تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
سخن موسس فقید
سخن موسس فقید
مسند سهل بن زياد الآدمى (جلد دوم)

(43)

كتا ب الـصوم


(45)

أبواب ما يمسك عنه الصائم و...

الحديث 491: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن مثنّى الحنّاط؛ والحسن الصيقل قال: سألت أباعبدالله‌ عليه‌السلام عن الصائم يرتمس في الماء؟ قال: لا، ولا المحرم، قال: وسألته عن الصائم، يلبس الثوب المبلول؟ قال: لا.

المصادر: الكافي 4: 106، كتاب الصيام، باب كراهية الارتماس في الماء للصائم، ح6، وسائل الشيعة 10: 36، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك، ب3 ح4، جامع أحاديث الشيعة 10: 381، كتاب الصوم، أبواب ما يجب الإمساك عنه، ب5، باب وجوب إمساك الصائم عن إرتماس رأسه... ح7.

الحديث 492: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد أنّه سأله عن الرّجل يحتقن تكون به العلّة في شهر رمضان؟ فقال: الصّائم لا يجوز له أن يحتقن.

المصادر: الكافي 4: 110، كتاب الصيام، باب في الصائم يسعط ويصبّ في اُذنه الدُّهن أو يحتقن، ح3، وسائل الشيعة 10: 42، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك، ب5 ذيل ح4، جامع أحاديث الشيعة 10: 375، كتاب الصوم، أبواب ما يجب الإمساك عنه، ب3 باب حكم إحتقان الصائم بالمائع والجامد و...ح1.


(46)

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «لا يجوز له أن يحتقن» يدلّ على عدم جواز الاحتقان للصائم مطلقا، واختلف الأصحاب في حكمه. وقال المفيد: أنّه يفسد الصوم وأطلق. وقال عليّ بن بابويه: لا يجوز للصائم أن يحتقن.

وقال ابن الجنيد: ويستحب للصائم الإمتناع من الحقنة لأنّها تصل إلى الجوف. واستقرب العلاّمة في المختلف: أنّها مفطرة مطلقا، ويجب بها القضاء خاصّة. وقال الشيخ في جملة من كتبه، وابن إدريس: تحرم الحقنة بالمائع خاصّة، ولا يجب بها قضاء ولا الكفّارة، واستوجه المحقّق في المعتبر تحريم الحقنة بالمائع والجامد بدون الإفساد ولا يخلو عن قوّة.[1]

الحديث 493: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام في الرجل ينسى فيأكل[2] في شهر رمضان؟ قال: يتمّ صومه فإنّما هو شيء أطعمه الله‌ إيّاه[3].

المصادر: الكافي 4: 101، كتاب الصيام، باب من أكل أو شرب ناسيا في شهر رمضان، ح3، تهذيب الأحكام 4: 268، كتاب الصيام، ب64 باب حكم الساهي والغالط في الصيام، ح3. وسائل الشيعة 10: 51، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك، ب9 ح6، جامع أحاديث الشيعة 11: 410، كتاب الصوم، أبواب ما يجب الإمساك عنه...، ب14، باب أنّ الصائم إن نسي فأفطر... ح3.

قال الشيخ الطوسيّ رحمه‌الله: قال الشيخ المفيد رحمه‌الله: «ومن أكل أو شرب أو جامع على السّهو عن فرض الصّيام لم يكن عليه حرج وليس عليه كفارة ولا قضاء».

الحديث 494: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 289، وانظر: ملاذ الأخيار 6: 537.

2. في الوسائل: «ويأكل» بدل «فيأكل».

3. ليس في التهذيب والوسائل: «إيّاه».


(47)

عليّ بن رئاب، عن إبراهيم بن ميمون قال: سألت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام عن الرّجل يجنب باللّيل في شهر رمضان فنسي[1] أن يغتسل حتّى يمضي بذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان؟ قال: عليه قضاء الصّلاة والصّوم.

المصادر: الكافي 4: 106، كتاب الصيام، باب فيمن أجنب باللّيل في شهر رمضان و... ح5، وسائل الشيعة 10: 65، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك، ب17 ح1، جامع أحاديث الشيعة 11: 566، كتاب الصوم، أبواب من يجب عليه الصّوم ومن لا يجب، ب19، باب أنّ مَن أجنب في شهر رمضان ونسي أن يغتسل حتّى...، ح3.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «عليه قضاء الصّلاة» أمّا قضاء الصّلاة فلا ريب فيه، وإنّما الخلاف في قضاء الصّوم فذهب الأكثر إلى وجوبه لهذا الخبر، ولصحيحة الحلبيّ.

وقال الصدوق بعد نقل هذه الرواية: وفي خبر آخر أنّ مَن جامع في أوّل شهر رمضان، ثمّ نسي الغسل حتّى خرج شهر رمضان أنّ عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك.

وقال ابن إدريس: لا يجب قضاء الصوم، لأنّه ليس من شرطه الطّهارة في الرّجال إلاّ إذا تركها الإنسان متعمّدا من غير إضطرار وهذا لم يتعمّد تركها، ووافقه المحقّق في الشرائع والنافع.[2]

الحديث 495: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الرّيان بن الصلت، عن يونس قال: الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء، وإن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شيء[3]، وقد تمّ صومه وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة، والأفضل للصّائم أن


--------------------------------------------------

1. في الجامع: «ثمَّ ينسى» بدل «فنسي».

2. مرآة العقول 16: 280.

3. في التهذيبين والجامع: «فلا شيء عليه» بدل «عليه شيء».


(48)

لا يتمضمض.

المصادر: الكافي 4: 107، كتاب الصيام، باب المضمضة والإستنشاق للصائم، ح4، تهذيب الأحكام 4: 205، كتاب الصيام، ب54 باب ما يفسد الصيام وما يخلّ شرائط فرضه و... ح10، الإستبصار 2: 94، كتاب الصيام، أبواب ما ينقض الصيام، ب48 باب حكم المضمضة والإستنشاق، ح2، وسائل الشيعة 10: 71، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصّائم ووقت الإمساك، ب23 ح3، وأورد صدره في ص 85، ب28 ح13، جامع أحاديث الشيعة 11: 420، كتاب الصّوم، أبواب ما يجب الإمساك عنه وما لا يجب، ب16، باب أنَّ الصّائم يجوز له أن يتمضمض و... ح7.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «يستاك» المشهور بين الأصحاب إستحباب الإستياك للصّائم باليابس والرّطب، بل قال في المنتهى: أنّه قول علمائنا أجمع إلاّ إبن أبي عقيل فإنّه كرهه بالرّطب.

قوله عليه‌السلام: «في غير وقت فريضة» لا يخفى أنّه موافق للتفصيل المستفاد من الخبر السابق وإن استدلّ به بعض الأصحاب على عدم النقض بما يدخل في الحلق من مضمضة الوضوء للصّلاة مطلقا، كما عرفت.

قوله عليه‌السلام: «أن لا يتمضمض» لعلّه محمول على المضمضة لغير الوضوء.[1]

وقال أيضا:

قال في المدارك: من أدخل فمه الماء فابتلعه سهوا، فإن كان متبرّدا فعليه القضاء، وإن كان للمضمضة به للطّهارة فلا شيء عليه. قال في المنتهى: وهذا مذهب علمائنا، واستدلّ عليه برواية سماعة ورواية يونس، وفي الروايتين ضعف وصحيحة الحلبي تدلّ على وجوب القضاء إذا دخل الماء الحلق من


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 285.


(49)

وضوء النافلة.[1]

الحديث 496: وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الرّيان بن الصلت، عن يونس قال: الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء... الحديث.

المصادر: وسائل الشيعة 10: 85، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك، ب28 ح 13، وأورده بتمامه في الحديث 3 من الباب 23 من هذه ألأبواب.

قد مرّ الحديث آنفا.

الحديث 497: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن إبن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: وقت سقوط القرص ووجوب الإفطار من الصّيام أن يقوم[2] بحذاء القبلة ويتفقّد[3] الحمرة الّتي ترتفع من المشرق، فإذا جازت قمّة[4] الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الإفطار وسقط القرص.

المصادر: الكافي 4: 100، كتاب الصّيام، باب وقت الإفطار، ح1، ورواه أيضا مثله باختلاف يسير جدّا عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد في ج 3: 279، كتاب الصّلاة، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة، ح4، تهذيب الأحكام 4: 185، كتاب الصيام، ب42 باب علامة وقت فرض الصّيام و... ح5، وسائل الشيعة 10: 124، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك، ب52 ح1، وأورد مثله أيضا عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، في ج 4: 173، كتاب الصّلاة أبواب المواقيت، ب16 ح4، جامع أحاديث الشيعة 10: 353، كتاب الصّوم، أبواب فضل صوم شهر رمضان وفرضه، ب23 باب أنّ القرص إذا غاب في الأُفق... ح3، وأورده أيضا مثله في ج 4: 240، كتاب الصلاة، أبواب مواقيت الصّلاة، ب16 باب أنّه إذا غاب القرص فقد دخل وقت المغرب و...، ح44.

مرّ الحديث في الصفحة 335 من المجلّد الأوّل، رقم الحديث 231.


--------------------------------------------------

1. ملاذ الأخيار 6: 539.

2. في الوسائل والجامع: «تقوم» بدل «يقوم».

3. في الوسائل والجامع: «تتفقد» بدل «يتفقد».

4. قمّة: وسط الرأس، النهاية في غريب الحديث 4: 110.


(50)

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: ونقول في توضيح المقام: لا شكّ أنّ معنى غيبوبة الشمس وغروبها إستتارها وذهابها إلاّ أنّ هاهنا موضع إشتباه على الفقهاء وأهل الحديث، وذلك لأنّ الغروب المعتبر للصّلاة والإفطار هل يكفي فيه إستتاره عين الشمس عن البصر وذهاب قرصها عن النظر للمتوجّه إلى الاُفق الغربي بلا حائل أم لابدّ فيه مع ذلك من ذهاب آثارها أعني ذهاب شعاعها الواقع على التّلال والجبال الشرقيّتين بل ذهاب الحمرة الّتي تبدو من ضوئها في السّماء نحو الاُفق الشرقي وميلها عن وسط السّماء بل ذهاب الصّفرة والبياض اللّذين يبقيان بعد ذلك؟ فإنّ هذه كلّها من آثار الشمس وتوابع قرصها، فلا يتحقّق ذهاب الشّمس وغروبها حقيقةً إلاّ بذهابها.

فنقول وبالله‌ التوفيق: أمّا ذهاب الشّعاع الواقع على التّلال والجبال المرئيين فلابدّ منه في تحقّق الغروب، إذ مع وجوده لا غروب للعين في ذينك الموضعين اللّذين حكمهما وحكم المكان الّذي نحن فيه واحد إذ هما بمرأى منّا، وأمّا الصّفرة والبياض فلا عبرة بهما وبذهابهما، وذلك لأنّهما ليسا من آثار الشمس بلا واسطة بل هما من آثار الآثار.

بقي الكلام في الحمرة المشرقيّة السّماوية، والأخبار في إعتبار ذهابها مختلفة، فمنها ما يدلّ على إعتباره وجعله علامة لغروب القرص في الآفاق كهذه الأخبار، ومنها ما يدلّ على أنّ ذهاب القرص عن النّظر كاف في تحقّق الغروب كالأخبار الّتي مضت، والمستفاد من مجموعها والجمع بينها أنّ إعتباره في وقتي صلاة المغرب والإفطار أحوط وأفضل، وإن كفى إستتار القرص في تحقّق الوقت، كما يظهر لمن تأمّل فيها ووفّق للتوفيق بينها وبين الأخبار الّتي نتلوها


(51)

عليك في الباب الآتي إن شاء الله‌.[1]

الحديث 498: عدّة من أصحابنا ـ معلّق ـ عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن رفاعة، عن رجل، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: دخلت على أبي العبّاس بالحيرة[2] فقال: يا أبا عبدالله‌ ما تقول في الصيّام اليوم؟ فقلت: ذاك إلى الإءمام إن صمت صمنا وإن أفطرت أفطرنا فقال: يا غلام عليّ بالمائدة، فأكلت معه وأنا أعلم والله‌ إنّه يوم من شهر رمضان، فكان إفطاري يوما وقضاؤه أيسر عليّ من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله‌.

المصادر: الكافي 4: 82، كتاب الصيام، باب اليوم الّذي يشكّ فيه من شهر رمضان... ح7، وسائل الشيعة 10: 132، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك، ب57 ح5، بحار الأنوار 47: 210، أبواب تاريخ الإمام جعفر الصّادق عليه‌السلام، ب28 باب ماجرى بينه وبين المنصور ح54. جامع أحاديث الشيعة 10: 340، كتاب الصوم، أبواب فضل صوم شهر رمضان وفرضه، ب18 باب وجوب الإفطار في شهر رمضان عند الخوف على النّفس...، ح1.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

وكأنـّه سقطت «العدّة» من النسّاخ إذ رواية الكليني عن سهل بدون توسط «العدّة» غير معهود.

قوله عليه‌السلام: «وأنا أعلم والله‌» يدلّ على وجوب التقيّة وإن كان في ترك الفرائض.

قوله عليه‌السلام: «بالحيرة» كانت بلدة قرب الكوفة. و«أبو العبّاس» هو السفّاح أوّل خلفاء بني العبّاس.


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 7: 266.

