تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
سخن موسس فقید
سخن موسس فقید
مسند سهل بن زياد الآدمى (جلد اول)

(401)

الإفاضات الإلهيّة على هذه الحال أكثر غالبا.[1]

الحديث 314: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالله‌ بن المغيرة جميعاً، عن عبدالله‌ بن سنان، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام، قال: سمعته يقول: إنّ رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله بنى مسجده بالسّميط، ثمّ إنّ المسلمين كثروا، فقالوا: يا رسول الله‌، لو أمرت بالمسجد فزيد فيه، فقال: نعم، فزيد فيه، وبناه بالسّعيدة، ثمّ إنّ المسلمين كثروا، فقالوا: يا رسول الله‌، لو أمرت بالمسجد فزيد فيه، فقال، نعم، فأمر به، فزيد فيه، وبنيّ جداره بالأنثى والذّكر، ثمّ أشتدّ عليهم الحرّ، فقالوا: يا رسول الله‌ لو أمرت بالمسجد فظلّل، فقال: نعم، فأمر به، فأُقيمت فيه سواري من جذوع النّخل، ثمّ طرحت عليه العوارض والخصف والأذخر، فعاشوا فيه حتّى أصابتهم الأمطار، فجعل المسجد يكف عليهم، فقالوا: يا رسول الله‌، لو أمرت بالمسجد فطيّن، فقال لهم رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: لا، عريش كعريش موسى عليه‌السلام، فلم يزل كذلك حتّى قبض صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، وكان جداره قبل أن يظلّل قامة، وكان إذا كان الفيء ذراعا وهو قدر مربض عنز صلّى الظهر، فإذا كان ضعف ذلك صلّى العصر.

وقال: والسّميط لبنة لبنة، والسّعيدة لبنة ونصف، والذكر والأنثى: لبنتان مخالفتان.

المصادر: وسائل الشيعة 5: 205، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب9 ح1، وأورد ذيله في ج4: 142، أبواب المواقيت، ب8 ح7.

وقد مرّ الحديث في الصفحة 331، رقم الحديث 228، فراجع هناك.


--------------------------------------------------

1. روضة المتّقين 13: 132.


(402)

الحديث 315: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن المسجد يكون في البيت فيريد أهل البيت أن يتوسّعوا بطائفة منه، أو يحوّلوه[1] إلى غير مكانه؟ قال: لا بأس بذلك.

قال: وسألته عن المكان يكون خبيثا ثمّ ينظّف ويجعل مسجدا، قال: يطرح عليه من التّراب حتّى يواريه فهو أطهر.

المصادر: الكافي 3: 368، كتاب الصّلاة، باب بناء المساجد وما يؤخذ منها و...، ح2، ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 3: 259، كتاب الصّلاة، أبواب الزيادات، ب25 باب فضل المساجد والصلاة فيها وفضل الجماعة وأحكامها، ح47، والاستبصار 1: 441، كتاب الصّلاة، أبواب الجماعة وأحكامها، ب272 باب بئر الغائط يتّخذ مسجدا، ح3، أورد ذيل الحديث، وأورد صدره في وسائل الشيعة 5: 208، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب10 ح2، وأورد ذيله في ص210، ب11 ح3، وفيهما: «سألت أبا عبدالله‌» بدل «سألت أبا جعفر»، جامع أحاديث الشيعة 4: 537، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب17 باب أنّه إذا كان المسجد في البيت فيريد أهله أن يتوسّعوا بطائفة...، ح1، وفيه وفي التهذيبين: «حُشّاً» بدل «خبثاً».

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: «الحشّ» مثلّثة، المستراح، وفي بعض النسخ خبيثا.[2]

قال العلاّمة المجلسي:

وقال في القاموس «الحشّ» البُستان والمخرج أيضا، لأنّهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين، انتهى.


--------------------------------------------------

1. في التهذيب: «أو يحوّلونه» بدل «يحوّلوه».

2. كتاب الوافي 7: 488.


(403)

قوله عليه‌السلام: «لا بأس بذلك» حمله في الذكرى على ما إذا لم يتلفّظ بالوقف ولا نواه، وقال الوالد العلاّمة رحمه‌الله: تدلّ على أنّ إلقاء التراب مطهّر، كما تدلّ الأخبار الصحيحة على أنّ الأرض يطهّر بعضها بعضا، ولا استبعاد فيه، ويمكن حمل الأخبار على ما إذا أُزيلت النجاسة أوّلاً وكان إلقاء التراب لزيادة التنظيف، أو يكون تحته نجسا، وبعد إلقاء التراب يجعل فوقه مسجدا، ولا يجب حينئذٍ إزالة النجاسة عنه، أو يكون هذا الحكم مختصّا بمساجد البيوت كالتحويل والتغيير، أو لا يوقف ويكون إطلاق المسجد عليه لغويّا.[1]

الحديث 316: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي الجارود ـ في حديث ـ قال: سألت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام عن المكان يكون خبيثا ثمّ ينظّف ويجعل مسجدا؟ قال: يطرح عليه من التراب حتّى يواريه، فهو أطهر.

المصادر: وسائل الشيعة 5: 210، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب11 ح3، وأورد الشطر الأوّل من ا لحديث في ص208، ب10 ح2 من هذه الأبواب.

وقد مرّ الحديث في الصفحة 402، رقم الحديث 315، فراجع هناك.

الحديث 317: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله‌ بن عبدالرّحمن، عن مسمع أبي سيّار، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: نهى رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله عن رطانة الأعاجم في المساجد.

المصادر: الكافي 3: 369، كتاب الصّلاة، باب بناء المساجد وما يؤخذ منها و...، ح7، وسائل الشيعة 5: 216، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب 16 ح1، جامع أحاديث الشيعة 4: 574، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب33 باب كراهة إنشاد الشّعر ورطانة الأعاجم والتّحدّث...، ح4.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 244، وراجع ملاذ الأخيار 5: 490.


(404)

الشرح: قال العلاّمة المجلسي والكاشاني:

وقال في النهاية: «الرطانة»: بفتح الرّاء وكسرها، والتراطن: كلام لا يفهمه الجمهور، وإنّما هو مواضعة بين إثنين أو جماعة، والعرب تخصّ بها غالبا كلام العجم.[1]

وقال العلاّمة أيضا:

ولا يبعد اختصاصه بتلك الأزمنة، لكون العجم كفّارا، وغالب أهل الأسلام العرب، ولا ريب في عدم الكراهة مع الضّرورة، وقد روي: أنّ سلمان رضى‌الله‌عنه قال في المسجد: كرديد و نكرديد، و ندانيد چه كرديد.[2]

الحديث 318: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسين[3] بن يزيد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إنّ عليّ بن الحسين عليه‌السلام استقبله مولى له في ليلة باردة وعليه جبّة خزّ، ومطرف خزّ، وعمامة خزّ، وهو متغلّف بالغالية،[4] فقال له: جعلت فداك، في مثل هذه السّاعة على هذه الهيئة إلى أين؟! قال: فقال: إلى مسجد جدّي رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، أخطب الحور العين إلى الله‌ عزّ وجلّ.

المصادر: الكافي 6: 517، كتاب الزيّ والتجمّل، باب الغالية، ح5، وسائل الشيعة 5: 228، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب23 ح1، جامع أحاديث الشيعة 4: 516، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب3 باب أنّ من أراد دخول المسجد يستحبّ له أن يتطهّرو...، ح6.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

المُطرَفُ، رداء من خزٍّ مربّعٌ ذو أعلام.[5]


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 247، كتاب الوافي 7: 508.

2. ملاذ الأخيار 5: 496.

3. في نسخة: الحسن. هامش المخطوط كما في هامش الوسائل.

4. الغالية نوع من الطيِّب، مركّب من مسك وعنبر وعود وَدُهنٍ، وهي معروفة. (والتّغلّف بها): التّلطُّخ. (النهاية في غريب الحديث والأثر 3: 383، انظر باب «الغين مع اللام»).

5. كتاب الوافي 6: 708.


(405)

الحديث 319: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن مولى لبني هاشم، عن محمّد بن جعفر، قال: خرج عليّ بن الحسين عليهماالسلامليلة وعليه جبّة خزّ، وكساء خزّ، قد غلّف لحيته بالغالية، فقالوا: في هذه السّاعة، في هذه الهيئة؟! فقال: إنّي أريد أن أخطب الحور العين إلى الله‌ عزّ وجلّ في هذه اللّيلة.

المصادر: الكافي 6: 516، كتاب الزيّ والتجمّل، باب الغالية، ذيل ح3، وسائل الشيعة 5: 229، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب23، ذيل ح2، جامع أحاديث الشيعة 4: 517، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب3 باب أنّ من أراد دخول المسجد يستحبّ له أن يتطهّر و...، ذيل ح7.

الحديث 320: محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد بن بشّار، عن عبدالله‌ الدّهقان، عن عبدالحميد، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله جنّبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وشراءكم، وبيعكم، واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم.

المصادر: تهذيب الأحكام 3: 254، كتاب الصّلاة، أبواب الزيادات، ب25 باب فضل المساجد والصّلاة فيها و...، ح22، وأورد ذيله في وسائل الشيعة 5: 231، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب25 ح3، ويأتي صدره في ص233، ب27 ح2، من هذه الأبواب، جامع أحاديث الشيعة 4: 568، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب32 باب حكم تمكين الصّبيان والمجانين و... وحكم تمكين أهل الكتاب منها ولا يقام فيها الحدّ، ح2.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «على أبواب مساجدكم» أي: لا في وسطها، أو المراد به القرب.[1]


--------------------------------------------------

1. ملاذ الأخيار 5: 480.


(406)

الحديث 321: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن المفضّل بن صالح، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله‌ عليه‌السلام: أخذت سكّا[1] من سكّ المقام، وترابا من تراب البيت، وسبع حصيّات؟ فقال: بئس ما صنعت، أمّا التراب والحصى فردّه.

المصادر: الكافي 4: 229، كتاب الحجّ، باب كراهة أن يؤخذ من تراب البيت وحصاه، ح2، وسائل الشيعة 5: 232، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب26، ذيل ح2، وأورده أيضا في ج 13: 220، كتاب الحجّ، أبواب مقدّمات الطّواف، ب12 ح3، جامع أحاديث الشيعة 12: 130، كتاب الحجّ، أبواب بدؤ المشاعر وفضلها...، ب20 باب أنّه لا ينبغي لأحد أن يأخذ من تربة ما حول الكعبة و...، ح3.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: السُّكّ بالضم، طيب معروف يضاف إلى غيره من الطيب ويستعمل.[2]

قال العلاّمة المجلسي:

وقال في المُغرِب: «السُّك» بالضمّ ضرب من الطيب، انتهى. ولعلّه عليه‌السلام إنّما لم يأمر بردّه؛ لأنّهم كانوا يأتون به في ذلك الزمان لانتفاع الزوّار.[3]

الحديث 322: محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد بن بشّار، عن عبدالله‌ الدهقان، عن عبدالحميد، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: جنَّبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وشراءكم، وبيعكم، الحديث.


--------------------------------------------------

1. في هامش الفقيه: «السَّك: بالفتح المسمار. من لا يحضره الفقيه 2: 165. والسَّكُّ: تَضبِيبُك الباب أو الخشب بالحديد، وهو السَّكّىُّ، والسَّكُّ والسَّكّيّ: المسمار؛ ويروى السِّكّي بالكسر، وقيل: هو المسمار، وقيل: الدينار، وقيل: البريد، وقيل الحدّاد، وقيل البوّاب، وقيل المَلِك، وفي حديث عليّ عليه‌السلام: أنّه خطب الناس على منبر الكوفة وهو غير مسكوك أي غير مسمّرٍ بمسامير الحديد...) إلخ. والسُّكُ: ضرب من الطيب يُركّب من مِسك ورَامكَ، عربيّ. (لسان العرب 3: 310، انظر مادة «سكك»).

2. كتاب الوافي 12: 92.

3. مرآة العقول 17: 79.


(407)

المصادر: وسائل الشيعة 5: 233، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب27، ح2، تقدّم ذيله في ص231، ب25 ح3 من هذه الأبواب.

قد مرّ الحديث في الصفحة 405، رقم الحديث 320، فراجع هناك.

الحديث 323: محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد بن بشّار، عن عبدالله‌ الدّهقان، عن عبدالحميد،[1] عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: من كنس المسجد يوم الخميس وليلة الجمعة فأخرج منه من التراب ما يذرّ في العين غفر الله‌ له.

المصادر: تهذيب الأحكام 3: 254، كتاب الصّلاة، أبواب الزيادات ب25 باب فضل المساجد والصّلاة فيها...، ح23، ورواه الصدوق في ثواب الأعمال: 51، ثواب كنس المسجد، ح1، عن محمّد بن موسى، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن أحمد، عن سهل بن زياد، وفي السند: «عبيدالله‌ الدهقان» بدل «عبدالله‌ الدهقان»، وفي المتن: «قدر ما يذرى» بدل «ما يذرّ»، ورواه في الأمالي: 590، المجالس الخامس والسبعون ح15، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى العطّار،... إلخ، بإختلاف يسير في السند والمتن، وسائل الشيعة 5: 238، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب32 ح1، وفي السند: «عبيدالله‌ الدّهقان» بدل «عبدالله‌ الدّهقان»، جامع أحاديث الشيعة 4: 540، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب19 باب استحباب كنس المسجد والإسراج فيه، و...، ح1.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: أي مقدار ما يذرّ فيه من الكحل وغيره.[2]

الحديث 324: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال: سألته عن الرَّجل يصلّي في جماعة في منزله بمكّة أفضل، أو وحده في المسجد الحرام؟ فقال: وحده.


