(201)
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
وظاهره عدم بطلان المحرميّة بالموت.[1]
الحديث 112: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمَّد بن أُرومة، عن عليّ بن ميسرة[2]،[3] عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: الزّوج أحقّ بامرأته حتّى يضعها في قبرها.
المصادر: الكافي 3: 194، كتاب الجنائز، باب من يدخل ومَن لا يدخل، ح6، تهذيب الأحكام 1: 325، كتاب الطهارة، ب13 باب تلقين المحتضرين وتوجيههم...، ح117، وسائل الشيعة 2: 531، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، ب24 ح9 وفي السند «عليّ بن ميسّر» بدل «عليّ بن ميسرة»، وأورده أيضاً في ج3: 116، أبواب صلاة الجنازة، ب24 ح3، وص187، أبواب الدفن ب26 ح2 وفي السند: «عليّ بن ميسر» بدل «عليّ بن ميسرة»، جامع أحاديث الشيعة 3: 558، كتاب الطهارة، أبواب الدفن، ب34 باب استحباب إدخال المرأة بقبر من كان يراها في حياتها و...، ح3.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «الزوج» إلخ، لا خلاف في أولويّة الزوج في هذا الأمر وسائر أُمورها من كلّ أحد كما يظهر من المعتبر. قال في الذكرى: الزوج أولى من المحرم بالمرأة ولو تعذّر فامرأة صالحة، ثمّ أجنبي صالح وإن كان شيخاً فهو أولى، قاله في التذكرة.[4]
وقال أيضاً:
قال الفاضل التستري رحمهالله في عليّ بن ميسرة: في الكافي ابن ميسر بغير هاء،
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 13: 338.
2. في الوسائل والجامع: «ميسّر» بدل «ميسرة».
3. ولمزيد الوقوف عليه، راجع معجم رجال الحديث للإمام الخوئي قدسسره 12: 206، الرقم 8543 و8544.
4. مرآة العقول 14: 91.
(202)
وكذا فيما عندنا من النسخ المتعدّدة، انتهى.[1]
الحديث 113: محمّد بن الحسن بإسناده، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبدالله عليهالسلام في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه إلاّ النساء، قال: يدفن ولا يغسّل....
المصادر: وسائل الشيعة 2: 532، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، ب24، ذيل ح12، وقد أورده في ص 521، ب 21، ذيل ح 4، وفي ص 531، ب 24 ح 7 من هذه الأبواب. وقد مرَّ الحديث في الصفحة 197 رقم الحديث 108 وفي الصفحة 200 رقم الحديث 110، فراجع هناك.
الحديث 114: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن فضيل سُكَّرة قال: قلت لأبي عبدالله عليهالسلام: جعلت فداك هل للماء حدٌّ محدود؟ قال: إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعليّ صلوات الله عليه:[2] إذا أنا متُّ فاستق لي ستَّ قِرب من ماء بئر غرس[3] فغسّلني[4] وكفّنّي وحنّطني، فإذا فرغت من غسلي وكفني وتحنيطي فخذ بمجامع كفني وأجلسني ثمّ سلني عمّا شئت فوالله لا تسألني عن شيء إلاّ أجبتك فيه.
المصادر: الكافي 3: 150، كتاب الجنائز، باب حدّ الماء الذي يغسّل به الميّت والكافور، ح1، ورواه الشيخ بإسناده، عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 1: 435، كتاب الطهارة، ب23 باب تلقين المحتضرين، ح42، وليس فيه: «وحنّطني، وتحنيطي»، وروى الشيخ بهذا
--------------------------------------------------
1. ملاذ الأخيار 2: 557.
2. في التهذيبين والجامع: «عليه السلام».
3. بئر غرس: الغَرْسُ: بالفتح ثمّ السكون، وآخره سين مهملة؛ والغرس في لغتهم: الفسيل أو الشجر الذي يغرس لينبت، والغرس: غرسك الشجر، وبئر غرس: بالمدينة المنوّرة جاء ذكرها في غير حديث وهي بقُبا، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآله يستطيب ماءها ويبارك فيه، وقال لعليّ رضىاللهعنه، حين حضرته الوفاة: إذا أنا متُّ... إلخ. معجم البلدان 4: 218، الرقم 8806.
4. في الاستبصار والوسائل والجامع: «فاغسلني»، وفي التهذيب: «وغسّلني».
(203)
الإسناد صدر الحديث في الاستبصار 1: 196، كتاب الطهارة، أبواب الجنائز، ب116 باب حدّ الماء الذي يغسل به الميّت، ح3، وسائل الشيعة 2: 537، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، ب28، ذيل ح2، جامع أحاديث الشيعة 3: 271، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، ب12 باب ما ورد في حدّ الماء الذي يغسل به الميّت...، ح4.
قال الشيخ الطوسي رحمهالله في الاستبصار:
فلا تنافي بين هذين الخبرين والخبر الأوّل ـ الذي ورد فيه: حدّ غسل الميّت أن يغسّل حتّى يطهر إن شاء الله تعالى ـ لأنّهما محمولان على ضرب من الاستحباب، لأنّ الفضل في غسل الميّت أن يستعمل الماء كثيراً واسعاً ولا يضيّق الماء فيه وإن كان لو اقتصر على القدر الذي يطهّره أجزأه ما يتناوله اسم الغسل.[1]
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
وقال في النهاية: غرس بفح الغين وسكون الراء والسين المهملة. بئرٌ بالمدينة، وفي القاموس بئر غرس بالمدينة، ومنه الحديث غرس من عيون الجنّة وغسّل رسول الله صلىاللهعليهوآله منه، انتهى.
ويدلّ على استحباب تكثير الماء لغسل الميّت على خلاف سائر الأغسال، والسؤال بعد الغسل إمّا بعود الروح إليه صلىاللهعليهوآله كما هو الظاهر أو بإيجاد الله تعالى الكلام على لسانه المقدّس، أو الارتباط بين روحيهما المقدّسين، والإفاضة على روحه عليهالسلام من روحه صلىاللهعليهوآله بغير كلام، أو بالتكلّم من الجسد المثالي، والأوّل أظهر كما لايخفى.[2]
وقال أيضاً:
والسؤال يحتمل أن يكون بحسب الظاهر وبالبدن، بردّ الروح إليه صلىاللهعليهوآله، أو
--------------------------------------------------
1. الاستبصار 1: 196.
2. مرآة العقول 13: 322.
(204)
بالاتّصال الروحاني والإفاضة من روحه المقدّسة على قلبه الشريف، ويؤيّده ما ورد أنّه علّمهُ ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب، فإنّ السؤال الظاهري والبيان النطقي لا يفي بمثل ذلك في الأزمنة القليلة، والله يعلم.[1]
الحديث 115: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمَّد بن أبي نصر، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: إذا خرج من منخر الميّت الدَّم أو الشيء بعد الغسل وأصاب العمامة أو الكفن قرِّضه[2] بالمقراض.
المصادر: الكافي 3: 156، كتاب الجنائز، باب ما يخرج من الميّت بعد أن يغسلَ، ح1، وسائل الشيعة 2: 543، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، ب32 ح4، وأورده أيضاً في ج3: 47، أبواب التكفين، ب24، ذيل ح3، جامع أحاديث الشيعة 3: 360، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه، ب20 باب أنّه إذا خرج من الميّت شيء بعدما يكفّن...، ح2.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
وقال الصدوقان وأكثر الأصحاب: وجب غسلها ما لم يطرح في القبر وقرضها بعده، وهو حسن. ونقل عن الشيخ أنّه أطلق وجوب قرض المحلّ كما هو ظاهر هذا الخبر، ولا يبعد القول بالتخيير قبل الدفن وتعيين القرض بعده.[3]
الحديث 116: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه رفعه قال: إذا غسّل الميّت ثمّ أحدث بعد الغسل فإنّه يغسل الحدث ولا يعاد الغُسل.
المصادر: الكافي 3: 156، كتاب الجنائز، باب ما يخرج من الميّت بعد أن يغسّل، ح2، وسائل الشيعة 2: 543، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، ب32 ح5، وأورده أيضاً في ج3: 46، أبواب التكفين، ب24، ح2، جامع أحاديث الشيعة 3: 296، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، ب22 باب أنّه إذا خرج من الميّت شيء بعد الغسل...، ح3.
--------------------------------------------------
1. ملاذ الأخيار 3: 238.
2. في الجامع: «أقرضه» بدل «قرّضه».
3. مرآة العقول 13: 333.
(205)
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
ما تضمّنه من عدم إعادة الغسل هو المشهور، وقال ابن أبي عقيل: بوجوب إعادته، والخبر يدفعه.[1]
أبواب التكفين
الحديث 117: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: الميّت يكفّن في ثلاثة سوى العمامة، والخرقة يشدّ[2] بها وركيه لكيلا يبدو منه شيء، والخرقة والعمامة لابدّ منهما، وليستا من الكفن.
المصادر: الكافي 3: 144، كتاب الجنائز، باب تحنيط الميّت وتكفينه، ح6، تهذيب الأحكام 1: 293، كتاب الطهارة، ب13 باب في تلقين المحتضرين وتوجيههم...، ح24، وسائل الشيعة 3: 9 كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب2 ح12، جامع أحاديث الشيعة 3: 329، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه، ب7 باب عدد أثواب الكفن من الواجب والندب و...، ح23.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
ولا خلاف فى استحباب العمامة ولفافة الفخدين. وقوله عليهالسلام «وليستا من الكفن» أي: الواجب أو مطلقاً.[3]
الحديث 118: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: يكفّن الميّت في خمسة أثواب: قميص لا يزرّ عليه، وإزار، وخرقة يعصّب بها وسطه، وبردٍ يلفّ فيه وعمامة يعمّم[4] بها، ويلقى فضلها على صدره.
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 13: 333.
2. في التهذيب والجامع: «تشدّ» بدل «يشدّ».
3. ملاذ الأخيار 2: 468.
4. في التهذيب والوسائل والجامع: «يعتم بها» بدل «يعمّم بها».
(206)
المصادر: الكافي 3: 145، كتاب الجنائز، باب تحنيط الميّت وتكفينه، ح11، تهذيب الأحكام 1: 293، كتاب الطهارة، ب13 باب تلقين المحتضرين وتوجيههم...، ح26، ورواه مثله أيضا في ص310، ح68، بإسناده، عن سهل بن زياد، وفيه «على وجهه» بدل «على صدره»، وسائل الشيعة 3: 10، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب2 ح13، جامع أحاديث الشيعة 3: 329، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه، ب7 باب عدد أثواب الكفن من الواجب والندب، ح21.
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
بيان: «لا يزرّ عليه» أي لا يشدّ أزراره إن كانت له أزرار، ولا منافاة بين الخبرين؛ لأنّ في الأوّل إنّما عدّما يلفّ به الجسد كما صرّح به، وفي الثاني مجموع ما يكفّن به.[1]
قال العلاّمة المجلسي:
وفي الحبل المتين: البُرد بالضم ثوب مخطط، وقد يطلق على غير المخطط أيضا.
قوله عليهالسلام: «ويلقى فضلها على وجهه» في الكافي «صدره» وهو الظاهر».[2]
الحديث 119: وعنهم، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحلبي قال: قال أبو عبدالله عليهالسلام ـ في حديث ـ: إنّ أبي كتب في وصيّته أن اُكفّنه في ثلاثة أثواب: أحدها رداء له حِبرة، وثوب آخر، وقميص، قلت: ولم كتبت هذا؟ قال: مخافة قول الناس، وعصّبناه بعد ذلك.
المصادر: وسائل الشيعة 3: 10، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب2 ح14، وأورد مثله في ص166، أبواب الدفن، ب15 ح3، وذيله في ص193، ب31 ح6 من هذه الأبواب، وأورد صدره في ج2: 481، أبواب غسل الميّت، ب2 ح4.
وقد مرّ الحديث بتمامه في الصفحة 186، رقم الحديث 99، فراجع هناك.
--------------------------------------------------
1. كتاب الوافي 24: 358.
2. ملاذ الأخيار 2: 515.
(207)
الحديث 120: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عمرو بن سعيد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي الحسن الأوّل عليهالسلام قال: سمعته يقول: إنّي[1] كفّنت أبي في ثوبين شطويّين كان يحرم فيهما، وفي قميص من قمصه، و[2] عمامة كانت لعليّ بن الحسين عليهماالسلام، وفي بردٍ إشتريته بأربعين دينارا، لو كان اليوم لساوى أربعمائة دينار.
