تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
سخن موسس فقید
سخن موسس فقید
مسند سهل بن زياد الآدمى (جلد اول)

(501)

قال الفيض الكاشاني:

بيان: «وما ألقى منه» يعني من الأذى ولعلّه كان عدوّا دينيّا وإنّما كان يؤذيه من هذه الجهة وإلاّ لما استحقّ ذلك منه.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «إذا أدبر وإذا استدبر» لعلّ المراد بالإدبار أوّل ما ولّى، وبالاستدبار الذهاب وللبعد في الإدبار، ويحتمل أن يكون المراد بالثاني، إرادة الإدبار فيكون بعكس الأوّل، وقيل المراد بالاستدبار الغيبة، وهو بعيد.

قال في القاموس: دبر ولّى، كأدبر واستدبر، ضدّ استقبل، وفي بعض النسخ (إذا أقبل واستدبر) وهو أظهر، وفي بعض النسخ (إذا) مكرّر، وقيل: حتّى أراح بتقدير حتّى أن أراح، وحتّى متعلّق بالمنفي لا بالنفي، والحاصل تحقّق الإراحة من غير مرور زمانٍ.[2]

الحديث 404: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن مخلّد أبي الشُّكر، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: السَّاعة الّتي تباهل فيها ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس.

المصادر: الكافي 2: 514، كتاب الدّعاء، باب المباهلة، ح 2، وسائل الشيعة 7: 136، كتاب الصّلاة، أبواب الدّعاء، ب 57 ح 1، جامع أحاديث الشيعة 15: 333، كتاب الدّعاء، أبواب الدّعاء، ب36 باب مباهلة العدوّ، ح5.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «الساعة الّتي تباهل فيها ما بين...» لأنّه وقت استجابة الدّعاء، وينبغي


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 9: 1537.

2. مرآة العقول 12: 177.


(502)

طلب هذا الوقت للمباهلة إن أمكن، وإلاّ فيجوز في غيره.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

«يباهل» بالياء على بناء المجهول، أو بالتاء على بناء المخاطب المعلوم، وحمل على أنَّ المباهلة فيها أفضل لأنّه وقت استجابة الدُّعاء، وكان دعوة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أهل نجران إلى المباهلة كانت في هذه السّاعة.[1]

أبواب الذّكر

الحديث 405: وعنهم،[3] عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله‌ عليه‌السلام قال: ما من شيء إلاّ وله حدٌّ ينتهي إليه إلاّ الذّكر، فليس له حدٌّ ينتهى إليه، فرض الله‌ عزّوجلّ الفرائض، فَمَنْ أدّاهن فهو حدّهنَّ، وشهر رمضان فَمَنْ صامه فهو حدّه، والحجّ فمن حجّ فهو حدّه إلاّ الذّكر، فإنّ الله‌ عزَّوجلَّ لم يرضَ منه بالقليل، ولم يجعل له حدّاً ينتهي إليه، ثمّ تلا: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا الله‌ ذِكْرا كَثِيرا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً».[4] فقال: لم يجعل الله‌ له حدّا ينتهي إليه، قال: وكان أبي كثير الذّكر، لقد كنت أمشي معه وإنّه ليذكر الله‌، وآكل معه الطعام وإنّه ليذكر الله‌، ولقد كان يحدّث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله‌، وكنتُ أرى لسانه لازقا بحنكه يقول: لا إلهَ إلاّ الله‌، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذّكر حتّى تطلع الشّمس، ـ إلى أن قال: ـ وقال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: ألا اُخبركم بخير أعمالكم لكم وأرفعها في درجاتكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من الدّينار والدّرهم، وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتقتلوهم ويقتلوكم؟

فقالوا: بلى، فقال: ذكر الله‌ كثيرا، ثمّ قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله فقال: مَنْ خير


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 10: 267.

2. مرآة العقول 12: 188.

3. أي: عدّة من أصحابنا.

4. الأحزاب 33: 41 و42.


(503)

أهل المسجد؟ فقال: أكثرهم للّه‌ عزَّوجلَّ ذكرا.

وقال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: من اعطي لسانا ذاكرا فقد أُعطي خير الدنيا والآخرة.

وقال في قوله تعالى: «وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ»[1] قال: لا تستكثر ما عملت من خير للّه‌.

المصادر: وسائل الشيعة 7: 154، كتاب الصّلاة، أبواب الذكر، ب5 ح2، وسيأتي قطعة منه في ص160، ب8، ح1، من هذه الأبواب، وقد تقدّمت تلك القطعة في ج6: 199، أبواب قراءة القرآن ب16 ح3.

وقد مرّ الحديث في الصفحة 451، رقم الحديث 364، فراجع هناك.

الحديث 406: محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال: كان أبي كثير الذكر، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس، وكان يأمر بالقراءة من كان يقرأ منّا، ومن كان لا يقرأ أمره بالذّكر، قال: والبيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله‌ عزّ وجلا فيه تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويضى‌ء لأهل السّماء، كما يضيء الكوكب الدُّرّيّ لأهل الأرض، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله‌ فيه تقلّ بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين، ثمّ قال: جاء رجل إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله فقال: مَنْ خير أهل المسجد؟ فقال: أكثرهم للّه‌ ذكرا.

المصادر: وسائل الشيعة 7: 160، كتاب الصّلاة، أبواب الذكر، ب 8 ح 1، وقد تقدّم في ص 154، ب5 ح2 بتمامه من هذه الأبواب و ج 6: 199، أبواب قراءة القرآن، ب 16 ح 3 قطعة منه.

قد مرّ الحديث في الصفحة 451، رقم الحديث 364، فراجع هناك.


--------------------------------------------------

1. المدّثّر 74: 6.


(504)

الحديث 407: عدةٌ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و[1] محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا، عن عليّ بن مهزيار قال: كتب رجل إلى أبي جعفر عليه‌السلام يشكوا إليه لَمَما يخطر على باله، فأجابه في بعض كلامه: إنّ الله‌ عزّوجلّ إن شاء ثَبَّتَك فلا يجعلُ لإبليس عليك طريقا، قد شكى قومٌ إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله لَمَما يعرضُ لهم لأن تهوي بهمُ الرّيح، أو يقطّعوا أحَبُّ إليهم مِنْ أن يتكلّموا به، فقال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: أتجدون ذلك؟ قالوا: نعم، فقالَ: والذي نفسي بيدهِ إنّ ذلك لصريحُ الإيمان، فإذا وجدتموهُ فقولوا: آمنّا بالله‌ ورسوله، ولا حولَ ولا قوّة إلاّ بالله‌.

المصادر: الكافي 2: 425، كتاب الإيمان والكفر، باب الوسوسة وحديث النفس، ح 4، وروى الشطر الثاني من الحديث في وسائل الشيعة 7: 168، كتاب الصّلاة، أبواب الذكر، ب 16 ح 3، وفيه: «عن أبي جعفر عليه‌السلام » بدل «قال: كتب رجل إلى أبي جعفر عليه‌السلام »، جامع أحاديث الشيعة 15: 374، كتاب الذكر، أبواب الذِّكر والصّلاة، ب 9 باب ما ورد في ذكر الله‌ تعالى عند وسوسة القلب وما يخطر على البال، ح 4.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «كتب رجل إلى أبي جعفر عليه‌السلام يشكو إليه لَمَما يخطر على باله...، إلخ» اللمَمَ، بفتحتين مقاربة الذنب، وقيل: هو الصغائر من الذنوب، وهو أيضا طرف من الجنون يلم به الإنسان، وإنّما جعل الوسوسة لَمَما أى ذنبا صغيرا، لزعمه أنّها من صغائر الذنوب، أو لأنّها قد تؤول إلى ذنب، وإلاّ فهي ليست من الذنوب و«الهوي» السقوط من أعلى إلى أسفل، وفعله من باب ضرب، ومنه قوله تعالى: «أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ»،[2] أي بعيد، والباء في «بهم» للتعدية، وهم جعلوا التكلّم باللمم، وإظهاره أشدّ عليهم من أن يسقطهم الريح إلى مكان عميق، أو من


--------------------------------------------------

1. في الوسائل زيادة: «عن».

2. الحجّ 22: 31.


(505)

أن تقطع أعضاؤهم استقباحا لشأنه واستعظاما لأمره، لأنّه محال في حقّه تعالى وكفرٌ به.