--------------------------------------------------

1. في ثواب الأعمال والأمالي زيادة: «ابن أبي الدّيلم».

2. كتاب الوافي 7: 510.


(408)

المصادر: الكافي 4: 527، كتاب الحجّ، باب فضل الصّلاة في المسجد الحرام وأفضل بقعة فيه، ح11، وسائل الشيعة 5: 239، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب33 ح1، جامع أحاديث الشيعة 4: 521، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد ب5 باب ما ورد في أن الصّلاة في المسجد منفردا أحبّ أم مع الجماعة في غيره، ح3.

الحديث 325: محمّد بن الحسن، وعليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عبدالله‌ الخزّاز، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال لي: يا هارون بن خارجة، كم بينك وبين مسجد الكوفة؟ يكون ميلاً؟ قلت: لا، قال: فتصلّي فيه الصلوات كلّها؟ قلت: لا، فقال: أما لو كنت بحضرته لرجوت أن لا تفوتني فيه صلاة، وتدري ما فضل ذلك الموضع؟ ما من عبد صالح ولا نبيّ إلاّ وقد صلّى في مسجد كوفان، حتّى أنَّ رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله لمّا أسرى الله‌ به قال له جبرئيل عليه‌السلام: تدري أين أنت يا رسول الله‌ الساعة؟ أنت مقابل مسجد كوفان، قال: فاستأذن لي ربّي حتّى آتيه فأصلّي فيه ركعتين، فاستأذن الله‌

عزّ وجلّ فأذن له، وإنّ ميمنته لروضة من رياض الجنّة، وإنّ وسطه لروضة من رياض الجنّة، وإنّ مؤخّرهُ لروضة من رياض الجنّة، وإنّ الصّلاة المكتوبة فيه لتعدل ألف صلاة، وإنّ النافلة فيه لتعدل خمسمائة صلاة، وإنّ الجلوس فيه بغير تلاوة ولا ذكر لعبادة، ولو علم الناس ما فيه لأتوه ولو حبوا.

قال سهل: وروى لي غير عمرو، أنّ الصّلاة فيه لتعدل بحجّةٍ، وأنّ النافلة فيه لتعدل بعمرة.


(409)

المصادر: الكافي 3: 490، كتاب الصّلاة، باب فضل المسجد الأعظم بالكوفة و...، ح1، ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد مثله إلى قوله: «ولو حبوا» في تهذيب الأحكام 3: 250، كتاب الصّلاة، أبواب الزيادات، ب25 باب فضل المساجد والصّلاة فيها و...، ح8، وفيه: «بتفاوت في المتن» وسائل الشيعة 5: 252، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب44، ح3، وفيه: «بتفاوت في المتن»، جامع أحاديث الشيعة 4: 600، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب43 باب فضل مسجد الكوفة واستحباب الصّلاة، فيه و...، ح1.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «وأنّ ميمنته» يمكن أن يكون المراد بميمنته الغريّ، وبمؤخّره مشهد الحسين عليه‌السلام.

«والحبو» أن يمشي الطفل على يديه وركبتيه أو استه.[1]

الحديث 326: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن شجرة، عن بعض ولد ميثم قال: كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يصلّي إلى الأُسطوانة السّابعة، ممّا يلي أبواب كندة، وبينه وبين السّابعة مقدار ممرّ عنز.

المصادر: الكافي 3: 493، كتاب الصّلاة، باب فضل المسجد الأعظم بالكوفة و...، ح4، وسائل الشيعة 5: 263، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب47 ح2، جامع أحاديث الشيعة 4: 618، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب43 باب فضل مسجد الكوفة واستحباب الصّلاة فيه، ح38.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «وبينه وبين السّابعة» أي كان يصلّى قريبا منها، لم يكن بينه وبينها إلاّ مقدار السجود.[2]

الحديث 327: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن أسباط[3] قال: وحدّثني غيره، أنّه كان ينزل في كُلّ ليلة ستّون ألف ملك، يصلّون عند السّابعة، ثمّ لا يعود منهم ملك إلى يوم القيامة.


--------------------------------------------------

1. ملاذ الأخيار 5: 472، مرآة العقول 15: 486.

2. مرآة العقول 15: 488.

3. في الوسائل: «عليّ بن أسباط» بدل «ابن أسباط».


(410)

المصادر: الكافي 3: 493، كتاب الصّلاة، باب فضل المسجد الأعظم بالكوفة وفضل الصّلاة فيه و...، ح5، وسائل الشيعة 5: 263، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب47 ح3، جامع أحاديث الشيعه 4: 618، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب43 باب فضل مسجد الكوفة واستحباب الصّلاة فيه...، ح39.

الحديث 328: عليّ بن محمّد، عن سهل، عن ابن أسباط رفعه، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: الأسطوانة السّابعة ممّا يلي أبواب كندة في الصّحن مقام إبراهيم عليه‌السلام، والخامسة مقام جبرئيل عليه‌السلام.

المصادر: الكافي 3: 493، كتاب الصّلاة، باب فضل المسجد الأعظم بالكوفة و...، ح7، وسائل الشيعة 5: 264، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب47 ح5، جامع أحاديث الشيعة 4: 619، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب43 باب فضل مسجد الكوفة واستحباب الصّلاة فيه، ح42.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «صلّى فيها» أي في الخامسة، إذ عند حضور والده عليه‌السلام كان يصلّي خلفه، ويحتمل رجوع الضمير إلى السابعة أيضا.[1]

وقال أيضا:

بيان: اعلم، أنّ للمسجد في زماننا هذا بابين متقابلين، أحدهما في جانب بيت أمير المؤمنين صلوات الله‌ عليه ممّا يلي القبلة، والآخر يقابله في دبر القبلة، وسائر الأبواب مسدودة، فأمّا الذي في دبر القبلة فهو باب الثعبان المشتهر بباب الفيل، والباب الأوّ ل من الأبواب المسدودة في يمين المسجد من جهة باب الفيل هو باب الأنماط، فإذا عددت منه إلى يسار المسجد أربع أساطين، فالرّابعة هي


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 489.


(411)

أسطوانة إبراهيم، وأمّا باب كندة فهو الباب الآخر أو قبيل الباب الآخر من تلك الأبواب المسدودة من ذلك الجانب قريبا من المحراب، فإذا عددت منه الأساطين إلى يسار القبلة يظهر لك الخامسة والسّابعة، وبعض الأساطين وإن سقطت لكن مكانها ظاهر. فظهر أنّ الرّابعة الّتي رواها الشهيد رحمه‌الله فيما سيأتي عند سياق الأعمال، هي القريبة من باب الفيل، وتلك الرّواية تدلّ على أنّها مقام إبراهيم عليه‌السلام، ورواية ابن نباتة تدلّ على أنّ مقامه عليه‌السلام هي السّابعة الّتي في جهة القبلة بقرب المحراب، ورواية ابن أسباط على أنّه الخامسة، ولا تنافي بينها، لأنّه يمكن أن يكون كلّ منها مقامه عليه‌السلام. وأمّا السّابعة الّتي في خبر ابن نباتة السّابقة المشتملة على ذكر الخضر عليه‌السلام، فالظاهر أنّها أيضا محسوبة من باب الأنماط إلى يسار المسجد، كما قلنا في الرابعة، والأسطوانة موجودة ولا تعرف باسم، وقد يقال: إنّها مقام الخضر عليه‌السلام.

ويحتمل أن يكون العدّ مبتدأً من باب الفيل إلى جانب القبلة، فلا يبعد أن تنتهي إلى السّابعة أو الخامسة اللتين ممّا يلي باب كندة، فالمراد بقوله: «ممّا يلي الصّحن»، أنّه ليس العدّ بحذاء باب الفيل ليكون مبتدأ من أساطين الظلال بل من الأساطين الواقعة في الصّحن، والأوّل أظهر، ولعلّ خروجه عليه‌السلام من باب كندة يؤيّد الثاني.

ثمّ اعلم أنّ الظاهر أنّ الشهيد رحمه‌الله أخذ كون الرّابعة مقام إبراهيم عليه‌السلام من خبر سفيان بن السمط، على الاحتمال المرجوح الذي أومأنا إليه، فلا تغفل.[1]

الحديث 329: حدّثنا محمّد بن عليّ بن الفضل الكوفي رضى‌الله‌عنه، قال: حدّثنا أبو جعفر[2] محمّد بن عمّار القطّان، قال: حدّثني الحسين بن عليّ بن الحكم


--------------------------------------------------

1. بحار الأنوار 97: 406.

2. ليس في الوسائل: «أبو جعفر».


(412)

الزّعفراني، قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم العبدي، قال: حدّثني سهل بن زياد الأدمي،[1] عن[2] ابن محبوب، عن أبي حمزة الّثمالي، قال: دخلت مسجد الكوفة، فإذا أنا برجل عند الأُسطوانة السّابعة قائما[3] يصلّي، يحسن ركوعه وسجوده، فجئت لأنظر إليه، فسبقني إلى السجود، فسمعته يقول في سجوده: «اللّهمّ إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك في أحبّ الأشياء إليك، وهو الإيمان بك، منّاً منك به عليّ لا منّا به منّي عليك، ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك، لم أدّع لك ولدا، ولم أتّخذ لك شريكا مَنّا منك عليّ لا منّاً منّي عليك، وعصيتك في أشياء على غير مكاثرة منّي ولا مكابرة، ولا استكبار عن عبادتك، ولا جحود لربوبيّتك، ولكن اتّبعت هواي[4] وأزلّني الشّيطان بعد الحجّة والبيان، فإن تعذبّني فبذنبي غير ظالم لي، وإن ترحمني فبجودك ورحمتك يا أرحم الراحمين».

ثمّ انفتل، وخرج من باب كندة فتبعته[5] حتّى أتى مناخ الكلبيّين، فمرّ بأسود فأمره بشيء لم أفهمه، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا عليّ بن الحسين عليه‌السلام. فقلت: جعلني الله‌ فداك، ما أقدمك هذا الموضع؟ فقال[6]: الذي رأيت.

المصادر: أمالي الصدوق: 389، المجلس الحادي والخمسون، ح12، وأورد صدره وذيله في وسائل الشيعة 5: 264، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب47 ح6، جامع أحاديث الشيعة 4: 613، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب43 باب فضل مسجد الكوفة واستحباب الصّلاة فيه...، ح24.


--------------------------------------------------

1. ليس في الوسائل: «الآدمي».

2. في الوسائل: «الحسن بن محبوب» بدل «ابن محبوب».

3. في الوسائل: «قائم» بدل «قائماً».

4. في الجامع: «الهوى» بدل «هواي».

5. ليس في الوسائل: «فتبعته».

6. في الوسائل: «قال».


(413)

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

بيان: «المكاثرة» المغالبة بالكثرة، أي لم تكن معصيتي لأنْ أتّكلَ على كثرة جنودي وقوَّتي، وأريد أن اُعازّك واُعارضك.[1]

وقال أيضا:

«الذي رأيت» أي الصّلاة في هذا المسجد، ولعلّ عدم ذكر زيارة أبيه وجدّه عليهماالسلامللتقيّة؛ لأنّهما كانتا أهمّ.[2]

الحديث 330: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد بن عثمان، عن جميل بن درّاج، قال: سمعت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام يقول: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: ما بين منبري وبيوتي[3] روضة من رياض الجنّة، ومنبري على ترعة من ترع الجنّة، وصلاة في مسجدي تعدل ألف[4] صلاة فيما سواه من المساجد، إلاّ المسجد الحرام؛ قال جميل: قلت له: بيوت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله وبيت عليّ[5] منها؟ قال: نعم وأفضل.

المصادر: الكافي 4: 556، كتاب الحجّ، باب المنبر والرّوضة ومقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، ح10، تهذيب الأحكام 6: 7، كتاب المزار، ب3 باب زيارة سيّدنا رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، ح6، وفي السند: «حمّاد» بدل «حمّاد بن عثمان» وفي المتن: «نعم يا جميل وأفضل» بدل «نعم وأفضل»، وسائل الشيعة 5: 280، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب57 ح4، جامع أحاديث الشيعة 4: 589، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب38 باب استحباب الصّلاة في مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله و...، ح11.


--------------------------------------------------

1. بحار الأنوار 97: 391.

2. بحار الأنوار 83: 196.

3. في التهذيب والجامع: «بيتي» بدل «بيوتي».

4. في الوسائل: «عشرة آلاف» بدل «ألف».

5. في التهذيب والجامع زيادة: «عليه السلام».


(414)

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: «التّرعة» بضمّ المثنّاة الفوقانيّة ثمّ المهملتين في الأصل، هي الرّوضة على المكان المرتفع خاصّة، فإذا كانت في المطمئن فهي روضة.