2. الحِيرَةُ: بالكسر ثمّ السّكون: وراء مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النّجف، زعموا أنّ بحر فارس كان يتّصل به، وبالحيرة الخورنق بقرب منها ممّا يلي الشّرق على نحو ميل، والسّدير في وسط البريّة الّتي بينها وبين الشّام، كانت مسكن ملوك العرب في الجاهلية من زمن نضر ثمّ من لخم النعمان وآبائه، والنسبة إليه حاريّ على غير قياس كما نسبوا إلى النّمر نمريُّ. معجم البلدان 2: 376


(52)

وقوله عليه‌السلام: «ولا يعبد الله‌» أي يكون قتلي سببا لأن يترك النّاس عبادة الله‌ فإنّ العبادة إنّما تكون بالإءمام وولايته ومتابعته.[1]

أبواب آداب الصائم

الحديث 499: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة قال: قال أبو الحسن عليه‌السلام: قيلوا فإنّ الله‌ يطعم الصّائم ويسقيه في منامه.[2]

المصادر: الكافي 4: 65، كتاب الصيام، باب ما جاء في فضل الصوم والصائم، ح14، وسائل الشيعة 10: 136، كتاب الصوم، أبواب آداب الصائم، ب2 ح1، جامع أحاديث الشيعة 11: 458، كتاب الصوم، أبواب ما يجب الإمساك عنه وما لا يجب، ب32 باب إستحباب القيلولة للصائم...، ح1، ورواه الصّدوق مثله عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، عن أبيه، عن سهل بن زياد في فضائل الأشهر الثلاثة: 120.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «قيلوا» من القيلولة وهي النوم عند الظهيرة، وفي بعض النسخ أقيلوا على بناء الإفعال ولم يرد في اللّغة، ولعلّ المراد بالإطعام والسقي لازمهما وهو تسكين شدّة الجوع والعطش كما هو المجرّب، والله‌ يعلم.[3]

الحديث 500: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إفطارك لأخيك المؤمن أفضل من صيامك تطوّعا.

المصادر: الكافي 4: 150، كتاب الصيام، باب فضل إفطار الرّجل عند أخيه إذا سأله، ح1، وسائل الشيعة 10: 152، كتاب الصوم، أبواب آداب الصائم، ب8 ح3، جامع أحاديث الشيعة 11: 748، كتاب الصوم، أبواب الصيام المندوب، ب24 باب استحباب الإفطار لإجابة المؤمن، ح2.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 240.

2. في الجامع: «في منامه ويسقيه» بدل «ويسقيه في منامه».

3. مرآة العقول 16: 204.


(53)

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: اُريد بالإفطار هنا نقض صيام نفسه قبل إتمامه كما يتبيّن من أكثر أخبار هذا الباب ويشعر به تفضيله على صيامه.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «إفطارك لأخيك» أي إفطارك صومك عند أخيك المؤمن لتسرّه، ويحتمل أن يكون المراد تفطيره أخاه المؤمن الصّائم بأن تكون اللاّم زائدة لكنّه بعيد.

قال الفيروز آبادى: (أفطر الصائم) أكل وشرب كأفطر وفطّرته وأفطرته، إنتهى.

وربما يستفاد منه على الإحتمال الأوّل إنّ إستحباب الإفطار إنّما هو في صوم التطوّع لا في صوم السنّة كما قيل. وفيه نظر.[2]

الحديث 501: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إذا صام أحدكم الثلاثة الأيّام من الشهر فلا يجاد لنّ أحدا، ولا يجهل ولا يسرع إلى الحلف والأيمان بالله‌، فإن جهل عليه[3] أحد فليتحمّل.

المصادر: الكافي 4: 88، كتاب الصيام، باب أدب الصائم، ح4، وسائل الشيعة 10: 167، كتاب الصوم أبواب آداب الصائم، ب12 ذيل ح1، جامع أحاديث الشيعة 11: 453، كتاب الصوم، أبواب ما يجب الإمساك عنه وما لا يجب، ب28 باب أنّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده... ح26.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

الحديث ضعيف على المشهور ومعتمد عندي.


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 11: 255.

2. مرآة العقول 16: 368.

3. «جهل عليه»: أظهر الجهل القاموس المحيط 3: 483.


(54)

قوله عليه‌السلام: «فإن جهل» بكسر الهاء أي سفه وأتاه بلسانه، وإحتماله الصبر عليه وترك مكافاته.[1]

أبواب من يصحّ منه الصوم

الحديث 502: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالعزيز العبديّ، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبدالله‌ عليه‌السلام: قول الله‌ عزّ وجلّ «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ»[2] قال: ما أبيَنهَا؟! من شهد فليصمه، ومن سافر فلا يصمه.

المصادر: الكافي 4: 126، كتاب الصيام، باب كراهية الصوم في السفر، ح1، تهذيب الأحكام 4: 216، كتاب الصيّام، ب57 باب حكم المسافر والمريض في الصيام، ح2، وسائل الشيعة 10: 176، كتاب الصوم، أبواب من يصحّ منه الصوم، ب1 ح8، بحار الأنوار 2: 274، كتاب العلم، ب32 باب ما يمكن أن يستنبط من الآيات والأخبار من متفرّقات مسائل أُصول الفقه، ح21، جامع أحاديث الشيعة 11: 506، كتاب الصوم، أبواب من يجب عليه الصوم ومن لا يجب، ب6، باب أنّ من سافر في شهر رمضان يجب عليه الإفطارو القضاء...، ح1.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله تعالى: «فَمَنْ شَهِدَ» أي: من حضر في موضع هذا الشّهر غير مسافر ولا مريض أيضا. فالشهر مفعول فيه، والشهود هو الحضور في البلد.

قوله عليه‌السلام: «ما أبيَنها» ربما يستدلّ بهذا الخبر على حجّية مفهوم الشرط، ولا يخفى ما فيه إذ ليس مفهوم قولنا: «مَنْ شَهِدَ» يجب عليه الصوم و«من لم يشهد» يجب عليه ترك الصوم بل لا يجب عليه الصوم، فالأولى أن لا يجعل قوله عليه‌السلام «ومن سافر» إلخ بيانا للمفهوم من قوله تعالى: «فَمَنْ شَهِدَ» بل لقوله تعالى: «ومَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أَوْ عَلَى سَفَرٍ»[3] فالغرض تفسير مجموع الآية.[4]


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 248.

2-3. البقرة 2: 185.

4. مرآة العقول 16: 326.


(55)

الحديث 503: روى محمّد بن أحمد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن رجل، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إذا دخل شهر رمضان فللّه فيه شرط قال الله‌ تعالى: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ»[1] فليس للرّجل إذا دخل شهر رمضان أن يخرج إلاّ في حجّ أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه، وليس له أن يخرج في إتلاف مال أخيه، فإذا مضت ليلة ثلاثة وعشرين فليخرج حيث شاء.

المصادر: تهذيب الأحكام 4: 216، كتاب الصيام، ب57 باب حكم المسافر والمريض في الصيام، ح1، وسائل الشيعة 10: 182، كتاب الصوم، أبواب من يصحّ منه الصوم، ب3 ح6، جامع أحاديث الشيعة 11: 542، كتاب الصوم، أبواب من يجب عليه الصوم ومن لا يجب، ب13 باب كراهة السفر في شهر رمضان...، ح2.

قال الشيخ الطوسي رحمه‌الله:

ومتى خرج على ما ذكرناه من وجوه السفر وجب عليه الإفطار يدلّ على ذلك قوله تعالى: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ»[2] فأوجب بظاهر اللّفظ الصّيام لمن شهد، وفرض بصريحه القضاء على من يكون مريضا أو مسافرا، فلولا أنّ الإفطار واجب لما وجب عليه عدّة من أيّام اُخر.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: «في إتلاف مال أخيه» يعني في شأن إتلافه بأن يمنعه عن التّلف.[3]

وقال العلاّمة المجلسي:


--------------------------------------------------

1-2. البقرة 2: 185.

3. كتاب الوافي 11: 304.


(56)

قال في آيات الأحكام «مَنْ شَهِدَ» أي حضر في موضع هذا الشهر غير مسافر، بل ولا مريض أيضا فـ «الشَّهر» مفعول فيه، كما صرّح به في الكشّاف وتفسير القاضي ومجمع البيان، فالشهود هو الحضور في البلد.[1]

الحديث 504: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد قال: سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل قدم من سفر في شهر رمضان ولم يطعم شيئا قبل الزّوال؟ قال: يصوم.

المصادر: الكافي 4: 132، كتاب الصوم، باب الرّجل يريد السفر أو يقدم من سفر في شهر رمضان، ح7، تهذيب الأحكام 4: 255، كتاب الصيام، ب61 باب حكم المريض يفطر... والمسافر يقدم، ح6، وسائل الشيعة 10: 190، كتاب الصوم، أبواب من يصحّ منه الصوم، ب6 ح4، جامع أحاديث الشيعة 11: 525، كتاب الصوم، أبواب من يجب عليه ومن لا يجب، ب8 باب أنّ المسافر إذا علم أنّه يدخل بلده قبل الزوال...، ح3.

قال الشيخ الطوسي في ذيل الحديث:

فهذان الخبران دلاّ على أنّه متى لم يكن أكل شيئا ودخل قبل الزّوال فإنّه يجب عليه صوم ذلك اليوم.

الحديث 505: عدّة من أصحابنا: عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله‌ بن سنان قال: سألت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام عن الرّجل يصوم صوما قد وقّته على نفسه أو يصوم من أشهر الحرم فيمرّ به الشّهر والشّهران لا يقضيه؟ فقال: لا يصوم في السفر ولا يقضي شيئا من صوم التطوّع إلاّ الثلاثة الأيّام الّتي كان يصومها من كُلّ شهر ولا يجعلها بمنزلة الواجب إلاّ أنّي أُحبّ لك أن تدوم على العمل الصالح؛ قال: وصاحب الحُرُم الّذي كان يصومها ويجزئه أن يصوم فكان كُلّ شهر من أشهر الحرم ثلاثة أيّام.

المصادر: الكافي 4: 142، كتاب الصّيام، باب من جعل على نفسه صوما معلوما و...، ح8،


--------------------------------------------------

1. ملاذ الأخيار 6: 512.


(57)

وسائل الشيعة 10: 198، كتاب الصوم، أبواب من يصحّ منه الصوم، ب10 ذيل ح6، وأورد مثله أيضا في الحديث 2 من الباب 21 من هذه الأبواب، جامع أحاديث الشيعة 11: 534، كتاب الصوم، أبواب من يجب عليه الصوم ومن لا يجب، ب11 باب أنّ المسافر لا يجوز له في السّفر أن يقضي مافاته من صوم شهر رمضان إلاّ... ح6.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: «وقد وقّته على نفسه» يعني من غير نذر ولا يمين ولهذا نفى عنه القضاء وعدّه من التّطوّع.

«ولا يجعلها بمنزلة الواجب» يعني لا يعتقد في صيام الثّلاثة الأيّام أنّه واجب أو مثل الواجب في عدم جواز تركه وإن كان يقضيه مع الفوات وإنّما أمرتك بقضائه لأنّي أُحبّ لك المداومة على العمل الصّالح، وإن لم يكن واجبا عليك وإنّما يجزيه ثلاثة أيّام بدل كلّ شهر من الحُرُم لأنّ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فالثّلاثة بمنزلة الثّلاثين.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

قوله: «قد وقّته على نفسه» أي: ألزمه على نفسه من غير نذر ولا يمين.

قوله: «لا يقضيه» يحتمل أن يكون المراد بالقضاء هنا معناه المصطلح، وقوله عليه‌السلام في الجواب «يجزيه أن يصوم مكان كلّ شهر» أي: قضاءً، ويحتمل أن يكون المراد من القضاء الفعل، والجواب حينئذٍ ظاهر، فتأمّل.[2]

الحديث 506: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن محمّد بن عبدالله‌ بن واسع[3]، عن إسماعيل بن سهل، عن رجل، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: خرج أبو عبدالله‌ عليه‌السلام من المدينة في أيّام بقين من شعبان فكان


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 11: 513.

2. ملاذ الأخيار 6: 589.

3. في التهذيب والوسائل: «محمّد بن عبدالله‌ بن رافع» بدل «محمّد بن عبد الله‌ بن واسع».


(58)

يصوم، ثمّ دخل عليه شهر رمضان وهو في السّفر فأفطر فقيل له: تصوم[1] شعبان وتفطر[2] شهر رمضان؟! فقال: نعم شعبان إلىّ إن شئت صمت وإن شئت لا، وشهر رمضان عزم من الله‌ عزّ وجلّ عليّ الإفطار.

المصادر: الكافي 4: 130، كتاب الصيام، باب صوم التطوّع في السفر وتقديمه وقضاؤه، ح1، تهذيب الأحكام 4: 236، كتاب الصيام، ب57 باب حكم المسافر والمريض في الصّيام، ح67، الإستبصار 2: 102 كتاب الصيام، أبواب أحكام المسافرين، ب53 باب صوم التطوّع في السفر، ح3، وسائل الشيعة 10: 203، كتاب الصوم، أبواب من يصحّ منه الصّوم، ب12 ح4، جامع أحاديث الشيعة 11: 512، كتاب الصوم، أبواب من يجب عليه الصّوم ومن لا يجب، ب6 باب أنّ من سافر في شهر رمضان يجب عليه الإفطار، ح30.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «شعبان إليّ» يدلّ على جواز صوم النّافلة في السّفر، واختلف فيه فقيل: لا يجوز، وقيل: يجوز على كراهيّة، واستثني منها صوم ثلاثة أيّام للحاجة بالمدينة، وأضاف في المقنع على ما نقل صوم الإعتكاف في المساجد الأربعة.[3]

الحديث 507: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن بلال، عن الحسن بن بسّام الجمّال، عن رجل قال: كنت مع أبي عبدالله‌ عليه‌السلام فيما بين مكّة والمدينة في شعبان وهو صائم ثمّ رأينا هلال شهر رمضان فأفطر فقلت له: جعلت فداك أمس كان عن[4] شعبان وأنت صائم واليوم من شهر رمضان وأنت مفطر؟! فقال: إنّ ذاك[5] تطوّع ولنا أن نفعل ما شئنا، وهذا فرض فليس لنا أن نفعل إلاّ ما أُمرنا.