المصادر: الكافي 3: 149، كتاب الجنائز، باب ما يستحبّ من الثياب للكفن وما يكره، ح8، ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 1:434، كتاب الطهارة، ب23، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم...، ح38، والإستبصار 1: 210، كتاب الطهارة، أبواب الجنائز، ب122، باب إنّ الكفن لا يكون إلاّ قطنا، ح3، وسائل الشيعة 3: 10، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب2 ح15، وأورد مثله في ص40، ب18 ح5، وصدره في ص16، ب5 ح2، من هذه الأبواب، جامع أحاديث الشيعة 3: 340، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه، ب13، باب أنّه يستحبّ أن يكفّن الميّت فيما أحرم فيه، ح1.
قال الشيخ الطوسي في الاستبصار:
لأنّ الوجه في هذا الخبر الحال الّتي لا يقدر فيها على القطن، على أنّه حكاية فعل، ويجوز أن يكون ذلك يختصّ بهم عليهمالسلام، ولم يقل فيه ينبغي أن تفعلوا أنتم، وإذا لم يكن فيه لم يجب المصير إليه.[3]
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
أقول: وليت شعري ما في هذا الخبر يدلّ على تقديم غير القطن فإن كان البُرد
--------------------------------------------------
1. في التهذيبين والجامع: «أنا» بدل «إنّي».
2. في التهذيبين زيادة: «في».
3. الاستبصار 1: 211.
(208)
غير قطن فالأخبار مملوءة به بذكر البُرد في جملة الكفن، وتقديمه على غيره، فينبغي حمل أفضلية القطن بغير الفوقاني، وإن كان الشطوي يكون البتة من غير قطن فنحن لا نعلم ذلك، وهو أعلم بذلك، وليس في الكافي بالسند الأخير قوله: «لو كان» إلى آخر الحديث.[1]
قال العلاّمة المجلسي:
وفي الصحاح: شطا، إسم قرية بناحية مصر، يُنسب إليها الثياب الشطويّة، انتهى. ويدلّ على استحباب التكفين فيما أحرم فيه، وفي القميص الذي لَبِسه والمغالاة في البُرد.[2]
الحديث 121: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا رفعه قال: سألته: كيف تكفّن المرأة؟ فقال: كما يكفّن الرّجل غير أنّها تشدّ[3] على ثدييها خرقة تضمّ الثّدي إلى الصدر، وتشدّ[4] على[5] ظهرها، ويصنع لها القطن أكثر ممّا يصنع للرّجال، ويحشى القُبل والدُّبر بالقطن والحُنوط، ثمّ تشدّ عليها الخرقة شدّا شديدا.
المصادر: الكافي 3: 147 كتاب الجنائز، باب تكفين المرأة، ح2، تهذيب الأحكام 1: 324، كتاب الطهارة، ب13 باب تلقين المحتضرين وتوجيههم...، ح112، وفيه: «على ثديها» بدل «على ثدييها» و«تضمّ الثديين» بدل «تضمّ الثدي» و«تضع» بدل «تصنع»، وسائل الشيعة 3: 11، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب 2 ح16، جامع أحاديث الشيعة 3: 319، كتاب الطهارة، أبواب تنحيط الميّت وتكفينه، ب6 باب وجوب تكفين الميّت، وكيفيّته وعلته، ح10.
--------------------------------------------------
1. كتاب الوافي 24: 375.
2. مرآة العقول 13: 320، وملاذ الأخيار 3: 235.
3. في الوسائل والجامع: «أنّا نشدّ» بدل «أنّها تشدّ».
4. في الوسائل: «وشدّ» بدل «وتشدّ».
5. في التهذيب: «إلى» بدل «على».
(209)
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قال الفاضل التستري رحمهالله: لم أعرف دلالته على زيادة الثوبين المذكورين أعني: اللفافتين، أو لفافة ونمطا. نعم يدلّ على زيادة خرقة للثديين.
وقوله عليهالسلام: «بالقطن والحنوط» أي الذريرة، أو مع الكافور.[1]
وقال أيضا:
قوله عليهالسلام: «والحنوط» أي يذر على القطن الكافور، والذريرة، كما ورد في غيره.[2]
الحديث 122: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: أقلّ ما يجزىء من الكافور للميّت مثقال.
المصادر: الكافي 3: 151، كتاب الجنائز، باب حدّ الماء الذي يغسل به الميّت والكافور، ح5، تهذيب الأحكام 1: 291، كتاب الطهارة، ب13 باب في تلقين المحتضرين وتوجيههم...، ح14، وسائل الشيعة 3: 13، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب3 ح2، جامع أحاديث الشيعة 3: 313، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه، ب2 باب أنَّ السُّنّة للميّت في الكافور وزن...، ح10.
الحديث 123: وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عمرو بن سعيد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي الحسن الأوّل عليهالسلام قال: سمعته يقول: إنّي كفّنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما وفي قميص من قمصه، الحديث.
المصادر: وسائل الشيعة 3: 16، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب5 ح2، وأورد بتمامه في ص10، ب2 ح15، وفي ص40، ب18 ح5، من هذه الأبواب.
وقد مرّ الحديث في الصفحة 207، رقم الحديث 120، فراجع هناك.
--------------------------------------------------
1. ملاذ الأخيار 2: 555.
2. مرآة العقول 13: 316.
(210)
الحديث 124: محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن عدّة من أصحابنا، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: لا يسخّن (للميّت الماء)، لا تعجّل له النّار، ولا يحنّط بمسك.
المصادر: وسائل الشيعة 3: 18، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب6 ح6، وأورده في ج2: 499، أبواب غسل الميّت، ب10 ح3.
وقد مرّ الحديث في الصفحة 191، رقم الحديث 102، فراجع هناك.
الحديث 125: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن غير واحدٍ من أصحابنا، قالوا: قلنا له: جعلنا[1] فداك، إن لم نقدر على الجريدة؟ فقال: عود السِّدر، قيل[2]: فإن لم نقدر[3] على السّدر؟ فقال: عود الخلاف.[4]
المصادر: الكافي 3: 153، كتاب الجنائز، باب الجريدة ح10، تهذيب الأحكام 1: 294، كتاب الطهارة، ب13، باب في تلقين المحتضرين وتوجيههم...، ح27، وسائل الشيعة 3: 24، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب8 ح3، جامع أحاديث الشيعة 3: 368، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه، ب24 باب استحباب كون الجريدة، من النخل...، ح3.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
وفي القاموس: الخلاف، ككتاب وشدّه لحن: صنف من الصّفصاف، وليس به، سُمّي خلافاً لأنّ السّيل يجيء به سبياً، فينبت من خلاف أصله. انتهى، والمشهور بين الأصحاب تقديم النخل على غيرها، ثمّ السّدر، ثمّ الخلاف، ثمّ من
--------------------------------------------------
1. في التهذيب والوسائل زيادة لفظة: «الله».
2. في التهذيب: «قلت» بدل «قيل».
3. في التهذيب: «تقدر» و الوسائل: «يقدر».
4. الخلاف: الصّفصاف، وهو بأرض العرب كثير، ويسمى السَّوْجَرَ وهو شجر عِظام، وأصنافه كثيرة وكلّها خوارٌ حفيفٌ. لسان العرب 2: 304، مادة «خلف»
(211)
شجر رُطَب، وقال الشيخ في الخلاف: يستحبّ أن يوضع مع الميّت جريدتان خضراوان من النخل، أو غيرها من الأشجار، ونحوه قال ابن إدريس، وقدّم المفيد الخلاف على السّدر، وقيل: بعد السّدر لا ترتيب بين سائر الأشجار، والشهيد في الدروس والبيان ذكر بعد الخلاف قبل الشجر الرطب، شجر الرّمان، والأشهر أظهر؛ لكن لا يبعد تقديم شجر الرّمان بعد الخلاف على سائر الأشجار.[1]
الحديث 126: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن سماعة، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: توضع للميّت جريدتان: واحدة في الأيمن، والأُخرى في الأيسر.
المصادر: الكافي 3: 153، كتاب الجنائز، باب الجريدة، ح6، وسائل الشيعة 3: 27، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب 10 ح 6، جامع أحاديث الشيعة 3: 364؛ كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه، ب22 باب استحباب وضع الجريدة الرطبة دون اليابسة مع الميّت و...، ح13.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
وظاهره جواز الوضع في أي موضع شاء من الأيمن والأيسر، ملاصقا وغير ملاصق، ويمكن حمله على ما سبق.[2]
الحديث 127: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه قال: قيل له: جعلت فداك، ربّما حضرني من أخافه فلا يمكن وضع الجريدة على ما رويتنا قال[3]: أدخلها حيث ما أمكن.
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 13: 327.
2. مرآة العقول 13: 326.
3. في الوسائل: «فقال» بدل «قال».
(212)
المصادر: الكافي 3: 153، كتاب الجنائز، باب الجريدة، ح8، تهذيب الأحكام 1: 327، كتاب الطهارة، ب13 باب في تلقين المحتضرين وتوجيههم...، ح124، وفيه: بدل رويتنا «رويناه»، وسائل الشيعة 3: 28، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب11 ح1، جامع أحاديث الشيعة 3: 366، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه ب23 باب جواز وضع الجريدة حيث ما أمكن ولو في القبر أو عليه، ح1 وفيه: «روّيتنا» بدل «رويتنا».
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
وفي القاموس: رويته الشعر حملته على روايته كما رويته، ويدلّ على جواز جعلها في القبر كيف ما اتّفق كما ذكره الأصحاب.[1]
الحديث 128: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح، عمّن رواه، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي جعفر عليهالسلام، أنّ الحسن بن علي عليهماالسلامكفّن أسامة[2] بن زيد ببردٍ أحمر[3] حبرةٍ،[4] وأنّ عليّا عليهالسلام كفّن سهل بن حنيف ببردٍ أحمر حبرة.
المصادر: الكافي 3: 149، كتاب الجنائز، باب ما يستحب من الثياب للكفن وما يكره ح9، تهذيب الأحكام 1: 296، كتاب الطهارة، ب13 باب في تلقين المحتضرين وتوجيههم...، ح 36، وسائل الشيعة 3: 31، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، باب 13 ح2، جامع أحاديث الشيعة 3: 333، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه، ب9 باب استحباب كون الكفن بردا و...، ح1.
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 13: 327.
2. وجاء في هامش الوسائل: «في هامش المخطوط ما نصّه: ذكر الذهبي وابن حجر وغيرهما أنّ أسامة مات سنة أربع وخمسين، والحسن عليهالسلام توفي سنة خمسين، أو تسع وأربعين، وعلى هذا فيكون المكفّن هو الحسين عليهالسلام، أو يكون الحسن عليهالسلام دفع الحبرة إلى أسامة قبل موته، ليجعلها كفنا. فتدبّر».
3. ليس في التهذيب: «أحمر».
4. الحِبَرةُ: ضرب من بُرود اليمن. (العين 1: 338، معجم تهذيب اللغة 1: 722، لسان العرب 2: 10، المصباح المنير 1: 118 اُنظر مادة «حبر»)
(213)
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
ولا خلاف ظاهرا في استحباب كون الكفن أبيض إلاّ الحبرة.[1]
وقال أيضا:
ويدلّ على استحباب كون البرد أحمر.[2]
الحديث 129: وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عمرو بن سعيد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي الحسن الأوّل عليهالسلام، قال: سمعته يقول: إنّي كفّنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما، وفي قميص من قمصه، وعمامة كانت لعليّ بن الحسين عليهالسلام، وفي برد اشتريته بأربعين دينارا، ولو كان اليوم لساوى أربعمائة دينار.
المصادر: وسائل الشيعة 3: 40، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب18 ح5، وأورده بتمامه في ص10، ب2 ح15، وصدره في ص16، ب5 ح2 من هذه الأبواب.
وقد مرّ الحديث في الصفحة 207 رقم الحديث 120، وفي الصفحة 209 رقم الحديث 123، فراجع هناك.
الحديث 130: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر عليهالسلام قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: ليس من لباسكم شيء أحسن من البياض فألبسوه موتاكم.
المصادر: الكافي 3: 148، كتاب الجنائز، باب ما يستحب من الثياب للكفن وما يكره، ح2، ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد، مثله، في تهذيب الأحكام 1: 434، كتاب الطهارة، ب23 باب في تلقين المحتضرين وتوجيههم...، ح35، إلاّ أنّه قال: «فالبسوه وكفّنوا فيه موتاكم»، وسائل الشيعة 3: 41، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب19 ذيل ح2، وأورده أيضا في ج5: 27، كتاب الصّلاة، أبواب أحكام الملابس، ب14 ذيل ح3، جامع
--------------------------------------------------
1. ملاذ الأخيار 2: 476.
2. مرآة العقول 13: 320.
