجوع بثمن الفائت. وهو بعيد; لأنّ ذلك إنّما كان من قِبَله، فلا يتسلّط على الفسخ(1).

وأيضاً أفصح المحقق الثاني في حاشيته هذه، عن رأيه الفقهي في موارد عديدة، والتي تخالف رأي المصنّف (العلامة)، أو تُؤيّده.

طُبعت حاشية الكركي على الإرشاد اخيراً في مجلد واحد ضمن موسوعة حياة الكركي وآثاره العلمية، بتحقيق الشيخ محمّد الحسوّن، ونشر منشورات الاحتجاج.

حاشية الكركي والمكاسب

عبّر الشيخ الأنصاري في مكاسبه عن هذا المصدر تارة بـ «حاشية الإرشاد»(2)، وذلك في عشرة مواضع.

وتارة اُخرى عبّر عنه بـ «التعليقة على الإرشاد»(3)، وذلك في أربعة مواضع. وفي موضع واحد أيضاً قال الشيخ: وفسّر المحقق الثاني عبارة الإرشاد (4)(والمراد منه في حاشية الإرشاد).

فبلغ مجموع الموارد خمسة عشر مورداً.

وكان الشيخ في أغلب الموارد التي نقل فيها عن حاشية الإرشاد، يقوم بتوضيح العبارات أو مناقشتها(5).

  • (1) حاشية المحقق الكركي على الإرشاد: 424 - 425.
    (2) راجع ـ على سبيل المثال ـ المكاسب 1: 89، مسألة الاكتساب بالدهن المتنجس.
    (3) راجع ـ على سبيل المثال ـ المكاسب 3: 33 في مسألة المعاطاة.
    (4) المكاسب 3: 516، في مسألة البيع الفضولي.
    (5) انظر المكاسب 1: 91 في مسألة الاكتساب بالدهن المتنجس، و 3: 33 في بحث المعاطاة، وغيرهما.

صفحه 94

وفي بعض المواضع أيضاً ـ عند اللزوم ـ كان الشيخ يشير إلى كلام المحقق الثاني في جامع المقاصد أيضاً في نفس المسألة، كما في مسألة: حكم اقتناء ماحرم عمله من الصور(1) (مبحث المكاسب المحرّمة).

المؤلف: راجع ترجمته في المصدر رقم «12»، «جامع المقاصد ».

  • (1) راجع المكاسب 1: 190.

صفحه 95

«18»

حاشية الروضة البهية

لأحمد التوني

حاشية الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية لأحمد التوني، «اللمعة » من المتون الفقهية المهمّة، للشهيد الأول محمد بن مكي العاملي الجزيني المستشهد عام 786، و «الروضة » شرح لها ، وهي من الشروح القيّمة جدّاً، للشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي المستشهد عام 966 هـ، ولقد حظيت باعتناء المحققين والفقهاء، وعليها الكثير من الحواشي والتعليقات، ولقد احصى الشيخ الطهراني في الذريعة(1) على «الروضة» ما يقارب من تسعين حاشية وشرح.

ومن هذه الحواشي، حاشية الشيخ أحمد بن محمد التوني، وهي من الحواشي النافعة والمفيدة، أولها:

«الحمد لله وحده والصلاة على خيرته من بريته محمد وعترته من المعصومين (عليهم السلام) ».

وأشار إلى هذه الحاشية كلّ من ترجم للشيخ أحمد التوني، كصاحب أمل الآمل، والذريعة، وأعيان الشيعة، وغيرهم.

طُبعت الحاشية المذكورة على الحجر مع الطبعة الحجرية المتداولة للروضة

  • (1) راجع الذريعة 6: 90 ـ 98ه، و13: 292 ـ 296.

صفحه 96

البهية، منضمة إلى بقية الحواشي.

الحاشية والمكاسب

أورد الشيخ الأنصاري في مكاسبه في مبحث الخيارات عند كلامه حول خيار الغبن، ما أفاده الشيخ أحمد التوني في حاشيته على الروضة، قائلاً:

«ذكر بعض الفضلاء في تعليقه على الروضة»(1)، ثم نقل كلامه.

هو الشيخ أحمد بن محمد التُّوني البُشْروي الخراساني، أحد علماء الإمامية، كان زاهداً عابداً.

لم تذكر لنا مصادر ترجمته تاريخ ولادته، ولا عن تحصيله بل كلّ ما ذكرو ا أنه قرأ على علماء عصره، واشتغل بالتدريس.