قال القتيبيّ في معنى الحديث: إنّ الصّلاة والذِّكر في هذا الموضع يؤدّيان إلى الجنّة، فكأنّه قطعة منها. وقيل: الترعة، الدّرجة، وقيل: الباب كما في هذا الحديث، وكأنّ الوجه فيه، أنّ بالعبادة هناك يتيسّر دخول الجنّة، كما أنّ بالباب يتمكّن من الدخول، ولا تنافي بين ما في الكافي والفقيه، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌و‌آله دُفن في بيته.

«بيوت النبيّ وبيت عليّ منها» يعني هي أيضا من رياض الجنّة كما بين المنبر والبيوت.[1]

وزاد المجلسي:

وقال الوالد العلاّمة قدس الله‌ روحه: يمكن أن يكون المراد أنّها توضع يوم القيامة على باب من أبواب الجنّة، أو أطلق الجنّة على مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله مجازا، فإنّها الجنّة الّتي بُنيت فيها أشجار المعرفة، والمحبّة، والعبادة، وسائر الكمالات، انتهى. والتفسير في المتن كأنّه من الراوي.

قوله عليه‌السلام: «منها» أي من تلك المواضع الّتي فيها الفضل الكثير، أو من رياض الجنّة.[2]

وقال أيضاً:

وكذا في الحديث الآخر «ارتعوا في رياض الجنّة» أي: مجالس الذكر.

وحديث ابن مسعود «من أراد أن يرتع فى رياض الجنّة، فليقرأ الحواميم».


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 14: 1358، 1363.

2. مرآة العقول 18: 265، 268.


(415)

وهذا المعنى من الاستعارة في الحديث كثير، كقوله «عائد المريض في مخارف الجنّة، والجنّة تحت بارقة السيوف وتحت أقدام الأمّهات» أي: أنّ هذه الأشياء تؤدّي إلى الجنّة.

وقيل: التّرعة، الدّرجة. وقيل: الباب. وفي رواية عليّ عليه‌السلام «ترعة من ترع الحوض» وهو مفتح الماء إليه، وأترعت الحوض إذا ملأته.

وقال الحسين بن مسعود في شرح السنّة: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة، ومنبري على حوضي.

قيل: معنى الحديث أنّ الصّلاة في ذلك الموضع والذِّكر فيه يؤدّي إلى روضة من رياض الجنّة، ومن لزم العبادة عند المنبر يسقى يوم القيامة من الحوض.

وقيل: معناه أنّ ما بين منبره وبيته حذاء روضة من رياض الجنّة، ومنبره حذاء ترعة من ترعها.

وفي القاموس: التّرعة بالضم، الباب، والجمع كصرد، والوجه، ومفتح الماء حيث يستقي الناس، والدّرجة، والرّوضة في مكان مرتفع، ومقام الشّاربة على الحوض، والمرقاة من المنبر، انتهى.

وقال الكفعمي رحمه‌الله في حواشي البلد الأمين: ذكر السيّد الرضي رحمه‌الله في مجازاته في تفسير التّرعة: هنا ثلاثة أقوال:

الأوّل: أن يكون إسماً للدرجة.

الثاني: أن يكون إسما للروضة على المكان العالي خاصّة.

الثالث: أن يكون إسما للباب.

وهذه الأقوال تؤول إلى معنى واحد، فإن كانت التّرعة بمعنى الدرجة، فالمراد أنّ منبره صلى‌الله‌عليه‌و‌آله على طريق الوصول إلى درج الجنّة، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌و‌آله يدعو عليه إلى الإيمان، ويتلو عليه قوارع القرآن ويخوّف ويبشّر.

وإن كانت بمعنى الباب، فالقول فيهما واحد.


(416)

وإن كانت بمعنى الروضة على المكان العالي، فالمراد بذلك أيضا كالمراد على القولين الأوّلين، لأنّ منبره صلى‌الله‌عليه‌و‌آله على الطريق إلى رياض الجنّة لمن طلبها، وسلك السبيل إليها.

وفيها زيادة معنى، وهو أنّه إنّما شبّهه بالروضة، لمّا يمرّ عليه من محاسن الكلم وبدائع الحكم الّتي تشبه أزاهير الرياض ودبابيج الثياب، ويقولون في الكلام الحسن كأنّه قطع الرّوض، وكأنّه ديباج الرقم، فأضاف صلى‌الله‌عليه‌و‌آله الروضة إلى الجنّة، لأنّ كلامه صلى‌الله‌عليه‌و‌آله يهتدي إلى الجنّة.

ويقول بعضهم: الترعة الكوّة. وهو غريب. فإن كان المراد ذلك، فكأنّه صلى‌الله‌عليه‌و‌آله قال: منبري هذا على مطلع من مطالع الجنّة. والمعنى قريب من معنى الباب، لأنّ السامع لمّا يتلى عليه كأنّه يطلّع إلى الجنّة، فينظر إلى ما أعدّ الله‌ تعالى المؤمنين فيها، انتهى.

قوله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «ما بين منبري وبيتي»، في بعض النسخ: ما بين قبري ومنبري.

قوله عليه‌السلام: «وبيت عليّ عليه‌السلام منها»، أي: من أجزاء المسجد بتأويل البقعة، فالمراد كونها كالمسجد في الشّرافة والفضل، أو صارت مسجدا بعد الدفن، وكونها مسجدا قبله بعيد. والمعنى، هو من المواضع الشريفة الّتي للصّلاة فيها فضل.

وإرجاع الضمير في «منها» إلى المساجد المفضّل عليها بعيد جدّا.[1]

الحديث 331: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، وابن أبي عمير، وغير واحد، عن جميل بن درّاج قال: قلت لأبي عبدالله‌ عليه‌السلام: الصّلاة في بيت فاطمة عليهاالسلام مثل الصّلاة في الروضة؟ قال: وأفضل.


--------------------------------------------------

1. ملاذ الأخيار 9: 19 ـ 22.


(417)

المصادر: الكافي 4: 556، كتاب الحجّ، باب المنبر والروضه ومقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، ح14، وسائل الشيعة 5: 285، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساجد، ب59 ح2، جامع أحاديث الشيعة 4: 592، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد، ب38 باب استحباب الصّلاة في مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله و...، ح21.

الحديث 332: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: يستحبّ الصّلاة في مسجد الغدير لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أقام فيه أمير المؤمنين عليه‌السلام، وهو موضع أظهر الله‌ عزّ وجلّ فيه الحقّ.[1]

المصادر: الكافي 4: 567، كتاب الحجّ، باب مسجد غدير خم، ح3، تهذيب الأحكام 6: 18، كتاب المزار، ب5 باب تحريم المدينة وفضلها وفضل المسجد والصّلاة فيه و...، ح22، وسائل الشيعة 5: 287، كتاب الصّلاه، أبواب أحكام المساجد، ب61 ذيل ح3، جامع أحاديث الشيعة 4: 599، كتاب الصّلاة، أبواب المساجد ب42 باب أنّه يستحبّ الصّلاة في مسجد الغدير، ح1.

أبواب أحكام المساكن

الحديث 333: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و[2] محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا، عن سعيد بن جناح، عن مطرف مولى معن، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: ثلاثة للمؤمن فيها راحة: دار واسعة تواري عورته وسوء حاله من الناس، وامرأة صالحة تعينه على أمر الدنيا والآخرة، وابنة أو أُخت يخرجها من منزله إمّا بموت أو بتزويج.[3]

المصادر: الكافي 6: 525، كتاب الزيّ والتجمّل، باب سعة المنزل، ح3، وسائل الشيعة 5: 299، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب1 ح2، جامع أحاديث الشيعة 16: 809،


--------------------------------------------------

1. لقد أفردنا رسالة مستقلّة حول مسجد الغدير في الروايات وأقوال الفقهاء وطبعت في مجلّة ميقات الحجّ.

2. في الوسائل: «عن» بدل «و».

3. في الوسائل: «تزويج» بدل «بتزويج».


(418)

كتاب العشرة، أبواب أحكام المساكن وما يناسبها، ب1 باب استحباب سعة المنزل وكثرة الخدم و...، ح1.

الحديث 334: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن الفضل أبي العبّاس قال: قلت لأبي جعفر عليه‌السلام قول الله‌ عزّ وجلّ: «يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ»[1] قال: ما هي تماثيل الرجال والنساء، ولكنّها تماثيل الشجر وشبهه.

المصادر: الكافي 6: 476، كتاب الزيّ والتجمّل، باب الفرش، ح3، وسائل الشيعة 5: 305، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب3 ح6، جامع أحاديث الشيعة 17: 223، كتاب المعايش والمكاسب والمعاملات و...، أبواب ما يكتسب به، ب25، باب تحريم تصوير تماثيل ذوات الأرواح، ذيل ح13.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله تعالى: «مِنْ مَحارِيبَ» قال الطبرسي رحمه‌الله هي بيوت الشريعة، وقيل: هي القصور، والمساجد يتعبّد فيها عن قتادة والجبائي، قال: وكان ممّا عملوه بيت المقدّس «وَتَماثِيلَ» يعني صورا من نحاس وشبه وزجاج ورخام كانت الجنّ تعملها، ثمّ اختلفوا، فقال بعضهم: كانت صور الحيوانات، وقال آخرون: كانوا يعملون صور السّباع والبهائم على كرسيّه ليكون أهيب له. قال الحسن: ولم تكن يومئذٍ التصاوير محرّمة، وهي محظورة في شريعة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، فإنّه قال: «لعن الله‌ المصوّرين»، ويجوز أن يكره ذلك في زمن من دون زمن، وقد بيّن الله‌ سبحانه أنّ المسيح عليه‌السلام كان يصوّر بأمر الله‌ من الطين كهيئة الطير.

وقال ابن عباس: كانوا يعملون صور الأنبياء والعبّاد في المساجد ليقتدى بهم، وروي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: «والله‌ ما هي تماثيل النساء والرجال ولكنّها


--------------------------------------------------

1. سبأ 34: 13.


(419)

الشجر وما أشبهه» «وجِفانٍ كَالْجَوابِ» أي صحاف، كالحياض الّتي يجبى فيها الماء، أي يجمع، وكان سليمان عليه‌السلام يصلح طعام جيشه في مثل هذه الجفان، فإنّه لم يمكنه أن يطعمهم في مثل قصاع الناس، لكثرتهم، وقيل: إنّه كان يجمع على كلّ جفنة ألف رجل يأكلون بين يديه.[1]

الحديث 335: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه‌السلام بعثني رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله في هدم القبور وكسر الصور.

المصادر: وسائل الشيعة 5: 305، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب3 ح7، وتقدّم مثله في ج3: 211، كتاب الطهارة، أبواب الدّفن، ب44 ح 6.

وقد مرّ الحديث في الصفحة 276، رقم الحديث 179، فراجع هناك.

الحديث 336: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن بشير، عن الحسين بن زرارة، عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: ابن بيتك سبعة أذرع، فما كان فوق ذلك سكنه[2] الشّياطين، إنّ الشّياطين ليست في السّماء ولا في الأرض وإنّما تسكن الهواء.

المصادر: الكافي 6: 529، كتاب الزيّ والتجمّل، باب تشييد البناء، ح6، وسائل الشيعة 5: 311، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب5 ح4، جامع أحاديث الشيعة 16: 818، كتاب العشرة، أبواب أحكام المساكن، ب4 باب كراهة رفع بناء البيت أكثر من سبعة أذرع أو ثمانية، ح6.

الحديث 337: عليّ بن إبراهيم، وعدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله‌؛ وسهل بن زياد جميعا، عن محمّد بن عيسى، عن أبي محمّد الأنصاري، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: شكى إليه رجل عبث أهل الأرض بأهل بيته


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 22: 367.

2. في الوسائل: «فما كان بعد ذلك سكنته» بدل «فما كان فوق ذلك سكنه».


(420)

وبعياله، فقال: كم سقف بيتك؟ فقال: عشرة أذرع، فقال: اذرع ثمانية أذرع ثمّ اكتب آية الكرسيّ فيما بين الثمانية إلى العشرة كما تدور، فإن كلّ بيت سمكه أكثر من ثمانية أذرع فهو محتضر تحضره الجنّ يكون فيه مسكنه.[1]

المصادر: الكافي 6: 529، كتاب الزيّ والتجمّل، باب تشييد البناء، ح3، وسائل الشيعة 5: 312، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب6 ح1، وفيه: تقديم وتأخير في السند، جامع أحاديث الشيعة 16: 819، كتاب العشرة، أبواب أحكام المساكن، ب5 باب أنّ الجدار إذا زاد ارتفاعه يكتب عليه آية الكرسي، ح1.

الحديث 338: عنه،[2] (سهل بن زياد) عن عليّ بن الحكم، ومحسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إذا كان البيت فوق ثمانية أذرع فاكتب في أعلاه آية الكرسيّ.

المصادر: الكافي 6: 529، كتاب الزيّ والتجمّل، باب تشييد البناء، ح7، وسائل الشيعة 5: 312، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب6 ح2، جامع أحاديث الشيعة 16: 819، كتاب العشرة، أبواب أحكام المساكن، ب5 باب أنّ الجدار إذا زاد ارتفاعه عن ثمانية أذرع...، ح3.

الحديث 339: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن عن عمّه يعقوب بن سالم رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه‌السلام: لا تؤووا التراب خلف الباب، فإنّه مأوى الشّياطين.