--------------------------------------------------

1. في التهذيب: «أتصوم» بدل «تصوم».

2. في الإستبصار زيادة: «في».

3. مرآة العقول 16: 332.

4. في التهذيبين والوسائل والجامع: «من» بدل «عن».

5. في الاستبصار والوسائل: «ذلك» بدل «ذاك».


(59)

المصادر: الكافي 4: 131، كتاب الصّيام، باب صوم التطوّع في السّفر وتقديمه وقضاؤه، ح5، تهذيب الأحكام 4: 236، كتاب الصّيام، ب57 باب حكم المسافر والمريض في الصيام، ح68، الاستبصار 2: 103، كتاب الصيام، أبواب أحكام المسافرين، ب53 باب صوم التطوّع في السفر، ح4، وسائل الشيعة 10: 203، كتاب الصوم، أبواب من يصح منه الصوم، ب12 ح5، جامع أحاديث الشيعة 11: 512، كتاب الصّوم، أبواب من يجب عليه الصوم ومن لا يجب، ب6 باب أنّ من سافر في شهر رمضان يجب عليه الإفطار... ح31.

قال الشيخ الطوسي رحمه‌الله في الإستبصار في ذيل الحديث وما قبله: فالوجه في هذين الخبرين أن تحملهما على ضرب من الرخصة وأنّ من صام مسافرا نافلة لم يكن مأثوما وإن كان الأفضل الإفطار، وإنّما قلنا ذلك لأنّ الخبرين جميعا مرسلان غير مسندين، والأخبار الأولة مسندة مطابقة لعموم الأخبار الّتي ذكرناها في كتابنا الكبير في النّهي عن الصيام في السّفر مثل قولهم: «ليس من البرّ الصيام في السّفر» فكانّما أفطر في الحضر وما جرى مجراهما وتلك عامة في الفريضة والنافلة وقد طابقها الخبران المتقدّمان والعمل بهما أولى وأحرى .[1]

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: حملهما في التهذيبين على الرّخصة قال: ولو خلّينا وظاهر تلك الأخبار لقلنا إنّ صوم التطوّع في السفر محظور، كما أنّ صوم الفريضة محظور ولكنّه ورد فيه من الرّخصة ما نقلنا من الحظر إلى الكراهة.

أقول: وقد ورد الرّخصة في صيام المسافر في مواضع مخصوصة يأتي ذكرها في محلّها، كالنذر المقيّد بالسفر ونذكره في باب النّذر، وكالثلاثة الأيّام بدل الهدي، وكثلاثة أيّام الحاجة بالمدينة ونذكرهما في كتاب الحجّ إن شاء الله‌ تعالى.[2]


--------------------------------------------------

1. تهذيب الأحكام 4: 236 .

2. كتاب الوافي 11: 96.


(60)

وقال العلاّمة المجلسي:

قال الفاضل التستري رحمه‌الله: لا أعرف للكراهة بمعنى أقلّ ثوابا هنا حاصلاً إذ كيف يصحّ النهي عن الطاعة القليلة الثواب، إذا لم يكن إدراكها في ضمن ما يكون أكثر ثوابا، نعم إن أُريد بها ما لا يعاقب ولا يُثاب عليه كان له وجها.

فإن قلت: إيقاع صوم لا يثاب عليه حرام.

قلت: لم يقم دليل على ذلك فيما علمناه، نعم إن إعتقد أنّه يثاب عليه كان إعتقاده باطلاً، ولا يبعد العقاب عليه، ويشكل على ما ذكرناه تسليم المرسلتين وطرحهما أحسن.[1]

الحديث 508: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله‌ بن سنان، قال سألت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام عن الرّجل يصوم أشهر الحرم فيمّر به الشهر والشهران لا يقضيه؟ فقال: لا يصوم في السفر ولا يقضي شيئا من صوم التطوّع إلاّ الثّلاثة الأيّام الّتي كان يصومها في كلّ شهر ولا يجعلها بمنزلة الواجب إلاّ أنّي أُحبّ لك أن تدوم على العمل الصالح.

المصادر: وسائل الشيعة 10: 223، كتاب الصوم، أبواب من يصحّ منه الصوم، ب21، ذيل ح2، وأورده أيضا في الحديث 6 من الباب 10 من هذه الأبواب.

مرّ الحديث في الصفحة 56 رقم الحديث 505، راجع هناك.

الحديث 509: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سماعة[2] بن مهران قال: سألت أبا عبد الله‌ عليه‌السلام عن المستحاضة؟ قال: فقال: تصوم شهر رمضان إلاّ الأيّام الّتي كانت تحيض فيهنّ ثمّ تقضيها[3] بعده.


--------------------------------------------------

1. ملاذ الأخيار 6: 596.

2. في التهذيب: «سماعة» بدل «سماعة بن مهران».

3. في التهذيب: «تقضينّها» بدل «تقضيها».


(61)

المصادر: الكافي 4: 135، كتاب الصّيام، باب صوم الحائض والمستحاضة، ح5، تهذيب الأحكام 4: 282، كتاب الصيام، ب65، باب قضاء شهر رمضان وحكم من أفطر فيه على التعمّد والنسيان، ح27، وأورده أيضا في ص 310، ب72 باب الزيادات ح4، وسائل الشيعة 10: 230، كتاب الصوم، أبواب من يصحّ منه الصوم، ب27 ح1، جامع أحاديث الشيعة 2: 657، كتاب الطهارة، أبواب الحيض، ب26 باب أقسام الإستحاضة وحكم كلّ قسم منها، ح13.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

يدلّ على أنّ المستحاضة إذا كانت ذات عادة ترجع إلى عادتها ولاخلاف فيه.[1]

أبواب أحكام شهر رمضان

الحديث 510: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إنّ الله‌ تبارك وتعالى خلق الدّنيا في ستّة أيّام ثمّ إختزلها عن[2] أيّام السّنة، والسّنة[3] ثلاثمائة وأربع[4] وخمسون يوما، شعبان لا يتمّ أبدا، رمضان[5] لا ينقص والله‌ أبدا ولا تكون فريضة ناقصة إنّ الله‌ عزّوجلّ يقول: «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ»[6] وشوّال تسعة وعشرون يوما، وذو القعدة ثلاثون يوما لقول[7] الله‌ عزّ وجلّ «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً»[8] وذوالحجّة تسعة وعشرون يوما، والمحرّم ثلاثون يوما، ثمّ الشهور بعد ذلك شهر تامّ وشهرٌ ناقص.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 340.

2. في التهذيبين والجامع: «من» بدل «عن».

3. في التهذيب والجامع: «فالسّنة» بدل «والسنة».

4. في التهذيبين والوسائل والجامع: «وأربعة» بدل «وأربع».

5. في التهذيبين: «وشهر رمضان» بدل «رمضان».

6. البقرة 2: 185.

7. في التهذيب والوسال: «يقول» بدل «لقول».

8. الأعراف 7: 142 .


(62)

المصادر: الكافي 4: 78، كتاب الصيام، باب نادر، ح2، تهذيب الأحكام 4: 172، كتاب الصيام ب41، باب علامة أوّل شهر رمضان وآخره ودليل دخوله، ح57، الاستبصار 2: 68، كتاب الصيام، ب33 باب علامة أوّل يوم من شهر رمضان، ح20، وسائل الشيعة 10: 272، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان، ب5 ح34، جامع أحاديث الشيعة 10: 257، كتاب الصوم، أبواب فضل شهر رمضان، ب7 باب أنّ شهر رمضان يكون تاما وناقصا...، ح27.

قال الشيخ الطوسي رحمه‌الله:

وهذا الخبر أيضاً نظير ما تقدّم في أنّه لا يصحّ الاحتجاج به بمثل ما قدّمناه من أنّه خبرٌ واحدٌ لا يوجب علماً ولا عملاً، وأ نّه لا يعترض بمثله على ظاهر القرآن والاخبار المتواترة، وأنّه أيضاً مختلف الألفاظ والمعاني، والخبر واحدٌ والإسناد واحدٌ، وأيضاً فإنّ هذا الخبر يتضمّن من التّعليل ما يكشف عن أنّه لم يثبت عن إمام هدى عليه‌السلام، من ذلك إنّ قول الله‌ عزّ وجلّ «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً»[1] لا يوجب إستمرار أمثال ذلك الشّهر على الكمال في ذي القعدة، وليس إتّفاق تمام ذي القعدة في أيّام موسى عليه‌السلام موجباً تمامه في مستقبل الأوقات، ولا دالاًّ على أنّه لم يزل كذلك فيما مضى، وإذا كان الأمر على ما ذكرناه بطل إضافة التّعليل لتمام ذي القعدة أبداً بما تضمّنه القرآن من تمامه حيناً إلى صادق عنِ الله‌ تعالى لا سيّما وهو تعليلٌ أيضاً لتمام شهر رمضان، وليس بينهما نسبةٌ بالذّكر في التّمام.

واختزال السّتّة الأيام من السّنة لا يمنع من اتّفاق النّقصان في شهرين وثلاثة على التّوالي وتمام ثلاثة أشهر وأربعة متواليات، فكيف يصحّ التّعليل بمعنى لا يوجبه عقل ولا عادةٌ ولا لسان، وكذلك التّعليل لكون شهر رمضان ثلاثين يوماً أبداً بكون الفرائض لا تكون ناقصةً؛ لأنّ نقصان الشّهر عن ثلاثين يوماً لا يوجب


--------------------------------------------------

1. الأعراف 7: 142.


(63)

النّقصان في فرض العمل فيه، وقد ثبت أنّ الله‌ تعالى لم يتعبّدنا بفعل الأيّام ولا يصحّ تكليفنا فعل الزّمان، وإنّما تعبّدنا بالعمل في الأيّام والفعل في الزّمان فلا يكون إذاً نقصان الزّمان عن غيره بالإضافة نقصاناً في العمل.

ألا ترى أنّ من وجب عليه عملٌ في شهر معيّن فأدّاه في ذلك الشّهر على ما حدّ له فيه من إبتدائه به من أوّله وختمه إيّاه في آخره أنّه يكون قد أكمل ما وجب عليه وإن كان الشّهر ناقصاً عن الكمال.

وأجمع المسلمون على أنّ المعتدّة بالشّهور إذا طلّقها زوجها في أوّل شهر من الشّهور فقضت ثلاثة أشهر فيها واحدٌ على الكمال ثلاثون يوماً، واثنان منها كلّ واحد منهما تسعةٌ وعشرون يوماً، أنّها تكون مؤّيةً لفرض الله‌ تعالى عليها من العدّة على كمال الفرض دون النّقصان، ولا يكون نقصان الشّهرين متعدّياً إلى الفرض فيها على المرأة من العدّة على ما ذكرناه.

ولو أنّ إنساناً نذر لله‌ تعالى صيام شهر يلي شهر قدومه من سفره، أو برئه من مرضه، فاتّفق كون الشّهر الّذي يلي ذلك تسعةً وعشرين يوماً فصامه من أوّله إلى آخره لكان مؤّيا إلى فرض الله‌ تعالى فيه على الكمال، ولم يكن نقصان الشّهر مفيداً لنقصان الفرض الّذي أدّاه فيه، والاعتلال أيضاً في أنّ شهر رمضان لا يكون إلاّ ثلاثين يوماً بقوله تعالى «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ» يبطل ثبوته عن إمام هدًى بما ذكرناه من كمال الفرض المؤّى فيما نقص من الشّهر عن ثلاثين يوماً، مع أنّ ظاهر القرآن يفيد بأنّ الامر بتكميل العدّة إنّما يتوجّه إلى معنى القضاء لما فات من الصّيام حيث يقول الله‌ تعالى: «فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله‌ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ»[1] فأخبر تعالى أنّه فرض على المسافر والمريض عند إفطارهما


--------------------------------------------------

1. البقرة: 185.


(64)

في الشّهر القضاء له في أيّام أخر ليكملوا بذلك عدّة ما فاتهم من صيام الشّهر الّذي مضى، وليس في ذلك تحديدٌ لما يقع عليه القضاء، وإنّما هو أمرٌ بما يجب من قضاء الفائت كائناً ما كان.

وهذه الجملة الّتي ذكرنا تدلّ على أنّ التّعليل المذكور لتمام شهر رمضان ثلاثين يوماً موضوعٌ لا يصحّ عن الأئمّة عليهم‌السلام.

ولو سلّم هذا الحديث من جميع ما ذكرناه لم يكن ما تضمّنه لفظ متنه مختلاًّ، لوفاق العمل على الأهلّة ولم يوجب الحكم بصحّة خلافه، وذلك أنّ تكذيب العامّة فيما ادّعوه من صيام رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آلهشهر رمضان تسعةً وعشرين يوماً أكثر من صيامه إيّاه ثلاثين يوماً لا يمنع أن يكون قد صامه تسعةً وعشرين يوماً غير أنّ صيامه كذلك كان أقلّ من صيامه إيّاه ثلاثين يوماً.