وهو أخو الفقيه الاُصولي الشيخ عبدالله (المتوفى عام 1071 هـ) صاحب كتاب «الوافية»(3).

قال في ترجمته صاحب «أمل الآمل»:

  • (1) راجع المكاسب 5: 173، وانظر الروضة البهية (الطبعة الحجرية في أسفل الصفحة) 1: 378، ذيل قول الشارح: « والمغبون إما البائع أو المشتري ».
    (2) مصادر الترجمة: أمل الآمل 2: 23، رياض العلماء 1: 58، الفوائد الرضوية: 28، طبقات أعلام الشيعة (في القرن الحادي عشر): 18، موسوعة طبقات الفقهاء 11: 46 برقم 3338.
    (3) سيأتي الكلام حوله في محلّه.

صفحه 97

«فاضل، عالم، زاهد، عابد، ورع، من المعاصرين المجاورين بطوس»(1).

ورد قزوين وأقام فيها بعض الوقت مع أخيه عبدالله الذي عزم على زيارة العتبات المقدسة في العراق، ثم أدركه الأجل بكرمانشاه عام 1071 هـ.

يروي عنه بالاجازة المولى محمد معصوم بن كمال الدين حسين المشهدي، وحسن الهروي، والسيد مؤمن الخراساني، وغيرهم.

وسمع منه قاسم علي القايني كتاب «تهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي.

صنف في الفقه وغيره، ومن تصانيفه: حاشية على شرح اللمعة الدمشقية (مورد البحث)، رسالة في الرد على الصوفية، رسالة في تحريم الغناء، حواشي على اُصول الكافي، وغيرها.

توفى سنة 1083 هـ. في مشهد الإمام الرضا (عليه السلام) .

  • (1) أمل الآمل 2: 23.

صفحه 98

«19»

الحاشية على القواعد

للشهيد الأول

المعروف أنّ للشهيد الأول، محمّد بن مكيّ العاملي، المستشهد عام 786 هـ . ، حواشي على كتاب قواعد الأحكام للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر، المتوفى عام 726 هـ .

ولقد نقل مجموعة من الفقهاء ـ مباشرة أو مع الواسطة ـ في كتبهم الفقهية العديد من المطالب عن حاشية الشهيد هذه، منهم:

المحقق الكركي في عدّة مواضع من كتابه «جامع المقاصد».

وعلى سبيل المثال في قوله: «... محكيّ في حواشي الشهيد»(1) و «قال الشهيد في حواشيه...»(2) و«وفي حواشي الشهيد: إنّ الجاهل لا كفارة عليه» (3)و غيرها.

وكذلك صرّح الشهيد الثاني في عدّة مواضع من كتبه، منها عند قوله في

  • (1) جامع المقاصد 1: 403 و 3: 203 و 299.
    (2) المصدر نفسه 1: 403 و 3: 203 و 299.
    (3) المصدر نفسه 1: 403 و 3: 203 و 299.

صفحه 99

«روض الجنان»: «والشهيد في الذكرى، وكذا في حاشيته على القواعد» (1)

وأيضاً السيد محمّد العاملي في مدارك الأحكام عند قوله: «واعلم أنّ شيخنا الشهيد ـ رحمه الله ـ ذكر في حواشي القواعد...» (2)

وكذلك السيد محمّد جواد العاملي في مفتاح الكرامة: «ولم يرجّح الشهيد في حواشي الكتاب...» (3)

والشيخ محمد حسن صاحب الجواهر في جواهره عند قوله: «... عن الشهيد في حواشيه على القواعد...» (4)

وأمّا الشيخ الأنصاري لقد صرّح أيضاً بذلك، عند قوله: «قال الشهيد في محكّي حواشيه على القواعد» (5)

ولكن يظهر من بعض التعابير الواردة في كتب الفقهاء التردد في نسبة هذه الحاشية الى الشهيد; وذلك بتعبيرهم عنها، هكذا: «المنسوبة الى الشهيد»، كما ورد في بعض المواضع في جامع المقاصد(6) و مدارك الأحكام (7).

وأيضاً نلاحظ ذلك في موضع واحد من مكاسب الشيخ عند قوله: «أشار إليه العلاّمة في القواعد وأوضحه قطب الدين والشهيد في الحواشي المنسوبة إليه»(8).

  • (1) روض الجنان :38.
    (2) مدارك الأحكام 5: 175.
    (3) مفتاح الكرامة 4: 69، في مسألة تعلّم السحر.
    (4) جواهر الكلام 15:472.
    (5) المكاسب 1: 151، في مسألة: الاكتساب بما من شأنه أن يقصد منه الحرام.
    (6) جامع المقاصد 1: 70.
    (7) مدارك الأحكام 8: 224.
    (8) المكاسب 3: 471، في مسألة البيع الفضولي.