والاستفهام في قوله: «أتجدون ذلك» على حقيقته أو للتعجّب أو التقرير، ولفظة ذلك في الموضعين إشارة إلى الإستعظام، أو الخوف المفهومين من سياق الكلام. وصريح الإيمان خالصه، ولو جعل إشارة إلى اللَمَم لورد أنّ الإيمان يقين، واللمم شكٌ أو قريب منه، فلا يكون اللَمَم من الإيمان فضلاً عن أن يكون من صريحه، ويمكن أن يدفع ذلك، بأنّ الشيطان إذا يئس من كفر مَنْ صحّ إيمانه، ومن الإتيان به من جهة الأعمال، قصده بالوسوسة ليشغل قلبه بحديث النّفس وليؤذيه بذلك. فإذن سبب الوسوسة هو محض الإيمان وصريحه، فصحّ أنَّ الوسوسة صريح الإيمان بخلاف الكافر والشّاكّ وضعيف الإيمان، فإنّه يأتيهم من أيّ وجه أراد، ويدلّ على هذا التوجيه حديث آخر الباب.[1]

قال العلاّمة المجلسي: الحديث صحيح.

وقال في النهاية في حديث ابن مسعود: لابن آدم لمّتان: لمّة من الملك، ولمّة من الشّيطان، اللمّة، الهمّة والخطرة تقع في القلب، أراد إلمام الملك والشّيطان به والقرب منه، فما كان من خطرات الخير فهو من الملك، وما كان من خطرات الشرِّ فهو من الشيطان، وفي القاموس: اللّمَم محرّكة الجنون وصغار الذّنوب، وأصابته من الجنّ لمّة، أي مسّ أو قليل، وقيل: إنّما جعل الوسوسة لمما، أي ذنبا صغيرا، لزعمه أنّها من صغائر الذنوب،... أو للتعجّب أو للتقرير.[2] ولفظة «ذلك» إشارة إلى كون الهوي والتقطيع أحبّ إليهم من التكلّم به، أو أصل اللّمم، والأوّل أظهر، والإشارة الثانية أيضا تحتمل الوجهين، كما عرفت.


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 10: 139.

2. كما مرّ آنفاً في شرح المازندراني.


(506)

وقد روي مثل ذلك في طرق العامّة، قال في النهاية في حديث الوسوسة: ذلك صريح الإيمان، أى كراهتكم له وتفاديكم منه صريح الإيمان، والصّريح، الخالص من كلّ شيء، وهو ضدّ الكناية، يعني أنّ صريح الإيمان هو الذي يمنعكم لقبول ما يلقيه الشّيطان في أنفسكم حتّى يصير ذلك وسوسة لا يتمكّن في قلوبكم، ولا تطمئنّ إليه نفوسكم، وليس معناه، أنّ الوسوسة نفسها صريح الإيمان، لأنّها تتولّد من فعل الشّيطان وتسويله، فكيف يكون إيمانا صريحا.

وقال النّووي في شرح صحيح مسلم: أي إستعظامكم التكلّم به، فإنَّ شدّة خوفكم منه فضلاً عن اعتقاده إنّما يكون لمَن إستكمل الإيمان، وفي الرواية الثانيّة وإن لم يذكر الإستعظام، لكنّه مراد، وقيل: سبب الوسوسة علامة محض الإيمان فإنَّ الشيطان إنّما يوسوس لمَن آيس عن إغوائه.[1]

الحديث 408: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال رجل عنده: الله‌ أكبر، فقال: الله‌ أكبر من أيّ شيء؟ فقال: من كلّ شيء، فقال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: حدّدته، فقال الرجل: كيف أقول؟ قال: قل: الله‌ أكبر من أن يوصفَ.

المصادر: الكافي 1: 117، كتاب التوحيد، باب معاني الأسماء واشتقاقها، ح8، ورواه الصدوق، عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، عن أبيه، عن سهل بن زياد الآدمي في التوحيد: 312، كتاب التوحيد، ب46 باب معنى الله‌ أكبر، ح1، ورواه مثله أيضاً عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن سهل بن زياد في معاني الأخبار: 11، باب معنى الله‌ أكبر، ح2، وفيه: «فقال: الله‌ أكبر من أن يوصف» بدل «قال: قل: الله‌ أكبر من أن يوصف»، وسائل الشيعة 7: 191، كتاب الصّلاة، أبواب الذكر، ب 33 ح 2، بحار الأنوار 90: 219، كتاب الذّكر والدُّعاء، ب 9 باب التكبير وفضله ومعناه، ح 2 عن معاني الأخبار، مستدرك الوسائل 5: 328، كتاب الصّلاة، أبواب الذِّكر، ب30 ح1 عن


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 11: 269.


(507)

معاني الأخبار، جامع أحاديث الشيعة 15: 433، كتاب الذكر، أبواب الذِّكر والصلوات و...، ب 25 باب أنّ من قال الله‌ أكبر من كلّ شيء...، ح 2 و 3.

قال الحرّ العاملي:

أقول: وقد ورد في أحاديث كثيرة: أنَّ الله‌ أكبر من كلِّ شيء، وهي محمولة على الجواز مع قصد المعنى الصحيح.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «قال: قال رجل عنده: الله‌ أكبر، فقال: أكبر من أيّ شيء» الغرض استعلام حاله هل يعلم ذلك أم لا «فقال: من كُلِّ شيء»؛ لأنّ عظمته ذاتيّة مطلقة فإذا اعتبرت فيه الإضافة لحقته الإضافة على الإءطلاق غير مقيّدة ببعض الأشياء دون بعضها، «فقال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: حددته» بالتخفيف من الحدِّ، وبالتشديد من التحديد، يعني شرحت عظمته بوجه، وجعلتها محدودة متعيّنة بنحو، وهو أنّه أكبر من كُلِّ شيء، فإنّ فيه دلالة على أنَّ في المفضّل مثل ما في المفضّل عليه من الكبر والعظمة مع زيادة، وإن كانت تلك الزِّيادة هنا غير متناهية، ولا شبهة في أنّ عظمة المفضّل عليه محدودة متناهية، فإذا اعتبرتها في المفضّل، فقد حدّدته بأنَّ له هذا المقدار من العظمة مع زيادة، وهذا نحو من تحديده وتوصيف عظمته والإحاطة بها، «فقال الرّجل: كيف أقول؟ قال: قل: الله‌ أكبر من أن يوصف» بشيء من الأشياء، وبنحو من الأنحاء، حتّى التوصيف بأنّه أكبر من كلِّ شيء، ففي هذه الكلمة الشريفة تنزيه كلّي له بوصف من الأوصاف، ونعت من النعوت، وحدّ من الحدود، وبالجملة تفسير السائل إشارة إلى أنّا وجدنا عظمته فوق عظمة غيره على الإطلاق، وهذا لا يخلو من تحديد عظمته بوجه ما، ولو بفرض العقل، وتفسيره عليه‌السلام إشارة إلى عجز العقل عن إدراك عظمته، وغيرها من


(508)

الصفات، وعن توصيفه بشيء منها، وبينهما بون بعيد، قال أبو عبدالله‌ الآبي ـ وهو من أعاظم علماء العامّة ـ في كتاب إكمال الإكمال: واختلف في الله‌ أكبر، فقيل: أنَّ أكبر بمعنى كبير، وقيل: أنّه على بابه، والمعنى أكبر من أن يدرك كنه عظمته.[1]

قال رفيع الدّين محمّد بن حيدر النائيني:

قوله: «الله‌ أكبر من أيِّ شيء؟» هذا استعلام عن مراد القائل، أنّه هل أراد اتّصافه سبحانه بالشدِّة أو الزيادة في الكِبَر الذي يُعقل في المخلوق، فيلزم اتّصافه بالكِبَر الإضافي، أو أراد نفي اتّصافه سبحانه بما يُعقل من الصّفات الّتي في المخلوقات؟ ولمّا أجاب القائل بقوله: «من كُلِّ شيٌ» علم أنّه أراد الإتّصاف بالكبر الإضافيّ، فَنَبَّهَ على فساده بقوله: «حدّدته»؛ لأنّ المتّصف بصفات الخلق محدّد بحدود الخلق، غير خارج عن مرتبتهم. فلمّا علم القائل خطأه، قال: «كيف أقول؟» أي في تفسير (الله‌ أكبر) وما معناه، فأجابه عليه‌السلام بقوله: «قل: الله‌ أكبر من أن يوصف» ومعناه اتّصافه بنفي صفات المخلوقات عنه، وتعاليه عن أن يتّصف بها، فلفظ «أكبر» هاهنا ليس مستعملاً فيما يُعقل من المعاني الحقيقيّة لتفضيل، إنّما استعمل في نفي هذه الصفات، وتعاليه سبحانه عن الإتّصاف بها، فيكون استعمالاً للّفظ في لازم معناه الحقيقي؛ فإنّ الأشدّ والأزيد في صفة مشتركة بين المفضّل والمفضّل عليه خارج عن مرتبة المفضَّل عليه، غيرُ محاط بها، فاستعمل في الخروج عن مرتبة غيره، ونفي المحاطيّة بتلك المرتبة مجرّدا عن الإشتراك في أصل الصفة، كما أنَّ القدرة من لوازمها نفي العجز، والعِلمَ من لوازمه نفي الجهل، والسمعَ من لوازمه نفي خَفاء ما يدرك بالسّمع، والبصر من لوازمه نفي خفاء


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 4: 29.