ولو إقتضى صيامه إيّاه في مدّة فرضه عليه في حياته ثلاثين يوماً لم يمنع من تغيّر الحال في ذلك وكونه في بعض الأزمان بعده تسعةً وعشرين يوماً على ما أسلفناه من القول في ذلك.

والقول بأنّ رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ما صام إلاّ تامّاً لا يفيد كون شهر الصّيام ثلاثين يوماً على كلّ حال لأنّ الصّوم غير الشّهر وهو فعل الصّائم.

والشّهر حركات الفلك وهي فعل الله‌ تعالى، والوصف بالتّمام إنّما هو للصّوم الّذي هو فعل العبد دون الوصف للزّمان الّذي هو فعل الله‌ تعالى، وقد بيّنّا ذلك فيما مضى.

والاحتجاج لذلك بقوله تعالى: «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ» غير موجب ما ظنّه أصحاب العدد من أنّ شهر الصّيام لا يكون تسعةً وعشرين يوماً؛ لأنّ إكمال عدّة الشّهر النّاقص بالعمل في جميعه كإكمال عدّة الشّهر التّامّ بالعمل في سائره، لا يختلف في ذلك أحدٌ من العقلاء. والقول بأنّ شوّالاً تسعةٌ وعشرون يوماً غير مفيد لما


(65)

قالوه، بل يحتمل الخبر لكونه كذلك أحياناً دون كونه كذلك بالوجوب على كلّ حال، والقول بأنّ ذا القعدة ثلاثون يوماً لا ينقص أبداً، وجهه ما ذكرناه من إنه لا يكون ناقصاً أبداً حتّى لا يتمّ حيناً، والاعتلال لذلك بقوله تعالى: «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً»[1] يؤّد هذا التّأويل؛ لإنّه أفاد حصوله في زمن من الأزمان جاء بذكره القرآن ثلاثون يوماً فوجب بذلك أنّه لا يكون ناقصاً أبداً، بل قد يكون تامّاً وإن جاز عليه النّقصان، والّذي يدلّ على ما ذكرناه من جواز النّقصان على ذي القعدة في بعض الأوقات .[2]

الشرح: قال العلاّمة المجلسى:

قوله عليه‌السلام: «ثمّ إختزلها» قال الجوهريّ: الاختزال الانقطاع. وعمل الصدوق رحمه‌الله في الفقيه بتلك الأخبار، ومعظم الأصحاب على خلافه، وردّوا تلك الأخبار بضعف السّند ومخالفة المحسوس والأخبار المفيضة، وحملها جماعة على عدم النقص في الثّواب وإن كان ناقصا في العدد، ولا يبعد عندي حملها على التقيّة؛ لموافقتها لأخبارهم وإن لم توافق أقوالهم.

ثمّ إعلم أنّ في هذا الخبر إشكالاً من جهات اُخرى:

الاُولى: أنّ الثلاث مائة وستّين يوما لا يوافق السّنة الشمسيّة ولا القمريّة. ويمكن أن يجاب: بأنّه مبنيّ على السنة العرفيّة، أو على ما هو مقرّر عند المنجّمين حيث يعدّون كلّ شهر ثلاثين ثمّ يضيفون إليها الخمسة المسترقة فلخروج هذه الخمسة من الشّهور كأنها خارجة من السنة بل كانت في الشرائع المتقدّمة، لا سيّما اليهود عباداتهم منوطة بهذه الشهور ولم يكونوا يضيفون الخمسة إلى السّنة، وبعض المنجّمين أيضا هكذا يحاسبون.


--------------------------------------------------

1. الأعراف 7: 142.

2. تهذيب الأحكام 4: 172 .


(66)

الثانية: أنّ خلق الدّنيا في ستّة أيّام كيف صار سببا لنقص الشّهور القمريّة. ويمكن أن يجاب: بأنّ الشّمس لعلّها خلقت في اليوم الأوّل والقمر في اليوم الآخر فجعلت حركتها على وجه تنتهي الشّهور الشّمسيّة والقمريّة في السنة الاُولى في زمان واحد، لكن خلق الشمس في اليوم الأوّل مخالف لظواهر الآيات والأخبار، بل الظّاهر أنـّه مبنيّ على ما مرّ من السّنة المقرّرة عند أهل الكتاب وبعض أهل الحساب، ولمّا كان إبتداء السنّة العرفيّة من إبتداء خلق العالم، وابتداء السنّة القمريّة منذ خلق القمر، وكأنّ خلق القمر في اليوم الآخر فلذا قرّر الله‌ تعالى حركتها على وجه ينتهي السنتان في وقت واحد.

ولا يختلف الحسابان في إبتداء الخلق، فقوله عليه‌السلام: «السنة ثلاث مائة» أي السنة القمريّة فيمكن أن يحمل قوله عليه‌السلام «شعبان لا يتمّ أبدا» على أنّ المراد به أنـّه لا يتمّ على هذا الحساب وإن لم يكن الحكم الشرعي منوطا به، وإن كان بعيدا.

الثالثة: الاستدلال بالآية كيف يتمّ. والجواب: أنـّه مبني على ما هو المعلوم عند أهل الكتاب من أنّ إبتداء الميعاد كان من أوّل ذي القعدة، فلمّا عبّر الله‌ تعالى عن الشهر المذكور بالثلاثين يظهر منه أنـّه لا يكون نقص منه، وإن أمكن أن يكون الشهر في تلك السنة كذلك، وهذا لا ينافي ظهور التعبير في ذلك.

«تذنيب»

قال السيد ابن طاوس (قدّس الله‌ روحه) في كتاب الإقبال:

إعلم: أنّ إختلاف أصحابنا في أنـّه هل شهر رمضان يمكن أن يكون تسعة وعشرين يوما على اليقين، أو أنّه ثلاثون يوما، لا ينقص أبد الآبدين فإنّهم كانوا قبل الآن مختلفين؛ وأما الآن فلم أجد ممّن شاهدته أو سمعته به في زماننا، وإن كنت ما رأيته أنـّهم يذهبون إلى أنّ شهر رمضان لا يصحّ عليه النقصان بل هو كسائر الشهور في سائر الأزمان، ولكنّني أذكر بعض ما عرفته ممّا كان جماعة من


(67)

علماء أصحابنا معتقدين له وعاملين عليه، من أنّ شهر رمضان لا ينقص أبدا عن الثلاثين يوما.

فمن ذلك ما حكاه شيخنا المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان في كتاب لمح البرهان فقال عقيب الطعن على من ادّعى حدوث[1] هذا القول وقلة القائلين به ما هذا لفّظه: المفيد ممّا يدلّ على كذبه وعظم بهته أن فقهاء عصرنا هذا وهو سنة ثلاث وستّين وثلاث مائة.

ورواته وفضلاؤه وإن كانوا أقلّ عددا منهم في كلّ عصر، مجمعون عليه ويتديّنون به، ويفتون بصحّته وداعون إلى صوابه، كسيّدنا وشيخنا الشريف الزكي أبي محمّد الحسيني أدام الله‌ عزّه، وشيخنا الثقة أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه أيده الله‌، وشيخنا الفقيه أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه، وشيخنا أبي عبدالله‌ الحسين بن عليّ بن الحسين أيدهما الله‌، وشيخنا أبي محمّد هارون بن موسى أيده الله‌.

أقول: ومن أبلغ ما رأيته ورؤيته في كتاب الخصال للشيخ أبي جعفر محمّد بن بابويه رحمه‌الله وقد أورد أحاديث بأنّ شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما، وقال ما هذا لفظه: قال مصنّف هذا الكتاب خواصّ الشيعة وأهل الإستبصار منهم في شهر رمضان أنـّه لا ينقص عن ثلاثين يوما أبدا، والأخبار في ذلك موافقة للكتاب ومخالفة للعامّة، فمن ذهب من ضعفة الشيعة إلى الأخبار الّتي وردت للتقيّة في أنّه ينقص ويصيبه ما يصيب الشّهور من النقصان والتمام اتّقى كما يتّقي العامّة ولم يكلّم إلاّ بما يكلّم به العامّة ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله‌، هذا آخر لفظه.

أقول: ولعلّ عذر المتخلّفين في ذلك وسبب ما اعتمد بعض أصحابنا قديما عليه بسبب ما أدّتهم الأخبار المنقولة إليه، ورأيت في الكتب أيضا أنّ الشيخ


--------------------------------------------------

1. في الإقبال: «وحدث» بدل «حدوث».


(68)

الصّدوق المتّفق على أمانته جعفر بن محمّد بن قولويه تغمّده الله‌ برحمته مع ما كان يذهب إلى أنّ شهر رمضان لا يجوز عليه النقصان فإنّه صنّف في ذلك كتابا، وقد ذكرنا كلام المفيد عن إبن قولويه، واحتج بأنّ شهر رمضان له أُسوة بالشهور كلّها ووجدت كتابا للشيخ المفيد محمّد بن النعمان سمّاه لمح البرهان الّذي قدمنا ذكره قد انتصر فيه لاُستاده وشيخه جعفر بن قولويه.

ويرد على محمّد بن أحمد بن داود القمّي، وذكر فيه أنّ شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين وتأوّل أخبارا ذكرها يتضمّن أنـّه يجوز أن يكون تسعا وعشرين ووجدت تصنيفا للشيخ محمّد بن عليّ الكراجكي يقتضي أنّه قد كان في أوّل أمره قائلاً بقول جعفر بن قولويه في العمل على أنّ شهر الصيام لا يزال ثلاثين على التمام، ثمّ رأيت مصنفا آخر سمّاه الكافي في الاستدلال فقد نقض فيه على من قال: بأنّه لا ينقص عن ثلاثين وإعتذر عمّا كان يذهب إليه، وذهب إلى أنـّه يجوز أن يكون تسعا وعشرين، ووجدت شيخنا المفيد قد رجع عن كتاب لمح البرهان، وذكر أنـّه صنّف كتابا سمّاه مصابيح النّور، وأنـّه قد ذهب فيه إلى قول محمّد بن أحمد بن داود في أنّ شهر رمضان له أُسوة الشهور في الزّيادة والنقصان، إنتهى.[1]

الحديث 511: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن إبراهيم الأحول، عن عمران الزّعفراني قال: قلت لأبي عبدالله‌ عليه‌السلام: إنّنا نمكث في الشّتاء اليوم واليومين لاترى شمس ولا نجم[2] فأيّ يوم نصوم؟ قال: انظر اليوم الّذي صمت من السّنة الماضية وعدّ خمسة أيّام وصم اليوم الخامس.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 232.

2. في التهذيبين والجامع: «لانجماً» بدل «ولا نجم».


(69)

المصادر: الكافي 4: 81، كتاب الصيام باب[1]، ح4، تهذيب الأحكام 4: 179، كتاب الصيام، ب41، باب علامة أوّل شهر رمضان وآخره، ودليل دخوله، ح69، الاستبصار 2: 76، كتاب الصيام، ب36 باب ذكر جمل من الأخبار يتعلّق بها أصحاب العدد، ح2، وسائل الشيعة 10: 284، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان، ب10 ذيل ح3، جامع أحاديث الشيعة 10: 322، كتاب الصوم، أبواب فضل صوم شهر رمضان وفرضه، ب10 باب ما ورد في أنّ الرجل إذا لم يعلم هلال رمضان...، ح5.

قال الشيخ الطوسي في التهذيب بعد نقل هذا الخبر وخبر آخر قبله:

فهذان الخبران الوجه فيهما أنّه إذا كانت السّماء متغيّمة على ما تضمّنا، فعلى الإنسان أن يصوم يوم الخامس من صيام يوم السّنة الماضية على أنّه من شعبان إن لم يكن صحّ عنده نقصانه احتياطا، فإن اتّفق أنّه يكون عن شهر رمضان فقد أجزأ عنه، وإن كان من شعبان كتب له من النوافل، ويجري هذا مجرى صيام يوم الشكّ، وليس في الخبر أنّه يصوم يوم الخامس على أنّه من شهر رمضان، وإذا لم يكن هذا في ظاهره، واحتمل ما قلناه سقطت المعارضة به ولم يناف ما ذكرناه من العمل على الأهلّة.[2]

وقال رحمه‌الله أيضا في الإستبصار:

فلا ينافي هذان الخبران ما قدّمناه في العمل على الرؤية لمثل ما قدّمناه في الباب الأوّل من أنهما خبر واحدٌ لا يوجبان علما ولا عملاً، ولانّ راويهما عمران الزّعفرانيّ وهو مجهول، وفي أسناد الحديثين قوم ضعفاء لا نعمل بما يختصّون بروايته، ولو سلّم من ذلك كلّه لم يكن منافيا للقول بالرؤية بل يؤكّد القول فيها؛ لأنّه لو كان المراعى العدد لوجب الرجوع إليه ولم يرجع إلى السّنة الماضية وأن


--------------------------------------------------

1. المصدر الذي في أيدينا ليس للباب عنوان، وإنّما جاء عنوان للباب: «باب إطباق السماء» في هامش المصدر المطبوع لمركز بحوث دار الحديث 7: 417: برقم «3» فراجع.

2. تهذيب الأحكام 4: 179.


(70)

يعدّ منها خمسة أيّام، لأنّ الكلام في السّنة الماضية وأنّه بأيّ شيء يعلم الشهر فيها مثل الكلام في السّنة الحاضرة، فلابدّ أن يستند ذلك إلى الرؤية ليكون للخبر فائدة، وتكون الفائدة في الخبرين أنـّه ينبغي أن يصوم الإنسان إذا كان حاله ما تضمّنه الخبران يوم الخامس من السّنة الماضية احتياطا، وينوي به الصوم من شعبان إذا لم يكن له دليل على أنّه من رمضان على جهة القطع، ثمّ يراعي فيما بعد، فإن إنكشف له أنّه كان من رمضان فقد أجزأه وإن لم يكن كان صومه نافلة يستحق به الثّواب[1].