المصادر: الكافي 6: 531، كتاب الزيّ والتجمّل، باب النوادر، ح6، وسائل الشيعة 5: 318، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب10 ح1، وفيه: «لا تؤوا» بدل «لا تؤووا»، جامع أحاديث الشيعة 16: 828، كتاب العشرة، أبواب أحكام المساكن، ب11 باب كراهة مبيت القمامة وإيواء منديل اللحم في البيت، ح1.


--------------------------------------------------

1. في الوسائل: «تكون فيه تسكنه» بدل «يكون فيه مسكنه».

2. في الوسائل: «وعنهم، عن سهل».


(421)

الحديث 340: وعنهم عن سهل بن زياد، وعن عليّ بن إبراهيم جميعا، عن محمّد بن عيسى، عن الدّهقان، عن درست، عن إبراهيم بن عبدالحميد، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال: ثلاثة يتخوّف منها الجنون: التغوّط بين القبور، والمشي في خفّ واحد، والرّجل ينام وحده.

المصادر: وسائل الشيعة 5: 331، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب20 ح5. وأورد قطعة منه في ص76، أبواب أحكام الملابس، ب44 ح5، وتمامه في ج1: 329، كتاب الطهارة، أبواب أحكام الخلوة، ب16 ح2.

وقد مرّ الحديث في الصفحة 140، رقم الحديث 31 وفي الصفحة 387، رقم الحديث 291، فراجع هناك.

الحديث 341: وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلامـ في حديث ـ أنّه قال: لا تخلُ في بيت وحدك، فإنّ الشّيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على بعض هذه الأحوال، وقال: إنّه ما أصاب أحداً شيء على هذه الحال فكاد أن يفارقه إلاّ أن يشاء الله‌ عزّ وجلّ.

المصادر: وسائل الشيعة 5: 334، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب21 ح2، ذيل الحديث، وكذا أورد ذيله في ص75، أبواب أحكام الملابس، ب44 ح4، وأورد بتمامه في ج1:340، كتاب الطهارة، أبواب أحكام الخلوة، ب24ح1، ويأتي قطعة من صدر الحديث وذيله في ج14: 574، كتاب الحجّ،أبواب المزار وما يناسبه، ب92ح2، وقطعة من الصدر وذيله في ج25: 240، كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأشربة المباحة، ب7 ح4.

وقد مرّ الحديث في الصفحة 143، رقم الحديث 35، فراجع هناك.

الحديث 342: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبيه ميمون، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال لمحمّد بن سليمان: أين نزلت؟ قال: في مكان كذا وكذا، قال: معك[1] أحدٌ؟ قال: لا، قال: لا تكن وحدك، تحوّل عنه يا ميمون، فإنّ الشّيطان أجرأ ما يكون على الإنسان إذا كان وحده.


--------------------------------------------------

1. في الوسائل والجامع: «أمعك» بدل «معك».


(422)

المصادر: الكافي 6: 534، كتاب الزيّ والتجمّل، باب كراهية أن يبيت الإنسان وحده و...، ح7، وسائل الشيعة 5: 334، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب21 ح3، جامع أحاديث الشيعة 16: 832، كتاب العشرة، أبواب أحكام المساكن، ب14 باب كراهة خلوة الإنسان في بيت وحده و...، ح3.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: قوله «يا ميمون» التفات عن مخاطبة ابن سليمان.[1]

الحديث 343: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن سعيد بن جناح، عن أبي خالد الزّيديّ، عن جابر، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: دَخل قوم على الحسين بن عليّ عليهماالسلام فقالوا: يابن رسول الله‌، نرى في منزلك أشياء نكرهها، وإذا في منزله بسط ونمارق، فقال عليه‌السلام: إنّا نتزوّج النساء فنعطيهنّ مُهورهنّ فيشترين ماشئن، ليس لنا منه شيء.

المصادر: الكافي 6: 476، كتاب الزيّ والتجمّل، باب الفرش، ح1، وسائل الشيعة 5: 336، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب23 ح5، وفيه «رأوا في منزله بسطا» بدل «وإذا في منزله بسط»، جامع أحاديث الشيعة 16: 837، كتاب العشرة، أبواب أحكام المساكن، ب16 باب كراهة اتّخاذ أكثر من ثلاثة فرش، ح4.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: «النمارق»: جمع النمرقة وهي مثلّثة الوسادة الصغيرة.[2]

الحديث 344: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن السيّاري قال: حدّثني شيخ من أصحابنا، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: من مرّ العيش النقلة من دار


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 20: 811.

2. كتاب الوافي 20: 804.


(423)

إلى دار، وأكل خبز الشري.[1]

المصادر: الكافي 6: 531، كتاب الزيّ والتجمّل، باب النوادر، ح1، وسائل الشيعة 5: 339، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام المساكن، ب26 ح1، وفي السند: «عن شيخ من أصحابنا» بدل «قال: حدّثني شيخ من أصحابنا، وأورد مثله أيضا في ج17: 438، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة، ب33 ح3، جامع أحاديث الشيعة 16: 826، كتاب العشرة، أبواب أحكام المساكن، ب9 باب كراهة التحوّل من منزل إلى منزل، ح1.

أبواب ما يسجد عليه

الحديث 345: عليّ بن محمّد؛ وغيره، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الرّيّان قال: كتب بعض أصحابنا إليه بيد إبراهيم بن عقبة يسأله، يعني أبا جعفر عليه‌السلام: عن الصّلاة على الخمرة المدنيّة، فكتب: صلّ فيها ما كان معمولاً بخيوطة،[2] ولا تصلِّ على ماكان معمولاً بسيورة.

قال: فتوقّف أصحابنا، فأنشدتهم بيت شعر لتأبّط شرّاً العدوانيّ «كأنّها[3] خيوطة ماري تغار وتفتل» وماري كان رجلاً حبّالاً، كان يعمل الخيوط.

المصادر: الكافي 3: 331، كتاب الصّلاة، باب ما يسجد عليه وما يكره، ح7، أورد صدره في وسائل الشيعة 5: 359، كتاب الصّلاة، أبواب ما يسجد عليه، ب11 ح2، جامع أحاديث الشيعة 5: 519، كتاب الصّلاة، أبواب السّجود، ب13 باب استحباب السّجود على الخمرة وأنّه لا بأس بأن يسجد الرّجل...، ح6.

الشرح: قال المولى المجلسي:

قوله: «فقال: صلِّ فيها... إلخ»، فالإطلاق ليس بجيّد وإن كان يفهم من السّيور أنَّ النهي فيما كان بسيور، ولمّا كانت السّيور جلدا ولا يجوز الصّلاة عليه نهى


--------------------------------------------------

1. وكذا الشري، بالتسكين: الحنظل، وقيل: شجرة الحنظل، وقيل: ورقه. لسان العرب 3: 430، انظر مادة «شري». وفي الوسائل: «الشراء» بدل « الشري».

2. في الوسائل: «بخيوطه» بدل «بخيوطة».

3. في الجامع: «فكأنّها» بدل «كأنّها».


(424)

عنها، والظاهر أنّ ما كان منها معمولاً بالسيور كانت السّيور ظاهرة مانعة، إمّا من السّجود على الحصير، وإمّا من استيعاب الجبهة، فيحمل على الاستحباب، وإلاّ فالظاهر أنّ المسمّى كاف كما سيجيء. أو يقال: أنّ مذهب عليّ بن بابويه، الاستيعاب أو قدر الدّرهم الوافي مجتمعاً لا متفرّقاً وكان لا يحصل من ذلك الحصير قدر الدّرهم مجتمعاً.[1]

قال الفيض الكاشاني:

بيان: «السيّور» جمع السّير بالفتح، وهو ما يقدّمن الجلد، ولعلّ توقّفهم لمكان التّاء في الخيوطة والسّيورة، فإنّها غير معهودة فأنشد البيت، ليستشهد لهم على صحّتها، «تأبّط شرّا» اسم شاعر.

وفي التهذيب: الفهمي، مكان العدواني و «تغار» من أغَرْتُ الحبل، أي فتلته فهو مغار، ويقال حبل شديد الغارة، أي شديد الفتل، فالعطف تفسيري، ولعلّ النهي عن الصّلاة على الخمر المعمولة بالسّيور، مع أنّها مستورة فيها بالنّبات ولا يقع عليها السّجود، إنّما هو لأنّ عامليها كانوا لا يحترزون عن الميتة، أو يزعمون أنّ دباغها طهورها. وقد مضى عدم جواز الإنتفاع منها ولو بشسع.[2]

قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «فتوقّف أصحابنا» الظاهر أنّ توقّفهم باعتبار لفظ خيوطة، والجمع بين الجمعيّة والتاء، ولعلّها كانت في خطّه عليه‌السلام منقّطة فاستشهد ببيت الشّاعر في التهذيب كأنّها بدون الفاء، والمصراع السّابق «وأطوي على الخمص الحوايا كأنّها» فقوله «كأنّها» من تمام المصراع السّابق، قال في القاموس: الخيط، السلك. الجمع أخياط وخيوط وخيوطة، وقال «أغار» شدّ الفتل، ولعلّ الفرق بأنّ ما كان


--------------------------------------------------

1. روضة المتّقين 2: 178، وراجع ملاذ الأخيار 4: 258.

2. كتاب الوافي 8: 733.


(425)

من الخيوط لا تظهر الخيوط في وجهه، كما هو المتعارف في زماننا، وما كان من السّيور تقع السّيور على وجهه، إمّا بأن تغطّيه، فالنهي على الحرمة، أو تغطّي بعضه فعلى الكراهة، والله‌ يعلم. وقال في الذكرى: لو عملت الخمرة بخيوط من جنس ما يجوز السجّود عليه، فلا إشكال في جواز السّجود عليها، ولو عملت بسيور فإن كانت مغطّاة بحيث تقع الجبهة على الخوص صحّ السّجود أيضا، ولو وقعت على السّيور لم يجز، وعليه دلّت رواية ابن الريّان، وأطلق في المبسوط جواز السّجود على المعمولة بالخيوط.[1]

الحديث 346: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: لا تسجد على الذّهب ولا على الفضّة.

المصادر: الكافي 3: 332، كتاب الصّلاة، باب ما يسجد عليه وما يكره، ح9، ورواه الشيخ بإسناده، عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 2: 304، كتاب الصّلاة، أبواب الزيادات، ب15 باب في كيفية الصّلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون، ح 85، وسائل الشيعة 5: 361، كتاب الصّلاة، أبواب ما يسجد عليه، ب12 ح2، جامع أحاديث الشيعة 5: 521، كتاب الصّلاة، أبواب السجود، ب15 باب عدم جواز السّجود على الذّهب والفضّة والزّجاج والملح...، ح1.

أبواب الأذان والإقامة

الحديث 347: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبدالله‌ بن سنان، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: كان طول حائط مسجد رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله قامة، فكان يقول صلى‌الله‌عليه‌و‌آله لبلال إذا دخل الوقت: يا بلال أعلُ فوق الجدار، وارفع صوتك بالأذان، فإنّ الله‌ قد وكّل بالأذان ريحا ترفعه إلى السّماء، وإنّ الملائكة إذا سمعوا الأذان من أهل الأرض قالوا: هذه أصوات أُمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله بتوحيد الله‌ عزّ وجلّ، ويستغفرون لأُمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله حتّى يفرغوا من تلك الصّلاة.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 147، وملاذ الأخيار 4: 447.


(426)

المصادر: الكافي 3: 307، كتاب الصّلاة، باب بدء الأذان والإقامة وفضلهما وثوابهما، ح31، تهذيب الأحكام 2: 58، كتاب الصّلاة، ب6 باب الأذان والإقامة، ح46، وأورد قطعة منه في وسائل الشيعة 5: 390، كتاب الصّلاة، أبواب الأذان والإقامة، ب8 ح5، وأورد بتمامه في ذيل الحديث 7 من الباب 16 من هذه الأبواب، جامع أحاديث الشيعة 5: 162، كتاب الصّلاة، أبواب الأذان والإقامة، ب23 باب أنّه يستحبّ أن يكون المؤذّن مستقبل القبلة و...، ح3.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

ويدلّ على ما ذكره الأصحاب من القيام حال الأذان على مرتفع، وأمّا الصعود على المنارات المرتفعة، فلا إشكال في مرجوحيّته.

وقال في المختلف: والوجه استحبابه في المنارة، للأمر بوضع المنارة مع حائط المسجد غير مرتفعة. وفيه أيضا كلام، لكن إذا كانت مع جدار المسجد الغير المرتفع لا يبعد استحبابه، لكون القيام عليها أسهل، لكن لا يتعيّن ذلك، فلو صعد سطحا أو جدارا عريضا عمل بالمستحب.

وقوله: «فإنّ الله‌ عزّ وجلّ»، لعلّه مبنيّ على اشتراط رفع الريح برفع الصّوت، أو يقال: كلّ ما كان الصّوت أرفع كان رفع الرّيح إيّاه أكثر. أو التعليل مبنيّ على أنّه، لمّا كان لهذا العمل هذا الفضل العظيم، ينبغي أن يكون الإهتمام فيه أكثر، ورفع الصّوت به أشدّ.[1]

الحديث 348: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال: يؤذِّن الرّجل وهو جالس ولا يُقِمْ إلاّ وهو قائم، وتؤذّن وأنت راكب، ولا تُقِمْ إلاّ وأنت على الأرض.


--------------------------------------------------

1. ملاذ الأخيار 3: 479، وانظر أيضا مرآة العقول 15: 94، وبحار الأنوار 81: 148.