صفحه 100

ولكن لا يخفى إنّ هذا الترديد ليس في محلّه; وذلك كما عرفت من تصريح فحول الفقهاء، بأنّها حاشية الشهيد على القواعد. بالاضافة الى المطالب العلمية العالية التي فيها، والمنسجمة مع فقاهة الشهيد الأول.

حواشي الشهيد والمكاسب

حكى الشيخ الأنصاري في مكاسبه عن حواشي الشهيد في ما يقارب من ثلاثين موضعاً، ناقلا في ذلك آراء الشهيد وأقواله.

وكان ينقل ما ذكرناه - غالباً - بواسطة كتاب مفتاح الكرامة(1)، وفي بعض الأحيان عن جامع المقاصد(2); والظاهر لعدم توفّر هذه الحواشي عند الشيخ.

فكان الشيخ يعبّر عن هذه الحواشي بـ «حواشي الشهيد»(3) أو بـ «حواشي القواعد»(4) أو نحو ذلك.

بالإضافة إلى ما ذكرناه، نلاحظ بعض(5) الموارد المعدودة في مباحث المكاسب نقل فيها الشيخ المطالب عن حواشي الشهيد، ولكن لم يصرّح بذلك،

  • (1) انظر ـ على سبيل المثال ـ المكاسب 1:149، في مسألة بيع السلاح. وراجع مفتاح الكرامة 4:35.
    (2) انظر ـ على سبيل المثال ـ المكاسب 1:94، في مسألة الاكتساب بغير الدهن من المتنجسات. وراجع جامع المقاصد 4:13.
    (3) كما في المكاسب 3:104، في آخر التنبيه السابع، من تنبيهات المعاطاة.
    (4) كما في المكاسب 3:35، في مسألة الأقوال في المعاطاة.
    (5) راجع المكاسب 3:186، عند قول المصنف: «كما اختاره الشهيدان...، في مسألة أحكام المقبوض بالعقد الفاسد. وراجع جامع المقاصد أيضاً 7:120، نقل ذلك عن حواشي الشهيد.

صفحه 101

بل اكتفى بالإشارة إلى انّ هذا القول للشهيد.

هو الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي العاملي الجزيني «الشهيد الأول»، عالم، فاضل، من أجلاّء هذه الطائفة، قدوة المحققين.

ولد في جزّين إحدى قرى جبل عامل في جنوب لبنان عام 734 هـ فكانت حركة العلم ومجالس الفكر والمعرفة مزدهرة آنذاك، فأطلّ الشهيد على الحياة الثقافية والعلمية من أوسع منافذها، فشارك في مجالس العلم والأدب منذ نعومة أظفاره، وكثيراً ما كان يساهم في المناقشات العلمية التي كانت تدور هناك; مما ساعدت في بناء شخصيته العلمية والثقافية.

ففي مثل هذه البيئة نشأ الشهيد الأول، فخالط العلماء، وارتاد المجالس العلمية، وحضر الندوات الثقافية.

ولم يقتصر على الثقافة التي تلقاها في مسقط رأسه، بل تجاوزها إلى أقطار بعيدة وقريبة من مراكز الفكر الإسلامي يومذاك.

وأهمّ هذه الأقطار التي شدّ الرحال اليها لتلّقي العلوم أو الإفادة هي: الحلّة، وكربلاء المقدّسة، وبغداد، ومكّة المكرّمة، والمدينة المنورة، والشام.

  • (1) مصادر الترجمة: مجالس المؤمنين 1: 579، جامع الرواة 2: 203، أمل الآمل 1: 181 برقم 188، شذرات الذهب 6: 294، رياض العلماء 5: 185، لؤلؤة البحرين 143 برقم 60، روضات الجنات 7: 3 برقم 593، الكنى والألقاب 2: 377، الفوائد الرضوية 645، أعيان الشيعة 10: 59، طبقات أعلام الشيعة 3: 205، مقابس الأنوار: 13، موسوعة طبقات الفقهاء 8: 231 برقم 2835.

صفحه 102

وفي ظل هذه الرحلات العلمية، روّى الشهيد ضمأه من منابع العلم والمعرفة.

فتلمّذ على ولد العلاّمة فخر المحققين، الذي كان من أجلّ مشايخه، وأعظم اساتذته، فأولاه من العناية ما لم يولها لغيره ; لما وجد فيه من النبوغ المبكّر.