(214)
أحاديث الشيعة 3: 336، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه، ب11 باب استحباب كون الكفن أبيض وكراهة كونه أسود، ح2.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
ويدلّ على استحباب البياض للكفن، كما ذكره الأصحاب، واستثنوا منه الحبرة، كما سيأتي.[1]
الحديث 131: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، رفعه قال: إذا غسّل الميّت ثمّ أحدث بعد الغسل فإنّه يغسل الحدث، ولا يعاد الغسل.
المصادر: وسائل الشيعة 3: 46، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب24 ح2، وأورده في ج2: 543، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، ب32 ح5.
وقد مرّ الحديث في الصفحة 204، رقم الحديث 116، فراجع هناك.
الحديث 132: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبدالله بن يحيى الكاهليّ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: إذا خرج من منخر الميّت الدّم، أو الشيء بعد الغسل، وأصاب العمامة، أو الكفن قرّضه[2] بالمقراض.
المصادر: وسائل الشيعة 3: 47، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب24، ذيل ح3، وأورده في ج2: 543، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، ب32 ح4.
وقد مرّ الحديث في الصفحة 204، رقم الحديث 115، فراجع هناك.
الحديث 133: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، وأحمد بن محمّد، في المرأة إذا ماتت نفساء وكثر دمها أُدخلت إلى السرّة في الأُدم، أو مثل الأدم نظيف، ثمّ تكفّن بعد ذلك.
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 13: 318، وملاذ الأخيار 3: 234.
2. في الجامع: «أقرضه» بدل «قرّضه».
(215)
المصادر: الكافي 3: 154، كتاب الجنائز، باب الميّت يموت وهو جنب أو حائض أو نفساء، ح3، وسائل الشيعة 3: 48، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب25، ذيل ح1، جامع أحاديث الشيعة 3: 361، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكفينه، ب21، باب حكم النفساء إذا ماتت وكثر دمها، ح1.
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
بيان: الأَدَم بفتحتين جمع أديم وهو الجلد، وفي نسخ التهذيب الأديم.[1]
الحديث 134: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن النّوفلي، عن السّكوني، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: إذا أعدّ الرجل كفنه فهو مأجور كلّما نظر إليه.
أبواب صلاة الجنازة
المصادر: الكافي 3: 254، كتاب الجنائز، باب النوادر، ح12، وسائل الشيعة 3: 49، كتاب الطهارة، أبواب التكفين، ب27 ذيل ح1، جامع أحاديث الشيعة 3: 350، كتاب الطهارة، أبواب تحنيط الميّت وتكيفنه، ب18 باب استحباب إعداد الإنسان كفنه في بيته و...، ح2.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
ويدلّ على استحباب إعداد الكفن قبل الموت والنظر إليه.[2]
الحديث 135: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاّد، وعبدالله بن سنان جميعا، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: ينبغي لأولياء الميّت منكم أن يؤذنوا إخوان الميّت بموته، فيشهدون جنازته، ويصلّون عليه، ويستغفرون له، فيكتب[3] لهم[4] ويكتب للميّت الاستغفار، ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب لميّتهم من الاستغفار.
--------------------------------------------------
1. كتاب الوافي 24: 334.
2. مرآة العقول 14: 247.
3. في الجامع: «فيكتسب» بدل «فيكتب».
4. جاء في هامش الوسائل كذا: «في هامش الأصل عن الكافي: فيكتسب... وكلمة لهم مشطوب عليها في الأصل.
(216)
المصادر: الكافي 3: 166 كتاب الجنائز، باب انّ الميّت يؤذن به الناس ح1، وسائل الشيعة 3: 59، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب 1 ذيل ح 1، جامع أحاديث الشيعة 3: 395، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب6 باب استحباب إيذان الناس بموت المسلم، ح3.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
الحديث حسن كالصحيح.
وقال في الحبل المتين: لعلّ المراد بأولياء الميّت الّذين يستحبّ لهم أن يُخبر والناس بموته، أولاهم بميراثه على ترتيب الطّبقات الثّلاث في الإرث، ويمكن أن يراد بهم من علاقتهم أشدّ. سواء كانت علاقة نسبيّة أو سببيّة، والجنازة بفتح الجيم وكسرها الميّت.
وقد يطلق بالفتح على السّرير، وبالكسر على الميّت، وربّما عُكس، وقد تطلق بالكسر على السّرير إذا كان عليه الميّت، وهو المراد في الحديث.
ولفظتا «يكتسب» في قوله عليهالسلام: «فيكتسب لهم الأجر، ويكتسب للميّت الاستغفار» إمّا بالبناء للمفعول، أو الفاعل بعود المستتر إلى الوليّ في ضمن الأولياء.
ولفظة في قوله عليهالسلام: «ويكتسب هو الأجر فيهم، وفيما إكتسب لميّتهم من الإستغفار» للسببيّة، أي يكتسب الوليّ الأجر بذينك السّببين.
وقال في مشرق الشمسين: جملة «يشهدون» معطوفة على جملة ينبغي لا على يؤذنوا، وفي بعض النسخ: يشهدوا، ويصلّوا ويستغفروا، بإسقاط النون، وهو الأولى.[1]
الحديث 136: عليّ بن إبراهيم، عن ابيه، وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 3 ـ 4 وكتاب الوافي 24: 283.
(217)
جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي ولاّد، قال: سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن التكبير على الميّت؟ فقال: خمس، تقول في اوليهنَّ: «أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد»، ثمّ تقول: «اللهمّ إنّ هذا المسجّى قدّامنا عبدك وابن عبدك، وقد قبضت روحه إليك، وقد احتاج إلى رحمتك، وأنت غنيّ عن عذابه، اللّهمّ إنّا لا نعلم من ظاهره إلاّ خيرا، وأنت أعلم بسريرته، اللّهمّ إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيّئاته»، ثمَّ تكبّر الثانية وتفعل ذلك في كلّ تكبيرة.
المصادر: الكافي 3: 184، كتاب الجنائز، باب الصلاة على المؤمن والتكبير والدّعاء، ح3، وسائل الشيعة 3: 63، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب2، ذيل ح5، جامع أحاديث الشيعة 3: 412، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب9 باب كيفية صلاة الميّت وجملة من أحكامها، ح8.
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
بيان: التسجية: تغطية الميّت بثوب ونحوه.[1]
قال العلاّمة المجلسي:
الحديث: حسنٌ كالصحيح، لمشاركة السّند الضعيف مع الحسن وتأييده له ورواه الشيخ في الصحيح.
قوله عليهالسلام: «إنّ هذا المسجّى» قال في القاموس: تسجية الميّت تغطيته. قوله عليهالسلام: «في كلّ تكبيرة» ظاهره شمول الخامسة إلاّ أن يخصّص بالأخبار الأُخرى.[2]
الحديث 137: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمدّ بن أُورمة، عن زرعة بن محمّد، عن سماعة، قال: سألته عن الصلاة على الميّت؟ فقال: تكبّر
--------------------------------------------------
1. كتاب الوافي 24: 452.
2. مرآة العقول 14: 58.
(218)
خمس تكبيرات، تقول أوّل ما تكبّر: «أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعلى الأئمّة الهداة، واغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للّذين آمنوا، ربّنا إنّك رؤفٌ رحيم، اللّهمّ اغفر لأحيائنا وأمواتنا من المؤمنين والمؤمنات، وألّف قلوبنا على قلوب أخيارنا، واهدنا لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»، فإن قطع عليك التكبيرة الثانية فلا يضرّك تقول: «اللّهمّ عبدك ابن عبدك، وابن أمتك، أنت أعلم به منّي، افتقر إلى رحمتك واستغنيت عنه، اللّهمّ فتجاوز عن سيئاته، وزد في إحسانه، واغفر له وارحمه، ونوِّر له في قبره، ولقّنه حجّته، وألحقه بنبيّه صلىاللهعليهوآله. ولا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده» تقول هذا حتّى تفرغ من خمس تكبيرات.
المصادر: الكافي 3: 182، كتاب الجنائز، باب الصلاة على المؤمن والتكبير والدّعاء ح1، وسائل الشيعة 3: 64، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب2، ذيل ح6، جامع أحاديث الشيعة 3: 412، كتاب الطهارة، أبواب الصلاة على الميّت، ب9 باب كيفية صلاة الميّت وجملة من أحكامها، ذيل ح6.
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
بيان: قوله عليهالسلام: «فإن قطع عليك التكبيرة الثانية فلا يضرّك» كأنّه اُريد به أنّك إن كنت مأموما لمخالف فكبّر الإمام الثانية قبل فراغك من هذا الدّعاء أو بعده، وقبل الإتيان بما يأتي فلا يضرّك ذلك القطع، بل تأتي بتمامه أو بما يأتي بعد الثانية بل الثالثة والرابعة حتّى تتمّ الدّعاء، قوله «تقول: اللّهمّ» أي تقول هذا أيضا بعد ذاك سواء قطع عليك بأحد المعنيين أو لم يقطع.
وفي التهذيب: «فقل» بدله «تقول»، وقوله في آخر الحديث تقول هذا يعني تكرّر المجوع أو هذا الأخير ما بين كلّ تكبيرتين، وفي التهذيب «حين يفرغ»
(219)
مكان «حتّى يفرغ»، وعلى هذا يكون معناه أن تأتي بالدعاء الأخير بعد الفراغ من الخمس، وفيه بُعد، والظاهر أنّه تصحيف، والتسليم شاذّ، ولهذا ترك في الكافي ما تضمّنه من الأخبار رأسا ولم يورده في هذا الخبر، وحمله في التهذيب على التقيّة، وينافيه ذكر الخمس في عدد التكبير.[1]
قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «غلاًّ ـ الغلّ» بالكسر والفتح الحقد، وهنا بالكسر.
قوله عليهالسلام: «وألّف قلوبنا على قلوب أخيارنا» أي اجعل قلوبنا في العقائد الحقّة، والنيّات الصحيحة موافقة لقلوب أخيارنا وهم الأئمّة عليهمالسلام، وفي التهذيب: خيارنا.
قوله عليهالسلام: «من الحقّ» بيان لما، أي اهدنا إلى الحقّ الذي اختلف الناس فيه، «باذنك» أي بتوفيقك وتيسيرك أو تقديرك.
قوله عليهالسلام: «فإن قطع عليك».
أقول: هذا يحتمل الوجهين:
أحدهما: أن يكون المراد أنّه إن قطعت التكبيرة الثانية للإمام عليك دعاؤك، ولم يمهلك لإتمامه، فاكتف بما مضى، واقرأ الدّعاء للميّت في التكبيرات الاُخر، وإلاّ فضمّ إلى ما مضى الدّعاء الأخير أيضا، أي قوله عليهالسلام اللّهمّ عبدك.
وثانيهما: أن يكون المراد ان قطع عليك فلا تقطع الدّعاء، ولا يضرّك تأخير التكبير عن تكبير الإمام، بل إقرأ الدّعاء للميّت في التكبيرة الأُولى أيضا، ثمّ كبّر الثانية.
والإشارة في قوله عليهالسلام «تقول هذا» على التقديرين: امّا راجعة إلى الجميع أو
--------------------------------------------------
1. كتاب الوافي 24: 454.
(220)
إلى الدّعاء الأخير.
قوله عليهالسلام: «ونوّر له في قبره» أي نوّر له الأشياء في قبره، أو أعطه نورا في قبره، والمراد بالقبر عالم البرزخ والنور، امّا المراد به الحقيقة، أو كناية عن فرحه وسروره وظهور الأشياء له، والأوّل أولى، إذ لا ضرورة إلى التأويل، فإنّ الأرواح في أجسادهم المثاليّة، متنعّمون في جنّاتهم، مستضيئون بما جعل الله لهم من الأنوار الصوريّة والمعنوية.
قوله عليهالسلام: «ولقّنه حجّته» أي عند سؤال منكر ونكير.
قوله عليهالسلام: «ولا تحرمنا أجره» أي أجرما أصابنا من مصيبة.
قوله عليهالسلام: «ولا تفتنّا بعده» في القاموس الفتنة بالكسر الخبرة كالمفتون منه «بِأَييّكُمُ المَفْتُونُ»[1] واعجابك بالشيء فتنة يفتنه، فتنا وفتونا، وأفتنة، والضّلال، والإثم، والكفر، والفصيحة والعذاب، وإذابة الذهب والفضّة، والاضلال والجنون والمحنة، والمال والأولاد، واختلاف الناس في الآراء. انتهى، أي لا تجعلنا مفتونين بالدنيا بعدما رأينا من مصيبة بل نبّهنا بما أصابنا، واجعلنا زاهدين في الدنيا تاركين لشهواتها، لتذكّر الموت وأهوالها، ولا تمتحنا بعده بشدّة مصيبة فنجرع فيها، ونستحقّ بذلك سخطك، بل إعطنا صبراً، عليها، ولعلّ الأوّل أظهر، ويحتمل معانى أخرى يظهر ممّا نقلنا من معاني الفتنه لا نُطيل الكلام بذكرها.