قال الشيخ الحرّ العاملي:

أقول: حمله الشيخ وغيره على الإستحباب، وأنّه يصوم على أنّه من شعبان لما مضى ويأتي.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «انظر» نزّل الشيخ رحمه‌الله في التهذيب والإستبصار هذه الأخبار على أنّ السّماء إذا كانت متغيّمة فعلى الإنسان أن يصوم اليوم الخامس إحتياطا، فإن إتّفق أن يكون من رمضان فقد أجزأ عنه، وإن كان من شعبان كتب له من النّوافل.

وذكر جمع من الأصحاب إنّ إعتبار الخامس إنّما يتمّ في غير السّنة الكبيسة، أمّا فيها فاليوم السادس.[2]

وأيضا:

قال في الدّروس: ولا عبرة بعد خمسة أيّام من الماضية وستّة في الكبيسيّة إلاّ أن يغمّ الشهور كلّها. وقال في المدارك: ذكر جمع من الأصحاب أنّ اعتبار الخامس إنّما هو في غير السّنة الكبيسيّة، وأمّا فيها فإنّه يكون يوم السادس، وهو


--------------------------------------------------

1. الاستبصار 2: 76.

2. مرآة العقول 16: 236.


(71)

مرويّ في بعض الأخبار.[1]

الحديث 512: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن إبراهيم النّوفلي، عن الحسين بن المختار رفعه قال: قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: إذا رأيت الهلال فلا تبرح وقل: اللّهمّ إنّي أسألك خير هذا الشّهر وفتحه[2]، ونوره، ونصره، وبركته، وطهوره، ورزقه، وأسألك خير ما فيه وخير ما بعده، وأعوذ بك من شرّ ما فيه وشرّ ما بعده، اللّهمّ أدخله علينا بالأمن والإيمان، والسّلامة والإسلام، والبركة[3]، والتوفيق لما تحبّ وترضى».

المصادر: الكافي 4: 76، كتاب الصيام، باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان، ح8، تهذيب الأحكام 4: 197، كتاب الصيام، ب50 باب الدّعاء عند طلوع الهلال، ح3، وسائل الشيعة 10: 323، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان، ب20 ح6، جامع أحاديث الشيعة 10: 221، كتاب الصوم، أبواب فضل شهر رمضان وجملة من أحكامه، ب4 باب ما ورد من الدّعاء عند رؤية هلال شهر رمضان و...، ح12.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «فلا تبرح» أي لا تزل على مكانك حتّى تدعوا بهذا الدّعاء[4].

الحديث 513: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال: سمعته يقول: إذا مات رجل وعليه صيام شهرين متتابعين من علّة، فعليه أن يتصدّق عن الشهر الأوّل ويقضي الشّهر الثاني.[5]

المصادر: الكافي 4: 124، كتاب الصيام، باب الرجل يموت وعليه من صيام شهر رمضان


--------------------------------------------------

1. ملاذ الأخيار 6: 484.

2. ليس في التهذيب: «وفتحه».

3. في التهذيب زيادة: «والتقوى».

4. مرآة العقول 16: 228.

5. في التهذيب: «ويقضي عن الثاني» بدل «ويقضي الشهر الثاني».


(72)

أو غيره، ح6، تهذيب الأحكام 4: 249، كتاب الصيام، ب60 باب من أسلم في شهر رمضان...، ح16، وسائل الشيعة 10: 334، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان، ب24 ح1. جامع أحاديث الشيعة 11: 580، كتاب الصوم، أبواب من يجب عليه الصوم، ب25، باب أنّ من مات وعليه صيام شهرين متتابعين، ح1.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «فعليه أن يتصدّق» عمل الأكثر بمضمون هذا الخبر، وأوجب ابن إدريس قضاء الشّهرين إلاّ أن يكونا من كفّارة مخيّرة فيتخيّر بينه وبين العتق، أو الإطعام من مال الميّت، وإختاره العلاّمة في المختلف وجماعة.[1]

وقال أيضا:

ويمكن حمل الخبر على أنّه فات منه شهر رمضان وإستمرّ مرضه إلى رمضان آخر، وفاته أيضا ثمّ مات، فالمراد بقوله: «صيام شهرين متتابعين» توالي الرّمضانين، فيكون موافقا للأخبار الآتية.[2]

الحديث 514: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن ربيع المسلي[3]، وزياد بن أبي الحلال، ذكراه عن رجل، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السّنة إلى مثلها لله‌ جلّ ثناؤه يفعل[4] ما يشاء في خلقه.

المصادر: الكافي 4: 160، كتاب الصيام، باب في ليلة القدر، ح12، وسائل الشيعة 10: 357، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان، ب32 ح7، جامع أحاديث الشيعة 10:


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 321.

2. ملاذ الأخيار 7: 28.

3. في الجامع: «ربيع المسلمي» بدل «ربيع المسلي».

4. في الوسائل: «أن يفعل» بدل «يفعل».


(73)

190، كتاب الصوم، أبواب فضل شهر رمضان، ب3 باب تعيين ليلة القدر وفضلها...، ح27.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «والله‌ جلّ ثناؤه» إشارة إلى إحتمال البداء بعد أيضا كما مرّ.[1]

الحديث 515: عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن محمّد بن أبي عبدالله‌، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عبّاس بن حريش، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن موسى، عن آبائه عليهم‌السلام، قال: قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام: من أحيى ليلة القدر غفرت له ذنوبه ولوكانت عدد نجوم السّماء ومثاقيل الجبل ومكائيل البحار.

المصادر: وسائل‌الشيعة 10: 358، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان، ب32 ح10، وأورد مثله في الحديث10 من الباب1 من أبواب نافلة شهر رمضان في ج8: 21.

وقد مرّ الحديث في الصفحة 524 من المجلّد الأوّل، رقم الحديث 425، فراجع هناك.

الحديث 516: محمّد بن أبي عبدالله‌ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا، عن الحسن بن العبّاس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: قال رجل لأبي جعفر عليه‌السلام يا ابن رسول الله‌ لا تغضب علىّ، قال: لما ذا؟ قال: لما اُريد أن أسألك عنه، قال: قل: قال: ولا تغضب، قال: ولا أغضب، قال: أرأيت قولك في ليلة القدر وتنزّل الملائكة والرّوح فيها إلى الأوصياء يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله قد علمه؟ أو يأتونهم بأمر كان رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله يعلمه وقد علمت أنّ رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله مات وليس من علمه شيء إلاّ وعليّ عليه‌السلام له واع؟ قال أبو جعفر عليه‌السلام: مالي ولك أيّها الرّجل ومن أدخلك عليّ؟ قال: أدخلني عليك القضاء لطلب الدّين قال: فافهم ما أقول لك. إنّ رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آلهلمّا اُسري به لم يهبط حتّى أعلمه الله‌ جلّ ذكره علم ما


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 389.


(74)

قد كان وما سيكون، وكان كثيرٌ من علمه ذلك جُملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر وكذلك كان عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر كما كان مع رسول‌الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله.

قال السّائل: أو ما كان في الجمل تفسير؟ قال: بلى ولكنّه إنّما يأتي بالأمر من الله‌ تعالى في ليالي القدر إلى النّبيّ وإلى الأوصياء افعل كذا وكذا لأمر قد كانوا علموه، اُمروا كيف يعملون فيه، قلت: فسّر لي هذا قال: لم يمت رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله إلاّ حافظاً لجملة العلم وتفسيره

قلت: فالّذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟ قال: الأمر واليسر فيما كان قد علم. قال السّائل: فما يحدث لهم في ليالي القدر علمٌ سوى ما علموا؟ قال: هذا ممّا اُمروا بكتمانه ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلاّ الله‌ عزّ وجلّ.

قال السّائل فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟ قال: لا وكيف يعلم وصيٌّ غير علم ما أوصي إليه. قال السّائل: فهل يسعنا أن نقول إنّ أحداً من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال: لا لم يمت نبيّ إلاّ وعلمه في جوف وصيّه وإنّما تنزّل الملائكة والرّوح في ليلة القدرِ بالحكم الّذي يحكم به بين العباد.

قال السّائل: وما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: بلى قد علموه ولكنّهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتّى يؤروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السّنة المقبلة.

قال السّائل: يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا، قال أبو جعفر عليه‌السلام: من أنكره فليس منّا، قال السّائل: يا أبا جعفر أرأيت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله هل كان يأتيه في ليالي القدر شيءٌ لم يكن علمه؟ قال: لا يحلّ لك أن تسأل عن هذا، أمّا علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبيٌّ ولا وصيٌّ إلاّ والوصيّ الّذي بعده يعلمه أمّا هذا العلم الّذي تسأل عنه فإنّ الله‌ عزّ وجلّ أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلاّ أنفسهم.


(75)

قال السّائل: يا بن رسول الله‌ كيف أعرف أنّ ليلة القدر تكون في كلّ سنة؟ قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدّخان في كلّ ليلة مائة مرّة، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنّك ناظرٌ إلى تصديق الّذي سألت عنه.

المصادر: الكافي 1: 251، كتاب الحجّة، باب في شأن إنّا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها، ح8، وأورد ذيله في وسائل الشيعة 10: 362، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان، ب34 ح1، وكذا أورد ذيله في جامع أحاديث الشيعة 10: 185، كتاب الصوم، أبواب فضل شهر رمضان، ب3 باب تعيين ليلة القدر وفضلها...، ح11.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (أرأيت قولك في ليلة القدر) كان الرّجل في مقام معارضة ودفع نزول الملائكة إلى عليّ بأنـّه عليه‌السلام كان عالما بجميع علم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آلهفإن نزل إليه الملائكة فإمّا أن تنزل إليه بعلم لم يعلمه رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، أو بعلم يعلمه، وكلاهما باطل؛ لأنّ الأوّل يوجب أن يكون عليّ عليه‌السلام أعلم منه، والثاني يوجب تحصيل الحاصل، ولذلك غضب عليه‌السلام عليه وقال: مالي ولك ومن أدخلك علىّ، ثمّ لمّا اعتذر السائل بقوله: أدخلني عليك القضاء لطلب الدين وراعى الادب أجابه عليه‌السلام وكشف الغطاء بما لا مزيد عليه بقوله فافهم إلى آخره.

قوله «و كان كثير من علمه ذلك جملاً يأتى تفسيرها في ليلة القدر».

لمّا كان هذا الكلام مجملاً لإحتمال أنـّه يأتي نفس تفسيرها وتفصيلها في ليلة القدر، واحتمال أنـّه يأتي الأمر بتفاصيلها حمله السائل على الأوّل واستفهم على سبيل التّقرير بقوله «أو ما كان» في الجمل تفسير يريد أنّ فيها تفسيرها والنّفوس القدسيّة إذا علمت الجملة فقد علمت تفسيرها أيضا، إما بنفس معرفة الجمل أو بأدنى إلتفات وذلك كما إذا نظرت إلى زيد فقد أبصرت كلّه إجمالاً وأبصرت أجزاءه وتفاصيله جميعا عند إبصار واحد بل إبصار الكلّ والاجزاء إبصار واحد


(76)

وإنّما يتفاوت بالاعتبار فاقرّ به عليه‌السلام بقوله بلى وصدّقه، وأشار بقوله «ولكنّه إنّما يأتي بالأمر إلى آخره» إلى أنّ المراد به هو الاحتمال الثاني.

وتوضيحه: إنّ كثيرا من علمه ذلك كان مجملاً لا يعلم هل يأمر بامضائه وفعله وتركه أولا يأمر، وهل يثبته أو يمحوه كما في العلم الّذي يجري فيه البداء، وإنّما يأتي الأمر بتفاصيل هذه الاُمور في ليلة القدر، وإنّما قال كان كثير من علمه ذلك جملاً؛ لأنّ كثيرا من علمه ذلك أيضا كان مثبتا لا يجرى فيه البداء وكان الأمر به معلوما لا يحتمل غيره.

قوله «قلت: فسّر لي هذا» أي بيّن لي بأمثلة جزئيّة هذا الّذي قلت من أنّ الّذي يأتيه في ليالي القدر هو الأمر بما علموا فأجابه عليه‌السلام بأنـّه لم يمت رسول‌الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله إلاّ حافظا بجملة العلم وتفسيره تلقّيا له بغير ما يترقّبه للتّنبيه على أن الأهمّ له هو العلم بهذا لا بما ذكر وعلى أنّ وليّ الأمر غير مأذون بإظهاره لمصلحة لا يعلمها إلاّ هو كما سيصرّح به.

ثمّ رجع السائل فسأله بقوله «فالّذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو» للمبالغة في إستعلام ما يأتيه فيها، فأجابه عليه‌السلام بنحو ما أجابه سابقا من أنّ الّذي يأتيه هو الأمر واليسر.

والمراد باليسر: هو التخفيف بالمحو ونحوه، ثمّ عاد السائل وقال: فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا إشعارا بأنّ هذا محال؛ لأنّه تحصيل الحاصل ومبالغة في إستعلام يحدث لهم فيها من الأوامر المخصوصة، فأجابه عليه‌السلام صريحا بأنّ هذا أي: ما يحدث لهم من الأوامر ممّا اُمروا بكتمانه وإظهار خصوصيّاته، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه من الأوامر المخصوصة والخصوصيّات الّتي تنزل فيها إلاّ الله‌ تعالى.