(509)

المدرك بالبصر، واستعملت هذه الصفات فيه سبحانه باعتبار اللّوازم، لا باعتبار تحقّق المعقول من صفاتنا فيه سبحانه.[1]

الحديث 409: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: مَنْ صلّى عليَّ صلّى الله‌ عليه وملائكته، ومن[2] شاء فليقلّ ومن شاء فليكثر.

المصادر: الكافي 2: 492، كتاب الدُّعاء، باب الصلاة على النبيّ محمّد وأهل بيته عليهم‌السلام، ح 7، وسائل الشيعة 7: 194، كتاب الصّلاة، أبواب الذكر، ب34 ح6، جامع أحاديث الشيعة 15: 465، كتاب الذكر، أبواب الذِّكر والصلوات و...، ب 32 باب فضل الصلوات على محمّد وآله، ح17.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله: «فليقلّ» بتشديد اللاّم المفتوحة بصيغة الأمر، أي إذا عرف ذلك فالأمر مفوّض إليه في الإقلال والإكثار، فإنَّ النفع والضَّرَّ يصلان إليه، أو فمن شاء قلّة صلاة الله‌ وملائكته عليه فليقلّ الصلاة عليّ، ومَن شاء كثرة صلاتهما فليكثر.[3]

الحديث 410: حدّثنا أحمد بن محمّد الشيباني[4] رضى‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن أحمد الأسدي الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبدالعظيم بن عبدالله‌ الحسني قال: سمعت عليّ بن محمّد العسكري عليه‌السلام يقول: إنّما اتّخذ الله‌ عزَّوجلَّ إبراهيم خليلاً، لكثرة صلاته على محمّد وأهل بيته صلوات الله‌ عليهم.

المصادر: علل الشرائع: 34، ب 32 باب العلّة الّتي من أجلها اتّخذ الله‌ إبراهيم خليلاً، ح3،


--------------------------------------------------

1. الحاشية على اُصول الكافي (مجموعة آثار المؤتمر الدُّوَلي لذكرى الشيخ ثقة الإسلام الكليني) 9: 397.

2. في الوسائل: «فمن» بدل «ومن».

3. مرآة العقول 12: 98.

4. في الوسائل والبحار: «السناني» بدل «الشيباني».


(510)

وسائل الشيعة 7: 194، كتاب الصّلاة، أبواب الذّكر، ب 34، ح 9، بحار الأنوار 91: 54، كتاب الذِّكر والدُّعاء، ب 29 باب فضل الصّلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، ح 23، جامع أحاديث الشيعة 15: 474، كتاب الذِّكر أبواب الذِّكر والصلوات و...، ب 32 باب فضل الصلوات على محمّد وآله و...، ح52.

الحديث 411: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: سمع أبي رجلاً متعلّقا بالبيت، وهو يقول: اللَّهُمَّ صلِّ على محمّد، فقال له أبي: يا عبدالله‌،[1] لا تبترها، لا تظلمنا حقّنا، قُلْ: اللَّهُمَّ صلِّ على محمّد وأهل بيته.

المصادر: الكافي 2: 495، كتاب الدّعاء، باب الصلاة على النبيّ محمّد وأهل بيته عليهم‌السلام، ح 21، وسائل الشيعة 7: 202، كتاب الصّلاة، أبواب الذِّكر، ب 42 ح 2، جامع أحاديث الشيعة 15: 488، كتاب الذِّكر، أبواب الذِّكر والصلوات، ب32 باب فضل الصلوات على محمّد وآله و...، ح 97.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «سمع أبي رجلاً متعلّقا بالبيت وهو يقول: اللَّهُمَّ صلِّ على محمّد، فقال له أبي عليه‌السلام: يا عبدالله‌ لا تبترها، لا تظلمنا حقّنا،... إلخ» البتر بتقديم الباء الموحدة على التاء المثناة الفوقانيّة، بمعنى القطع قبل الإتمام، يقول بترت الشئأبتره، كفرح بترا قطعته قبل إتمامه، وقد ابتره أي صيّره أبتر، وضمير التّأنيث راجع إلى الصّلاة، و«حقّنا» مفعول فيه، أي لا تظلمنا في حقّنا، والظلم وضع الشئفي غير موضعه، ومن هذا الخبر يستفاد وجوب ذكر أهل بيته معه عليهم‌السلام في الصّلاة، لأنّه نهى عن البتر وعدّ ذلك ظلما، ولا شك أنَّ الظلم على أهل البيت حرام، والاحتياط ظاهر، وينبغي أن يعلم أنّه لا نزاع في جواز ذكر الآل في الصّلاة تبعا


--------------------------------------------------

1. ليس في الوسائل: «يا عبدالله‌».


(511)

له صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، وإنّما النزاع في جواز ذلك انفرادا وأصالة، والذي عليه أصحابنا أجمعون الجواز، لقوله تعالى مخاطبا للمؤمنين كافة «هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ»[1] فإذا جاز الصّلاة على آحاد المؤمنين فكيف لا يجوز على أشرف الاُمّة وأخصّهم به صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، وقوله تعالى: «الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لله‌ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ»[2] ولا شك أنّهم اصيبوا بأعظم المصائب، وصبروا أجمل صبر. وقوله تعالى «وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ».[3]

وقوله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: اللَّهُمَّ صلِّ على أبي أوفى وآل أبي أوفى. حين أوفى أبو أوفى زكاته. فإذا جاز صلاته على اُمّته فكيف لا يجوز صلاة اُمّته على آله عليهم‌السلام؟ ولأنّ صلاة الله‌ بمعنى الرّحمة، ويجوز الرّحمة عليهم اجماعا، فيجوز مرادفها، كما تقرر في الاُصول.

وقال المخالفون: إنَّ إفرادهم مكروه، ومنهم صاحب الكشّاف قال: نصَّ القرآن والأخبار وإن دلَّ على جواز ذلك لكنّه مكروه، لانَّ ذلك صار شعارا لذكر رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، ولأنّه إتهام بالرّفض.

ولا يخفى سماجة هذا القول، لأنّه لا معنى للحكم بالكراهة بعد شهادة القرآن والأخبار، كما اعترف به، وحديث الشّعار والاختصاص مصادرة، لأنّ ذلك شعار له صلى‌الله‌عليه‌و‌آله عندهم بسبب منعهم لغيره، والمجوّزون لغيره لا يسلّمون إختصاصه به وترك ما اقتضاه الدّليل، لأجل أنَّ طائفة من محبّي آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌و‌آله عملوا به، تعصّب وعناد لا يليق إرتكابه للعاقل اللّبيب، وإلاّ لزمهم ترك العبادات لئلاّ يتّهموا


--------------------------------------------------

1. الأحزاب 33: 43.

2. البقرة 2: 156 و157.

3. التوبة 9: 103.


(512)

بالرّفض، ولهم أمثال ذلك كثيرة: مثل ما ورد من تسنيم القبور، حيث قالوا المستحب هو التسطيح لكن هو شعار للرّفضة، فالتسنيم خير منه، وكذلك في التختّم باليمين، وغير ذلك، والله‌ يهدي من يشاء إلى سواء السبيل.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

وفي القاموس: البتر القطع أو مستأصلاً، والأبتر المقطوع الذنب، وكلّ أمر منقطع من الخير، والبتراء من الخطب ما لم يذكر اسم الله‌ فيه، ولم يصلِّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله والإنبتار الإنقطاع، وقال: الظُّلم بالضمّ وضع الشيء في غير موضعه، وظلمه حقّه وتظلّمه إيّاه وقوله تعالى: «وَ لَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً»[2] أي ولم تنقص.