قوله عليهالسلام: «تقول هذا حتّى تفرغ الخ» ظاهره يوهم أنّه يلزم الدّعاء بعد الخامسة ايضا، ويمكن أن يقال: جعل عليهالسلام نهاية القراءة الفراغ من الخمس، فاذا كبّر الخامسة فقد فرغ منها، فلا يقرأ بعدها.[2]
الحديث 138: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن
--------------------------------------------------
1. القلم 68: 6.
2. مرآة العقول 14: 52.
(221)
عبدالله بن غالب، عن ثابت أبي المقدام قال: كنت مع أبي جعفر عليهالسلام فإذا بجنازة لقوم من جيرته فحضرها وكنت قريبا منه فسمعته يقول: اللّهمّ إنّك[1] خلقت هذه[2] النفوس، وأنت تميتها وأنت تحييها، وأنت أعلم بسرائرها وعلانيتها منّا، ومستقرّها ومستودعها، اللّهمّ وهذا عبدك ولا أعلم منه شرّا وأنت أعلم به، وقد جئناك شافعين له بعد موته، فان كان مستوجبا فشفّعنا فيه، واحشره مع من كان يتولاّه.
المصادر: الكافي 3: 188، كتاب الجنائز، باب الصّلاة على المستضعف وعلى من لا يعرف، ح 6، تهذيب الأحكام 3: 196، كتاب الصّلاة، ب21 باب الصلاة على الأموات، ح 23، وفيه: بدل شرّا «سوءا»، وسائل الشيعة 3: 69، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب 3 ح 7، جامع أحاديث الشيعة 3: 444، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب14 باب كيفية الصّلاة على المستضعف والذي لا يعرف، ح8.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «مستقرّها ومستودعها» بالجر فيهما على قوله بسرائرها، أي أنت أعلم بمستقرّها ومستودعها منّا، أو بالرفع بتقدير الخبر، أي مستقرّها ومستودعها في علمك، أو بيدك، أو بتقديرك، والأوّل أظهر، وهو مأخوذ من قوله تعالى: «وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها».[3] قال في مجمع البيان: أي يعلم موضع قرارها، والموضع الّذي أودعها فيه، وهو أصلاب الاباء وأرحام الأُمّهات. وقيل: مستقرّها حيث تأوي إليه من الأرض، ومُستودعها حيث تموت وتبعث منه، عن ابن عباس، والربيع. وقيل: مستقرّها ما تستقرّ عليه، ومستودعها ما تصير إليه.
--------------------------------------------------
1. جاء في هامش الوسائل: (في نسخة: أنت «منه قدسسره»).
2. ليس في الجامع: «هذه».
3. هود 11: 6.
(222)
أقول: يحتمل أن يكون المراد بالمستقرّ: الجنّة أو النّار، وبالمستودع: ما يكون فيه في عالم البرزخ، أو يكون المراد بالمستقرّ الأجساد الأصليّة، وبالمستودع الاجساد المثاليّة، ويمكن أن يكون المراد بالمستقرّ الّذي استقرّ فيه الإيمان، وبالمستودع الّذي أُعير الايمان ثمّ سلب منه، كما ورد في تفسير قوله تعالى: «فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ»[1] أي تعلم من الأرواح ما هو مستقرّ، وما هو مستودع، ولا نعلم أنّ هذه النّفس من المستقرّين، فيكون قد مات على الايمان، أو من المستودعين، فيكون قد مات على الكفر، وسلب الايمان، ثمّ أقول: ذكر الأصحاب هذا الدّعاء لمن لا يعرف حاله، وهو الظاهر منه لكن يبعد منه عليهالسلام أن لا يعرف حال النّاس، خصوصا من كان من جيرانه.
إلاّ أن يقال: قرأه عليهالسلام ذلك لتعليم الأصحاب، ويحتمل أن يكون الميّت مستضعفا، ويمكن القول بعموم هذا الدّعاء للصلاة على جميع الأموات، ويُؤيّد ما ذكرنا من أخير الإحتمالات، لكن ما فهمه القوم العمل به أولى وأحوط.[2]
الحديث 139: عدّة من أصحابنا، عن سهل، عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: مات رجل من المنافقين فخرج الحسين عليهالسلام يمشي فلقى مولى له فقال له: إلى أين تذهب؟ فقال: أفرّ من جنازة هذا المنافق أن أُصلّي عليه، فقال له الحسين عليهالسلام قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقل مثله، قال: فرفع يديه فقال: «اللّهمّ أخز عبدك في عبادك وبلادك، اللّهمّ أصله حرّ نارك، اللّهمّ أذقه أشدّ عذابك، فإنّه كان يتولّى[3] أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيّك صلىاللهعليهوآله.
--------------------------------------------------
1. الأنعام 6: 98.
2. مرآة العقول 14: 71، وملاذ الأخيار 5: 356.
3. في الجامع: «يوالي» بدل «يتولى».
(223)
المصادر: الكافي 3: 189، كتاب الجنائز، باب الصّلاة على الناصب، ح3، وسائل الشيعة 3: 70، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب4، ذيل ح2، جامع أحاديث الشيعة 3: 447، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب15 باب كيفية الصّلاة على جنازة المنافق و...، ح5.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «من المنافقين» أي من أهل الخلاف والضّلال، فانّ جميعهم منافقون، يظهرون الإسلام، ولترك ولاية الأئمّة باطنا أخبث المشركين والكفّار.
ويمكن أن يكون المراد بعض بني اميّة وأشباههم من الّذين كانوا لم يؤمنون بالله والرّسول أصلاً، وكانوا يظهرون اسم الإسلام للمصالح الدنيويّة.
قوله عليهالسلام: «فرفع يده» يمكن أن يكون (صلوات الله عليه) اكتفى بالرفع تقيّة ولم يكبّر.[1]
الحديث 140: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: تقول: «اللّهمّ أخز عبدك في عبادك وبلادك، اللّهمّ أصِلْهُ نارك، وأذِقْهُ أشدّ عذابك، فإنّه كان يعادي أولياءك، ويوالي أعداءك، ويبغض أهل بيت نبيّك صلىاللهعليهوآله ».
المصادر: الكافي 3: 190، كتاب الجنائز، باب الصّلاة على الناصب، ح6، وسائل الشيعة 3: 70، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب4 ح3، وفيه: «في بلادك وعبادك» بدل «في عبادك وبلادك» جامع أحاديث الشيعة 3: 448، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب15 باب كيفية الصّلاة على جنازة المنافق و...، ح10.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «قال» أي الرضا عليهالسلام، وهذا الإضمار شائع في التصانيف؛ لسبق ذكر
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 77.
(224)
المعصوم عليهالسلام.[1]
الحديث 141: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن زياد بن عيسى، عن عامر بن السمط، عن أبي عبدالله عليهالسلام، أنَّ رجلاً من المنافقين مات فخرج الحسين بن عليّ (صلوات الله عليهما) يمشي معه، فلقيه مولى له، فقال له الحسين عليهالسلام: أين تذهب يا فلان؟! قال: فقال له مولاه: أفرّ من جنازة هذا المنافق أن أُصلّي عليها، فقال له الحسين عليهالسلام: انظر أن تقوم على يميني فما تسمعني[2] أقول فقل مثله، فلمّا أن كبّر عليه وليّه قال الحسين عليهالسلام: الله أكبر، اللّهمّ العن فلانا عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة، اللّهمّ أخز عبدك في عبادك وبلادك، وأصله حرّ نارك، وأذِقه أشدّ عذابك، فإنّه كان يتولّى أعداءك، ويُعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيّك صلىاللهعليهوآله.
المصادر: الكافي 3: 188، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الناصب، ح2، تهذيب الأحكام 3: 197، كتاب الصّلاة، ب21 باب في الصلاة على الأموات، ح25، وليس فيه «الله أكبر»، وسائل الشيعة 3: 71، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب4 ح6، جامع أحاديث الشيعة 3: 446، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب15 باب كيفيّة الصّلاة على جنازة المنافق و...، ح4.
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
بيان: «انظر أن تقوم» أي اجهد في أن يتيسّر لك القيام.[3]
قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «مولى له» أي معتقه، أو شيعته ومحبّه. قوله عليهالسلام: «انظر» كناية عن التأمّل والتدبير في ذلك.
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 79.
2. في التهذيب زيادة: «أن».
3. كتاب الوافي 24: 464.
(225)
قوله عليهالسلام: «قال الحسين عليهالسلام الله أكبر» ظاهره أنّه لم يكتف باللعن عليه، بل أوقع صورة الصّلاة عليه، إمّا تقيّة كما هو الظاهر، أو للزوم الصّلاة عليه كما مرّ، وظاهره قراءة هذا الدّعاء في كلّ تكبيرة لا في الأخير فقط.
والظاهر التخيير بين ما ورد في هذا الأخبار المعتبرة، وإن كان العمل بأحد خبري الحلبي، أو خبر محمّد بن مسلم أولى ؛ لكونها أقوى سندا.
قوله عليهالسلام: «مؤتلفة غير مختلفة» لعلّ المراد مؤتلفة في الشدّة والكثرة غير مختلفة، بأن يكون بعضها أخفّ، أو المراد الائتلاف في الورود، أي ترد جميعها عليه معا، لا على التعاقب.
قال في النهاية: اللّعن: الطّرد والإبعاد من الله تعالى، ومن الخلق: السبّ والدّعاء.
قوله عليهالسلام: «اللّهمّ اخز عبدك في عبادك وبلادك» قال الجوهري: خَزِيَ بالكسر يخزى، خزيا، أي ذلّ وهان، وقال ابن السكّيت: وقع في بليّةٍ وأخزاهُ الله.
وأقول: يمكن أن يكون المراد إذلاله وخزيه وعذابه بين مَن مات من العباد، ولا محالة يقع عذابه في البرزخ في بلد من البلاد، أو يقدّر مضاف أي، وأهل بلادك.
ويحتمل أن يراد به الخزي في الدنيا بعد موته بظهور معايبه على الخلق، واشتهاره بينهم بالكفر والعصيان.
قوله عليهالسلام: «فإنّه كان يتولى» أي كان يتخذ أعداءك أولياءه، وأحبّاءه، ويعتقد إنّهم أئمّته، وأولى بأمره.[1]
الحديث 142: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 75.
(226)
أبي نصر، عن مثنّى بن الوليد، عن زرارة، عن أبي جعفر عليهالسلام قال: صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله على حمزة سبعين صلاة.[1]
المصادر: الكافي 3: 186، كتاب الجنائز، باب مَن زاد على خمس تكبيرات، ح1، وسائل الشيعة 3: 82، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب6 ح6، جامع أحاديث الشيعة 3: 427، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب10 باب عدد تكبيرات الصّلاة على الميّت و...، ح32.
قال الحرّ العاملي:
أقول: المراد بالصّلاة هنا الدّعاء، لما مرّ[2].[3]
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
بيان: يعني دعا له سبعين مرّة بعد كلّ تكبيرة دعاء، وذلك لما مرّ في باب القتيل أنّه صلىاللهعليهوآله صلّى عليه سبعين صلاة، وكبّر عليه سبعين تكبيرة، ويأتي التعبير عن الدّعاء للميّت فيما بين التكبيرات بالصلاة في هذا الباب، والوجه في ذلك أنّه صلىاللهعليهوآله كان صلّى على الشهداء جميعا، فلحق ذلك حمزة كما في صحيفة الرضا بإسناده عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال: رأيت النبيّ صلىاللهعليهوآله كبّر على عمّه حمزة خمس تكبيرات، وكبّر على الشهداء بعده خمس تكبيرات، فلحق حمزة بسبعين تكبيرة، ووضع يده اليمنى على اليسرى.[4]
قال العلاّمة المجلسي:
اختلف الأصحاب في تكرار الصلاة على الجنازة الواحدة مرّتين:
فقال العلاّمة في المختلف: المشهور كراهة تكرار الصّلاة على الميّت، وقيّد
--------------------------------------------------
1. جاء في هامش الوسائل كذا: في نسخة: تكبيرة «هامش المخطوط».
2. وسائل الشيعة 3: 75، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب5 ح12، وص78، ح21 من هذه الأبواب.
3. وسائل الشيعة 3: 82.
4. كتاب الوافي 24: 438.