(427)

المصادر: الكافي 3: 305، كتاب الصّلاة، باب بدء الأذان والإقامة وفضلهما وثوابهما، ح16، وسائل الشيعة 5: 402، كتاب الصّلاة، أبواب الأذان والإقامة، ب13، ذيل ح6، جامع أحاديث الشيعة 5: 166، كتاب الصّلاة، أبواب الأذان والإقامة، ب24 باب أنّه لا بأس بأن يؤذّن الرّجل جالسا أو راكبا أو ماشياً...، ح1.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

وقد دلّ على تأكّد استحباب القيام في الإقامة، وأوجبه ابن الجنيد كما عرفت.[1]

الحديث 349: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبدالله‌ بن سنان، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: كان طول حائط مسجد رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله قامة، فكان يقول صلى‌الله‌عليه‌و‌آله لبلال إذا دخل الوقت: يا بلال أعلُ فوق الجدار، وارفع صوتك بالأذان، فإنّ الله‌ عزّ وجلّ قد وكّل بالأذان ريحا ترفعه إلى السّماء، وإنّ الملائكة إذا سمعوا الأذان من أهل الأرض قالوا: هذه أصوات أُمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله بتوحيد الله‌ عزّ وجلّ، ويستغفرون لأمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله حتّى يفرغوا من تلك الصّلاة.

المصادر: وسائل الشيعة 5: 411، كتاب الصّلاة، أبواب الأذان والإقامة، ب 16 ذيل ح7، تقدّم قطعة منه في ص390، ب8 ح5 من هذه الأبواب.

قد مرّ الحديث في الصفحة 425، رقم الحديث 347، فراجع هناك.

الحديث 350: محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال: القعود بين الأذان والإقامة في الصّلاة كلّها إذا لم يكن قبل الإقامة صلاة يصلّيها.

المصادر: الكافي 3: 306، كتاب الصّلاة، باب بدء الأذان والإقامة وفضلهما وثوابهما، ح24، وسائل الشيعة 5: 448، كتاب الصّلاة، أبواب الأذان والإقامة، ب39، ذيل ح3، جامع أحاديث الشيعة 5: 175، كتاب الصّلاة، أبواب الأذان والإقامة، ب26 باب استحباب الفصل بين الأذان والإقامة بنافلة أو بقعود...، ح6.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 89.


(428)

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «إذا لم يكن» كأذان الفجر والظهر والعصر إذا لم يخرج وقت نوافلها؛ فإنّه يفصل بينهما بركعتين من النافلة.[1]

الحديث 351: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الحارث بن المغيرة النضريّ، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: مَن سمع المؤذِّن يقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله‌، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله‌، فقال مصدّقا محتسبا: وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله‌، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، وأكتفي بهما[2] عمّن أبى وجحد، وأعين بها من أقرّ وشهد، كان له من الأجر عدد مَن أنكر وجحد، ومثل عدد من أقرّ وعرف.

المصادر: الكافي 3: 307، كتاب الصّلاة، باب بدء الأذان والإقامة وفضلهما وثوابهما، ح30، وسائل الشيعة 5: 454، كتاب الصّلاة، أبواب الأذان والإقامة، ب45، ذيل ح3، جامع أحاديث الشيعة 5: 129، كتاب الصّلاة، أبواب الأذان والإقامة، ب15 باب استحباب حكاية الأذان والدّعاء عند سماعه وإجابة المؤذّن، ح17.

أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح

الحديث 352: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: افتتاح الصّلاة الوضوء، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم.

المصادر: وسائل الشيعة 6: 11، كتاب الصّلاة، أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح، ب1 ح10، وفي السند: «ابن القدّاح» بدل «القدّاح»، وسيأتي مثله في ص415، أبواب التسليم، ب1 ح1، وقد تقدّم مثله في ج1: 366، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، ب1 ح4.

قد مرّ الحديث في الصفحة 146، رقم 37، فراجع هناك.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 91.

2. في الجامع: «بها» بدل «بهما».


(429)

أبواب القراءة في الصّلاة

الحديث 353: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن عبدوس، عن محمّد بن زاوية،[1] عن أبي عليّ بن راشد قال: قلت لأبي الحسن عليه‌السلام: جعلت فداك إنّك كتبت إلى محمّد بن الفرج تُعلّمه أنّ أفضل ما تقرأ في الفرائض بـ «إِنّا أَنْزَلْناهُ»[2] و «قُلْ هُوَ الله‌ أَحَدٌ»،[3] وإنّ صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر، فقال عليه‌السلام: لا يضيقنّ صدرك بهما، فإنّ الفضل والله‌ فيهما.

المصادر: الكافي 3: 315، كتاب الصّلاة، باب قراءة القرآن، ح19، ورواه الشيخ بإسناده، عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 2: 290، كتاب الصّلاة، أبواب الزيادات، ب15 باب كيفية الصّلاة وصفتها و...، ح19، وفيه: «بتفاوت في السند»، وسائل الشيعة 6: 78، كتاب الصّلاة، أبواب القراءة في الصّلاة، ب23 ح1، جامع أحاديث الشيعة 5: 371، كتاب الصّلاة، أبواب القراءة، ب13 باب السور الّتي تقرأ في الفرائض...، ح11.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

ويدلّ على استحباب اختيار السورتين على السور الطوال في الفجر، ويمكن حمله على أنّ فيهما فضلاً كثيرا، وإن كانت الطوال أفضل.[4]

الحديث 354: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سليمان، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال: قلت له: جعلت فداك إنّا نسمع الآيات في[5] القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها، ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم، فهل نأثم؟ فقال: لا، اقرؤوا[6] كما تعلّمتم، فسيجيئكم مَن يعلّمكم.


--------------------------------------------------

1. في الوسائل: «زادية» بدل «زاوية» وفي الجامع: «بادية» بدل «زاوية».

2. القدر 97: 1.

3. الإخلاص 112: 1.

4. مرآة العقول 15: 112.

5. في الوسائل: «من» بدل «في».

6. في الوسائل: «اقرؤا» بدل «اقرؤوا».


(430)

المصادر: الكافي 2: 619، كتاب فضل القرآن، باب أنّ القرآن يرفع كما أُنزل، ح2، وسائل الشيعة 6: 163، كتاب الصّلاة، أبواب القراءة في الصّلاة، ب74 ح2.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «إنّا نسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها» هكذا في النسخ كلّها، والأصوب ليست ولعلّ السؤال من آيات مسموعة عنهم عليهم‌السلام في قرآن عليّ عليه‌السلام ليست في هذا القرآن.

«ولا نحسن أن نقرأها» أي آيات القرآن.

«كما بلغنا عنكم» من الترتيل والترسّل وأداء الحروف ورعاية الصفات وهذا سؤال آخر.

«فهل نأثم» بعدم قراءة الآيات الّتي في قرآنكم؛ إذ ليست في هذا القرآن، وبعدم الترتيل في آيات هذا القرآن إذ لا نقدر عليه.

«فقال: لا، أقرؤوا كما تعلّمتم» في هذا القرآن باللسان الأعجمي «فسيجيئكم من يعلّمكم» حقّ التعليم، وهو الصاحب عليه‌السلام أو الملك في القبر، وقد روي أنَّ الشيعة بعد الموت يتكلّمون بالعربيّة، وأنَّ الملك يعلّمهم القرآن، هذا الذي ذكرنا من باب الاحتمال والله‌ يعلم.[1]

قال الفيض الكاشاني:

بيان: يعني به صاحب الأمر عليه‌السلام...، من أن استماع الحروف من القرآن على خلاف ما يقرأه الناس، يعني استماع حروف تفسّر ألفاظ القرآن وتبيّن المراد منها عُلِمَت بالوحي، وكذلك كلّ ما ورد من هذا القبيل عنهم عليهم‌السلام. وقد مضى في كتاب الحجّة نبذ منه فإنّه كلّه محمول على ما قلناه، وذلك لأنّه لو كان تَطَرَّق التحريفُ


--------------------------------------------------

1. شرح أُصول الكافي 11: 47.


(431)

والتّغيير في ألفاظ القرآن لم يبق لنا اعتماد على شيء منه، إذ على هذا يحتمل كلّ آية منه أن تكون محرَّفة ومغيّرة، وتكون على خلاف ما أنزله الله‌، فلا يكون القرآن حجّةً لنا، وتنتفي فائدتهُ وفائدة الأمر باتّباعه، والوصيّة به وعرض الأخبار المتعارضة عليه.

قال شيخنا الصّدوق طاب ثراه في اعتقاداته: اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله‌ تعالى على نبيّه محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله هو ما بين الدّفّتين، وما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سُوَره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة، وعندنا والضّحى وألم نشرح سورة واحدة، ولإيلاف وألَمْ تر كيف سورة واحدة، ومن نسب إلينا أنّا نقول: إنّه أكثر من ذلك فهو كاذبٌ، ثمّ استدلّ على ذلك بما ورد في ثواب قراءة السّور في الصلوات وغيرها، وثواب ختم القرآن كلّه، وتعيين زمان ختمه وغير ذلك، قال: وقد نزل من الوحي الذي ليس بقرآن ما لو جمع إلى القرآن لكان مبلغه مقدار سبع عشرة ألف آية، وذلك مثل قول جبرئيل عليه‌السلام للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «إنّ الله‌ تعالى يقول لك يا محمّد: دار خلقي، ومثل قوله: عِشْ ما شئت فإنّك ميّت، وأحبب ما شئت فإنّك مفارقه، واعمل ما شئت فإنّك ملاقيه». «وشرف المؤمن صلاته باللّيل». «وعزّه كفّ الأذى عن الناس».

قال: ومثل هذا كثير، كلّه وحيٌ ليس بقرآن، ولو كان قرآنا لكان مقرونا به وموصولاً إليه غير مفصول عنه، كما كان أمير المؤمنين عليه‌السلام جمعه، فلمّا جاء به قال: «هذا كتاب ربّكم كما أُنزِلَ على نبيّكم لم يزد فيه حرفٌ ولا ينقص منه حرف» فقالوا: لا حاجة لنا فيه عندنا مثل الذي عندك، فانصرف، وهو يقول: «فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنا قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ»،[1] انتهى كلامه رحمه‌الله.


--------------------------------------------------

1. آل عمران 3: 187.


(432)

ويظهر من آخر كلامه هذا، أنّه حمل جمع أمير المؤمنين صلوات الله‌ عليه القرآن على جمعه للأحاديث القدسيّة المتفرّقة، ولعلّ ذلك لأنّه لمّا وجده مخالفا لما اعتقده ولم يكن له سبيل إلى ردّه أوّله بذلك، وأنت خبيرٌ بأنّ حديث الجمع على ما نقله الثّقات بألفاظ كثيرة متّفقة المعنى لا يقبل هذا التأويل، بل هو إلى ما أوّلنا به نظائره أقرب منه إلى ذلك، ويأتي لهذا مزيد بيان.

وأشار في أوّل كلامه إلى إنكار ما قيل: إنّ القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله‌. ومنه ما هو محرّف مغيّر. وقد حذف منه شيء كثير. منها اسم أمير المؤمنين عليه‌السلام في كثير من المواضع، ومنها غير ذلك، وأنّه ليس أيضا على الترتيب المرضيّ عند الله‌ وعند رسوله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله. وقد روى ذلك كلّه عليّ بن إبراهيم في تفسيره، وروى بإسناده عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال: «ما أحدٌ من هذه الأُمّة جمع القرآن إلاّ وصيّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ». وبإسناده عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: «إنّ رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله قال لعليّ عليه‌السلام: يا عليّ؛ القرآن خلف فراشي في الصّحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيّعوه، كما ضيّعت اليهود التوراة، فانطلق عليّ عليه‌السلام، فجمعه في ثوب أصفر، ثمّ ختم عليه في بيته، وقال: لا أرتدي حتّى أجمَعَهُ قال: كان الرّجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداءٍ حتّى جمعه، قال: «وقال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: لو أنّ الناس قرأوا القرآن كما أنزل ما اختلف اثنان».

أقول: وفي قوله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «قرأوا القرآن كما أُنزل» إشارة إلى صحّة ما أوّلنا به تلك الأخبار، وممّا يدلّ على ذلك أيضا قول الباقر عليه‌السلام في رسالته إلى سعد الخير الّتي يأتي ذكرها في كتاب الرّوضة، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه، وحرّفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجُهّال يُعجبهم حفظهم للرّواية، والعلماء يُحزنُهُمْ تركهم للرّعاية، فإنّ في هذين الحديثين دلالةً على أنّ مرادهم عليهم‌السلام بالتّحريف والتّغيير والحذف، إنّما هو من جهة المعنى دون اللّفظ، أي


(433)

حرّفوه وغيّروه في تفسيره وتأويله، يعني حملوه على خلاف مُراد الله‌ تعالى، فمعنى قولهم عليهم‌السلام كذا نزلت، أنّ المراد به ذلك لا ما يفهمه الناس من ظاهره، وليس مرادهم أنّها نزلت كذلك في اللفظ فحذف ذلك، كذلك يخطر ببالي في تأويل تلك الأخبار، إن صحّت، فإن أصبتُ فمن الله‌ تعالى وله الحمد، وإن أخطأت فمن نفسي والله‌ غفورٌ رحيم.[1]

الحديث 355: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن عبدالله‌ بن جندب، عن سفيان بن السمط قال: سألت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام عن تنزيل القرآن؟ قال: اقرأوا كما علّمتم.