وأقول: المراد بالبتر هنا، إمّا الاستيصال للاشعار بأنّ الصّلاة على النبيّ بدون آل باطل، فكأَنّه لم يصلّ أصلاً، أو النقص وعدم الاتمام كما سمّوا خطبة زياد بدون الحمد والصّلاة البتراء، ويدلّ الخبر على حرمة الصّلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله بدون الصّلاة على الآل، لأنّه عدّه ظلما عليهم، والظّلم عليهم حرام بإجماع المسلمين[3].[4]

أبواب قواطع الصلاة

الحديث 412: عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله‌ بن عبدالرحمن الأصمّ، عن مسمع أبي سيّار، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام: أنَّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله سمع خلفه فرقعة، فرقع رجل أصابعه في صلاته، فلمّا انصرف قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: أما إنّه حظّه من صلاته.

المصادر: الكافي 3: 365، كتاب الصّلاة، باب ما يقطع الصلاة من الضحك والحدث و...،


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 10: 238.

2. الكهف 18: 33.

3. ومن أراد لمزيد الوقوف عليها مراجعة مرآة العقول.

4. مرآة العقول 12: 107.


(513)

ح 8، وسائل الشيعة 7: 265، كتاب الصّلاة، أبواب قواطع الصلاة، ب 14 ح2، جامع أحاديث الشيعة 6: 207، كتاب الصّلاة، أبواب ما يقطع الصلاة، ما لا يقطع، ب 5 باب كراهة الفرقعة والتمطّي و...، ح1.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: «فرقعة الأصابع» غمزها حتّى يسمع لمفاصلها صوت «حظّه من صلاته» يعني نصيبه من ثوابها.

وفي بعض النّسخ بالمهملتين، وفي بعضها بزيادة التّاء بعد الطّاء، وكلاهما بمعنى النّقصان.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «أما أنّه حظّه» لعلّ المراد حظّه من فضل الصّلاة ومزيد ثوابها.[2]

أبواب صلاة الجمعة وآدابها

الحديث 413: عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله‌ بن القاسم، عن مسمع أبي سيّار قال: سألت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام عن وقت الظهر في يوم الجمعة في السفر؟ فقال: عند زوال الشمس، وذلك وقتها يوم الجمعة في غير السّفر.

المصادر: الكافي 3: 431، كتاب الصّلاة، أبواب السفر، باب وقت الصلاة في السفر والجمع بين الصلاتين، ح 2، وسائل الشيعة 7: 316، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة وآدابها، ب 8 ح 2، جامع أحاديث الشيعة 6: 452، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة وما يناسبها، ب 15 باب أنّ أوّل وقت الجمعة...، ح 20.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: وذلك لسقوط النافلة في السفر.[3]


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 8: 876.

2. مرآة العقول 15: 239.

3. كتاب الوافي 8: 1111.


(514)

قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «عند زوال الشمس» أي أوّله، لسقوط النافلة وفي غير السفّر لتقديمها كما مرّ.[1]

الحديث 414: عليُّ بن محمّد وغيره،[2] عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن عليه‌السلام: الصلاة النافلة يوم الجمعة ستّ ركعات بكرة، وستّ ركعات صدر النّهار، وركعتان إذا زالت الشمس، ثمّ صلِّ الفريضة وصلِّ بعدها ستّ ركعات.

المصادر: الكافي 3: 427، كتاب الصّلاة، باب التطوع يوم الجمعة، ح1، ورواه الشيخ بإسناده عن الكليني عن محمّد بن يحيى وغيره عن سهل بن زياد، في تهذيب الأحكام 3: 10، كتاب الصّلاة، ب 1 باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، ح 34، وليس فيه: «ست ركعات بكرة»، وفيه: «ثمّ صلّ بعدها» بدل «وصلّ بعدها»، والاستبصار 1: 409، كتاب الصّلاة، أبواب الجمعة وأحكامها، ب 248 باب تقديم النوافل يوم الجمعة قبل الزوال، ح1، «باختلاف يسير»، جمال الاسبوع: 244، الفصل الأربعون، وسائل الشيعة 7: 325، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة وآدابها، ب 11 ح 13، بحار الأنوار 87: 14، كتاب الصّلاة، ب5 باب نوافل يوم الجمعة و...، ح3، جامع أحاديث الشيعة 6: 522، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة، ب 31 باب عدد النافلة يوم الجمعة و...، ح1.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «إذا زالت الشمس» أي قبل تحقّق الزّوال، كما يدلّ عليه الخبر الآتي، وبهذه الرواية وما في معناها أخذ السيّد المرتضى، وابن أبي عقيل، وجماعة وقال الفاضل التسترى رحمه‌الله: وفي الخلاف ـ بعد ما أختار استحباب تقديم


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 373.

2. في هامش الوسائل: (كتب المصنف في الهامش: «في التهذيب والاستبصار: عن محمّد بن يحيى وغيره، صح»).


(515)

نوافل الظهر ـ، ولم أعرف من الفقهاء وفاقا في ذلك، فالعمل بما يدلّ على التقديم أولى لما فيه من المخالفة للعامّة.[1]

الحديث 415: عليُّ بن محمّد؛ ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد، عن المفضّل بن صالح، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه‌السلام، قال: قلت له: قول الله‌ عزّ وجلّ: «فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله‌»[2]؟ قال: إعملوا وعجّلوا فإنّه يوم مضيّق على المسلمين فيه، وثواب أعمال المسلمين فيه على قدر ما ضيّق عليهم، والحسنة والسيئّة تضاعف فيه. قال: وقال أبو جعفر عليه‌السلام: والله‌ لقد بلغني أنَّ أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله كانوا يتجهّزون للجمعة يوم الخميس؛ لأنّه يوم مضيّق على المسلمين.

المصادر: الكافي 3: 415، كتاب الصّلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلته، ح10، ورواه الشيخ عن محمّد بن الحسن بإسناده، عن سهل بن زياد مثله في تهذيب الأحكام 3: 236، كتاب الصّلاة، ب 24 باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، ح 2، وسائل الشيعة 7: 353، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة وآدابها، ب 31 ح 1، جامع أحاديث الشيعة 7: 34، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الجمعة، ب 35 باب فضل يوم الجمعة وليلتها و...، ح 40.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: كما أنَّ مضاعفة الحسنة في هذا اليوم لحرمته، كذلك مضاعقة السيّئة فيه لتضييعه الحرمة.[3]

قال العلاّمة المجلسي:

ولعلّ المراد أنّه ليس مراد الله‌ تعالى من السّعى السرّعة في السّير، لأنّه يستحبّ


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 367.

2. الجمعة 62: 9.

3. كتاب الوافي 8: 1093.


(516)

السّكينة، بل الإهتمام بالمستحبات المقدّمة عليها والتعجيل فيها لئلاّ تفوت الصلاة.[1]

وقال أيضا:

قوله عليه‌السلام: «كانوا يتجهّزون» أي: يقدمون بعض ما يستحب فعله يوم الجمعة، فيأتون به يوم الخميس ويفهم منه جواز تقديم غسل الجمعة مطلقا.[2]

الحديث 416: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: سمعت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام يقول: كان رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله يطلي العانة وما تحت الأليتين[3] في كلِّ جمعة.

المصادر: الكافي 6: 507، كتاب الزيّ والتجمّل، باب النورة، ح 14، وسائل الشيعة 7: 367، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة وآدابها، ب 38 ح 2 وفي السند: «محمّد بن حسان» بدل «محمّد بن سنان»، جامع أحاديث الشيعة 7: 98، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة، ب 50 باب حكم النّورة يوم الجمعة، ح2.

الحديث 417: عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: إنّ يوم الجمعة سيّد الأيّام يضاعف الله‌ فيه الحسنات ويمحو فيه السيّئات ويرفع فيه الدرجات ويستجيب فيه الدّعوات ويكشف فيه الكربات ويقضي فيه الحوائج العظام وهو يوم المزيد للّه‌ فيه عتقاء وطلقاء من النّار، ما دعا به أحدٌ من الناس وقد[4] عرف حقّه وحرمته إلاّ كان حقّا على الله‌ عزّوجلَّ أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النّار، فإن مات في


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 343.

2. ملاذ الأخيار 5: 440.

3. في الوسائل: «الأليين» بدل «الأليتين».

4. ليس في التهذيب والوسائل: «وقد».


(517)

يومه وليلته مات شهيدا وبعث آمنا وما استخفّ أحدٌ بحرمته وضيّع حقّه إلاّ كان حقّا على الله‌ عزوجلَّ أن يصليه نار جهنّم إلاّ أن يتوب.