(227)
ابن إدريس بالصّلاة جماعة لتكرار الصحابة الصّلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله فرادى، وقال الشيخ في الخلاف: من صلّى على جنازة يكره له أن يصلي عليها.
ثانياً، وهو يشعر باختصاص الكراهة بالمصلّي المتّحد، وربما ظهر من كلامه في الاستبصار استحباب التكرار من المصلّي الواحد وغيره، وظاهرهم الاتّفاق على الجواز، والأخبار في ذلك مختلفة.
ثمّ اعلم أنّه ينبغي حمل كلام المصنّف في العنوان على تكرار الصلاة لا على الزيادة على الخمس في الصلاة الواحدة، كما يوهمه ظاهر عبارته، فإنّه لا خلاف في عدم شرعيتها، قال في التذكرة: لا ينبغي الزيادة على الخمس، لأنّها منوطة بقانون الشرع، ولم ينقل الزيادة، وما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله من أنّه كبّر على حمزة سبعين تكبيرة، وعن عليّ عليهالسلام أنّه كبّر على سهل بن حنيف خمساً وعشرين تكبيرة، إنّما كان في صلوات متعددة، انتهى.
قوله عليهالسلام: «سبعين صلاة» لعلّ المراد بالصّلاة التكبير مجازا تسمية للجزء باسم الكلّ، أو المراد بالصّلاة الدّعاء، واطلق على التكبير مجازا تسميةً للملزوم باسم ما يلزمه غالبا، أو المراد بها الدّعاء، بأن يكون صلىاللهعليهوآله دعى له عقيب الخامسة أيضا، كما يظهر من بعض الأخبار.
وإنّما حملنا على تلك الوجوه لما سيأتي من خبر أبي بصير، وروى الشيخ في الحسن عن اسماعيل بن جابر، وزرارة، عن أبي جعفر عليهالسلام انّه قال: صلّى عليه سبعين صلاة، وكبّر عليه سبعين تكبيرة.
واستدلّ القائلون بعدم كراهة التكرار بهذا الخبر.
وأُجيب: بأنّه يمكن أن يكون لفضل حمزة ومناقبه، وبانّه يمكن أن يكون بعد الصّلاة عليه، أو في أثنائها يوتى بالشهداء فيوضع معه، فيصلّى عليهم، ويشركه معهم في الدّعاء إلى أن انتهت إلى سبعين، وبأنّ هذا ورد في تكرار الإمام،
(228)
فلا يمكن الاستدلال به على العموم.[1]
الحديث 143: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن عبدالله بن مسكان، عن الحلبيّ، قال: قال أبوعبدالله عليهالسلام: ليس في الصّلاة على الميّت تسليم.
المصادر: الكافي 3: 185، كتاب الجنائز، باب انّه ليس في الصّلاة دعاء موقّت وانّه ليس فيها تسليم، ح2، تهذيب الأحكام 3: 192، كتاب الصّلاة ب21 باب الصّلاة على الأموات، ح9، الإستبصار 1: 477، كتاب الصّلاة، أبواب الصّلاة على الأموات، ب 295 باب أنّه لا تسليم في الصّلاة على الميّت، ح1، وسائل الشيعة 3: 91، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب9 ح3، جامع أحاديث الشيعة 3: 440، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب12 باب أنّه لا قراءة في الصّلاة على الميّت و...، ح7.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «ليس في الصّلاة» إلخ، يدلّ بعمومه على عدم شرعيّة السّلام فيها، لا وجوبا، ولا استحبابا، وقد مرّ الكلام فيه في باب جنائز الرّجال والنّساء.[2]
الحديث 144: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس قال: سألت الرضا عليهالسلام قلت: جعلت فداك إنّ الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميّت في التكبيرة الاُولى، ولا يرفعون فيما بعد ذلك، فأقتصر على التكبيرة الأُولى، كما يفعلون، أو أرفع يديّ في كلّ تكبيرة؟ فقال: ارفع يدك[3] في كلّ تكبيرة.
المصادر: الكافي 3: 184، كتاب الجنائز، باب الصّلاة على المؤمن والتكبير والدّعاء، ح5،
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 64 ـ 65.
2. مرآة العقول 14: 64.
3. في التهذيب: «يديك» بدل «يدك».
(229)
تهذيب الأحكام 3: 195، كتاب الصّلاة، ب21 باب الصّلاة على الأموات ح18، الإستبصار 1: 478، كتاب الصّلاة، أبواب الصّلاة على الأموات، ب296 باب رفع اليدين في كلّ تكبيرة، ح3، وسائل الشيعة 3: 93، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب10 ح3، جامع أحاديث الشيعة 3: 437، كتاب الصّلاة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب11 باب استحباب رفع اليدين...، ح3.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «إنّ الناس» أي العامّة.
أقول: أجمع العلماء كافّة على استحباب رفع اليدين في التكبيرة الأولى، واختلفوا في البواقي، فذهب الأكثر ومنهم الشيخ في النهاية والمبسوط، والمفيد، والمرتضى، وابن إدريس إلى أنّه غير مستحبّ، وبه قال مالك والثوري وأبو حنيفة من علماء العامّة، وقال الشيخ في كتابي الأخبار: يستحبّ رفع اليدين في كلّ تكبيرة، ومال إليه جماعة من المتأخّرين كالعلاّمة، والمحقّق، وذهب إليه جماعة من العامّة، واختلف أخبارنا في ذلك، ويظهر من هذا الخبر أنّ أخبار النفي محمولة على التقيّة كما فعله الشيخ، والله يعلم.[1]
الحديث 145: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: يصلّي على الجنازة أولى الناس بها، أو يأمر من يحبّ.
المصادر: الكافي 3: 177، كتاب الجنائز، باب مَن أولى الناس بالصّلاة على الميّت، ح5، وسائل الشيعة 3: 114، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب23 ح2، جامع أحاديث الشيعة 3: 392، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب5 باب انّه يصلّي على الجنازة أولى الناس بها أو...، ح1.
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 61.
(230)
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «أولى الناس بها» فسرّ الأصحاب أولى الناس بالوارث، وقطعوا بأنَّ الوارث أحقّ بالصّلاة عليه من غيره، بل ظاهرهم أنّه مجمع عليه، واستدلّوا بآية «أُولُوا الْأَرْحامِ»[1] وبهذا الخبر، وبخبر ابن أبي نصر الآتي.
وقال بعض المتأخّرين: لو قيل: إنّ المراد «بالاولى» هنا أمسّ الناس بالميّت رحما، وأشدّهم به علاقة من غير اعتبار لجانب الميراث، لم يكن بعيدا.
وقال الشهيد الثاني رحمهالله اعلم: أنّ ظاهر الأصحاب أنّ اذن الوليّ، إنّما يتوقّف عليه الجماعة، لا أصل الصّلاة؛ لوجوبها على الكفاية فلا يناط برأي أحد من المكلّفين، فلو صلّوا فرادى بغير إذن أجزأ.
أقول: الظاهر إنّ المراد إمامة هذه الصّلاة؛ إذ الظاهر أن ليس المراد يكون الإمام أحقّ، أو الوارث أحقُّ أن لا يصلّي عليها غيرهم، مع هذا الحثّ والتّرغيب العظيم الوارد في الأخبار من غير تقييد بأحدٍ، فما ذكره رحمهالله متين، وإن اعترض عليه بعض من تأخّر عنه.[2]
الحديث 146: وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن أُرومة، عن عليّ بن ميسرة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: الزّوج أحقّ بامرأته حتّى يضعها في قبرها.
المصادر: وسائل الشيعة 3: 116، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب24 ح3، وأورد أيضا مثله في ص187، أبواب الدفن، ب26 ح2، وتقدّم مثله في ج2: 531، أبواب غسل الميّت، ب24 ح9.
وقد مرّ الحديث في الصفحة 201، رقم الحديث 112، فراجع هناك.
--------------------------------------------------
1. الأنفال 8: 75، والأحزاب 33: 6.
2. مرآة العقول 14: 35.
(231)
الحديث 147: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن امرأة الحسن الصيقل، عن الحسن الصيقل، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: سئل كيف تصلّي النّساء على الجنازة إذا لم يكن معهنّ رجل؟ قال: يَصْففن جميعا ولا تتقدّمهنّ إمرأة.
المصادر: الكافي 3: 179، كتاب الجنائز، باب صلاة النّساء على الجنازة، ح1، ورواه الشيخ بإسناده، عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 3: 326، كتاب الصّلاة، ب32 باب الصّلاة على الأموات، ح43، وسائل الشيعة 3: 117، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب25 ح3، جامع أحاديث الشيعة 3: 405، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب8 باب جواز صلاة النّساء على الجنائز...، ح6.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
لا خلاف ظاهرا بين الأصحاب في جواز إمامة المرأة للنّساء في صلاة الجنائز، والمشهور كراهة بروزها عن الصفّ، بل تقف بينهنَّ.
قوله عليهالسلام: «ولا تتقدّمهنّ». ظاهر النّهى عدم الجواز، والمشهور الكراهة، والأولى الترك، للنّهي في الأخبار الكثيرة، وعدم المعارض، ولا يخفى أنّه ليس فيه دلالة صريحة على إمامة بعضهنّ لبعض.[1]
الحديث 148: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: لا يصلّى على جنازة بحذاء، ولا بأس بالخفّ.
المصادر: الكافي 3: 176، كتاب الجنائز، باب نادر، ح2، ورواه الشيخ عن محمّد بن يعقوب، عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 3: 206، كتاب الصّلاة، ب22 باب الزيادات، ح38، وسائل الشيعة 3: 118، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب26 ح1،
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 42، وملاذ الأخيار 5: 621.
(232)
جامع أحاديث الشيعة 3: 463، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب26 باب أنّه لا يصلّى على الجنازة بحذاء ولا بأس بالخفّ، ح1.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «بحذاء».
قال الشهيد في الذكرى: يستحبّ نزع الحذاء لا الخفّ، لخبر سيف بن عميرة.
قال في المقنع: روي أنّه لا يجوز للرّجل أن يصلّي على جنازة بنعل حذو، وكان محمّد بن الحسن يقول: كيف تجوز صلاة الفريضة ولا تجوز صلاة الجنازة؟
وكان يقول: لا نعرف النهي في ذلك إلاّ من رواية محمّد بن موسى الهمداني، وكان كذّابا. قال الصدوق: وصدق في ذلك، إلاّ أنّي لا أعرف من غيره رخصة، وأعرف النّهي، وإن كان عن غير ثقة، ولا يردّ الخبر بغير خبر معارض.
قلت: قد روى الكليني عن عدّة، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميره، ما قلناه: وهذا طريق غير طريق الهمداني، إلاّ أن يفرّق بين الحذاء ونعل الحذو، واحتج في المعتبر على استحباب الحفاء، وهو عبارة ابن البرّاج، بما روى عن بعض الصّحابة، أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال: من اغبّرت قَدَماه في سبيل الله حرّمهما الله على النّار، ولأنّه موضع اتّعاظ يناسب التذلّل بالحفاء، قلت: استحباب الحفاء يعطى استحباب نزع الخفّ، والشيخ، وابن جنيد، ويحيى بن سعيد، استثنوه، والخبر ناطق به، وفي التذكرة اختار عدم نزع الخفّ، واحتجّ بحجّة المعتبر، وهو تمام لو ذكر الدليل المخرج للخفّ عن مدلول الحديث، انتهى.
والظاهر انّه يثبت استحباب ترك الحذاء بهذا الخبر، لمساهلتهم في مستند المستحبات، واستدلالهم عليها بالأخبار الضعيفة، بل العاميّة.
والظاهر أنّ الحكم موضع وفاق أيضا بينهم، ويحتمل أن يكون مرادهم بنعل الحذو، والحذاء غير النّعال العربيّة، بل النّعال العجميّة، والهنديّة الساترة لظهر
(233)
القدم، أو أكثر بغير السّاق، وحينئذٍ فإن قيل بكون هذه الصّلاة صلاة حقيقة، ويشملها عموم ما ورد من الأحكام في مطلق الصّلاة، كما ذهب إليه جماعة، يكون القول بالمنع من الصّلاة فيها جاريا هاهنا إن قال المانعون بتلك المقدّمة، لكن الظاهر من كلام أكثرهم، وبعض اللغويّين: إنَّ الحذاء شامل لجميع النّعال سوى الخفّ.