المصادر: الكافي 2: 631، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح15، وسائل الشيعة 6: 163، كتاب الصّلاة، أبواب القراءة في الصّلاة، ب74 ح3.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «اقرأوا كما علّمتم» القرآن نزل على حرف واحد من غير اختلاف فيه، ولا يعلمه إلاّ أهل الذكر عليهم‌السلام، والاختلاف إنّما جاء من قبل الناس فأمر عليه‌السلام بقراءته على وجه علّموه لنا إلى أن يخرج الصاحب عليه‌السلام، فإذا خرج حمل الناس على ما أنزله تعالى على رسوله، كما سيجيء.[2]

أبواب قراءة القرآن

الحديث 356: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و[3] عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد، جميعا، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن يونس بن عمّار قال: قال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: إنّ الدواوين يوم القيامة ثلاثة: ديوان فيه النعم، وديوان فيه الحسنات، وديوان فيه السيّئات، فيقابل بين ديوان النعم وديوان


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 7: 1777 و 1778 ـ 1780.

2. شرح أُصول الكافي 11: 71.

3. في الوسائل زيادة: «عن».


(434)

الحسنات، فتستغرق النّعم عامّة الحسنات ويبقى ديوان السيّئات، فيدعى بابن آدم المؤمن للحساب، فيتقدّم القرآن أمامه في أحسن صورة، فيقول: يا ربّ، أنا القرآن وهذا عبدك المؤمن قد كان يتعب نفسه بتلاوتي، ويطيل ليله بترتيلي وتفيض عيناه إذا تهجّد فأرضه كما أرضاني، قال: فيقول العزيز الجبّار: عبدي أبسط يمينك، فيملأها من رضوان الله‌ العزيز الجبّار، ويملأ شماله من رحمة الله‌، ثمّ يقال: هذه الجنّة مباحة لك فاقرأ واصعد، فإذا قرأ آية صعد درجة.

المصادر: الكافي 2: 602، كتاب فضل القرآن، ح12، أورد ذيله في وسائل الشيعة 6: 166، كتاب الصّلاة، أبواب قراءة القرآن، ب1 ح3، بحار الأنوار 7: 267، كتاب العدل والمعاد، باب محاسبة العباد، ح34، جامع أحاديث الشيعة 15: 13، كتاب القرآن، أبواب فضائل القرآن وتعلّمه و...، ب1 باب فضل القرآن وتعظيمه و...، ح22.

الشرح: قال المازندراني:

قوله عليه‌السلام: «إنّ الدواوين يوم القيامة ثلاثة» في مصباح اللغة، الدّيوان: جريدة الحساب، ثمّ أطلق على موضع الحساب وهو معرّب، والأصل دوان فاُبدل من أحد المضعّفين ياء للتخفيف، ولهذا يردّ في الجمع إلى أصله دواوين وبالتصغير دويوين؛ لأن التصغير وجمع التكسير يردان الأسماء إلى أُصولها، ودونت الديوان، أي وضعته وجمعته.

«فتستغرق النّعم عامّة الحسنات» أي جميعها، وفي لفظ الاستغراق إيماء إلى أنّه يبقى بعض النّعم بل أكثرها بلا مقابل له من الحسنات، أي جميعها.

«ويطيل ليله بترتيلي» في الصحاح، الترتيل في القراءة الترسّل والتبيين بغير بغي، وكلام رَتَلٌ بالتحريك أي مرتّلٌ، وفي القاموس: الرَّتَل محرّكة حُسنُ تناسق الشيء والحَسَنُ من الكلام والطّيّب من كلّ شيء، ورَتَّل الكلام ترتيلاً أحسن تأليفه وترتّل فيه ترسّل، وفي النهاية: التّرتيل الجودة وتبيين الحروف بحيث


(435)

يتمكّن السّامع عندها، وقال بعض الأصحاب هو حفظ الوقوف وأداء الحروف، أي كمال أدائها. والإطالة: كناية عن السهر وترك النوم؛ لأنّ اللّيل عند الساهر طويل.

«وتفيض عيناه إذا تهجّد» التهجّد النوم في اللّيل، والاستيقاظ فيه ضدّ، والمراد هنا هو الثاني.

«فأرضه كما أرضاني... إلخ» تلاوته وترتيله من جملة الحسنات الّتي قوبلت بالنّعماء، لكن شفاعته المقبولة سبب للنّجاة وعلوّ الدّرجات ورفع السيّئات، ولعلّ بسط اليمين وملؤها من الرّضوان، وملؤ الشّمال من الرّحمة من باب التمثيل، لأنّ كلّ من أخذ شيئا من غيره أخذه بيمينه وشماله.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

والدّيوان جريدة الحساب، ولعلّ ملؤ اليمين والشّمال كناية عن تضعيف جزاء ديوان الحسنات ومحو ديوان السيّئات، أو عن إعطاء كتاب دخول الجنّة بيمينه وكتاب البراءة من النّار بشماله، أو الجميع استعارة تمثيليّة لبيان غاية الإكرام والإنعام.[2]

الحديث 357: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وسهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة.

المصادر: الكافي 2: 603، كتاب فضل القرآن، باب فضل حامل القرآن، ح2، وسائل الشيعة 6: 176، كتاب الصّلاة، أبواب قراءة القرآن، ب5 ح1، جامع أحاديث الشيعة 15: 36، كتاب القرآن، أبواب فضائل القرآن و...، ب3 باب فضل حفظ القرآن، ح3.


--------------------------------------------------

1. شرح أُصول الكافي 11: 18.

2. مرآة العقول 12: 483.


(436)

الشرح: قال المازندراني:

قوله عليه‌السلام: «الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة» من طريق العامّة: مثل الماهر بالقرآن مثل السفرة. في النهاية: هم الملائكة جمع سافر، والسافر في الأصل الكاتب، سمّي به؛ لأنّه يبيّن الشيء ويوضّحه، ومنه قوله تعالى: «بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرامٍ بَرَرَةٍ»[1].[2] وفي كتاب إكمال الإكمال لشرح مسلم: هم الملائكة سمّوا بذلك، لنزولهم بما يقع به الصّلاح بين الناس تشبيها بالسفير، وهو الذي يصلح بين الرجلين، وقيل: لأنّهم يسفرون بين الله‌ تعالى وأنبيائه عليهم‌السلام بالوحي، وقيل: هم الكتبة من الملائكة، لأنّهم يستنسخون الكتب من اللوح المحفوظ، وقيل: هم الأنبياء، لأنّهم سفراء بينه تعالى وبين عباده، والمراد بكونهم كراما أنّهم أعزّاء على الله‌ تعالى، أو متعطّفون على المؤمنين، مستغفرون لهم. وبكونهم بررة، أنّهم مطيعون له تعالى، فاعلون للخيرات، منزّهون عن النقائص والسيّئات. والظاهر أنّ المراد بكون الحافظ للقرآن معهم، أنّه معهم في درجتهم ومنازلهم في الآخرة ورفيق لهم فيها، لاتّصافه بصفتهم في جملة كتاب الله‌ عزّ وجلّ، وقيل: المراد إنّه عامل بعملهم كما يقال: فلان مع بني فلان، أي في الرأي والمذهب، كما قال لوط عليه‌السلام «وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ»[3] الآية.[4]

قال العلاّمة المجلسي:

ومنه «بِأَيْدِي سَفَرَةٍ»[5] قال النووي: هو جمع سافر، بمعنى رسول يريد أنّه


--------------------------------------------------

1. عبس 80: 15 و16.

2. قوله تعالى: «كرام» على ربّهم «بررة» مطيعين. وقيل: كرام عن المعاصي يرفعون أنفسهم عنها، بررة، أي صالحين متّقين. وقال مقاتل: كان القرآن ينزل من اللوح المحفوظ إلى السّماء الدنيا ليلة القدر إلى الكتبة من الملائكة، ثمّ ينزل به جبرئيل عليه‌السلام إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله. مجمع البيان 10: 240.

3. الشعراء 26: 118.

4. شرح أُصول الكافي 11: 20.

5. عبس 80: 15.


(437)

يكون في الآخرة رفيقا لهم في منازله أو هو عامل بعملهم، قال الطيّبي: أو بمعنى مصلح بين قوم، أي الملائكة النازلون لإصلاح مصالح العباد من دفع الآفات والمعاصي، والبررة جمع بار.[1]

الحديث 358: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: سمعته يقول: إنّ الذي يعالج[2] القرآن ويحفظه بمشقّة منه وقلّة حفظ، له أجران.[3]

المصادر: الكافي 2: 606، كتاب فضل القرآن، باب مَن يتعلّم القرآن بمشقّة، ح1، وسائل الشيعة 6: 176، كتاب الصّلاة، أبواب قراءة القرآن، ب5 ح2، جامع أحاديث الشيعة 15: 36، كتاب القرآن، أبواب فضائل القرآن وتعلّمه، ب3 باب فضل حفظ القرآن وتحمّل المشقّة لحفظه وتعلّمه، ح5.

الحديث 359: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وسهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن منهال القصّاب، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: من قرأ القرآن وهو شابّ مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه، وجعله الله‌ مع السفرة الكرام البررة، وكان القرآن حجيزا عنه يوم القيامة، يقول: يا ربّ، إنّ كلّ عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي، فبلّغ به أكرم عطاياك[4]، قال: فيكسوه الله‌ العزيز الجبّار حلّتين من حلل الجنّة، ويوضع على رأسه تاج الكرامة.

ثمّ يقال له: هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن: يا ربّ، قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا، فيعطى الأمن بيمينه، والخلد بيساره، ثمّ يدخل الجنّة فيقال له:


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 12: 485.

2. المعالجة: المزاولة، كما في كتاب الوافي 9: 1712، ذيل الحديث 8982.

3. قال العلاّمة المجلسي في هامش المرآة 12: 490، الحديث صحيح.

4. في الوسائل: «عطائك» بدل «عطاياك».


(438)

اقرأ[1] واصعد درجة، ثمّ يقال له: هل بلغنا به وأرضيناك؟ فيقول: نعم، قال: ومن قرأه كثيرا وتعاهده بمشقّة من شدّة حفظه أعطاه الله‌ عزّ وجلّ أجر هذا مرّتين.

المصادر: الكافي 2: 603، كتاب فضل القرآن، باب فضل حامل القرآن، ح4، وسائل الشيعة 6: 177، كتاب الصّلاة، أبواب قراءة القرآن، ب6 ح1، جامع أحاديث الشيعة 15: 44، كتاب القرآن، أبواب فضائل القرآن وتعلّمه، ب6 باب أنّ من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن...، ح1.

الشرح: قال المازندراني:

قوله عليه‌السلام: «من قرأ القرآن وهو شابّ مؤمن» لعلّ المراد أن يكون القراءة دأبه وعادته، وأن يكون من باب التفهّم والتدبّر، لا مجرّد المرّة ولا مجرّد النطق مع احتماله.

«إختلط القرآن بلحمه ودمه» يعني يؤثّر في ظاهره وباطنه، ويوجب إستقامة أعضائه وقلبه وجوارحه، وتستقرّ فيها المواعظ الرّبانيّة والنصائح القرآنيّة استقرارا تامّا، لعدم إعوجاجها بالمعاصي المانعة من قبول الحقّ بعد، ومن ثمّ إشتهر أنّ التعلّم في الصغر كالنّقش في الحجر.

«وكان القرآن حجيزا عنه يوم القيامة» أي كان ما نعا يمنع عنه في ذلك اليوم أهواله ومكارهه، وحذف المفعول؛ للدلالة على التعميم.

«قال ومَنْ قرأ كثيرا وتعاهده بمشقّة من شدّة حفظه أعطاه الله‌ عزّ وجلّ أجر هذا مرّتين» هذا الحديث متّفق عليه بين الخاصّة والعامّة، روى مسلم بإسناده عن عائشة قالت: «قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاقّ له أجران» وفي رواية أخرى «والذي يقرأه وهو يشتدّ عليه له أجران» قيل المراد بالتّتعتع التردّد فيه لقلّة


--------------------------------------------------

1. في الوسائل زيادة: «آية».


(439)

حفظه، والأجران أحدهما في قراءة حروفه، والآخر في تعبه ومشقّته، وليس المراد أنّه أكثر أجرا من الماهر بل الماهر أكثر أجرا، لأنّه مع السفرة عليهم‌السلام وله أجور كثيرة وكيف يلتحق مَنْ لم يعتنِ بكتاب الله‌ بمَنْ إعتنى به حتّى مهر فيه، وقيل أحد الأجرين تعاهد المشقّة في تعلّمه، والآخر تعاهدها من شدّة حفظه، ورجّحه على الأوّل بأنّ به يظهر الفرق بينه وبين من لم يكن له مشقّة لا بالأوّل؛ إذ لكلّ قارئ أجران: أحدهما للتعلّم والحفظ وإن لم يكن فيهما مشقّة، والآخر لأجل القراءة.