المصادر: الكافي 3: 414، كتاب الصّلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلته، ح 5، تهذيب الأحكام 3: 2، كتاب الصّلاة، ب 1 باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، ح 2، وفيه: «يضاعف فيه الحسنات» بدل «يضاعف الله‌ فيه الحسنات» و «الحاجات العظام» بدل «الحوائج العظام»، و«ما دعا الله‌ فيه أحد» بدل «ما دعا به أحد»، جمال الأسبوع: 147، الفصل العشرون فيما نذكره من فضل يوم الجمعة، ح2، وفيه: «ما دعا فيه» بدل «ما دعا به»، وسائل الشيعة 7: 376، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة وآدابها، ب40 ح4، جامع أحاديث الشيعة 7: 35، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة، ب35 باب فضل يوم الجمعة، ح38، وفيه وفي التهذيب وجمال الأسبوع والوسائل: «أو ليلة» بدل «وليلته».

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «بحرمته» أي صلاة الجمعة أو الأعمّ لأنّه على وجه الاستخفاف.[1]

وقال أيضا:

قوله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «وضيّع حقّه» الظاهر أنَّ المراد منه صلاة الجمعة، أو الأعمّ، استخفافا لحقّه وإنكارا لما ورد فيه.[2]

الحديث 418: عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد قال: قال لي أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: يا عمر إنّه إذا كان ليلة الجمعة نزل من السّماء ملائكة بعدد الذَّرّ في أيديهم أقلام الذّهب وقراطيس الفضّة لا تكبتون[3] إلى ليلة السّبت إلاّ الصّلاة على محمّد وآل محمّد (صلّى الله‌ عليه وعليهم)[4] فأكثر منها. وقال[5]: يا عمر إنّ من السنّة أن تصلّي على محمّد


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 340.

2. ملاذ الأخيار 4: 636.

3. في التهذيب وجمال الأسبوع والوسائل والبحار والجامع: «لا يكتبون» بدل «لا تكتبون».

4. في الوسائل: «صلوات الله‌ عليهم».

5. في جمال الأسبوع والبحار زيادة: «ليّ».


(518)

وعلى[1] أهل بيته في كلّ يوم[2] جمعة ألف مرّة وفي سائر الأيّام مائة مرّة.

المصادر: الكافي 3: 416، كتاب الصّلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلته، ح 13، تهذيب الأحكام 3: 4، كتاب الصّلاة ب 1 باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، ح 9، وليس فيه: «صلى الله‌ عليه وعليهم» وفيه «فأكثروا منها» بدل «فأكثر منها» جمال الأسبوع: 123، الفصل العاشر، فيما نذكره من فضل ليلة الجمعة و...، وسائل الشيعة 7: 387، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة وآدابها، ب43 ح5، بحار الأنوار 86: 314، كتاب الصّلاة، ب 96 باب أعمال ليلة الجمعة وصلاتها وأدعيتها، ح 24، جامع أحاديث الشيعة 7: 55، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة، ب 38 باب استحباب إكثار الصّلاة على محمّد وآل محمّد ليلة الجمعة و...، ح1.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

و«الذّرّ» جمع ذرّة بالفتح فيهما، وهي النملة الصغيرة، ويقال: أنّ المائة منها وزن حبّة شعير.

وقيل: هي جزء من أجزاء الهباء الذي يظهر في الكوّة من أثر الشّمس، وعلى التقديرين التشبيه في العدد والكثرة لا في الجثّة.[3]

الحديث 419: عليُّ بن محمّد، ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن القدّاح، عن أبي عبد الله‌ عليه‌السلام قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: أكثروا من الصّلاة عليّ في الليلة الغرّاء واليوم الأزهر، ليلة الجمعة ويوم الجمعة، فسئل: إلى كم الكثير؟ قال: إلى مائة، وما زادت فهو أفضل.

المصادر: الكافي 3: 428، كتاب الصّلاة، باب نوادر الجمعة، ح 2، وسائل الشيعة 7: 387، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة و آدابها، ب 43 ح 6، وفي السند: «ابن القدّاح» بدل


--------------------------------------------------

1. ليس في التهذيب والوسائل والبحار: «على».

2. ليس في الوسائل والبحار: «يوم».

3. ملاذ الأخيار 4: 642.


(519)

«القدّاح»، جامع أحاديث الشيعة 7: 57، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة، ب 38 باب استحباب إكثار الصّلاة على محمّد وآل محمّد ليلة الجمعة و...، ح8.

الحديث 420: عليُّ بن محمّد عن سهل بن زياد رفعه قال: قال: إذا صلّيت يوم الجمعة فقل: «اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد الأوصياء المرضيّين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك والسّلام عليه وعليهم ورحمة الله‌ وبركاته، فإنّه مَن قالها في دبر العصر كتب الله‌ له مائة ألف حسنة ومحى عنه مائة ألف سيّئة وقضى له بها مائة ألف حاجة ورفع له بها مائة ألف درجة.

المصادر: الكافي 3: 429، كتاب الصّلاة، باب نوادر الجمعة، ح 4، جمال الأسبوع: 276، الفصل السابع و الأربعون، ح 5، وسائل الشيعة 7: 398، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة وآدابها، ب 48، ذيل ح 2، جامع أحاديث الشيعة 6: 511، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجمعة، ب 26 باب ما يستحبّ أن يقال بعد الصلوات يوم الجمعة، ح11.

أبواب صلاة العيد

الحديث 421: عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلام قال: نهى رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أن يخرج السّلاح في العيدين إلاّ أن يكونَ عدوّ حاضر[ا].

المصادر: الكافي 3: 460، كتاب الصّلاة، باب صلاة العيدين والخطبة فيهما، ح 6، وسائل الشيعة 7: 448، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة العيد، ب 16 ح 1، وفيه: «نهى النبيّ» بدل «نهى رسول الله‌»، جامع أحاديث الشيعة 7: 128، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة العيدين، ب12 باب كراهة إخراج السلاح في العيدين إلاّ...، ح 1، وفيه وفي الوسائل: «عدو حاضر» بدل «عدو حاضراً».

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

وهو المقطوع به في كلام الأصحاب بعد الحمل على الكراهة قال في الشرائع: يكره الخروج بالسّلاح.[1]


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 5: 434.


(520)

الحديث 422: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن خلف بن حمّاد، عن سعيد النقّاش قال: قال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام لي: أما إنَّ في الفطر تكبيرا ولكنّه مستور،[1] قال: قلت: وأين هو قال: في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة وفي صلاة الفجر وفي صلاة العيد، ثمَّ يقطع، قال قلت: كيف أقول؟ قال: تقول: «الله‌ أكبر الله‌ أكبر، لا إلهَ إلاّ الله‌ والله‌ أكبر، الله‌ أكبر ولله‌ الحمد الله‌ أكبر على ما هدانا» وهو قول الله‌ عزَّوجلّ: «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ» يعني الصيام «وَلِتُكَبِّرُوا الله‌ عَلَى مَا هَدَاكُمْ».[2]

المصادر: الكافي 4: 167، كتاب الصيام، باب التكبير ليلة الفطر ويومه، ذيل ح1، وسائل الشيعة 7: 456، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة العيد، ب20 ذيل ح4، جامع أحاديث الشيعة 7: 168، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة العيدين، ب23 باب استحباب التكبير ليلة الفطر ويومه...، ذيل ح1.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

واستحباب التكبير في الفطر عقيب الفرائض الأربع مذهب أكثر الأصحاب، وظاهر المرتضى في الإنتصار أنّه واجب، وضمّ ابن بابويه إليها صلاة الظهرين وابن الجنيد النوافل أيضا ومستند الحكم ظاهرا هذا الخبر، وهي صريحة في الاستحباب، وينبغي العمل بها في كيفيّة التكبير... ؛ لأنّها الأصل في هذا الحكم، وما ذكره أكثر الأصحاب غير موافق لهذا الخبر، ويؤيّد هذا الخبر ما رواه السيّد ابن طاووس رضى‌الله‌عنه في كتاب الإقبال، قال: روينا بإسنادنا إلى أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري بإسناده إلى معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام يقول: إنّ في الفطر تكبيرا، قلت متى؟ قال: في المغرب لليلة الفطر والعشاء وصلاة الفجر


--------------------------------------------------

1. وفي بعض النسخ: «مسنون» كما في هامش الكافي.

2. البقرة 2: 185.


(521)

وصلاة العيد ثمّ ينقطع وهو قول الله‌ عزّوجلّ تعالى: «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّهَ‌وَلِتُكَبِّرُوا الله‌ عَلَى مَا هَدَاكُمْ»[1] والتكبير أن يقول: «الله‌ أكبر الله‌ أكبر الله‌ أكبر، لا إلهَ إلاّ الله‌ والله‌ أكبر الله‌ أكبر ولله‌ الحمد على ما هدانا»، الحديث.

والظاهر أنّ التكبير من تتمّة الخبر، ويمكن أن يكون سقط التكبير الأخير من النسّاخ.