وتلمّذ أيضاً على تاج الدين السيد محمّد بن القاسم، المعروف بـ (ابن مُعَيّة) الذي كان من كبار علماء الحلّه آنذاك.

وقرأ على الفقيهين الكبيرين الأخوين: عميد الدين السيد عبد المطلب الأعرجي، وضياء الدين السيد عبد الله، ابني شقيقة العلاّمة الحلّي.

ويظهر أنّ الشهيد أقام في الحلّة ـ مركز العلم يومذاك ـ إلى عام 757 هـ وأتقن الفقه، وبرع فيه وصنّف فيها بعض تصانيفه .

ثمّ عاد الى بلدته جزّين، وأسس فيها مدرسة علمية، ونشر علمه هناك.

واستفاد كثيراً في دمشق من العالم الكبير، قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي، الذي كان تلميذاً للعلاّمة الحلّي، وحصل منه على إجازة عام 766 هـ.

وكان الشهيد ماهراً في الفقه، محيطاً بدقائقه، محدّثاً، أديباً.

وهو ممن ترك آثاراً جليلة، قيّمة، أغنت المكتبة الإمامية بمادتها، تجديداً، وتطويراً، وتنقيحاً.

ويكفينا في معرفة مكانته السامية ما قال في حقّه استاذه فخر المحققين:

«الإمام العلاّمة الأعظم، أفضل علماء العالم»(1).

وقال في مدحه أيضاً شمس الدين أبو الخير الجزري الشافعي:

شيخ الشيعة والمجتهد في مذهبهم، وهو إمام في الفقه والنحو والقراءة، صحبني مدّة مديدة، فلم أسمع منه ما يخالف السنّة.

  • (1) بحار الانوار 107: 178 (كتاب الاجازات)..

صفحه 103

وأمّا تلامذته والراوون عنه، فهم كثيرون، ولكن نخصّ بالذكر منهم:

الفاضل المقداد السّيوري، وابن الخازن الحائري، وابن نجدة الكركي، وابن الضحاك الشامي، وعزّ الدين العاملي، وابن هلال العسكرى، وابن زهرة الحلبي الحسيني، وغيرهم.

وصنّف كثيراً من الكتب، معظمها في الفقه، منها:

اللمعة الدمشقية (مطبوع مع شرحه الروضة البهية في عشرة أجزاء)، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة (مطبوع) ، البيان في الفقه (مطبوع)، الدروس الشرعية (مطبوع)، الرسالة الألفية (مطبوعة) في فقه الصلاة، الرسالة النفلية (مطبوعة)، غاية المراد في شرح الارشاد (مطبوع)، القواعد والفوائد (مطبوع)، جامع البين من فوائد الشرحين في اُصول الفقه (مخطوط)، الأربعون حديثاً (مطبوع)، أجوبة مسائل الفاضل المقداد (مطبوع)، المزار (مطبوع)، أجوبة مسائل الأطراوي.

وقد اعتنى العلماء بكتب الشهيد الفقهية كثيراً تدريساً،وشرحاً، وتعليقاً.

ولا يخفى أنّ الشهيد كان كاتباً وأديباً وشاعراً، فشعره مع قلّته يتميز بجمال التعبير، ودقّة التصوير، وجودة في الأداء، وإليك هذه الأبيات من شعره في المناجاة:

عظمت مصيبة عبدك المسكين *** في نومه عن مهر حور العين

الأولياء تمتعوا بك في الدجى *** بتهجد وتخشّع وحنين

فطردتني عن قرع بابك دونهم *** أترى لعظم جرائمي سبقوني

أوجدتهم لم يذنبوا فرحمتهم *** أم أذنبوا فعفوت عنهم دوني

صفحه 104

إن لم يكن للعفو عندك موضع *** للمذنبين فأين حُسن ظنوني (1)

قُتل الشهيد الأول ظلماً وعدواناً بدمشق عام 786 بعد أن قضى سنة كاملة في السجن، ثمّ صلب ثمّ اُحرق وذلك في عهد السلطان برقوق ونائبه بالشام بيدمر.

وختم حياته الشريفة بأفضل أنواع الموت وأحسنه ; شهادة في سبيل الله، سجلّها التاريخ له، وصار يلّقب بـ «الشهيد».

  • (1) روضات الجنات 2: 10 ترجمة 592.