والحصر إضافيّ بالنسبة إلى غير الولاة، لأنّ عقول غيرهم لا تتحمّل ما تنزل


(77)

فيها، ويحتمل أن يراد أنـّه لا يعلم ما يصير محتوما في ليلة القدر قبل أن يصير محتوما إلاّ الله‌ تعالى فيكون الحصر حقيقيّا، ولكن الأوّل أنسب بسياق الكلام فتأمّل، والله‌ أعلم بحقيقة الحال.

قوله «قال السائل: فهل يعلم الأوصياء» لمّا كان القول بأنـّه ينزل في ليلة القدر اُمور السّنة إلى وُلاة الأمر يُشعر ظاهرا بأنّ الوصيّ أعلم من النبيّ والوصيّ الآخر أعلم من الوصيّ الأوّل، لأنّ الملائكة تنزل على الآخر بما لم تنزل به على الأوّل من الاُمور المتعلّقة بكلّ سنة سنة.

سأل السائل عن هذا التفاضل هل هو ثابت أم لا؟ فأجاب عليه‌السلام: بأنـّه لا، وأنّ الملائكة تنزل بالحكم الّذي يحكم به ولاة الأمر بين العباد فعاد السائل وقال: أو ما كانوا يعني ولاة الأمر علموا ذلك الحكم؟ قال عليه‌السلام: بلى، قد علموه ولكن لا يقدرون على إمضاء شيء منه بدون الأمر به في ليلة القدر.

والحاصل: أنـّهم علموا المحتوم وغير المحتوم جميعا ولكن لا يجوز لهم العمل في غير المحتوم إلاّ بعد العلم الحاصل لهم في ليلة القدر، بأنـّه صار محتوما وبعد الإذن لهم في العمل نظير ذلك أنّ الوزير إذا نظر إلى البلد العظيم، ورأى ما فيه من البيوتات المعمورة والمكسورة والمهدومة، والأراضي الخالية القابلة للعمارة والبناء والزّرع، وغير ذلك من الخصوصيّات الّتي لا تحصى، فإنّه لا يقدر على إمضاء شيء من ذلك بمقتضى علمه إلاّ بعد أمر الأمير وإذنه له في العمل.

فإن قلت: العلم بأنـّه صار محتوما علم حاصل له في ليلة القدر ولم يكن حاصلاً لمن قبله من الأولياء؟ فيلزم أن يكون هو أعلم ممّن قبله فيعود أصل السؤال.

قلت: يحصل له العلم بذلك بعد حصول العلم به لمن قبله، ويؤيّده ما رُوي عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال «ليس يخرج شيء من عند الله‌ تعالى حتّى يبدء برسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله


(78)

ثمّ بأمير المؤمنين عليه‌السلام ثمّ بواحد بعد واحد لئلاّ يكون أخرنا أعلم من أولنا» والحديث مذكور في الباب الثاني من هذا الباب.

إن قلت: فعلى هذا يجوز أن يحصل له العلم بما سيكون ولا يلزم أن يكون أعلم ممّن قبله؟

قلت: نعم ولكنّه خلاف الأمر المحقّق الثابت وهو أنـّهم لم يموتوا حتّى علموا ما كان وما سيكون وما هو كائن إلى يوم القيامة.

قوله «قال السائل: يا أبا جعفر أرأيت» لمّا كان السّائل مشعوفا حريصا بمعرفة خصوصيّات ما ينزل عليهم في ليلة القدر وكيفيّة البداء سأل عنها مرارا مرّة بعد أُخرى؟ فأجاب عليه‌السلام: بأنّه لا يحلّ لك أن تسأل عن خصوص ما ينزل في ليلة القدر لحكمة مقتضية لإخفائه، وعدم اطّلاع غير الأوصياء عليه وعدم اقتدار عقول الناقصين على تحمّله، ولذلك لم يجبه عليه‌السلام بمثال مخصوص مع الحاجة في السؤال عنه.

قوله «أمّا هذا العلم الّذي تسأل عنه» وهو العلم بخصوصيّات ما ينزل في ليلة القدر من الأمر والإذن والحتم فيما لم يكن محتوما.

قوله «فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين» هذا صريح في أنّها ليلة القدر وللاُخريين أيضا قدرٌ عظيم ظهر ذلك لبعض أهل العرفان.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

«وتنزّل الملائكة» بصيغة المصدر، مجرور عطف على «ليلة القدر» يعني ما قولك في شأن ليلة القدر وفي الملائكة والرّوح فيها، وقد علمت بصيغة المتكلّم أو الخطاب.


--------------------------------------------------

1. شرح أُصول الكافي 6: 16.


(79)

ما لي ولك ليس هذا على وجه الغضب حتّى ينافي وعده، بل على سبيل المصلحة والتأديب، وبيان أنّ المسألة غامضة لا يفي عقله بفهمها ولذا كرّر السّائل السؤل، وتقرير شبهته أن الجملة إن كانت مشتملة على كلّ ما اشتمل عليه التّفسير، فما الّذي يأتيهم في ليلة القدر من العلم؟ وإن لم تكن مشتملة على الجميع وكان يبقى من العلم ما لم يأتهم بعد، وإنّما يأتيهم في ليالي القدر، فيلزم أن لا يعلم الرّسول صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم ذلك الباقي.

قوله عليه‌السلام (الأمر واليسر) لعلّ المراد أنـّه كان يعلم العلوم على الوجه الكلّي الّذي يمكنه إستنباط الجزئيّات منه، وإنّما يأتيه تفصيل أفراد تلك الكليّات لمزيد التوضيح ولتسهيل الأمر عليه في إستعلام الجزئيّات.

ثمّ ذكر عليه‌السلام بعد ذلك فائدة أخرى لنزول الملائكة في ليلة القدر وهي: أنّ إخبار ما يلزمهم إخباره، وإمضاء ما أمروا بإمضائه من التكاليف موقوف على تكرير الإعلام في ليلة القدر.

ويحتمل أن يكون المراد بالجمل ما يقبل البداء من الأمور، وبالتفسير والتفصيل تعيين ما هو محتوم وما يقبل البداء كما يظهر من سائر الأخبار.

ولمّا كان علم البداء غامضاً وفهمه مشكلاً أبهم عليه‌السلام على السّائل ولم يوضّحه له، فقوله عليه‌السلام «هذا ممّا اُمروا بكتمانه» أي أُمروا بكتمان أمر البداء عن غير أهله لقصور فهمهم، وأنـّهم قبل أن يعيّن لهم الأمور البدائية والمحتومة لا يجوز لهم الإخبار بها، ولذا قال أمير المؤنين عليه‌السلام: لو لا آية في كتاب الله‌ لأخبرت بما يكون إلى يوم القيامة فقوله «لا يعلم تفسير ما سألت» أي لا يعلم ما يكون محتوماً وما ليس بمحتوم في السّنة قبل نزول الملائكة والروح إلاّ الله‌.

وأما قوله «لا يحلّ لك» فهو إمّا لقصوره عن فهم معنى البداء، أو لأنّ توضيح ما نزل في ليلة القدر والعلم بخصوصيّاته ممّا لا يمكن لسائر النّاس غير


(80)

الأوصياء عليهم‌السلام الإحاطة به، ويؤّد هذا قوله «فإنّ الله‌ تعالى أبى» وعلى الأوّل يمكن تعميم الأنفس على وجه يشمل خواصّ أصحابهم وأصحاب أسرارهم مجازاً كما ورد: (سلمان منّا أهل البيت).

والحاصل: أنّ توضيح أمر البداء وتفصيله لأكثر الخلق ينافي حكمة البداء؛ إذ هذه الحكمة لا تحصل لهم إلاّ بجهلهم بأصله ليصير سببا لإتيانهم بالخيرات وتركهم الشّرور والسيّئات، كما أومأنا إليه في باب البداء، أو بالعلم بكنه حقيقة ذلك، وهذا لا يتيسّر لعامّة الخلق، ولذا منعوا عن تعلّم علم النجوم والخوض فيه، والتفكّر في مسائل القضاء والقدر، وهذا بيّن لمن تأمل فيه.

وأيضاً الإحاطة بكيفيّات ما ينزل في ليلة القدر وتفصيلها وكنه حقيقتها إنّما يحصل بعد الإحاطة بغرائب أحوالهم وشؤنهم، وهذا ممّا تعجز عنه عقول عامّة الخلق، ولو أحاطوا بشيء من ذلك لطاروا إلى درجة العلوّ والإرتفاع، ولذا كانوا عليهم‌السلام يتّقون من شيعتهم أكثر من مخالفيهم، ويخفون أحوالهم وأسرارهم منهم خوفاً من ذلك، ولعلّه يشير إلى هذا قولهم عليهم‌السلام: (إنّ علمنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ ملك مقرب أو نبيّ مرسل أو عبد مؤن إمتحن الله‌ قلبه للإيمان).

وفي بعض الأخبار: لا يحتمله ملك مقرّب، إلخ، وإليه يؤمي أيضاً قولهم عليهم‌السلام: (لو علم أبوذر ما في قلب سلمان لقتله).

قال الفاضل الأسترآبادي رحمه‌الله في قوله عليه‌السلام: (هذا ممّا اُمروا بكتمانه) يفهم من كلامه عليه‌السلام أنّ الله‌ تعالى علّم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله جلّ نقوش اللّوح المحفوظ المتعلّقة بما مضى وما سيكون.

ونقوش اللّوح المحفوظ قسمان: قسم منه لله‌ فيه المشية والبداء يجري فيه، وقسم محتوم لا يجري فيه البداء، والنقوش المتعلّقة بكلّ سنة تصير محتومة في ليلة القدر وتنزّل الملائكة والرّوح فيها بالإذن فيما صار محتوماً.


(81)

وأمّا قوله عليه‌السلام: وهذا ممّا قد اُمروا بكتمانه، فمعناه أنـّهم مأمورون بكتمان خصوصيّات ما ينزل عليهم في ليلة القدر.

وأمّا قوله: «ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلاّ الله‌» فمعناه أنـّه لا يعلم ما يصير محتوماً في كلّ سنة قبل أن يصير محتوماً إلاّ الله‌ تعالى. وأما قوله: (لا يستطيعون إلخ) فمعناه أنـّه لا يجوز لهم العمل بمقتضى علمهم إلاّ بعد العلم بأنـّه صار محتوماً وبعد الإذن في العمل.

وأمّا قوله: لا يحلّ لك، ففيه إحتمالات:

أحدها: أنّه لا يحلّ له ذلك؛ لأنّ ذهنه قاصر عن فهم أنّه لا قصور في البداء.

وثانيها: أنّه لا يحلّ له السؤل عن خصوصيّات ما ينزل في ليلة القدر، ويؤّد ذلك أنّه عليه‌السلام أجاب السّائل مراراً كثيرة بوجوه واضحة ولم يأت في شيء منها بذكر مثال مخصوص، ويؤّده قوله عليه‌السلام: «قال عزّ وجلّ» إلخ هذا هو الّذي سنح لي في حلّ هذا المقام، والله‌ أعلم بما قال حجّته عليه‌السلام، انتهى.

وقيل: لمّا كرّر السّائل سؤله وأعاد بعد الجواب الواضح ما كان يسأله أوّلا وجزم عليه‌السلام بأنّه ليس من شأنه أن يفهم ذلك عدل عن جوابه بالبيان إلى جوابه بالأمر بالكتمان، وأنـّه لا يعلم تفسير ذلك وبيانه لمثل هذا الرّجل بحيث يفهم أو يسكت سوى الله‌ سبحانه أي الإفهام إنّما هو بيد الله‌ سبحانه، وإنّما المعلّم فاتح للمتعلّم ومعدّ لأن يصير بحيث يفهم من الله‌ عزّ وجلّ ما يلقيه.

وإنّما اُمروا بكتمانه لأنـّهم عليهم‌السلام اُمروا أن يكلّموا النّاس على قدر عقولهم، فمن لم يكن مقدار عقله صالحاً لفهم أمر وجب كتمان ذلك الأمر عنه، فلمّا عاد في المرّة التاسعة لسؤله ذلك حرم عليه السؤل، فما أصبره بأبي وأُمّي على مخاطبته والرّفق في جوابه، صلوات الله‌ عليه، انتهى.

«في جوف وصيّه» أي كلّ وصيّ له، فكلّهم يعلمون ما يعلم النبيّ، وقد مرّ أن


(82)

علم الوصيّ لا يزيد على علم النبيّ، فلابدّ أن يكونوا متساويين في العلم، ولعلّه عليه‌السلام قال ذلك على وفق فهم السائل، أو هو مبنيّ على ما ورد في الأخبار أنـّه كلّ ما يحدث من علم الإمام فيعرض أوّلا على روح النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، ثمّ الوصيّ الّذي بعده إلى أن ينتهي إلى إمام الزّمان عليه‌السلام.

وقوله: «لا أستطيع إنكار هذا» إستفهام أي هل إنكار ذلك غير مجوّز لي «أن يطّلع» من باب الإفعال إلاّ (أنفسهم) بضمّ الفاء أي اطّلاع كلّ منهم صاحبه.

وربما يقرأ بفتح الفاء أفعل التفضيل من النّفيس، أي خواصّ شيعتهم، وقد مرّ أنّ الأوّل أيضاً يحتمل شموله لخواصّ الشيعة، فلا حاجة إلى هذا التكلّف.