أقول: ظاهر رواياتنا وروايتهم هو الأوّل.[1]

الحديث 360: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: تعلّموا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شابّ جميل شاحب اللّون، فيقول له القرآن: أنا الذي كنت أسهرت ليلك، وأظمأت هواجرك، وأجففت ريقك، وأسلت دمعتك أؤول معك حيثما أُلت، وكلّ تاجر من وراء تجارته، وأنا اليوم لك من وراء تجارة كلّ تاجر وسيأتيك كرامة [من] الله‌ عزّ وجلّ فأبشر، فيؤتى بتاجٍ فيوضع على رأسه ويعطى الأمان بيمينه، والخلد في الجنان بيساره، ويكسى حلّتين ثمّ يقال له: اقرأ وارقه فكلّما قرأ آية صعد درجة ويكسى أبواه حلّتين إن كانا مؤمنين، ثمّ يقال لهما: هذا لما علّمتماه القرآن.

المصادر: الكافي 2: 603، كتاب فضل القرآن، باب فضل حامل القرآن، ح3، وسائل الشيعة 6: 179، كتاب الصّلاة، أبواب قراءة القرآن، ب7 ح1، وفيه: «فيقول له: أنا القرآن الذي» بدل «فيقول له القرآن: أنا الذي» و«وأسبلت» بدل «وأسلت» و«وارقأ» بدل «وارقه»، جامع أحاديث الشيعة 15: 10، كتاب القرآن، أبواب فضائل القرآن وتعلّمه، ب1 باب فضل القرآن وتعظيمه، ح18.


--------------------------------------------------

1. شرح أُصول الكافي 11: 21.


(440)

الشرح: قال المازندراني:

قوله عليه‌السلام: «وكلّ تاجر من وراء تجارته» يطلب ربحها لنفسه بنفسه في هذا اليوم وهو حاجته.

«وأنا اليوم لك من وراء تجارة كُلِّ تاجر» أطلب لك كلّ ربح يطلبه كُلّ تاجر من تجارته، هذا محض الاحتمال، والله‌ أعلم بحقيقة الحال.

«فيؤتى بتاج ويوضع على رأسه» التاجّ الإكليل، وهو ما يصاغ للملوك ويرصّع بالجواهر، والجمع تيجان والياء في الأصل واو. «ويعطى الأمان» من العذاب والخذلان. «بيمينه والخلد في الجنان بيساره» أي يعطى كتاب الأمان والخلد، أو يعطى الأمان والخلد في ملكيّته، فاستعار اليمين والشمال، لأنّ الأخذ والقبض بهما.

«ويكسى أبواه حلّتين إن كانا مؤمنين» وقد يخفّف العذاب عنهما إن كانا كافرين كما يشعر به كلام بعض الأكابر. «ويقال هذا لما علّمتماه القرآن» الظاهر أنّ «ما» مصدريّة، والقرآن مفعول ثانٍ للتعليم. قال بعض المفسّرين: إذا قال الولد عند التعلّم بسم الله‌ الرّحمن الرّحيم وكان أبواه معذّبين رفع الله‌ تعالى عنهم العذاب ببركة تعلّم الولد.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

الحديث صحيح، «الشاحب» المتغيّر اللّون والجسم لعارض من مرض أو سفر ونحوهما.

وقوله: «تجارة كلّ تاجر» لعلّ المراد أحصّل لك تجارة كلّ تاجر أو أنالك بعوض تجارة كلّ تاجر فتأمّل، «في الجنان بيساره» قال في النهاية: أي يجعلان


--------------------------------------------------

1. شرح أُصول الكافي 11: 21.


(441)

في ملكيّته فاستعار اليمين والشمال، لأنّ القبض والأخذ بهما.[1]

الحديث 361: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، وعليّ بن إبراهيم عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن عبدالله‌ بن سنان، عن معاذ بن مسلم، عن عبدالله‌ بن سليمان، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: من قرأ القرآن قائما في صلاته كتب الله‌ له بكلِّ حرف مائة حسنة، ومن قرأه في صلاته جالسا كتب الله‌ له بكلّ حرف خمسين حسنة، ومَنْ قرأه في غير صلاته كتب الله‌ له بكلّ حرف عشر حسناتٍ.

قال ابن محبوب: وقد سمعته عن معاذ على نحو ممّا[2] رواه ابن سنان.

المصادر: الكافي 2: 611، كتاب فضل القرآن، باب ثواب قراءة القرآن، ح1، وسائل الشيعة 6: 187، كتاب الصّلاة، أبواب قراءة القرآن، ب11 ح4، بتقديم وتأخير في السند، جامع أحاديث الشيعة 5: 398، كتاب الصّلاة، أبواب القراءة، ب16 باب استحباب قراءة القرآن، والدّعاء في الصّلاة، ح1.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «كتب الله‌ له بكلّ حرف مائة حسنة... إلخ» أُريد به الحرف التهجّي دون الكلمة والآية، كما سيجيء.[3]

الحديث 362: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله‌ بن عبدالرحمن، عن عبدالله‌ بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام، قال: سمعت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام يقول: خرجت أنا وأبي حتَّى إذا كنّا بين القبر والمنبر إذا هو بأناس من الشِّيعة فسلّم عليهم، ثمَّ قال: إنِّي والله‌ لأحبُّ


--------------------------------------------------

1. مرآه العقول 12: 485.

2. في الوسائل: «ما» بدل «ممّا».

3. شرح أُصول الكافي 11: 33.


(442)

رياحكم وأرواحكم فأعينوني على ذلك بورعٍ واجتهادٍ، واعلموا أنَّ ولايتنا لا تنال إلاّ بالورع والاجتهاد، ومن ائتمَّ منكم بعبدٍ فليعمل بعمله، أنتم شيعة الله‌، وأنتم أنصار الله‌، وأنتم السّابقون الأوّلون والسَّابقون الآخرون، والسَّابقون في الدُّنْيا والسَّابقون في الآخرة إلى الْجنَّة، قد ضمنَّا لكم الجنَّة بضمان الله‌ عزَّ وجلَّ وضمان رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، والله‌ ما على درجة الجنَّة أكثر أرواحا منكم، فتنافسوا في فضائل الدَّرجات، أنتم الطَّيِّبون ونساؤكم الطَّيِّبات، كلُّ مؤمنةٍ حوراء عيناء وكلُّ مؤمنٍ صدِّيقٌ، ولقد قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام لقنبرٍ: يا قنبر أبشر وبشِّر واستبشر فو الله‌ لقد مات رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله وهو على أمَّته ساخطٌ إلاّ الشِّيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيءٍ عزّا وعزّ الإسلام الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء دعامة ودعامة الإسلام الشيعة.

ألا وَإنّ لكلّ شَيءٍ ذروةً وذروة الإسلام الشيعة.

ألا وَإنّ لكلّ شَيءٍ شرفا وشرف الإسلاَم الشيعة.

ألا وَإنّ لكلّ شَيءٍ سيّدا وسيّدالمجالس مجالس الشيعة.

ألا وَإنّ لكلّ شَيءٍ إمَاما وَإمَام الأرض أرض تسكنها الشيعة.

والله‌ لو لا ما في الأرض منكم ما رأيت بعينٍ عشبا أبدا. والله‌ لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله‌ على أهل خلافكم، ولا أصابوا الطّيّبات ما لهم في الدّنيا ولا لهم في الآخرة من نصيب، كلّ ناصب وإن تعبّد واجتهد منسوب إلى هذه الاْيَة: «عامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلى نَارا حامِيَةً»[1] فكلُّ ناصبٍ مجتهد فعمله هباءٌ، شيعتنا ينطقون بنور الله‌ عزَّ وجلَّ، ومن يخالفهم ينطقون بتفلُّتٍ، والله‌ ما من عبدٍ من شيعتنا ينام إلاّ أصعد الله‌ عزَّ وجلَّ روحه إلى السَّماء فيبارك عليها، فإن كان قد أتى


--------------------------------------------------

1. الغاشية 88: 3 و4.


(443)

عليها أجلها جعلها في كنوز رحمته وفي رياض جنَّةٍ وفي ظلِّ عرشه، وإن كان أجلها متأخَّرا بعث بها مع أمنَته من الملاَئكَة ليردُّوها إلى الجسد الَّذي خرجت منه لتسكن فيه.

والله‌ إنّ حاجّكم وعمَّاركم لخاصَّة الله‌ عزَّ وجلَّ، وإنَّ فقراءكم لأهل الغنى، وإِنَّ أغنِياءكم لأهل القناعةِ، وإنّكم كلّكم لِأهل دعوتِهِ وأهل إِجابتِهِ. ألاَ وَإِنَّ لِكلِّ شَيءٍ جَوهَرا وَجَوهَر ولد آدم محمَّدٌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، ونحن وشيعتنا بعدنا، حبَّذا شيعتنا ما أقربهم من عرش الله‌ عزَّ وجلَّ وأحسن صنع الله‌ إليهم يوم القيامة. والله‌ لو لا أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو لسلّمت عليهم الملائكة قبلاً، والله‌ مَا من عَبدٍ من شيعتنا يتلو القرآن في صلاَته قَائما، إلاّ وَلَه بكلِّ حَرفٍ مائة حسنة ولا قرأ في صلواته جالسا إلاّ وله بكلّ حرف خمسون حسنة، ولاَ في غير صلاةٍ إلاّ وله بكلّ حرفٍ عَشر حسناتٍ، وإنَّ للصَّامت من شيعَتنَا لَأَجر مَن قَرأَ القرآنَ ممَّن خالفه أنتم.

والله‌ على فرشكم نيامٌ لكم أجر المجاهدين، وأنتم والله‌ في صلاَتكم لَكم أَجر الصّافّين في سبيله، أنتم والله‌ الَّذين قال الله‌ عزَّ وجلَّ: «وَنَزَعنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إخوانا عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ»[1] إنّما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينان في الرّأس، وعينان في القلب، ألا والخلائق كلّهم كذلك، إلاّ أنّ الله‌ عزّ وجلّ فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم.

المصادر: الكافي 8: 212، فضل الشيعة، ح259 و260، وأورد قطعة من الشطر الثاني من الحديث في وسائل الشيعة 6: 189، كتاب الصّلاة أبواب قراءة القرآن، ب11 ح8 وأورد الشطر الثاني منه في جامع أحاديث الشيعة 15: 21، كتاب القرآن، أبواب فضائل القرآن وتعلّمه، ب1، باب فضل القرآن وتعظيمه، ح47.


--------------------------------------------------

1. الحجر 15: 47.


(444)

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «إنّي والله‌ لأحبّ رياحكم وأرواحكم» في الكنز: ريح بوى، ورياح جمع، وروح جان وزندگانى.

«فأعينوا على ذلك بورع واجتهاد» ذلك اشارة إلى الحبّ، ولمّا كان عليه‌السلام متكفّلاً بنجاة شيعته عن عقبات الآخرة وعقوباتها طلب منهم الإعانة له بالورع، وهو الكفّ عن المحارم، وبالاجتهاد في الأعمال الصالحة وتزكية النّفس ليكون له تحصيل النّجاة لهم أيسر وأسهل. وفي بعض النسخ فأعينوني «ومن ائتمّ منكم بعبد فليعمل بعمله» ليتحقّق معنى الائتمام، ويبعد عن الهزء والنّفاق والشّقاق.

«وأنتم شيعة الله‌ وأنتم أنصار الله‌»، أي أولياؤه وأنصاره في دينه، وأصل الشيعة من المشائعة، وهي المتابعة والمطاوعة، «وأنتم السّابقون الأوَّلون والسّابقون الآخرون والسّابقون في الدنيا والسّابقون في الآخرة» لعلّ المراد أنتم السابقون الأوّلون إلى قبول الولاية والتّصديق بها عند التكليف الأوّل في العالم الروحانيّ الصرف، وأنتم السّابقون الآخرون إلى قبولها عند التكليف الثاني في عالم الذرّ، والسّابقون في الدنيا إلى الوفاء بالعهد والمتابعة، والسّابقون في الآخرة إلى دخول الجنّة.

وقيل: السّابقون الأوّلون إشارة إلى قوله تعالى: «وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ»[1] والسّابقون الآخرون إشارة إلى قوله تعالى: «وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ»[2] إنّ الّذين هم اتّبعوا السّابقين الأوّلين بإحسان، «والله‌ ما على درجة الجنّة أكثر أرواحا منكم» دلّ على أنّ الشيعة أكثر من غيرهم في الجنّة. ويمكن أن يراد بها الرّاحة والسّعة والفضيلة، فيدلّ على أنّ مرتبتهم أشرف


--------------------------------------------------

1-2. التوبة 9: 100.


(445)

المراتب، وهذا أنسب بما بعده.

«كلّ مؤمنة حوراء عيناه» في النهاية: الحور العين، نساء أهل الجنّة واحدتهنّ حوراء، وهي الشّديدة بياض العين، الشّديدة سوادها، والعيناء الواسعة العين. «وكلّ مؤمن صدّيق» هو فعيل للمبالغة في الصدق، وهو الذي يصدّق قوله فعله، «يا قنبر أبشر وبشّر واستبشر» بشرت به كعلم وضرب، وأبشرت فرحت وسررت، وبشّرته تبشيرا فرحته وسررته بإخبار ما يوجبهما، واستبشرت فرحت وسررت مع إظهارهما بطلاقة الوجه ونحوها.