قال في النهاية: الحذاء بالمدّ النّعل. وقال المحقّق وغيره: وينزع نعليه. وقال في المنتهى: ويستحبّ التّحفّي، واستدلّ بهذا الخبر، وما يفهم من كلام بعضهم من عدم إستثناء الخفّ غير جيّد لمخالفة الخبر الذي هو مستند الحكم، والله يعلم.[1]
الحديث 149: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد[2] بن أبي نصر، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن عليهالسلام قال: إذا صلّيت على المرأة فقم عند رأسها، وإذا صلّيت على الرَّجل فقم عند صدره.
المصادر: الكافي 3: 177، كتاب الجنائز، باب الموضع الذي يقوم الإمام إذا صلّى على الجنازة، ح2، تهذيب الأحكام 3: 190، كتاب الصّلاة، ب21 باب الصّلاة على الأموات، ح4، ورواه بإسناده عن سهل بن زياد، في ص319 ب32 باب الصّلاة على الأموات ح 15، الإستبصار 1: 470، كتاب الصّلاة، أبواب الصّلاة على الأموات، ب290 باب موضع الوقوف من الجنازة، ح1، وسائل الشيعة 3: 119، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب27 ح2، جامع أحاديث الشيعة 3: 460، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب23 باب جواز الصّلاة على الميّت جماعة وفُرادى و...، ح2.
قال الشيخ الطوسي رحمهالله في التهذيب:
إن كان رجلاً فعند صدره، يعني الوسط؛ لأنّه يعبّر عن الشيء باسم ما يجاوره، وكذلك في قوله إن كانت المرأة عند رأسها؛ لأَنَّ الرأس يقرب من الصدر فجاز أن
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 30. وملاذ الأخيار 5: 381.
2. ليس في الاستبصار: «بن محمّد».
(234)
يعبّر عنه به.[1]
الشرح: قال حفيد الشهيد الثاني:
ظاهر الدلالة على الأمر بالقيام عند رأس المرأة وعند صدر الرجل، وقد نقل العلاّمة في المختلف عن الشيخين القول بوقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة، قال: وللشيخ قول آخر في الخلاف، أنّه يقف عند رأس الرجل وصدر المرأة، وبه قال عليّ بن بابويه، ونقل عن ابنه في المقنع القول بالوقوف عند الصدر في الرجل والمرأة، قال العلاّمة: وللشيخ في الاستبصار قول ثالث: أنّه يقف عند رأس المرأة وصدر الرجل، والمشهور الأوّل، انتهى.
ولا يخفى أنّ كلام الاستبصار لا يخلو من تأمّل؛ فإنّ الخبر المبحوث عنه على تقدير الاعتماد عليه يدلّ على ما ذكره العلاّمة، إلاّ أنّ توجيه الشيخ للخبر الثاني من جهة المرأة فقط يقتضي إبقاءه من جهة الرجل، وهو وقوفه في وسطه، والحال أنّ الخبر الأوّل تضمّن الصدر، إلاّ أن يقال: إنّ التوجيه للأمرين، واكتفى الشيخ بأحدهما عن الآخر. وقد ذكر في التهذيب: إنّ قوله: «عنده صدره» يعني الوسط، استعمالاً لاسم الشيء فيما يجاوره، وكذلك الرأس.
لكن الثالث يأبى التوجيه؛ لأنّ الوقوف بحيال السرّة يبعد عن الصدر في الرجل، والوقوف قبل الصدر يبعد عن الرأس في المرأة، لكن البعد أقلّ من الأوّل.
وبالجملة: فالتزام الشيخ بالمذهب في الكتاب بعيد عن الاعتبار.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ شيخن قدسسره نقل عن العلاّمة في المنتهى: أنّ هذه الكيفية مستحبة بلا خلاف. وظاهر الإشارة العود إلى ما قاله المحقّق في الشرائع: إنّ من سنن صلاة الجنازة أنْ يقف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة. لأنّه قدسسره نقل أنّ
--------------------------------------------------
1. تهذيب الأحكام 3: 190.
(235)
مدلول العبارة قول معظم الأصحاب، ثمّ نقل عن الشيخ في الاستبصار القول بمضمون الخبر الأوّل على نحو ما نقله العلاّمة في المختلف، ثمّ استدلّ بالأخبار المذكورة، وحكى احتجاج الشيخ، ثمّ قال: وهذه الروايات كلّها ضعيفة، لكن المقام مقام استحباب، فالعمل بكلّ منها حسن، انتهى.
ولا يخفى عليك أنّ عبارة بعض المتقدّمين لا تقتضي اعتبار الإمام على ما حكاه في المختلف، وعبارة الصدوق في المقنع بلفظ الأمر بالوقوف، لكن العلاّمة ربما استفاد الاستحباب من كلام القائلين، أمّا الاختصاص بالإمام، فالإجماع المنقول ليس في الكلام ما يدلّ عليه، فليتأمّل.[1]
قال العلاّمة المجلسي:
وهو حجّة الشيخ في الاستبصار وأوّل خبر ابن المغيرة بأنَّ قوله «ممّا يلي صدرها» المعنى فيه إذا كان قريبا من الرأس، وقد يعبّر عنه بأنّه يلي الصدر لقربه منه، وأوّل في التهذيب هذا الخبر بأنّ قوله «عنده صدره» يعني الوسط، استعمالاً لاسم الشيء فيما يجاوره، وكذلك الرأس يعبّر به عن الصدر للقرب.
أقول: أخبار العامّة وأقوالهم أيضا في ذلك مختلفة لا يتأتى حمل البعض على التقيّة، فالقول بالتخيير لا يخلو من قوّة، وإن كان العمل بالمشهور أولى.[2]
الحديث 150: وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: خير الصفوف في الصّلاة المقدّم، وخير الصفوف في الجنائز المؤخّر، قيل: يا رسول الله ولِمَ؟ قال: صار سترة للنساء.
المصادر: وسائل الشيعة 3: 121، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب29 ذيل ح1،
--------------------------------------------------
1. استقصاء الإعتبار في شرح الاستبصار 7: 380.
2. مرآة العقول 14: 34 وراجع كتاب الوافي 24: 423.
(236)
ولم نعثر على هذا الحديث بهذا السند في الكافي وإنّما ورد السند في الحديث 2 من الكافي.[1]
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
بيان: قال في الفقيه: وأفضل المواضع في الصلاة على الميّت الصف الأخير، والعلّة في ذلك أن النساء كنّ يختلطن بالرجال في الصّلاة على الجنائز، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله: «أفضل المواضع في الصّلاة على الميّت الصفّ الأخير» فتأخّرن إلى الصفّ الأخير فبقي فضله على ما ذكره عليهالسلام، انتهى كلامه طاب ثراه.
ومعناه أنّ النساء إنّما يختلطن بالرجال في الجنائز طلباً لفضل الصفّ المتقدّم من صفوفهنّ المتأخّرة، فيقفن خلف الرجال متّصلات بهم فنهين عن ذلك بتفضيل الصفّ الأخير من صفوفهنّ على الأوّل منها، وأمّا في الصلوات المكتوبة، فللزوم تأخّرهنّ عنهم هنالك بمقدار مساقط أجسادهنّ أو أكثر لم يحصل الاختلاط المحذور منه، وأمّا طلب الرجال التأخّر بعد شرعيّته هنا فلا مفسدة فيه؛ لأنهنّ كنّ خلفهم لايرونهنّ، وأمّا تقدّمهم على النساء في الصلاتين، فكان من الأمور المعهودة عندهم وكانوا يعلمون ذلك، وإنّما كان فضيلة تأخّرهم بالإضافة إلى أنفسهم دون النساء؛ لتقدّم الرجال على النساء على كلّ حال. إذا عرفت هذا فمعنى قوله صلىاللهعليهوآله «صار سترة للنساء» أن الصفّ المتأخّر إنّما فضّل على المتقدّم لتطلب النساء التأخّر، فالتأخّر فيكنّ أبعد من الرجال، فيكنّ مستورات عنهم بصفوفهنّ المتقدّمة، ثمّ لمّا شرع ذلك لهذه المصلحة بقي حكمه إلى يوم القيامة وإن لم يكن مع الرجال امرأة، مع أنّ فيه منع الناس عن الازدحام، قيل: ويحتمل أن يكون المراد بالصفوف في الحديث صفوف الجنائز لا المصلّين، فإنّ كلّ صفّ
--------------------------------------------------
1. راجع الكافي 3: 176، باب نادر، ح 2.
(237)
من الجنائز أقرب إلى المصلّي فهو المؤخّر وهو الأفضل، قلت: وحينئذ يشكل التعليل.[1]
قال العلاّمة المجلسي:
قوله صلىاللهعليهوآله: «خير الصفوف» إلخ، حمل من رأيت من الأصحاب كلامهم هذا الخبر على أنّ المراد أنّ خير صفوف المصلّين في سائر الصلوات: الصفّ المقدّم وخير صفوف المصلّين في الصلاة على الجنازة الصفّ المؤخّر قال في المنتهى: الصفّ الأخير في الصلاة على الجنائز أفضل من الصفّ الأوّل، واستدلّ بهذه الرواية، ونحوها.
قال في التذكرة، وقال في الذكرى: أفضل الصّفوف المؤخّر؛ لخبر السّكوني، ثم قال: وجعل الصدوق: سبب الخبر ترغيب النساء في التأخّر منعاً لهنّ عن الاختلاط بالرجال في الصلاة كما كنّ يصلّين على عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله، ويتقدّمن وإن كان الحكم بالأفضلية عامّاً لهنّ وللرجال.
وقال الصدوق في الفقيه: وأفضل المواضع في الصّلاة على الميّت الصف الأخير. والعلّة في ذلك أنّ النساء كنّ يختلطن بالرجال في الصّلاة على الجنائز، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله: أفضل المواضع في الصّلاة على الميّت الصف الأخير، فتأخّرن إلى الصفّ الأخير فبقي فضله على ما ذكره عليهالسلام، انتهى.
أقول: لا يخفى بعد ما فهموه من الخبر لفظاً ومعناً بوجوه:
الأوّل: التعبير بالصّلاة عن سائر الصلوات مطلقا من غير تقييد.
الثاني: ارتكاب الحذف والمجاز ثانياً[2] بأن يكون المراد بالجنائز صلاة الجنائز.
الثالث: تخصيص التعليل بالشقّ الأخير، مع جريانه في الأوّل إلاّ أن يقال: النساء كنّ لا يرغبن في سائر الصلوات إلى الصف الأوّل، وهو أيضا تكلّف لابتناء الحمل على احتمال لا يعلم تحقّقه بل الظاهر خلافه.
--------------------------------------------------
1. كتاب الوافي 24: 425.
2. هكذا في المرآة المطبوع، يحتمل أن يكون لفظة «ثانياً» زيادة أو سهو.
(238)
الرابع: عدم استقامة التعليل في الأخير أيضا، إذ لو بني على أنّه عليهالسلام قال ذلك تورية لرغبة النساء إلى الأخير، فلا يخفى ركاكته وبعده عن منصب النبوّة؛ لاشتماله على الحيلة في الأحكام.
ولو قيل: أن ذلك صار سببا لتقرّر هذا الحكم وجريانه، فهذا أيضا تكلّف؛ إذ كان يكفي لتأخّر النساء بيان إنّ ذلك خير لهنّ، مع أنّ «الأفضل» متعلّق بالرجال فى جميع الموارد، بل الظاهر من الخبر أنّ المراد بالصفوف في الصلاة صفوف جميع الصلوات الشاملة لصلاة الجنازة وغيرها، والمراد بصفوف الجنائز نفس الجنائز إذا وضعت للصلاة عليها، والمراد أنّ خير الصفوف في الصّلاة المقدّم أي ما كان أقرب إلى القبلة، وخير الصفوف في الجنائز المؤخّر أي ما كان أبعد عن القبلة وأقرب من الإمام، كما مرّ مفصّلاً، ولمّا كان الأشرف في جميع المواضع متعلّقا بالرجال صار الحكمان معا سببين لسترة النساء؛ لأنّ تأخّرهنّ في الصفوف سترة لهنّ، وتقدّم جنائزهنّ لكونه سببا لبعدهنّ عن الرجال المصلّين سترة لهنّ، فاستقام التعليل وسلم الكلام عن ارتكاب الحذف والمجاز، وصار الحكم مطابقا لما دلّت عليه الأخبار الكثيرة.
والعجب من الأصحاب رحمهمالله كيف ذهلوا عن هذا الاحتمال الظاهر وذهبوا إلى ما يحتاج إلى تلك التكلّفات البعيدة فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين.[1]
الحديث 151: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 32.
(239)
طلحة بن زيد، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: كان إذا صلّى على المرأة والرّجل قدّم المرأة وأخّر الرّجل، وإذا[1] صلّى على العبد والحرّ، قدّم العبد وأخّر الحرّ، وإذا صلّى على الكبير والصّغير[2] قدّم الصّغير وأخّر الكبير.