قوله تعالى: «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ» قال الزمشخري والبيضاوي: يحتمل عطفه على ما يستفاد ممّا سبقه أي أسقط الصوم عن المريض والمسافر وأوجب في أيّام اُخر، لإرادة التيسير وعدم إرادة التعسير وللتكميل، أو يكون التقدير وشرع ذلك للتكميل وحذف للظهور، ويحتمل أيضا أن يكون معطوفة على اليسر أي يريد أن تكملوا.

وقال المحقّق الأردبيلي: يحتمل أن يكونَ العلّة الأمر بالمراعاة العدّة أي إنّما أمرتكم بقضاء الشهر لتكملوا عدّته ولتكبّروا الله‌ علّة لتعليم كيفيّة القضاء للمسافر بعد السفر، وللمريض بعد المرض «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» علّة اليسر وإسقاط الصوم ففيها لفٌّ ونشر.

ويحتمل: أن يكون كلٌّ واحد علّة لكلّ واحد بل الظاهر إنّ «لتكملوا» علّة القضاء و«لتكبّروا» بمعنى لتعظّموا الله‌ وتحمدوه على هدايتكم أو على الذي هداكم إليه من العبادات والعلم بكيفيّة العمل «فما» إمّا مصدريّة أو موصولة.

وقيل: المراد به التكبير في عيد الفطر أو التكبير عند رؤية الهلال وكلاهما بعيد سيّما الأخير لعدم الفهم وبُعد العلّيّة، انتهى كلامه قدس‌سره.

والحكم بالبعد بعد ورود الخبر بعيد منه رحمه‌الله.[2]


--------------------------------------------------

1. البقرة 2: 185.

2. مرآة العقول 16: 405.


(522)

وقال أيضا:

وفي الكافي: التكبير في الأوّل مرّتان وفي الثاني والله‌ أكبر الله‌ أكبر.

قوله تعالى: «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ» أي عدّة الصيّام «وَلِتُكَبِّرُوا الله‌ عَلَى مَا هَدَاكُمْ»[1] بهذا فسَّر بعض المفسّرين وبعضهم قال: التكبير بمعنى التحميد، أي تعظيم الله‌ بالحمد وعلّة لما سبق من وجوب القضاء على المريض والمسافر. وقيل: المراد التكبير عند الإهلال.

قال في المدارك: استحباب التكبير في الفطر عقيب هذه الفرائض الأربع مذهب أكثر الأصحاب، وظاهر المرتضى في الانتصار أنّه واجب، وضمّ ابن بابويه إليها صلاة الظهرين، وابن الجنيد النوافل أيضا، والذي وقفت عليه في هذه المسألة رواية (سعيد النقّاش)، وهي صريحة في الاستحباب، وينبغي العمل بها في كيفيّة التكبير ومحلّه وإن ضعف سندها، لأنّها الأصل في هذا الحكم.[2]

الحديث 423: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن موسى بن عمر بن بزيع قال: قلت للرّضا عليه‌السلام: جعلت فداك إنّ الناس[3] رووا أنَّ رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره، فكذا كان يفعل؟ قال: فقال: نعم وأنا أفعله كثيرا، فافعله ثمّ قال لي: أما إنّه أرزق لك.

المصادر: الكافي 5: 314، كتاب المعيشة، باب النوادر، ح41، و ج 8: 147، كتاب الروضة، ح124، وليس فيه: «جعلت فداك» وفيه: «هكذا» بدل «فكذا» و «فأنا» بدل «وأنا»، ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 7: 226، كتاب التجارات، ب21 باب من الزيادات، ح7، وسائل الشيعة 7: 479، كتاب الصّلاة، أبواب


--------------------------------------------------

1. البقرة 2: 185.

2. ملاذ الأخيار 5: 193.

3. في التهذيب زيادة: «رووا».

4. ليس في التهذيب: «قال».


(523)

صلاة العيد، ب36 ح2، وليس فيه: «النهدي» وفيه: «فهكذا» بدل «فكذا»، و ج17: 463، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة، ب 54 ح 1، جامع أحاديث الشيعة 16: 517، كتاب العشرة، أبواب السفر وآدابه، ب 47 باب استحباب العود في غير طريق الذهاب، ح1.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «ثمّ قال لي أما إنّه أرزق لك» إمّا لأنّه تعالى جعل الرجوع على هذا النحو سببا لزيادة الرزق بالخاصيّة أو جعل لكلّ قطعة من الأرض بركة وسببا لرزق عباده فربما يكون في طريق آخر بركة لم تكن في الأوّل أو لأنّ الأرض تفرح بمشي المؤمن على ظهرها فيدعوا له الطريق الآخر في الخير والبركة والزيادة كما دعا له الأوّل فيوجب له زيادة الرزق، أو لأنَّ الراجع قد يجد في الآخر من الرزق ما لم يوجد في الأوّل.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

وقال في الدروس: يستحبّ لطالب الرزق الرجوع بغير الطريق الذي خرج به فإنّه أرزق له.

ويدلّ على استحباب الرجوع في غير الطريق الذي أخذ فيه، وأنّه موجب لمزيد الرزق.[2]

الحديث 424: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن جميل بن صالح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إذا كان صبيحة يوم الفطر نادى منادٍ اغدوا إلى جوائزكم.

المصادر: الكافي 4: 168، كتاب الصيام، باب يوم الفطر، ح 4، وسائل الشيعة 7: 480،


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 12: 148.

2. مرآة العقول 19: 432 و ج25: 356.


(524)

كتاب الصّلاة، أبواب صلاة العيد، ب 37 ح 2، وليس فيه لفظة: «يوم»، جامع أحاديث الشيعة 7: 185، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة العيدين، ب 29 باب فضل ليلة العيد و... ح 6.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «اغدوا إلى جوائزكم» أي باكروا إلى صلاة العيد لتأخذوا جوائزكم على صيام شهر رمضان.[1]

أبواب نوافل شهر رمضان

الحديث 425: قال (ابن طاووس): ما ذكره الشيخ الفاضل جعفر بن محمّد بن أحمد بن العبّاس بن محمّد الدوريستي رحمه‌الله في كتاب الحسني،[2] قال: حدّثني أبي، عن محمّد بن عليّ،[3] قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله‌ الكوفي، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن العبّاس بن الجريش الرازي،[4] عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن موسى الرضا عليهم‌السلام، عن آبائه، عن الباقر محمّد بن عليّ عليهم‌السلام قال: مَنْ أحيى ليلة القدر غفرت له ذنوبه، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السّماء، ومثاقيل الجبال ومكائيل البحار.

المصادر: إقبال الأعمال 1: 385، ب 27 في وظائف اللّيلة الثالثة والعشرين، ورواه الصدوق بإسناده، عن محمّد بن موسى المتوكّل في فضائل الأشهر الثلاثة: 118 ح 114، وسائل الشيعة 8: 21، كتاب الصّلاة، أبواب نوافل شهر رمضان، ب1 ح 10، وفيه «عن عليّ عليهم‌السلام قال: قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ‌وسلم» في السند وأورد مثله أيضا في ج 10: 358، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان، ب 32 ح 10، عن فضائل الأشهر الثلاثة، وفيه: «قال: قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام » بدل «عن الباقر محمّد بن علي عليهم‌السلام قال:»، بحار الأنوار 95: 168، كتاب أعمال السنين والشهور والأيّام، ب 73 باب أدعية ليالي القدر والاحياء، ذيل


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 16: 409.

2. في الوسائل والبحار والجامع: «كتاب الحسنى».

3. في الوسائل زيادة: «بن بابويه».

4. في الوسائل: «الحريش»، وليس في الوسائل والجامع: «الرازي».

5. ليس في الفضائل والوسائل والجامع: «ذنوبه».


(525)

ح 5، جامع أحاديث الشيعة 10: 207، كتاب الصوم، أبواب فضل شهر رمضان، ب 3 باب تعيين ليلة القدر و... ح 76.

أبواب صلاة جعفر

الحديث 426: محمّد بن الحسن،[1] عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله‌ عليه‌السلام: من صلّى صلاة جعفر كتب الله‌ عزّوجلَّ[2] له من الأجر مثل ما قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ‌وسلم لجعفر؟ قال: إي والله‌.