«ألا وإنّ لكلّ شيء عزّاً وعزّ الإسلام الشيعة»، لأنّهم سبب لعزّه وقوّته، ولولاهم لذلّ الإسلام واحتقر، «ودعامة الإسلام الشيعة»؛ لأنّ الإسلام بهم قائم كقيام الخيمة بالدّعامة، وفيه مكنيّة وتخييليّة «وذروة الإسلام الشيعة» ذروة الشيء بالضمّ وبالكسر، أشرف مواضعه وأعلاه، والشيعة أعلى درجة في الإسلام، لاتّصافهم بالإيمان يعلو ولا يعلى عليه، «وشرف الإسلام الشيعة» الشّرف محركة العلوّ والمكان العالي، والشيعة سبب لشرف الإسلام وعلوّه، ولو لا الشيعة لكان الإسلام مخفوضا موضوعا.

«وسيّد المجالس مجالس الشيعة» السيّد: الشريف والفاضل والكريم والرئيس والمقدّم ذو الفضيلة، وكلّ هذه يالخصال لمجالس الشيعة باعتبار أهلها، «وإمام الأرض أرض تسكنها الشيعة» الإمام ما يؤتمّ به ويقصد إليه من رئيس وغيره، والمجالس كلّها ينبغي لها الاقتداء بمجالس الشيعة باعتبار شرافة أهلها، وكونها محلاًّ للمعرفة والفضل والإيمان، «والله‌ لو لا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشبا أبدا» أي بعيني، والعشب الكلاء ما دام رطبا، ولا يقال له حشيش حتّى يهيج، والظاهر أنّ «ما» في لولا ما زائدة، ويحتمل أن يراد به شيء أي أحد أو إيمان أو عبادة وطاعة.


(446)

«والله‌ لو لا ما في الأرض منكم ما أنعم الله‌ على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيّبات» من الرّزق وغيره، لإحاطة غضب الله‌ تعالى حينئذ بأهل الأرض جميعا، وفيه دلالة على أن أصابتهم الطيّبات بالعرض وباعتبار وجود المؤمن، «ما لهم في الدنيا ولا في الآخرة من نصيب» أمّا في الآخرة فلا نصيب لهم أصلاً، وأمّا في الدنيا فلا نصيب لهم بالذات، ويحتمل أن يكون جملة دعائيّة «كلّ ناصب وإن تعبّد واجتهد» في العبادة كمّاً وكيفاً، والمراد بالنّاصب هنا أهل الخلاف جميعا، «منسوب إلى هذه الآية» ومصداق لها «عامِلَةٌ ناصِبَةٌ»[1] تعمل وتتعب في أعمال غير نافعة يوم ينفع العاملين أعمالهم، «تَصْلى نارا حامِيَةً»[2] أي تدخل نارا متناهية في الحرارة والإحراق، ثمّ أكّد ذلك بقوله «كلّ ناصب مجتهد فعمله هباء» الهباء، التراب وهو في الأصل ما ارتفع من تحت سنابك الخيل، والشيء المنبثّ الذي تراه في ضوء الشّمس، شبّه به أعمالهم في انتشارها وعدم تصوّر النفع «فيها شيعتنا ينطقون» في الولاية والأحكام وغيرهما «بنور الله‌ عزّ وجلّ» أي بعمله المنزل إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌و‌آله «ومن يخالفهم ينطق» فيما ذكر «بتفلّت» أي فجأة من عند أنفسهم بلا رويّة، واستناد إلى أصل متحقّق، وفي النهاية: التفلّت التعرّض للشيء فجأة، ومنه حديث عمر «إنّ بيعة أبيبكر كانت فلتة وقى الله‌ شرّها» أراد بالفلتة الفجأة، ومثل هذه البيعة جدير بأن تكون هيّجة للشرّ والفتنة، فعصم الله‌ من ذلك ووقى والفلتة كلّ شيء وفعل من غير رويّة، وإنّما بودر بها خوف انتشار الأمر، وقيل: أراد بالفلتة الخلسة، أي أنّ الإمامة يوم السقيفة مالت إلى تولّيها الأنفس، ولذلك كثر فيه التّشاجر فما قلّدها أبوبكر إلاّ انتزاعا من الأيدي واختلاساً.


--------------------------------------------------

1. الغاشية 88: 3.

2. الغاشية 88: 4.


(447)

فانظر رحمك الله‌ كيف أنطق الله‌ لسان ذلك الرّجل بالحقّ ليكون حجّة عليه وعلى من تبعه «والله‌ ما من عبد من شيعتنا ينام إلاّ أصعد الله‌ روحه إلى السّماء فيبارك عليها» أي يديم عليها ما أعطاها من التشريف والكرامة أو يزيدهما لها، «جعلها في كنوز رحمته» أي جعلها مدّخرة تحت رحمته ليردّها إليه يوم البعث كما يدخّر المال تحت الأرض، «وفي رياض جنّته» هي إمّا الجنّة المعروفة، أو جنّة في الدنيا معدّة لأرواح المؤمنين، كما مرّ مثله «وفي ظلّ عرشه» أي في ظلّ رحمته أو في كنفها، وهو كناية عن القرب حتّى كأنّ الرحمة ألقت الظلّ عليها، ويحتمل أن يراد بالعرش العرش الجسمانيّ، وقد مرّ «وإن كان أجلها متأخّرا بعث بها مع أمنته من الملائكة» الأمنة جمع الأمين، وهو الحافظ.

«ليردّها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه» قال الله‌ تعالى: «اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لاَياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»[1] «وإنّ فقراءكم لأهل الغنى» يحسبهم الناس أغنياء من التعفّف، لغناء نفوسهم الشريفة عن السؤال، أو المراد به الغناء الأخرويّ، لتحصيلهم أسباب الآخرة «وإنّ أغنياءكم لأهل القناعة» يقنعون بالكفاف ولا يسرفون ولا يقترون، ولا يضيّعون عمرهم في طلب الزيادة. قوله: «وزاد فيه ألا وإنّ لكلّ شيء جوهرا وجوهر ولد آدم محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ونحن، وشيعتنا بعدنا»، الجوهر من كلّ شيء ما له فضيله كاملة ومزيّة واضحة وخصلة ظاهرة بها يصطفي، ويمتاز عن غيره من أفراد ذلك الشيء، كالياقوت في الأحجار مثلاً، وبذلك يظهر وجه ما ذكر.

«والله‌ لو لا أن يتعاظم الناس ذلك» فيأخذونهم أنبياء ورسلاً «أو يداخلهم


--------------------------------------------------

1. الزّمر 39: 42.


(448)

زهو» أي كبر وفخر، «لسلّمت عليهم الملائكة قبلاً» في القاموس: رأيته قبلاً محرّكة وكصرد وكعنب، أي عياناً ومقابلةً «أنتم والله‌ على فُرشكم نيام لكم أجر المجاهدين» لأنّ الشيعة أكياس ينامون على قصد الخير، ولذا قال أمير المؤمنين عليه‌السلام «حبّذا نوم الأكياس» قال المحقّقون: الأكياس هم الّذين اشتغلت قلوبهم بالحقّ، وتزيّنت بالمعارف. وقالوا: سرّ ذلك أنّهم ينامون على نيّة أن تقووا به على الطاعة، فإذاً هم حال النّوم في عين الطاعة.

«أنتم والله‌ الّذين قال الله‌ عزّ وجلّ: «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوانا عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ»[1] الغلّ، الحقد والحسد والبغض، والشبهة في الولاية الحقّة وغيرها، وأعظم النزع في الدنيا وبعضه في الآخرة ليدخل المؤمن طاهراً خالصا من النقص في الجنّة «إنّما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين، عينان في الرأس وعينان في القلب» يرون بعيني القلب الحقائق والمعقولات، ويميّزون بين صحيحها وسقيمها وحقّها وباطلها، فيتبعون الحقّ ويتركون الباطل، كما يرون بعيني الرأس المبصرات، مثل الأضواء والألوان، ويميّزون بينهما.[2]

قال الفيض الكاشاني:

بيان: «وأنتم السّابقون الأوّلون» أشار بذلك إلى قوله سبحانه: «وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»[3] الآية، قيل: هم من المهاجرين من صلّي إلى القبلتين أو شهد بدرا، ومن الأنصار أهل بيعة العقبتين الأولى والثانية، ولعلّ السابقين الآخرين من تأخّر عنهم من أهل السّبق، نبّه عليه‌السلام على أنّ شيعته بمنزلة كلّ السّابقين، وإنّ لهم


--------------------------------------------------

1. الحجر 15: 47.

2. شرح أُصول الكافي 12: 269.

3. التوبة 9: 100.


(449)

السّبق في الدنيا والسّبق في الآخرة، ومعناه ما مرّ في تفسير حديث: «من مات على هذا الأمر مات شهيدا» وفي عرض المجالس، «السّابقون في الدنيا» بدون الواو، وعلى هذا تكون الجملتان الأخيرتان تفسيراً للأوّليين على الأظهر «والعشب» الكلاء، و «التفل» شبيه بالبزق، وهو أقل منه، أوله التفل ثمّ البزق ثمّ النفث ثمّ النفخ.

«الزهو» الكبر والفخر، يعني لولا كراهة استعظام الناس ذلك أو كراهة أن يدخل الشيعة كبر وفخر لسلّمت الملائكة على الشيعة مقابلةً وعيانا.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «لأحبّ رياحكم وأرواحكم» الرّياح جمع الرّيح، والمراد هنا الرّيح الطيّب أو الغلبة أو القوّة أو النصرة أو الدولة. والأرواح، إمّا جمع الروح ـ بالضمّ ـ أو ـ بالفتح ـ بمعنى نسيم الرّيح أو الراحة. قوله عليه‌السلام: «على ذلك» أي على ما هو لازم الحبّ من الشفاعة. قوله عليه‌السلام: «أنتم شيعة الله‌» أي أتباع دين الله‌. قوله عليه‌السلام: «وأنتم السّابِقُونَ الأوّلُون» أي في صدر الإسلام بعد فوت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله سبق من كان منكم من الشيعة إلى اتّباع الوصيّ حقّا، أو في زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌و‌آله سبقوا إلى قبول ما قاله في وصيّه.

ويحتمل أن يكون المراد السبقة في الميثاق. قوله عليه‌السلام: «بضمان الله‌» أي بسبب أنّ الله‌ ضمّن لكم الجنّة، أو ضمّناها لكم من قبل الله‌، وبأمره ويحتمل أن تكون الباء بمعنى مع. قوله عليه‌السلام: «أكثر أرواحا» لعلّ الأكثريّة بالنسبة إلى جماعة ماتوا، أو استشهدوا في زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌و‌آله لا يطلق عليهم اسم الشيعة، أو بالنسبة إلى سائر الأمم أو بالنسبة إلى المستضعفين من المخالفين. قوله عليه‌السلام: «حوراء عيناء»


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 5: 806.


(450)

أي في الجنّة على صفة الحوريّة في الحسن والجمال. قوله عليه‌السلام: «أبشر» أي خذ هذه البشارة «وبشّر» أي غيرك «واستبشر» أي افرح وسرّ بذلك. قوله عليه‌السلام: «دعامة» الدعامة بالكسر: عماد البيت، قوله عليه‌السلام: «بتفلّت» أي يصدر عنهم فلتة من غير تفكّر ورويّة وأخذ من صادق. قوله عليه‌السلام: «لأهل الغنى» أي غنى النفس والاستغناء عن الخلق بتوكّلهم على ربّهم. قوله عليه‌السلام: «لأهل دعوته» أي دعاكم الله‌ إلى دينه وطاعته فأجبتموه إليهما.

قوله عليه‌السلام: «وجوهر ولد آدم» أي كما أنّ الجواهر ممتازة من سائر أجزاء الأرض بالحسن والبهاء والنفاسة والندرة، فكذا هم بالنسبة إلى سائر ولد آدم عليه‌السلام. قوله عليه‌السلام: «حبّذا» قال الجوهري: حبّ فعل ماض لا يتصرّف، وأصله حبب على ما قال الفرّاء وذا فاعله، وهو اسم مبهم من أسماء الإشارة جعلا شيئا واحدا، فصار بمنزلة اسم يرفع ما بعده، وموضعه رفع بالابتداء، وزيد خبره، ولا يجوز أن يكون بدلاً من ذا لأنّك تقول حبّذا امرأة ولو كان بدلاً لقلت حبّذه المرأة. قوله عليه‌السلام: «لولا أن يتعاظم الناس ذلك» أي لولا أن يعدّوه عظيما، ويصير سببا لغلوّهم فيهم. قوله عليه‌السلام: «زهو» أي كبر وفخر، قوله عليه‌السلام: «قبلاً» قال الفيروزآبادي: رأيته قبلاً محرّكة، وبضمّتين وكصرد وكعنب وقبيلاً كأميرا أي عيانا ومقابلة. قوله عليه‌السلام: «ممّن خالفه» أي أجره التقديري أي لو كان له أجر مع قطع النظر عمّا يتفضّل به على الشيعة كأنّه له أجر واحد فهذا ثابت للساكت من الشيعة. قوله عليه‌السلام: «أجر المجاهدين» أي في سائر أحوالهم غير حالة المصافّة مع العدوّ. قوله عليه‌السلام: «فتح أبصاركم» أي أبصار قلوبكم.[1]

الحديث 363: محمّد،[2] عن أحمد[3] وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 26: 132 ـ 136، وانظر: بحار الأنوار 65: 82.

2. أي: «محمّد بن يحيى».

3. أي: «أحمد بن محمّد بن عيسى».