المصادر: الكافي 3: 175، كتاب الجنائز، باب جنائز الرّجال والنّساء والصّبيان والأحرار والعبيد، ح3، ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 3: 322، كتاب الصّلاة، ب32 باب الصّلاة على الأموات، ح28، والإستبصار 1: 471، كتاب الصّلاة، أبواب الصّلاة على الأموات، ب291 باب في ترتيب جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت، ح2، وسائل الشيعة 3: 126، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، باب 32 ح5، جامع أحاديث الشيعة 3: 470، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب30 باب أنّه تكفي صلاة واحدة على جنائز متعدّدة و...، ح11.
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
بيان: لعلّ المراد بالتقديم والتأخير في هذا الخبر التقديم والتأخير بالإضافة إلى القبلة دون الإمام، أو يكون الحكم فيه التخيير، وهو أولى؛ لأنّ خبر الحلبي المضمر الآتي لا يقبل هذا التأويل.[3]
قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «كان إذا صلّى» إلخ. رواه في التّهذيب عن سهل بهذا الإسناد كما هنا، وفي الفقيه مرسلاً، كان عليّ عليهالسلام: (إذا صلّى)، لعلّ وما في الفقيه أظهر، وعلى ما في الكتابين، فالمراد الرّسول، أو أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما)، أو الصّادق عليهالسلام بأن يكون القائل طلحة. ويمكن أن يقرأ الأفعال على البناء للمجهول.
وقوله عليهالسلام: «قدّم المرأة» أي إلى القبلة، وكذا البواقي، ويدلّ على بعض
--------------------------------------------------
1. في التهذيب: «فإذا» بدل «وإذا».
2. في التهذيب والوسائل: «وإذا صلّى على الصغير والكبير».
3. كتاب الوافي 24: 430، وراجع استقصاء الإعتبار في شرح الإستبصار 7: 390.
(240)
التّفصيل الذي نقلنا عن القوم. وظاهر العبد والحرّ، والصّغير والكبير، كونهما في الموضعين ذكرين، وكذا الرّجل ظاهره البالغ، فلا يستفاد منه حكم اجتماع الطّفل والبالغة والعبد والحرّة.[1]
الحديث 152: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليهالسلام قال: سألته كيف يصلّى على الرّجال والنّساء؟ قال[2]: يوضع الرَّجل ممّا يلي الرّجال، والنّساء خلف الرّجال.
المصادر: الكافي 3: 174، كتاب الجنائز، باب جنائز الرّجال والنّساء والصّبيان والأحرار والعبيد، ح1، ورواه الشيخ بإسناده، عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 3: 321، كتاب الصّلاة، ب32 باب الصّلاة على الأموات، ح27، وفيه: «فقال يوضع الرجال» بدل «قال يوضع الرجل»، والإستبصار 1: 471، كتاب الصّلاة، أبواب الصّلاة على الأموات، ب291 باب ترتيب جنائز الرّجال والنّساء إذا اجتمعت، ح1، وسائل الشيعة 3: 127، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب32 ح9، وفيه: «فقال: توضع الرّجال» بدل «قال: يوضع الرَّجل»، جامع أحاديث الشيعة 3: 469، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب30 باب أنّه تكفي صلاة واحدة على جنائز متعدّدة و...، ح9.
الشرح: قال حفيد الشهيد الثاني:
والظاهر أنّ المراد بما يلي الرِّجال ما يلي المصلّي على الجنائز، واحتمال إرادة الرّجال الأموات على معنى جعل الرِّجال على تقدير التعدّد غير مفصولين بالنساء بعيد، واستشكال بعض الأصحاب الاجتزاء بالصّلاة الواحدة مع اختلاف الوجه في الصغير والكبير، لوصحّ الخبر يدفعه وغير بعيد تصحيحه من الفقيه؛ لأنَّ الصدوق رواه مرسلاً عن عليّ عليهالسلام، وقد قدّمنا الوجه في ذلك مرارا.
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 28، وملاذ الأخيار 5: 615.
2. في التهذيب والاستبصار: «فقال» بدل «قال».
(241)
وينقل عن العلاّمة في التذكرة الجزم بالمنع، ثمّ قال: ولو قيل بإجزاء الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط أمكن.
وفيه: أنَّ الجمع بين الشيئين المتنافيين في الفعل الشخصي موقوف على الدليل. وفي الذكرى: أنّه يمكن الاكتفاء بنيّة الوجوب؛ لزيادة الندب تأكيدا؛ وفيه نظر واضح.[1]
قال العلاّمة المجلسي:
أقول: يظهر من المنتهى أنّه لا خلاف في جواز إيقاع الصّلاة الواحدة على ما زاد على الواحدة من الجنائز، ويجوز التفريق أيضاً وقال: لو اجتمعت جنازة الرجل والمرأة، جعل الرجل ممّا يلي الإمام، والمرأة ممّا يلي القبلة، قاله علماؤنا، ثمّ قال: هذه الكيفيّة والترتيب ليس واجباً بلا خلاف.
قال الشهيد في الذكري: والتفريق أفضل ولو كان على كلّ طائفة، لما فيه من تكرار ذكر الله، وتخصيص الدعاء الذي هو أبلغ من التعميم، إلاّ أن يخاف حدوث أمر على الميّت. فالصّلاة الواحدة أولى، فيستحب إذا اجتمع الرجل والمرأة محاذات صدرها لوسطه، ليقف الإمام موقف الفضيلة، وإن يلي الرجل الإمام، ثمّ الصبيّ لستّ، ثمّ العبد، ثمّ الخنثى، ثمّ المرأة، ثمّ الطفل لدون ستّ ثمّ الطفلة.
وجعل ابن الجنيد الخصيّ بين الرّجل والخنثى، ونقل في الخلاف الإجماع على تقديم الصبيّ الذي يجب عليه الصّلاة إلى الإمام، ثمّ المرأة، ثمّ قال: وأطلق الصّدوقان تقديم الصبيّ إلى الإمام، وفي النهاية أطلق تقديم الصبيّ إلى القبلة على المرأة، انتهى.
أقول: استشكل جمع من الأصحاب الاجتزاء بالصّلاة الواحدة على الصبيّ
--------------------------------------------------
1. استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار 7: 389.
(242)
الذي لم يجب الصّلاة عليه مع غيره ممّن تجب عليه الاختلاف الوجه، وصرّح العلاّمة في التذكرة بعد جواز جمع الجميع بنيّة واحدة متّحدة الوجه، ثمّ قال: ولو قيل بإجزاء الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط، أمكن.
أقول: مع وجوب نيّة الوجه، هذا هو الوجه.
قوله عليهالسلام: «ممّا يلي الرّجال» أي المصلّين، والمراد «بالرّجال» أخير الموتى، وهذا الخبر ظاهر الدلالة على المشهور، ولايتوهّم إمكان الإستدلال به على تقديم الصّبيان على النساء؛ لأنّ إطلاق الرّجل على غير البالغ مجاز.[1]
الحديث 153: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبدالله بن الحسين، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: إذا وسّط الرَّجل نصفين[2] صلّي على[2] الذي فيه القلب.
المصادر: الكافي 3: 213، كتاب الجنائز، باب أكيل السبع والطّير والقتيل يوجد بعض جسده والحَريق، ح5، تهذيب الأحكام 1: 337، كتاب الطهارة، ب13 باب تلقين المحتضرين وتوجيههم....، ح153، وسائل الشيعة 3: 137، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، ب38 ح11، جامع أحاديث الشيعة 3: 380، كتاب الطهارة، أبواب الصّلاة على الميّت، ب2 باب حكم الصّلاة على الميّت الذي وجد بعضه أو نصفه، ح12.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «إذا وسّط» على المجهول. قال في القاموس: وسّطه، توسيطا، إذا قطعه نصفين، أقول: قد مرّ الكلام فيه مستقصى.[4]
وقال أيضاً:
قوله عليهالسلام: «صلّى على النصف الذي فيه القلب»، يحتمل وجهين:
أحدهما: اشتراط كون القلب فيه.
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 24.
2. في التهذيب والوسائل والجامع: «بنصفين» بدل «نصفين».
3. في الوسائل زيادة: «النصف».
4. مرآة العقول 14: 157.
(243)
وثانيهما: أن يكون المراد النصف الذي يكون فيه القلب، وإن لم يكن عند الوجدان فيه. ولعلّه أظهر. ويحتمل على بعد أن يكون المراد أنَّ مع وجود النصفين يقف في الصّلاة على النصف الذي فيه القلب محاذيا له.
ثمّ أعلم أنّه اختلف كلام الأصحاب في تلك المسألة اختلافا كثيرا:
قال في المنتهى: لو وجد بعض الميّت، إمّا بأن أكله سبع، أو احترق بالنّار، أو غير ذلك، فإن كان فيه عظم، وجب غسله بغير خلاف بين علمائنا، ويكفّن، وإن كان صدره صُلّي عليه وإلاّ فلا.
ثمّ قال: أمّا لو لم يكن فيها عظم، فإنّه لا يجب غسلها وكان حكمها حكم السقط قبل أربعة أشهر. وكذا الحكم لو أبينت القطعة من حيّ.
وقال المحقّق رحمهالله في المعتبر: فإذا وجد بعض الميّت وفيه الصدر فهو كما لو وجد كلّه، وهو. مذهب المفيد. وقال الشيخ: إن كان صدره وما فيه قلبه صُلّي عليه. ثمّ قال: والذي يظهر لي أنّه لا تجب الصّلاة إلاّ أن يوجد ما فيه القلب أو الصدر واليدان، أو عظام الميّت.
وقال في الذكرى: وما فيه الصدر يغسّل، وكما عظام الميّت يغسّل، وكذا قطعة فيها عظم، ذكره الشيخان، واحتجّ عليه في الخلاف باجماعنا، ويلوح ما ذكره الشيخان من خبر عليّ بن جعفر، لصدق العظام على التامّة والناقصة، ولو كان لحم بغير عظم فلا غسل. قال ابن ادريس: ولا كفن ولا صلاة. وأوجب سلاّر لفّها في خرقة ودفنها، ولم يذكره الشيخان. انتهى.
وأقول: الأقوى ما اختاره المحقّق رحمهالله، وأمّا استدلالهم بهذا الخبر؛ لكون الصدر كالميّت في جميع أحكامه، فلا يخفى ضعفه، إذ الظاهر من الخبر وجوب الصّلاة
(244)
على النصف الذي فيه القلب، بأن يكون مشتملاً على محل القلب أو القلب أيضا كما عرفت، وعلى الرأس واليدين.[1]
أبواب الدّفن
الحديث 154: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: أوّل ما يُتحف به المؤمن[2] يغفر لمن تبع جنازته.
المصادر: الكافي 3: 173، كتاب الجنائز، باب ثواب من مشى مع جنازة، ح3، ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 1: 455، كتاب الطهارة، ب23 باب في تلقين المحتضرين، ح127، وسائل الشيعة 3: 143، كتاب الطهارة، أبواب الدّفن، ب2 ح4، جامع أحاديث الشيعة 3: 502، كتاب الطهارة، أبواب الدفن، ب10 باب استحباب تشييع الجنازة للرّجال وكثرة ثوابه خصوصا...، ح8.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «أوّل ما يتحف» إلخ قال في القاموس: التُحفة بالضمّ، وكهمزة البِرُّ، واللّطف، والطّرفة، والجمع تحف، وقد أتحفته تحفة.
أقول: لا يتوهّم التّنافي بين هذا وبين ما ذكر في الخبر الأوّل، إنّ اوّل حبائه الجنّة، إذ يمكن أن يكون المراد هناك أوّل حبائه الذي يصل إليه بلا توسّط غيره، أو يكون الأوّليّة في أحدهما إضافيّة، وإنّما عُدّ مغفرة المشيّعين تحفة للميّت، لأنّها إكرام للميّت، فيصير سببا لسروره.[3]
الحديث 155: عليّ (بن إبراهيم)، عن أبيه، وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن داود الرِّقي، عن رجل من أصحابه، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: مَن شيَّعَ جنازة مؤمن حتّى يدفن في قبره وكّل الله عزّ وجلّ به سبعين ملكا من المشيِّعين يشيّعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره إلى الموقف.
--------------------------------------------------
1. ملاذ الأخيار 2: 582.
2. في الوسائل زيادة: «في قبره ا ٔ».
3. مرآة العقول 14: 21.