المصادر: الكافي 3: 467، كتاب الصّلاة، باب صلاة التسبيح، ح 7، تهذيب الأحكام 3: 188، كتاب الصّلاة، ب 20 باب صلاة التسبيح وغيرها من الصلوات، ح 7، وسائل الشيعة 8: 50، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة جعفر، ب 1 ح 2، جامع أحاديث الشيعة 8: 163، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة جعفر عليه‌السلام، ب1 باب صلاة جعفر وكيفيّتها...، ح 14.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

ولا ينافي ذلك كون ثوابه أكثر وأتمّ، فإنّ ما ذكره صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أقلّ مراتبها، أو الثواب ثواب أصل الفعل مع قطع النظر عن خصوص الفاعل.[3]

أبواب صلاة الاستخارة

الحديث 427: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عثمان بن عيسى، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: من استخار الله‌ راضيا بما صنع الله‌ له خارَ الله‌ له حتما.

المصادر: الكافي 8: 241، كتاب الروضة، ح 330، وسائل الشيعة 8: 63، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الاستخارة، ب 1 ح 2، جامع أحاديث الشيعة 8: 234، كتاب الصّلاة، أبواب الاستخارة، ب 1 باب استحباب استخارة الله‌ تعالى و...، ح1.


--------------------------------------------------

1. في التهذيب: «الحسين» بدل «الحسن».

2. ليس في التهذيب: «الله‌ عزّوجل» وفي الوسائل: «عزّوجل».

3. ملاذ الأخيار 5: 339.


(526)

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «من استخار الله‌» أي طلب في كلّ أمر يريده، ويأخذه فيه أن ييسّر الله‌ له ما هو خير له في دنياه وآخرته، ثمّ يكون راضيا بما صنع الله‌ له يأتِ الله‌ بخيره ألبتة، وهذه الاستخارة غير الاستخارة بالرقاع والقرآن والسبحة وغيرها وإن احتمل شمولها لها.[1]

الحديث 428: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد[2]، عن محمّد بن عيسى، عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حمّاد، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قلت له، ربما أردت الأمر يفرق[3] منّي فريقان: أحدهما يأمرني، والآخر ينهاني؟ قال: فقال: إذا كنت كذلك فصلِّ ركعتين واستخرِ الله‌ مائة مرّة ومرّة، ثمّ انظر أحزم الأمرين لك فافعله فإنّ الخيرة[4] فيه إن شاء الله‌، ولتكن استخارتك في عافية، فإنّه ربما خيِّر للرجل في قطع يده وموت ولده وذهاب ماله.

المصادر: الكافي 3: 472، كتاب الصّلاة، باب صلاة الاستخارة، ح 7، تهذيب الأحكام 3: 181، كتاب الصّلاة، ب 16 باب صلاة الاستخارة، ح 5، فتح الأبواب: 232، ب 11 ما روي في الاستخارة، ذيل ح 1، وسائل الشيعة 8: 65، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الاستخارة، ب 1 ح 6، جامع أحاديث الشيعة 8: 236، كتاب الصّلاة، أبواب الاستخارة، ب 1 باب استحباب استخارة الله‌ تعالى و...، ح 5.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «يفرق منّي فريقان» أي يحصل بسبب ما أوردت فريقان ممّن استشيره، أو المراد بالفريقين الرأيان أي يختلف رأيي فمرّة أرجّح الفعل


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 26: 201.

2. في التهذيب زيادة: «و».

3. في التهذيب: «فيفرق» بدل «يفرق».

4. في التهذيب: «فإنّ الخير» بدل «فإنّ الخيرة».


(527)

والاُخرى الترك. قوله عليه‌السلام: «أحزم» بالحاء المهملة، والحزم ضبط الأُمور والأخذ فيها بالثقة وفي بعض النسخ بالجيم[1].[2]

الحديث 429: غير واحد، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد البصريّ، عن القاسم بن عبدالرّحمن الهاشمي[3]، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إذا أردت أمرا فخذ ستَّ رقاع فاكتب في ثلاث منها: «بسم الله‌ الرّحمن الرّحيم خيرةٌ من الله‌ العزيز الحكيم لفلان بن فلانة افعله»،[4] وفي ثلاث منها: «بسم الله‌ الرّحمن الرّحيم خيرة من الله‌ العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل»، ثمّ ضعها تحت مصلاّك ثمّ صلّ ركعتين فإذا فرغت فاسجد سجدة وقُل فيها مائة مرَّة: «استخير الله‌ برحمته خيرة في عافية» ثمّ استو جالسا وقل: «اللَّهُمَّ خِر لي واختر لي في جميع اُموري في يُسرٍ منك وعافية»، ثمّ اضرب بيدك إلى الرِّقاع فشوّشها، وأخرج واحدة،[5] فإن خرج ثلاث متواليات إفعل، فافعل الأمر[6] الذي تريده، وإن خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله، وإن خرجت واحدة إفعل والاُخرى لا تفعل فأخرج من الرِّقاع إلى خمس فانظر أكثرها فاعمل به، ودَع السّادسة لا تحتاج إليها[7].[8]


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 454.

2. وقال العلاّمة المجلسي في ملاذ الأخيار 5: 315: الحديث موثّق على الظاهر.

3. ليس في الوسائل: «الهاشمي».

4. في الوسائل والبحار فيهما: «افعل» بدل «افعله».

5. في الوسائل والبحار فيهما زيادة: «واحدة».

6. في التهذيب زيادة: «ذلك».

7. في البحار: «لا يحتاج» بدل «لا تحتاج».

8. وقد جاء في هامش الوسائل: (وعلّق المصنّف هنا هامشا يقرأ منه مانصّه: هذا منه على الغالب وإلاّ فقد لا يحتاج إلى الخامسة أيضا، كما إذا كانت الاُولى و... والرابعة افعل مثلاً، وموافقة لفظ.... «منه»)


(528)

المصادر: الكافي 3: 470، كتاب الصّلاة، باب صلاة الاستخارة، ح 2، تهذيب الأحكام 3: 181، كتاب الصّلاة، ب 16 باب صلاة الاستخارة، ح 6، وليس فيه: «ثمّ صلّ ركعتين» و«واختر لي»، فتح الأبواب: 182، صفة خيرة الرقاع، وفيه: «لفلان بن فلانة لا تفعل» بتقديم وتأخير وباختصار، وليس فيه: «ودع السادسة لا تحتاج إليها»، ورواه أيضاً بسند آخر عن غير واحد عن سهل بن زياد مثله في ص 184 ـ 186، باختلاف يسير جدّاً، وسائل الشيعة 8: 68، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الاستخارة، ب 2 ح 1، بحار الأنوار 88: 230، كتاب الصّلاة، ب 114 باب الاستخارة بالرّقاع، ح 5، جامع أحاديث الشيعة 8: 263، كتاب الصّلاة، أبواب الاستخارة، ب 5 باب استحباب مشاورة الله‌ تعالى وكيفيّة استخارة ذات الرقاع، ح 6.

أبواب بقيّة الصلوات المندوبة

الحديث 430: عليّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام يقول: من صلّى أربع ركعات بمائتي مرّة «قُل هُوَ الله‌ أَحَد»[1] في كلّ ركعة خمسون مرّة لم ينفتل وبينه وبين الله‌[2] ذنب، إلاّ غفر له.

المصادر: الكافي 3: 468، كتاب الصّلاة، باب صلاة فاطمة عليهاالسلاموغيرها من صلاة الترغيب، ح1، ورواه الشيخ بإسناده، عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 3: 310، كتاب الصّلاة، ب 31 باب من الصلوات المرغّب فيها ح 7، وفيه «خمسين مرّة» بدل «خمسون مرّة»، وسائل الشيعة 8: 114، كتاب الصّلاة، أبواب بقيّة الصلوات المندوبة، ب 10 ذيل ح 5، جامع أحاديث الشيعة 8: 390، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة النبيّ والأئمّة عليهم‌السلام، ب 1 باب استحباب صلاة رسول الله‌ والأئمّة وفاطمة صلوات الله‌ عليهم أجمعين، ح 7.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

وقال في الشرائع: وصلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام أربع ركعات بتشهّدين وتسليمين، يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرَّة وقُل هو الله‌ أحد خمسين مرَّة.


--------------------------------------------------

1. الإخلاص 112: 1.

2. في التهذيب والجامع زيادة: «عزّ وجلّ».


(529)

وقال في الفقيه: وأمّا محمّد بن مسعود العيّاشي رحمه‌الله فقد روى في كتابه، عن عبدالله‌ بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل السّمّاك، عن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام أنّ هذه الصّلاة تسمّى صلاة فاطمة وصلاة الأوّابين.