صفحه 105

«20»

الحدائق الناضرة

في أحكام العترة الطاهرة

للشيخ يوسف البحراني، وهذا الكتاب عبارة عن موسوعة فقهية جيّدة، مشتملة على الفرائض والسنن، والحاوية على أكثر الفروع الفقهية، المملوءة بالأحاديث الشريفة المروية عن المعصومين  (عليهم السلام) .

وهو كتاب جامع لم يصنف مثله في بابه، ألفه المؤلف لكي يغني به المكتبة الإسلامية، بحيث أصبح شرعة الوارد، وبلغة الطالب، وطلبة الفقيه، وأنيس المجتهد.

وهذه الحدائق تضم في طبعها الأقوال والآراء واُصول الدلائل، وحوت بين دفتيها ما ورد من الأحاديث الشريفة في الأبواب المختلفة من الفقه، ثمّ ضمّ المصنف إلى كل رأي أدلته، وأضاف إلى كلّ قول مستنده وما يؤيده ويدعمه، ثمّ ناقشها بما يمكن أن يورد عليها من نقود واشكالات، ثمّ اختار ما أدّى إليه اجتهاده. كلّ ذلك ببيان سهل، وكلام منسجم، وقول جزل معتضد بالمنطق; وبذلك أعجب من تأخر عنه من جهابذة الفقه وصيارفة الفن، لِما وجدوا في طيه من علم غزير.

خرج من كتاب الحدائق من أول الطهارة إلى كتاب الظهار، بالإضافة إلى مقدمة مشتملة على اثني عشر بحثاً مفيداً في مباني الأحكام، آخرها الفرق بين

صفحه 106

الاخباري والاُصولي.

ولكن هذا الكتاب لم يتم; لأنّ من المأسوف عليه كثيراً أن القضاء المحتوم لم يمهل شيخنا المترجم لإكمال كتابه، فحالت المنية دون هذه الاُمنية، فاخترمه الأجل ولمّا يكتب الفقه دورة كاملة، وبقيت بتراء ناقصة، رغم عمله الدؤوب، وجدّه واجتهاده في ذلك .

طُبع الكتاب في خمسة وعشرين جزءاً ، من قبل مؤسسة النشر الا سلامي التابعة لجماعة المدرسين في قم.

ولكن ابن أخ المصنّف وتلميذه، الشيخ الفاضل حسين، كتب بعد عمه كتاب «عيون الحقائق الناظرة في تتمة الحدائق الناضرة»، وهذا المطبوع في جزءين يحتوي على تسعة أبواب في الفقه، وهي:

الظهار، الإيلاء، اللعان، العتق، الإقرار، الجعالة، الأيمان، النذر، والكفارات.

الحدائق والمكاسب

ورد التصريح بهذا المصدر القيّم في كتاب المكاسب بما يقارب من ستين موضعاً. وفي موضع من مباحث الكتاب عبّر الشيخ الأنصاري عن صاحب الحدائق بـ «المحدّث البحراني»(1).

وأيضاً أورد الشيخ بعض المطالب المذكورة في الحدائق، ولكن تحت عنوان «قيل»(2)، كما في مسألة: بيع الآيق مع الضميمة (التنبيه السابع).

ولقد نقل الشيخ في مكاسبه آراء وأقوال صاحب الحدائق في عدّة مواضع من أبحاثه، بالأضافة إلى بعض المطالب الاُخرى.

  • (1) المكاسب 4:98، مسألة: صور جواز بيع الوقف.
    (2) المصدر السابق 4:205، وراجع الحدائق الناضرة 18:438.

صفحه 107

وكان أحياناً يكتفي بالنقل، وأحياناً اُخرى ينقد ويستشكل(1).

وكذلك نقل الشيخ استدلالات صاحب الحدائق في بعض المسائل، موضحاً للردود والمناقشات، مع الإعلان عن رأيه بعد ذلك، كما في مسألة(2): النقد والنسيئة.

أضف إلى ما ذكرناه، نقل عنه الشهرة في بعض المسائل، كما في مسألة(3): بيع المجهول منضماً إلى المعلوم، وغيرها.

هو الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن عصفور البحراني الدرازي، عالم كبير، محدّث، متبحّر في الفقه والحديث، غزير العلم.

ولد في قرية ماحوز عام 1107، بعد أن هاجر إليها والد المؤلف من موطنه دراز; لغرض التلمذ على يد الشيخ سليمان الماحوزي.