(245)
المصادر: الكافي 3: 173، كتاب الجنائز، باب ثواب مَن مشى مع جنازة، ح2، وسائل الشيعة 3: 145، كتاب الطهارة، أبواب الدفن، ب3 ح2، وفيه تقديم وتأخير في السند ما قبل سهل، جامع أحاديث الشيعة 3: 504، كتاب الطهارة، أبواب الدفن، ب10 باب استحباب تشييع الجنازة للرّجال و...، ح13.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «مَن شيَّع» يدلّ على استحباب التشييع إلى الدّفن.
قال في المنتهى: أدنى مراتب التشييع أن يتبعها إلى المصلّى فيصلّي عليها، ثمّ ينصرف، وأوسطه: أن يتبع الجنازة إلى القبر، ثمّ يقف حتّى يدفن، وأكمله: الوقوف بعد الدّفن ليستغفر له، ويسأل الله له الثّبات على الإعتقاد عند سؤال الملكين، انتهى.
أقول: لعلّ ثواب التّشييع يحصل في الجملة، وإن لم يمض إلى المصلّى، بل بمجرّد التشييع؛ لعموم كثير من الأخبار.[1]
الحديث 156: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول: مَن مشى مع جنازة حتّى يصلّي عليها ثمّ رجع كان له قيراط [من الأجر]، فإذا مشى معها حتّى تدفن كان له قيراطان، والقيراط مثل جبل أُحد.
المصادر: الكافي 3: 173، كتاب الجنائز، باب ثواب مَن مشى مع جنازة، ح5، ورواه الشيخ بإسناده، عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 1: 455، كتاب الطهارة، أبواب الزيادات، ب23 باب في تلقين المحتضرين، ح130 وفيه: بدل رجع «يرجع»، وليس فيه: «من الأجر»، وسائل الشيعة 3: 145، كتاب الطهارة، أبواب الدّفن ب 3 ح3، جامع أحاديث الشيعة 3: 505، كتاب الطّهارة، ب10 باب استحباب تشييع الجنازة للرّجال و...، ح19.
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 20.
(246)
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «قيراط» القيراط نصف عشر الدّينار، والمراد هنا قدر من الثّواب، ولعلّ الفرض بيان انّ التشييع بعد الصّلاة إلى الدّفن يساوي في الثّواب التشييع إلى الصّلاة، والتشبيه بـ «جبل أُحد» من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس، أي كان ذلك الثّواب عظيما ممتازا بالنسبة إلى سائر المثوبات الأُخرويّة، كما أنّ جبل أُحد مشهور ممتاز في العظمة بين الأجسام المحسوسة في الدنيا، ويحتمل أن يكون المراد إنّ هذا العمل له هذا الثقل في ميزان عمله، إمّا بناء على تجسّم الأعمال كما ذهب إليه بعض، أو تنقيل الدفتر المكتوب فيه العمل بقدر ما يستحقّه ذلك العمل من الفضل والثّواب كما ذهب إليه آخرون. والله يعلم.[1]
الحديث 157: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة قال: كنت مع أبي جعفر عليهالسلام في جنازة لبعض قرابته، فلمّا أن صلّى على الميّت قال وليّه لأبي جعفر عليهالسلام: ارجع يا أبا جعفر مأجورا، ولا تعنّي، لأنّك تضعف عن المشي، فقلت أنا لأبي جعفر عليهالسلام: قد أذن لك في الرجوع فارجع، ولي حاجة أُريد أن أسألك عنها، فقال لي أبو جعفر عليهالسلام: إنّما هو فضل وأجر، فبقدر ما يمشي مع الجنازة يؤجر الذي يتبعها، فأمّا بإذنه فليس بإذنه جئنا، ولا بإذنه نرجع.
المصادر: الكافي 3: 171، كتاب الجنائز، باب من يتبع جنازة ثمّ يرجع، ح1، وسائل الشيعة 3: 146، كتاب الطهارة، أبواب الدّفن، ب3 ح5، جامع أحاديث الشيعة 3: 506، كتاب الطّهارة، أبواب الدّفن، ب10 باب استحباب تشييع الجنازة للرّجال و...، ح21.
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
بيان: «لا تعنّي» أي لا تتعب نفسك من العناء.[2]
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 21، وراجع ملاذ الأخيار 3: 282.
2. كتاب الوافي 24: 406.
(247)
قال العلاّمة المجلسي:
قوله عليهالسلام: «ولا تعنّي» بحذف تاء الخطاب نفي في معنى النّهى.
قال الجوهريّ: عنى بالكسر عناءً: أي تعب ونصب، وعنّيته أنا تعنيةً، وتعنّيته أيضا فتعنّى.
أقول: هذا الخبر يدلّ على فضل تشييع الجنازة، وعلى كثرة الثّواب بزيادته، وعلى عدم اشتراط الإذن في حضور الجنازة، ولا لزوم الانصراف مع الإذن فيه، بل عدم رجحانه وإن التمس صاحب الجنازة.[1]
الحديث 158: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن أُورمة،[2] عن محمّد بن عمرو، عن[3] حسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: إمش أمام جنازة المسلم العارف، ولا تمش أمام جنازة الجاحد، فإنّ أمام جنازة المسلم ملائكة يسرعون به إلى الجنّة، وإنّ أمام جنازة الكافر ملائكة يسرعون به إلى النّار.
المصادر: الكافي 3: 169، كتاب الجنائز، باب المشي مع الجنازة، ح2، وسائل الشيعة 3: 150، كتاب الطهارة، أبواب الدّفن، ب5 ح4، جامع أحاديث الشيعة 3: 515، كتاب الطّهارة أبواب الدّفن، ب14 باب استحباب المشي خلف الجنازة، أو على جنبي السّرير...، ح15.
الشرح: قال العلاّمة المجلسي:
المعروف من مذهب الأصحاب أن مشي المشيّع وراء الجنازة أو أحد جانبيها أفضل من المشي أمامها، قال في المنتهى: يكره المشي أمام الجنائز للماشي
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 17.
2. وسمّي أيضاً: محمّد بن اُوربمة، ويكنّي بأبي جعفر القمّي، ولمزيد الوقوف عليه راجع رجال النجاشي: 329، الرقم 891.
3. في الوسائل والجامع: «و» بدل «عن».
(248)
والراكب، بل المستحب أن يمشي خلفها أو من أحد جانبيها، وهو مذهب علمائنا أجمع، وبه قال: الأوزاعي، وأصحاب الرأي، وإسحاق، وقال الثوري: الراكب خلفها والماشي حيث شاء، وقال الأصحاب: الظاهر الراكب خلفها أو بين جنبيها، والماشي أمامها، وقال الشافعي وابن أبي ليلي ومالك: المشي أمامها أفضل للراكب والراجل، وبه قال: عمر وعثمان وأبو هريرة والقاسم بن محمّد وابن الزبير وأبو قتادة وشريح وسالم والزهري، انتهى. ونصّ في المعتبر: على أن تقدمها ليس بمكروه، بل هو مباح. وحكى الشهيد في الذكرى عن كثير من الأصحاب: أنه يرى كراهة المشي أمامها. وقال ابن أبي عقيل: يجب التأخّر خلف جنازة المعادي لذي القربى لما ورد من استقبال ملائكة العذاب إيّاه، وقال ابن الجنيد: يمشي صاحب الجنازة بين يديها والباقون وراؤها، لما روي من أنّ الصادق عليهالسلام تقدّم سرير ابنه إسماعيل بلا حذاء ولا رداء.
قوله عليهالسلام: «إمش» إلخ يدلّ على اختصاص النهي عن المشى أمام الجنازة بجنازة المخالف، وبه يمكن الجمع بين الأخبار.[1]
الحديث 159: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح [قال الكلينيّ] وعدّة من أصحابنا، عن ابن زياد، عن محمّد بن سليمان الديلميّ، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول: لمّا حضر الحسن بن علي عليهماالسلام الوفاة قال للحسين عليهالسلام: يا أخي إنّي أُوصيك بوصيّة فاحفظها، إذا أنا متُّ فهيّئني، ثمّ وجّهني إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله لأحدث به عهدا، ثمّ اصرفني إلى أُمّي، ثمّ ردّني فادفنّي بالبقيع، وأعلم أنه سيصيبني من عائشة ما يعلم الله والناس صنيعها، وعداوتها للّه، ولرسوله، وعداوتها لنا أهل البيت، فلما قبض الحسن عليهالسلام [و] وضع
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 14: 12 و 13.
(249)
على السرير، ثمّ إنطلقوا به إلى مصلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي كان يصلّي فيه على الجنائز، فصلّى عليه الحسين عليهالسلام وحمل وأُدخل إلى المسجد، فلمّا أُوقف على قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ذهب ذو العوينين إلى عائشة فقال لها: إنّهم قد أقبلوا بالحسن ليدفنوا مع النبيّ صلىاللهعليهوآله فخرجت مبادرة على بغل بسرج ـ فكانت أوّل إمرأة ركبت في الإسلام سرجا ـ فقالت: نحّوا ابنكم عن بيتي، فإنّه لا يدفن في بيتي، ويهتك على رسول الله حجابه، فقال لها الحسين عليهالسلام قديماً هتكت أنتِ وأبوكِ حجاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وأدخلت عليه بيته مَن لا يحبُّ قربه، وإنّ الله سائلك عن ذلك يا عائشة.
المصادر: الكافي 1: 300، كتاب الحجّة، باب الإشارة والنّص على الحسين بن عليّ عليهماالسلام، ح1، وأورد صدر الحديث في وسائل الشيعة 3: 163، كتاب الطّهارة، أبواب الدفن، باب 13 ح6، وليس في السند: «قال الكليني»، وفيه: «سهل بن زياد» بدل «ابن زياد» في السند، جامع أحاديث الشيعة 3: 533، كتاب الطّهارة، أبواب الدفن، ب22 باب حكم توجيه الميّت إلى قبور النبيّ والأئمّة عليهمالسلام، ح1.
الشرح: قال الفيض الكاشاني:
بيان: «العوين» تصغير العين، وكنّى بذي العينين عن الجاسوس.[1]
قال العلاّمة المجلسي:
و«قال الكليني» كلام تلامذته وهو في هذا الموضع غريب، ولعلّ بكرا أيضا روى عن ابن الجهم، أو عن ابن سليمان، واحتمال إرسال الأوّل، كما قيل بعيدٌ، وابن زياد هو سهلٌ.
«ثمّ ردّني» يدلّ على أنّ فاطمة عليهاالسلام ليست مدفونةٌ بالبقيع، ويمكن أن يستدلّ به على شرعيّة ما هو الشائع في هذه الأعصار في الرّوضات المقدّسات، من تزوير الأموات.
--------------------------------------------------
1. كتاب الوافي 2: 340.
(250)
«ما يعلم الله، والناس صنيعها» أي به، أو ما يعلمه الله، فصنيعها خبر مبتداء محذوف، والمراد بالصّنيع: الفعل القبيح، في القاموس: صنع به صنيعا قبيحا فعله، انتهى.
وفي بعض النسخ صنعها بهذا المعنى وفي بعضها «بغضها».
«ثمّ انطلقوا» قرأ بعض الأفاضل «ثَمَّ» إشارة للمكان، أي في بيته، فقوله: انطلقوا جزاء «لما»، ويحتمل أن يكون بالضمّ، ويكون قوله: فصلّي جواب لمّا، اُدخل الفاء عليه للفاصلة، وظاهره كون مصلّى الرسول صلىاللهعليهوآله خارجاً من المسجد، ويمكن حمله على المسجد الذي كان في زمن الرسول صلىاللهعليهوآله، أو ما هو الآن مسقّف ويصلّي الناس فيه، وهما متقاربان، و «ذوالعوينين» الجاسوس، قال الجوهري: ذوالعينتين الجاسوس، ولا تقل: ذوالعوينتين، وفي القاموس: وذوالعينين الجاسوس، انتهى.
وهذا الخبر يدلّ على أنّه سيجيء بالواو أيضا، ويمكن أن يكون عليهالسلام تكلّم باللّغة الشائعة بينهم، ويظهر من بعض الأخبار أنّه كان مروان بن الحكم لعنه الله.
قوله: «قديما»، ظرف «هتكت» وهتكت الحجاب لإدخال أبيبكر، وأبه بيته صلىاللهعليهوآله بغير إذنه.
ثمّ اعلم أنّ ذكر الخبر في باب النّص من جهتين: الأُولى: اشتماله على الوصيّة، وقد مرّ في الأخبار أنّها من علامات الإمام والثّانية: أنّه عليهالسلام صلّى على أخيه وهي أيضا من علامات الإمامة، كما سيأتي، ولذا ذكره المصنّف في هذا الباب، ثمّ أنّ الخبر يدلّ على مرجوحية رُكوب الفروج على السّروج.[1]
--------------------------------------------------
1. مرآة العقول 3: 304.