قوله عليه‌السلام: «فإنّك ناظر إلخ» أي تنكشف لك بعلامة إنّها ليلة القدر أو يظهر لك منه تعيين ليلة القدر، وإن كان فيه أيضاً إيماء إلى أنـّها ليلة القدر، وذلك إذا كان مع الإخلاص التامّ وسائر الشرائط.[1]

أبواب بقيّة الصوم الواجب

الحديث 517: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام في رجل كان عليه صوم شهرين متتابعين في ظهار، فصام ذا العقدة، ثمّ[2] دخل عليه ذو الحجّة، قال: يصوم ذا الحجّة كلّه إلاّ أيّام التشريق يقضيها في أوّل يوم من المحرّم حتّى يتمّ ثلاثة أيّام فيكون قد صام شهرين متتابعين، قال: ولا ينبغي له أن يقرب أهله حتّى يقضي ثلاثة أيّام التشريق الّتي لم يصمها، ولا بأس إن صام شهرا ثمّ صام من الشهر الآخر الّذي يليه أيّاما ثمّ عرض[3] له علّة أن يقطعها ثمّ يقضي من بعد تمام الشّهرين.


--------------------------------------------------

1. مراة العقول 3: 96.

2. في الجامع: «ودخل» بدل «ثمَّ دخل».

3. في الوسائل: «عرضت» بدل «عرض».


(83)

المصادر: الكافي 4: 138، كتاب الصيام، باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين...، ح4، وسائل الشيعة 10: 373، كتاب الصوم، أبواب بقيّة الصوم الواجب، ب3 ذيل ح8، جامع أحاديث الشيعة 11: 592، كتاب الصوم، أبواب بقيّة الصوم الواجب، ب5، باب أنّ من وجب عليه صيام شهرين متتابعين...، ح1.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «ثمّ عرض له» ظاهره عدم جواز الإفطار بدون العذر وإن كان العذر خفيفا، ولعلّه محمول على الأفضليّة بقرينة «لا ينبغي».[1]

الحديث 518: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب[2]، عن عليّ بن رئاب[3]، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: سألته عن رجل قتل رجلاً خطأً في الشّهر الحرام قال: تغلظ عليه الدّية[4] وعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحُرُم، قلت فإنّه يدخل في هذا شيء، فقال: ما هو[5]؟ قلت: يوم العيد وأيّام التشريق قال: يصومه فإنّه حقّ يلزمه[6].

المصادر: الكافي 4: 139، كتاب الصيام، باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين...، ح8، تهذيب الأحكام 4: 297، كتاب الصيام، ب67 باب وجوه الصيام وشرح جميعها على البيان ح2، الاستبصار 2: 131، كتاب الصيام، أبواب الإعتكاف، ب74 باب تحريم صوم يوم العيدين، ح2، وسائل الشيعة 10: 380، كتاب الصوم، أبواب بقيّة الصوم الواجب، ب8 ح1، جامع أحاديث الشيعة 11: 587، كتاب الصوم، أبواب بقيّة الصوم الواجب، ب2 باب وجوب صيام شهرين متتابعين...، ح1.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 347.

2. في التهذيبين: «ابن محبوب» بدل «الحسن بن محبوب».

3. في التهذيبين: «ابن رئاب» بدل «عليّ بن رئاب».

4. في التهذيب: «العقوبة» بدل «الدية».

5. في التهذيبين: «وما هو» بدل «ما هو».

6. في التهذيبين: «لزمه» بدل «يلزمه».


(84)

قال الشيخ الطوسي في ذيل الحديث:

فليس بمناقض لما تضمّنه الخبر الأوّل من تحريم صيام العيدين، لأنّ التّحريم إنّما وقع على من يصومهما مختارا مبتدءا، فأمّا إذا لزمه شهران متتابعان على حسب ما تضمّنه الخبر فيلزمه صوم هذه الأيّام، لإدخاله نفسه في ذلك، فأمّا صيام أيّام التشريق خاصّة فقد روي أنّ التّحريم فيها يختصّ بمن كان بمنى، فأمّا من كان في غير منى من البلدان فلا بأس أن يصومها.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «يصومه» أي العيد وأيّام التشريق أو سواهما، والأوّل أظهر كما فهمه الشيخ وقال به. وردّ الأكثر الخبر بضعف السند ومخالفة الاُصول مع أنّه ليس بصريح في صوم الأيّام المحرّمة كما عرفت.

وقال المحقّق في المعتبر: الرواية مخالفة لعموم الأحاديث المجمع عليها على أنّه ليس بصريح في صوم العيد، انتهى.

أمّا مخالفته لسائر الأخبار فظاهر، وأمّا ضعف السند فليس كذلك لما سيأتي بسند حسن، ورواه الشيخ في التهذيب بسند صحيح، وسند موثّق عن زرارة، والمسألة محلّ إشكال، وإن كان التحريم أقوى.[1]

الحديث 519: عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله‌ بن عبدالرحمن الأصمّ، عن كرّام قال: حلفت فيما بيني وبين نفسي ألاّ آكل طعاما بنهار أبدا حتّى يقوم قائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، فدخلت على أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: فقلت له: رجل من شيعتكم جعل لله‌ عليه ألاّ يأكل طعاما بنهار أبدا حتّى يقوم قائم آل محمّد؟[2] قال: فصُم إذاً يا كرّام ولا تصم


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 348.

2. ليس في الوسائل: «قال: فقلت له: رجل من شيعتكم جعل لله‌ عليه ألاّ يأكل طعاماً بنهار أبداً حتّى يقوم قائم آل محمّد».


(85)

العيدين ولا ثلاثة التشريق ولا إذا كنت مسافرا ولا مريضا فإنّ الحسين عليه‌السلام لمّا قُتِل عجّت السّماوات والأرض ومن عليهما والملائكة فقالوا: يا ربّنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتّى نجدّهم عن جديد الأرض بما استحلّوا حرمتك وقتلوا صفوتك، فأوحى الله‌ إليهم يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي اسكنوا، ثمّ كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله وإثنا عشر وصيّا له عليهم‌السلام وأخذ بيد فلان القائم من بينهم فقال: يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي بهذا أنتصر لهذا، قالها ثلاث مرّات.

المصادر: الكافي 1: 534، كتاب الحجّة، باب ما جاء في الإثني عشر والنصّ عليهم‌السلام، ح19، وأورد صدره في وسائل الشيعة 10: 384، كتاب الصوم، أبواب بقيّة الصوم الواجب، ب11 ح2، وهكذا أورد صدره في الحديث 9 من الباب 1 من أبواب الصوم المحرّم والمكروه، جامع أحاديث الشيعة 11: 602، كتاب الصوم، أبواب بقيّة الصوم الواجب وما يناسبها، ب10 باب أنّ من جعل على نفسه أن يصوم حتّى يقوم القائم عليه‌السلام...، ح3.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «عن كرّام»، لعلّه كرّام بن عمر بن عبدالكريم الواقفيّ. قوله: «أن لا آكل طعاما بنهار أبدا»، كناية عن حلف صوم الدّهر. والمراد بالحلف فيما بينه وبين نفسه عدم إظهاره لأحد ولو حمل على الحلف النفسيّ لم يكن الوفاء به واجبا بل مستحب.

قوله: «حتّى نجليهم عن جديد الأرض»، جلو عن أوطانهم وجلوتهم إذا أخرجتهم يتعدّى ولا يتعدّى وجديد الأرض وجهها، وفي بعض النسخ حتّى نجدّهم أي نقطعهم من جددت الشى‌ء أجدّه بالضمّ قطعته.

قوله: «وأخذ بيد فلان» أي أخذ جبرئيل أو ملك من الملائكة أو رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آلهبأمره تعالى، ونسبة الاخذ إليه تعالى مجاز من باب نسبة الفعل إلى الأمر به، أو أخذ يده كناية عن وضع علامة عرفوه بها.


(86)

قوله: «قالها ثلاث مرّات»، أي قال الله‌ تعالى هذه الكلمة ثلاث مرّات، أو قالها الصادق عليه‌السلام، والغرض من قوله عليه‌السلام «فإنّ الحسين عليه‌السلام لمّا قتل ـ إلى آخر الحديث ـ » هو التصريح بما هو المقصود في هذا الباب من أنّ الأوصياء اثنى عشر مع الإتيان بما هو حجّة على كرّام لعلمه عليه‌السلام بأنـّه سيصير واقفيا.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

وشمّون كتنّور، وكرام بالكسر والتخفيف أو بالفتح والتشديد، «فيما بيني وبين نفسي» أي من غير أن يعلم به أحد وإن حمل على الكلام النفسيّ فالأمر بالصّوم على الإستحباب كما هو المشهور، وقيل بالوجوب فيه أيضا «أن لا آكل» كأنـّه كان غرضه الصوم وكنّى به عنه، أو كان يمينه بلفظ الصوم، وعبّر عنه بهذه العبارة وإلاّ فالظاهر أنـّه لا ينعقد الحلف على حقيقة هذا الكلام؛ لأنّه مرجوح واستثناء ثلاثة التّشريق محمول على ما إذا كان بمنى، ويدلّ على أنّ النذر المطلق لا يصام له في السفر.

قوله: «فإنّ الحسين عليه‌السلام » كأنـّه تعليل لإستعداد صوم الدّهر، وأنّه لا يصل إلى ذلك فإنّ الثاني عشر هو القائم، أو أنـّه ليس تعليقا على أمر فيه شكّ بل على أمر حتميّ فإنّ الله‌ قد وعد الملائكة ظهوره ولا يخلف وعده.

وعجيج السّماوات والأرض كناية عن ظهور آثار هذه المصيبة فيها «في هلاك الخلق» أي الذين عملوا ذلك أو رضوا به أو الأعمّ؛ لأنّ العذاب إذا نزل يعمّ البرّ والفاجر، وإن كان البرّ مأجورا «حتّى نجدّهم» بضمّ الجيم، أي نقطعهم ونستأصلهم.

و«جديد الأرض» وجهها والحرمة بالضمّ ما لا يحلّ انتهاكه، والصفوة بالتثليث الخالص الصّافي أو المصطفى المختار، والأخذ بيده كناية عن تقديمه


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 7: 381.


(87)

وإبرازه من بينهم أو أمر جبرئيل أو بعض الملائكة أو رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله بذلك فالإسناد مجازي، أو خلق يدا فأخذ بيده فقدّمه. «قالها» أي قال الله‌ هذه الكلمة تأكيداً أو قال الإءمام، والأوّل أظهر. وكان ذكر هذا الحديث لكرّام لإتمام الحجّة عليه لعلمه بأنـّه سيصير واقفيا.[1]

الحديث 520: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرّضا عليه‌السلام في رجل نذر على نفسه إن هو سلم من مرض، أو تخلّص من حبس أن يصوم كلّ يوم أربعاء وهو اليوم الّذي تخلّص فيه فعجز عن الصوم لعلّة أصابته أو غير ذلك، فمدّ للّرجل في عمره واجتمع عليه صوم كثير، ما كفّارة ذلك؟ قال: تصدّق[2] لكلّ يوم بمدّ[3] من حنطة أو ثمن مدّ.

المصادر: الكافي4:144، كتاب‌الصيام، باب كفّارة الصوم وفديته، ح3، وسائل الشيعة 10: 390، كتاب الصوم، أبواب بقيّة الصوم الواجب، ب15 ح3، جامع أحاديث الشيعة 11: 611، كتاب الصوم، أبواب بقيّة الصوم الواجب، ب 15 باب أنّ من نذر صوما فعجز عنه...، ح3.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «لعلّة أصابته» أي لمرض، والمراد ب«غير ذلك» غيره من الأعذار الشرعيّة، وحمل العلّة على مطلق الأعذار، وغير ذلك على غيرها ينافي سقوط القضاء.

ثمّ إعلم أنّه إختلف الأصحاب فيمن عجز عن صوم النذر، فقيل: يجب عليه القضاء دون الكفّارة، وقيل: بالعكس، والكفّارة إمّا مدّ على المشهور، أو مدّان كما ذهب إليه الشيخ وبعض الأصحاب، فهذا الخبر والّذي بعده يدلاّن على الاكتفاء


--------------------------------------------------

1. مرآة للعقول 6: 234.

2. في الوسائل: «يصدّق» وفي الجامع: «يتصدّق» بدل «تصدّق».

3. في الجامع: «مدّاً» بدل «بمدّ».


(88)

بالكفّارة وأنّها مدّ.[1]

أبواب الصوم المندوب

الحديث 521: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمّد بن سنان، عن منذر بن يزيد، عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: من صام لله‌ يوما في شدّة الحرّ[2] فأصابه ظمأ وكّل الله‌ عزّوجلّ به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشّرونه حتّى إذا أفطر قال الله‌ عزّوجلّ: ما أطيب ريحك وروحك، ملائكتي[3] إشهدوا أنّي قد غفرت له.

المصادر: الكافي 4: 65، كتاب الصيام، باب ما جاء في فضل الصوم والصائم، ح17، ورواه الصدوق بسنده في الأمالي: 683، المجلس السادس والثمانون، ح8، وفي ثواب الأعمال: 76، ثواب الصيام مع الظمأ، ثواب من صام يوما في الحرّ... ح1، وسائل الشيعة 10: 409، كتاب الصوم، أبواب الصوم المندوب، ب3 ح1، جامع أحاديث الشيعة 11: 618 كتاب الصوم، أبواب الصيام المندوب...، ب1 باب إستحباب الصيام تطوّعا في جميع أيّام السّنة...، ح18.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: «الرّيح» النفس بالتحريك والرّوح بضمّ الرّاء ما يدبّر البدن ويعبّر عنه الإنسان بأنا.[4]

قال العلاّمة المجلسي:

«الظّمأ»: بالتحريك: العطش. و«الرّوح» بالفتح: نسيم الريح، ويحتمل أن يكون المراد هنا تنفّس الصائم.[5]


--------------------------------------------------

1. مراة العقول 16: 355.