  • (1) راجع ـ على سبيل المثال ـ المكاسب 4:233 في بحث شروط العوضين، في مسألة التقدير بغير ما يتعارف التقدير به، وذلك في مناقشة الشيخ لصاحب الحدائق في ردّه على المحقق الأردبيلي في ما يتعلق بهذه المسألة.
    (2) المكاسب 6:235، وانظر الحدائق الناضرة 19:128.
    (3) المصدر السابق 4:311، وراجع الحدائق الناضرة 18:490.
    (4) مصادر الترجمة: روضات الجنات 8: 203 برقم 750، لؤلؤة البحرين: 442، أعيان الشيعة 10: 317، الفوائد الرضوية: 713، طبقات أعلام الشيعة 6: 828، الذريعة 1: 265، مصفى المقال: 506، الأعلام 8: 215، موسوعة طبقات الفقهاء 12: 436 برقم 3908.

صفحه 108

درس وهو صبيّ عند والده في النحو والصرف.

ولكن نتيجة للفتن والمحن التي وقعت في بلاد البحرين، اضطر والده إلى تركها والذهاب مع عائلته إلى القطيف، وبقي شيخنا المترجم له في قرية الشاخورة في البحرين، في ذلك المأزق الحرج، والظرف العصيب; عساه يتحفظ على ما تبقى من بقايا النهب، وعساه يسترجع ما نُهب منهم، ولا سيّما الكتب التي اُخذت سلباً، وذهبت نهباً.

وبعد عدّة سنين، لحق بأبيه في القطيف، ولكن بعد أشهر من وصوله إليها، سرعان ما مدت يد المنون يدها وأخذت منه والده، ورمت بالشيخ يوسف وحيداً فريداً ـ لأنّه الولد الأكبر ـ متحملا أعباء المسؤليّة في إدارة العائلة وسد احتياجاتها.

واستقرّ بعد وفاة أبيه في القطيف لمدة سنتين متكفلا لبقية إخوته، وكان عمره آنذاك يناهز الرابعة والعشرين. وهناك قرأ على استاذه الشيخ حسين الماحوزي. وبعد استنقاذ البحرين صلحاً من أيدي الخوارج رجع إليها، وهناك اشتغل بالدرس عند شيخه الشيخ عبدالله بن أحمد البلادي.

فبقي في البحرين مدة من الزمن تتراوح ما بين خمس إلى ست سنوات، والتي سافر خلالها إلى القطيف لتدقيق الحديث على استاذه الماحوزي.

ثمّ بعدها حدثت الفتن والاضطرابات، فرحل إلى كرمان، ثمّ إلى شيراز، حيث اشتغل بالتدريس هناك، وإقامة الجمعة والجماعة، والإجابة على شتّى المسائل.

ثمّ عصفت في تلك البلاد عواصف الأيام، فخرج منها إلى بعض القرى، حيث شرع في تأليف كتابه القيّم (الحدائق الناضرة)(1)، وفيها كان يمارس حرفة

  • (1) عند مطالعة حياة الشيخ صاحب الحدائق نراها مملوءة بالمصائب والمحن، فلاحقته سهام المعاناة والتعب اينما حلّ وارتحل، ويظهر ذلك لنا جليّاً وواضحاً من خطبة كتاب الحدائق والتي أشار فيها إلى ما أحاطه من مصائب وويلات وعقبات، حيث قال:
    «فيعقوني عن ذلك ـ تأليف كتاب الحدائق ـ تلاطم أمواج الفتن والغارات وتزاحم المحن والشتات...». راجع الحدائق الناضرة ج1 ص2.
    ولكن مع كان عليه شيخنا المترجم له فلم يركن إلى الدعة وعدم البحث والمطالعة، ولم يترك العلم والتأليف بحجّة عدم تهيؤ الظروف، بل جدّ واجتهد إلى أن أصبح من العلماء البارزين، فضرب بذلك مثلا رائعاً للآخرين.

صفحه 109

الزراعة لمعاشه. ثمّ ارتحل إلى اصطهبانات وبقي فيها مدّة، ثمّ ارتحل إلى العراق، فجاور الإمام الحسين  (عليه السلام) في كربلاء ـ وكانت يومذاك من المراكز العلمية الكبرى ـ واشتغل بالتدريس والتأليف والافتاء، كما ودارت بينه وبين الفقيه الكبير والاُصولي البارع الوحيد البهبهاني (المتوفى 1206هـ) مناظرات كثيرة.

وقد ذكر أبوعلي الحائري في كتابه الرجالي «منتهى المقال»(1) أن اُستاذه ـ صاحب الترجمة ـ كان أوّلا أخبارياً صرفاً، ثمّ رجع إلى الطريقة الوسطى، وكان يقول: إنّها طريقة العلاّمة المجلسي.

وقد تلمذ على يد صاحب الحدائق وروى عنه، مجموعة من أعلام العلماء، منهم:

السيد أحمد الطالقاني النجفي (المتوفى 1208هـ)، والسيد عبدالباقي بن محمّد حسين الخاتون آبادي، والسيد أحمد العطار البغدادي الشاعر، والسيد شمس الدين المرعشي الحسيني النسّابة (المتوفى 1200هـ)، والسيد محمّد مهدي بحرالعلوم النجفي، ومحمّد مهدي النراقي، ومحمّد مهدي الفتوني، والمحقق الميرزا أبوالقاسم القمّي، وأبوعلي الحائري، والسيد عبدالعزيز النجفي الحسيني، وأحمد بن محمّد (ابن أخي المؤلف)، وغيرهم.

  • (1) منتهى المقال 7: 75، ترجمة رقم 3286.

صفحه 110

وصنّف كتباً كثيرة نافعة، منها:

كتاب الحدائق الناضرة (الكتاب مورد البحث)، الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية (مطبوع) في الفقه، لؤلؤة البحرين (مطبوع) في الإجازات وتراجم رجال الحديث، عقد الجواهر النورانية في أجوبة المسائل البحرانية، رسالة اللآلي الزواهر في تتمّة عقد الجواهر، الرسالة الصلواتية متناً وشرحاً، رسالة قاطعة القال والقيل في نجاسة الماء القليل، معراج النبيه في شرح «من لا يحضره الفقيه» للصدوق، أنيس المسافر وجليس الحاضر (مطبوع) ويُقال له الكشكول، الأربعون حديثاً، حاشية على «مدارك الأحكام» للسيد محمّد العاملي سمّاها تدارك المدارك فيما هو غافل عنه وتارك، رسالة الكنوز المودعة في اتمام الصلاة في الحرم الأربعة، ورسائل اُخرى مع أجوبة مسائل متعددة.

وكان شاعراً مقلاّ، وشعره مبثوث في بعض كتبه، وأغلبه في مدح ورثاء الأئمة والأطهار  (عليهم السلام) ، ولم يشتهر بشعره لغلبة الفقاهة عليه، فمن شعره في مدح أمير المؤمنين : قصيدة تقع في (31) بيتاً، ومطلعها:

إليك أمير المؤمنين وفودي *** فأنت منائي من جميع مقصودي

إلى أن يقول:

أخوض بحار الموت في حبّ سيّد *** به سؤددي دنياً وبطن لحودي

فيا روحُ، روحي في هواه وساعي *** لديه وَجودي فهو أصل وُجودي

إلى أن يقول:

محبّوه أخفوا فضله خيفة العدى *** وبغضاً عداه قابلوا بجحودِ

صفحه 111

وشاع له مابين ذين مناقب *** أبت أن تضاهى في الحساب لمعدودِ (1)

ومن شعره في رثاء الإمام الحسين  (عليه السلام)

من مخبر الزهراء أن حسينها *** طعم الردى والعزّ من ساداتها

ورؤوس ابناها على سمر القنا *** وبناتها تهدى إلى شاماتها

يا يوم عاشوراء كم لك لوعة *** تتفتت الأكباد من صدماتها (2)

توفى في كربلاء عام 1186، وصلّى عليه الوحيد البهبهاني، وشيعه جمع غفير، ودفن في الرواق عند رجلي سيد الشهداء الإمام الحسين  (عليه السلام) ، مما يقرب من الشباك المقابل لقبور الشهداء رضوان الله عليهم.

  • (1) الكشكول 2:256 ـ 257.
    (2) المصدر السابق : 275..

صفحه 112

«21»

الخلاف في الأحكام

لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي، ويُقال له «مسائل الخلاف» أيضاً.

وقد صرّح فيه(1) بأنّه ألفه بعد كتابي التهذيب والاستبصار، وناظر فيه المخالفين جميعاً، وهو في الفقه المقارن.

وهذا الكتاب لنموذج حي، ودليل واضح على تبحر الشيخ وتضلعه بالمسائل الفقهية للمذاهب الاُخرى.

وأيضاً هو خير كتاب يرسم الخطوط الأصلية لآراء علماء الخاصة والعامة، مع النظر بعين الاعتبار الى الاختلاف من أصحاب الحديث والرأي من فقهاء العامّة.

طُبع الكتاب أخيراً في خمسة مجلدات محقّقة ، من قبل مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في قم.

الخلاف والمكاسب

ورد التصريح بهذا المصدر القيّم في مكاسب الشيخ الأنصاري بما يقارب من تسعين مرّة.