2. في الأمالي والثواب: «من صام يوماً في الحرّ» بدل «من صام لله‌ يوماً في شدّة الحرّ».

3. في الأمالي: «يا ملائكتي» بدل «ملائكتي».

4. كتاب الوافي 11: 27.

5. مرآة العقول 16: 202.


(89)

الحديث 522: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمّد بن مروان قال: سمعت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام يقول: كان رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله يصوم حتّى يقال: لا يفطر، ويفطر حتّى يقال: لا يصوم، ثمّ صام يوماً وأفطر يوماً، ثمّ صام الإثنين والخميس، ثمّ آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيّام في الشهر: الخميس في أوّل الشهر، وأربعاء في وسط الشهر، والخميس في آخر الشهر، وكان عليه‌السلام يقول: ذلك صوم الدهر، وقد كان أبي عليه‌السلام يقول: ما من أحد أبغض إلى الله‌ تعالى من رجل يقال له: كان رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله يفعل كذا وكذا، فيقول: لا يعذّبني الله‌ على أن أجتهد في الصلاة والصوم، كأنّه يرى أنّ رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ترك شيئاً من الفضل عجزاً عنه.

المصادر: وسائل الشيعة 10: 418، كتاب الصوم، أبواب الصوم المندوب، ب7 ذيل ح5، وأورده في ج1: 110، كتاب الطهارة، أبواب مقدّمة العبادات، ب26 ح8.

وقد مرّ الحديث في الصفحة 110 من المجلّد الأوّل، رقم الحديث 15.

الحديث 523: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الصّيام في الشّهر كيف هو؟ قال:[1] ثلاث في الشّهر في كلّ عشر يوم، إنّ الله‌ تبارك وتعالى يقول: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا»[2]. (ثلاثة[3] أيّام في الشهر صوم الدّهر)[4].

المصادر: الكافي 4: 93، كتاب الصيام، باب فضل صوم شعبان...، ح7، تهذيب الأحكام 4: 302، كتاب الصيام، ب68 باب صيام ثلاثه أيّام في كلّ شهر و...، ح2، وسائل الشيعة 10: 425، كتاب الصوم، أبواب الصوم المندوب، ب7 ح21، جامع أحاديث الشيعة 11: 635،


--------------------------------------------------

1. في الجامع: «فقال عليه‌السلام» بدل «قال».

2. الأنعام 6: 160.

3. في التهذيب والجامع: «وثلاثه» بدل «ثلاثة».

4. ليس في الوسائل: «ثلاثة ايام في الشهر صوم الدّهر».


(90)

كتاب الصوم، أبواب الصيام المندوب، ب3 باب ما ورد صيام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله والأئمّة المعصومين عليهم‌السلام تطوّعا...، ح30.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «ثلاث في الشّهر» قال الوالد العلاّمة رحمه‌الله: يظهر من الأخبار الكثيرة إستحباب صيام ثلاثة أيّام في كلّ شهر، وفي كثير منها صيام كلّ يوم في عشر، وفي أكثرها أربعاء بين الخميسين وفي بعضها العكس، ويمكن حمل بعض الأخبار على التقيّة، ولا شكّ أنّ الأربعاء بين الخميسين أفضل.[1]

الحديث 524: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبدالرّحمن بن سالم، عن أبيه قال: سألت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال: نعم، أعظمها حرمة، قلت: وأيّ عيد هو جعلت فداك؟ قال: اليوم الّذي نصب فيه رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، قلت: وأيُ يوم هو؟ قال: وما تصنع باليوم؟ إنّ السّنة تدور ولكنّه يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة، فقلت: وما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم؟ قال: تذكرون الله‌ عزّ ذكره فيه بالصّيام والعبادة والذّكر لمحمد وآل محمّد فإنّ رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أوصى أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يتّخذ ذلك اليوم عيدا وكذلك كانت الأنبياء عليهم‌السلامتفعل، كانوا يوصون أوصياءهم بذلك فيتّخذونه عيداً.

المصادر: الكافي 4: 149، كتاب الصيام، باب صيام الترغيب، ح3، وسائل الشيعة10:440، كتاب‌الصوم،أبواب الصوم المندوب، ب14 ح1، جامع أحاديث الشيعة11:663، كتاب الصوم، أبواب الصيام المندوب...، ب14 باب إستحباب صوم الثامن عشر من ذي الحجّة...، ح3.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: إستفرس عليه‌السلام من قول السّائل أيّ يوم هو أنّه يريد أنّه أيّ يوم هو من


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 257، وراجع ملاذ الأخيار 7: 121.


(91)

الأسابيع، ولهذا أجابه بما أجابه من أنّ السّنة وأشهرها تدور بالأسابيع وأنّ المعتبر في ذلك تعيينه بالشّهر لا بالاُسبوع.[1]

الحديث 525: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الأوّل[2] عليه‌السلام قال: بعث الله‌ عزّوجلّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌و‌آله رحمة للعالمين في سبع وعشرين من رجب، فمن صام ذلك اليوم كتب الله‌ له صيام ستّين شهرا، وفي خمسة وعشرين من ذي القعدة وضع[3] البيت وهو أوّل رحمة وضعت على وجه الأرض فجعله الله‌ عزّوجلّ مثابة للنّاس وأمنا، فمن صام ذلك اليوم كتب الله‌ له صيام ستّين شهرا، وفي أوّل يوم من ذي الحجّة ولد إبراهيم خليل الرّحمن عليه‌السلام فمن صام ذلك اليوم كتب الله‌ له صيام ستّين شهرا.

المصادر: الكافي 4: 149، كتاب الصيام، باب صيام الترغيب، ح2، تهذيب الأحكام 4: 304، كتاب الصيام، ب69، باب صوم الأربعة الأيّام في السنّة، ح1، وأورد صدره في وسائل الشيعة 10: 448، كتاب الصوم، أبواب الصوم المندوب، ب15 ح5، وأورد قطعة منه في الحديث 4 من الباب 16 وذيله في الحديث 1 من الباب 18 من هذه الأبواب، جامع أحاديث الشيعة 11: 697، كتاب الصوم، أبواب الصيام المندوب...، ب16 باب استحباب صوم شهر رجب كلّه أو بعضه...، ح33.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «مثابة» أي مرجعا ومجتمعا ومحلّ ثواب وأجر. وأمّا «وضع البيت» فيحتمل أن يكون المراد به خلق مكانه بأن يكون دحو الأرض من تحته في ذلك اليوم أيضا، ويحتمل أن يكون دحو الأرض في ذلك اليوم ووضع بيت المعمور أيضا في ذلك اليوم في سنة اُخرى، والأوّل أظهر بالنّظر إلى بقيّة الخبر.[4]


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 11: 53.

2. في التهذيب والجامع: «أبي الحسن الرضا» بدل «أبي الحسن الأوّل».

3. في التهذيب زيادة: «الله‌».

4. مرآة العقول 16: 365.


(92)

الحديث 526: محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال: وفي خمسة وعشرين من ذي القعدة وضع البيت، وهو أوّل رحمة وضعت على وجه الأرض، فجعله الله‌ عزّوجلّ مثابة للنّاس وأمنا، فمن صام ذلك اليوم كتب الله‌ له صيام ستين شهرا...، الحديث.

المصادر: وسائل الشيعة 10: 450، كتاب الصوم، أبواب الصوم المندوب، ب16 ح4، وأورد صدره في الحديث 5 من الباب 15، وذيله في الحديث 1 من الباب 18 من هذه الأبواب.

«مرّ الحديث آنفا».

الحديث 527: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يوسف بن السُخت، عن حمدان بن النضر، عن محمّد بن عبدالله‌ الصّيقل[1] قال: خرج علينا أبوالحسن يعني الرّضا عليه‌السلام[2] في يوم خمسة وعشرين من ذي القعدة فقال: صوموا فإنّي أصبحت صائما، قلنا: جعلنا[3] فداك أيّ يوم هو؟ فقال: يوم نشرت فيه الرّحمة ودحيت فيه الأرض ونصبت فيه الكعبة وهبط فيه آدم عليه‌السلام.

المصادر: الكافي 4: 149، كتاب الصيام، باب صيام الترغيب، ح4، تهذيب الأحكام 4: 304، كتاب الصيام، ب69 باب صوم الأربعة الأيّام في السنّة، ح2، وسائل الشيعة 10: 450، كتاب الصوم، أبواب الصوم المندوب، ب16 ح5، جامع أحاديث الشيعة 11: 668، كتاب الصوم، أبواب الصيام المندوب، ب14 باب إستحباب صوم الثامن عشر من ذي الحجّة...، ح11.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «ودحيت فيه» قال شيخ المحقّقين في المنتقى: على ظاهر هذا


--------------------------------------------------

1. في التهذيب: «محمّد بن عبد الله‌ بن الصيقل» بدل «محمّد بن عبد الله‌ الصيقل».

2. في التهذيب زيادة: «بمرو».

3. في التهذيب «جعلنا الله‌» بدل «جعلنا».


(93)

الحديث إشكال أورده بعض المتأخرين من الأصحاب على يوم الدّحو فإنّ فيه أثرا غير هذا الخبر وهو: أنّ المراد من اليوم دوران الشّمس في فلكها دورة واحدة، وقد دلّت الآيات على أنّ خلق السموات والأرض وما بينهما في ستّة أيّام، فكيف يتحقّق الأشهر في تلك المدّة.

واُجيب: بأنّ في بعض الآيات دلالة على أنّ الدحو متأخّر عن خلق السّموات والأرض واللّيل والنّهار وذلك قوله: «أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقا أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا، رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا، وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا، وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا»[1].

وهذا الجواب: غير واف بحلّ الإشكال.

والتحقيق أن يقال: أنّ الظاهر من معنى دحو الأرض «الدّحو» كونه أمرا زائدا على الخلق، وفي كلام أهل اللّغة والتفسير أنّه البسط والتمهيد للسّكنى، وتحقّق الأيّام، والمشهور بالمعنى الّذي ذكر في الإيراد إنّما يتوقف على خلق الأرض لا على دحوها، أو التقدير بالستّة أيّام إنّما هو في الخلق أيضا، فلا ينافي تأخّر الدّحو مقدار ما يتحقّق معه الأشهر، والآية الّتي ذكرت بالجواب تشعر بالمغايرة أيضا؛ لاقتضاء تحقّق اللّيل والنّهار قبل دحو الأرض كونها موجودة بدون بناء على المعهود من أنّ دحوها متوقّف على وجودها إلاّ أنّ المانع أن يمنع هذا التوقّف إذ من الجائز أن يقوم مقام الأرض غيرها في تحقّق اللّيل والنّهار، مع أنّ الإشارة في الآية كلمة «ذلك» محتمل للتعلّق بخصوصية بناء السّماء دون ما ذكر، بل هذا الإحتمال أنسب بالّلفظ الّذي يشار إلى البعيد وأوفق بالمقابلة الواقعة بمعونة أنّ ما بعد الدّحو ليس بيانا له قطعا، سواء أريد منه الخلق أو البسط فيناسبه كون ما بعد البناء مثله، وإن قال بعض المفسّرين: أنّه بيان له، فإنّ قضيّة


--------------------------------------------------

1. النازعات 79: 27 ـ 30.


(94)

المقابلة تستدعي خلافه رعاية للتناسب فلا تتمّ الاستراحة إلى الآية بمجرّدها في دفع الإشكال. وينبغي أن يعلم أنّ كلام المورد في بيان المراد باليوم لا يخلو من نظر، والأمر فيه سهل، إنتهى كلامه قدس‌سره، وسيأتي تحقيق القول في ذلك في شرح كتاب الروضة.[1]

الحديث 528: محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال: وفي أوّل يوم من ذي الحجّة ولد إبراهيم خليل الرّحمن عليه السلام، فمن صام ذلك اليوم كتب الله‌ له صيام ستّين شهرا.

المصادر: وسائل الشيعة 10: 452، كتاب الصوم، أبواب الصوم المندوب، ب18 ذيل ح1، وأورد صدر الحديث في ص 448، ب 15 ح 5، وقطعة منه في ص 450، ب 16 ح 4 من هذه الأبواب.

وقد مرّ الحديث في الصفحة 91 رقم الحديث 525.

أبواب الصوم المحرّم والمکروه

الحديث 529: عليّ بن محمّد، ومحمّد بن الحسن عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله‌ بن عبدالرّحمن الأصمّ، عن كرّام قال: حلفت فيما بيني وبين نفسي ألاّ آكل بنهار أبدا حتّى يقوم قائم آل محمّد، فدخلت على أبي عبدالله‌ عليه‌السلام فقلت له: رجل من شيعتكم جعل لله‌ عليه أن لا يأكل طعاما بنهار أبدا حتّى يقوم قائم آل محمّد؟ قال: فصم يا كرّام، ولا تصم العيدين ولا ثلاثة أيّام التشريق، ولا إذا كنت مسافرا، ولا مريضا...، الحديث.

المصادر: وأورد صدره في وسائل‌الشيعة10:515، كتاب الصوم، أبواب الصوم المحرّم والمكروه، ب1 ح9، وأورد صدره في الحديث2 من الباب11 من أبواب بقية الصوم الواجب. قد مرّ الحديث في الصفحة 84 رقم الحديث 519.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 366 ـ 367.