  • (1) انظر الخلاف 1:45 ـ 46.

صفحه 113

هذا، بغض النظر عن بعض الموارد التي لم يذكر فيها اسم المصدر، بل اكتفى الشيخ الأنصاري بالإشارة الى انّ ذلك من كلام الشيخ (الطوسي).

ولقد نقل الشيخ في مكاسبه أقوال الشيخ الطوسي في الخلاف، وأكثر من نقل اجماعاته فيه، كما وناقش فيها في عدّة موارد، كما في مسألة(1): الانتفاع بالدهن المتنجس في غير الاستصباح.

وأيضاً أورد استدلالات الشيخ الطوسي في المصدر المذكور حسب ما يقتضيه البحث. وتصدّى لمناقشة بعضها ونقدها، كما ورد ذلك في أوائل بحث المعاطاة(2).

هو الشيخ أبو جعفر، محمّد بن الحسن بن علي الطوسي، المعروف بـ (شيخ الطائفة)، جليل القدر، عظيم المنزلة، صاحب الثروة العلمية الغزيرة، مؤسّس طريقة الاجتهاد المطلق في الفقه والاُصول، فكان شعلة وهاجّة من العلم.

  • (1) راجع المكاسب 1:81، ولاحظ جواب الشيخ على الاجماع في ص86. وانظر الخلاف 6:91، كتاب الأطعمة، المسألة 19.
    (2) راجع المكاسب 3:26 ـ 27، وانظر الخلاف 3:41، كتاب البيع، المسألة 59.
    (3) مصادر الترجمة: رجال النجاشي 2: 332 برقم 1069، رجال العلاّمة: 148 برقم 46، معالم العلماء: 114 برقم 766، سير أعلام النبلاء 18: 334 برقم 155، الوافى بالوفيات 2: 349 برقم 809، لسان الميزان 5: 135 برقم 452، جامع الرواة 2: 95، منتهى المقال 6: 20 برقم 2573، أعيان الشيعة 9: 159، الكنى والألقاب 2: 394، طبقات أعلام الشيعة 2: 161، موسوعة طبقات الفقهاء 5: 279 برقم 1962، مقابس الأنوار: 4.

صفحه 114

وُلد في طوس خراسان، في شهر رمضان عام 385 هـ بعد وفاة الشيخ الصدوق ـ أحد أكبر محدثي الإمامية ـ بأربع سنوات.

هاجر إلى بغداد عام 408هـ . واستوطنها وهو ابن ثلاثة وعشرين سنة، وذلك ابّان زعامة ومرجعية رئيس الطائفة الإمامية آنذاك الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان، المعروف بالشيخ المفيد.

فلازم الشيخ الطوسي الشيخ المفيد، واستفاد منه كثيراً إلى أن التحق هذا الأخير بالرفيق الأعلى عام 413هـ ، فانتقلت الزعامة الدينية إلى السيد المرتضى، فأخذ الشيخ يحضر درسه ولازمه ملازمة الظل لمدة ثماني وعشرين سنة، للنهل من بحر علمهِ، وللاستزادة من عبيق لجّه الصافي.

فظهرت على الشيخ علامات النبوغ والتفوق، فاهتمّ به استاذه الشريف المرتضى غاية الاهتمام.

وبعد أن انتقل استاذه المرتضى الى الرفيق الأعلى عام 436هـ ، استقل الشيخ الطوسي بعدها بالزعامة الدينية، وجلس على كرسي التدريس والافتاء، وانثنت له وسادة المرجعية العليا للطائفة، وتفرد بالزعامة الدينية الكبرى، فقصده طلاّب العلم، وذاع صيته في الآفاق.

ولم يفتأ الشيخ على هذا المنوال اثني عشرة سنة منهمكاً في حلّ مشكلات الناس، وقضاء حوائجهم، مع الاشتغال بالتدريس والتعليم، حتّى حدثت الفتن المذهبية والتي حدثت على أيدي الجهّال، وبلغت أوجها عند دخول أول ملوك السلجوقين إلى بغداد (طغرك بك) عام 445 هجري، فأمر باحراق مكتبة الشيخ الطوسي التي تضم امهات الكتب الخطية الثمينة.

فاضطر الشيخ بعد تلك الأحداث إلى الهجرة من بغداد إلى النجف الأشرف، حيث مرقد سيد الموحدين أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب  (عليه السلام) فحطّ رحاله هناك، وأسّس الحوزة العلمية فيها، واشتغل بالتدريس والتأليف والإرشاد،