ونقل عن شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد أنّه كان يروي هذه الصّلاة وثوابها إلاّ أنّه كان يقول: إنّي لا أعرفها بصلاة فاطمة عليهاالسلام، قال: وأمّا أهل الكوفة فإنّهم يعرفونها بصلاة فاطمة عليهاالسلام.[1]

وقال أيضا:

ورد بهاأخبار صحيحة ويُقال‌لها صلاة عليّ عليه‌السلام وقديُقال‌لها صلاة فاطمة عليهاالسلام.[2]

الحديث 431: محمّد بن أحمد بن يحيى، عن سهل بن زياد عن هارون بن مسلم عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن الحسن الكندي، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إنّ الرّجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة اللّيل، فإذا حرم صلاة اللّيل حرم بها الرزق.

المصادر: تهذيب الأحكام 2: 122، كتاب الصّلاة، ب 8، باب كيفيّة الصّلاة وصفتها و...، ح 231، وسائل الشيعة 8: 160، كتاب الصّلاة، أبواب بقيّة الصلوات المندوبة، ب 40 ح 3، جامع أحاديث الشيعة 8: 48، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة النوافل، ب 2 باب استحباب النوافل اليوميّة و...، ح 39، ورواه الصدوق مثله عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن سهل بن زياد في ثواب الأعمال: 65، ثواب صلاة الليل ح 9، إلاّ أنّه زاد فيه: «فيحرم بها رزقه، قلت: وكيف يحرم رزقه؟ فقال: يحرم...».

الشرح: قال العلاّمة المجلسي: قوله عليه‌السلام: «حرم بها» أي بالمحروميّة، أو بالصلاة بتقدير الترك.[3]


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 447.

2. ملاذ الأخيار 5: 593.

3. ملاذ الأخيار 3: 654.


(530)

أبواب الخلل الواقع في الصلاة

الحديث 432: محمّد بن الحسن وغيره، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن عنبسة بن مصعب قال: قال لي أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: إذا شككت في الركعتين الأوّلتين فأعد.

المصادر: الكافي 3: 350، كتاب الصّلاة، باب السهو في الركعتين الأوّلتين، ح 1، وسائل الشيعة 8: 191، كتاب الصّلاة، أبواب الخلل الواقع في الصّلاة، ب 1 ذيل ح 14، جامع أحاديث الشيعة 6: 317، كتاب الصّلاة، أبواب الخلل الواقع في الصّلاة، ب 19 باب أنّه من شكّ في الركعتين الأوّلتين يعيد دون الأخيرتين، ح2.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

وظاهره الشكّ في عدد الركعات وإن احتمل الأفعال أيضا كما قيل. وقال في المدارك: المشهور بين الأصحاب الإعادة فيمن شكّ في الأوليين من الرباعيّة بل قال العلاّمة في المنتهى والشهيد في الذكرى: إنّه قول علمائنا أجمع إلاّ أبا جعفر بن بابويه فإنّه قال: لو شكّ بين الركعة والركعتين فله البناء على الأقلّ.[1]

أبواب قضاء الصلوات

الحديث 433: عليّ بن محمّد، ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن أبي بصير، عن أحدهما عليهماالسلام قال: سألته عن المريض يغمى عليه، ثمّ يفيق كيف يقضي صلاته؟ قال: يقضي الصّلاة الّتي أدرك وقتها.

المصادر: الكافي 3: 412، كتاب الصّلاة، باب صلاة المغمى عليه و...، ح 4، وسائل الشيعة 8: 262، كتاب الصّلاة، أبواب قضاء الصلوات، ب3 ذيل ح17، جامع أحاديث الشيعة 6: 382، كتاب الصّلاة أبواب قضاء الصلوات ب7 باب أنّه لا يجب على من أُغمي ح12.

الحديث 434: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الريّان قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام: رجل يقضي شيئا من صلاته[2] الخمسين في المسجد


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 190

2. في الوسائل: «صلاة» بدل «صلاته».


(531)

الحرام أو في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أو في[1] مسجد الكوفة، أتُحسب له الرَّكعة على تضاعف ما جاء عن آبائك عليهم‌السلام في هذه المساجد حتّى يجزئه[2] إذا كانت عليه عشرة آلاف ركعة أن يصلّي مائة ركعة أو أقلّ أو أكثر وكيف يكون حاله؟[3]

فوقّع عليه‌السلام: يحسب له بالضّعف: فأمّا أن يكون تقصيرا من الصّلاة[4] بحالها فلا يفعل، هو إلى الزِّيادة أقرب منه إلى النّقصان.

المصادر: الكافي 3: 455، كتاب الصّلاة، باب تقديم النوافل و...، ح 19، وسائل الشيعة 8: 270، كتاب الصّلاة أبواب قضاء الصلوات، ب 7 ح 1، جامع أحاديث الشيعة 6: 379، كتاب الصّلاة، أبواب قضاء الصلوات، ب 5 باب عدم إجزاء الركعة في القضاء...، ح 1.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: أراد السائل أنّه قد جاء مضاعفة ثواب الصّلاة بحسب شرف المكان، فإذا كان ثواب ركعة في موضع ثواب مائة في غيره مثلاً، فإذا قضى الرّجل مِن فائتته ركعة في ذلك الموضع، فهل يحسب له عن قضاء مائة ركعة تكون عليه، وإنّما قال: أو أقلّ أو أكثر لتفاوت الثّواب بحسب تفاوت شرف المواضع، فأجاب عليه‌السلام: أنّ المضاعفة حقّ ومحسوبة ولكنّها لا تحسب عن الفوائت ولا توجب تقصيراً من الصلاة بأن تنقص منها وتضرّ بحالها، بل هي إلى اقتضائها زيادة الصّلاة فيها أقرب منها إلى اقتضائهاالنقصان؛ لأنّ ازدياد الثّواب موجبٌ لازدياد الرّغبة في الصّلاة والإكثار منها لا نقصانها والإقلال منها.[5]


--------------------------------------------------

1. ليس في الوسائل: «في».

2. في الوسائل: «تجزيه» والجامع «يجزيه».

3. في الوسائل زيادة: «في ذلك».

4. في الوسائل: «من صلاته» بدل «من الصلاة».

5. كتاب الوافي 7: 628.


(532)

قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «بحالها» أي بفعلها في تلك المساجد. «هو» أي المصلّي إلى الزيادة في العبادة بعد تشرّفه بتلك المساجد «أقرب منه إلى النقصان» أي ينبغي للمصلّي أن يزيد في عباداته بعد ورود تلك الأماكن الشريفة لا أن ينقص منها، ويحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى تضاعف الثواب أي الشارع إنّما ضاعف ثواب الأعمال في تلك المساجد ليزيد الناس في العبادة لا أن يقصروا عنها.[1]

أبواب صلاة الجماعة

الحديث 435: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد بإسناده قال: قال: فضل ميامن الصفوف على مياسرها كفضل الجماعة على صلاة الفرد.

المصادر: الكافي 3: 373، كتاب الصّلاة، باب فضل صلاة الجماعة، ح 8، وسائل الشيعة 8: 307، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب 8 ح 2، جامع أحاديث الشيعة 7: 347، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب 29 باب أنّ ميامن الصفوف أفضل...، ح 1.

الحديث 436: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن مهزيار، عن أبي عليّ بن راشد قال: قلت لأبي جعفر عليه‌السلام: إنَّ مواليك قد اختلفوا فاُصلّي خلفهم جميعا؟ فقال: لا تصلِّ إلاّ خلف من تثق بدينه ثمّ قال: ولي موالٍ؟ فقلت: أصحاب، فقال مبادرا قبل أن أستتمّ ذكرهم: لا، يأمرك عليّ بن حديد بهذا ـ أو هذا ممّا يأمرك به عليُّ بن حديد ـ فقلت: نعم.

المصادر: الكافي 3: 374، كتاب الصّلاة، باب الصّلاة خلف من لا يقتدى به ح 5، وروى الشيخ بإسناده، عن سهل بن زياد صدر الحديث في تهذيب الأحكام 3: 266، كتاب الصّلاة ب25 باب فضل المساجد و الصّلاة فيها و...، ح 75، إلاّ أنّه زاد فيه: «وأمانته» وأورد صدره أيضاً في وسائل الشيعة 8: 309، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب10 ح2، جامع أحاديث الشيعة 7: 310، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب11 باب أنّه لا يجوز الصّلاة إلاّ خلف من تثق بدينه و...، ح1.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 421.


(533)

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

وروى الكشّي عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن أبي عليّ بن راشد، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال: قلت: جعلت فداك قد اختلف أصحابنا فاُصلّي خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ فقال: عليك بعليّ بن حديد. قلت: فآخذ بقوله: فقال: نعم، فلقيت عليّ بن حديد فقلت له: أصلّي خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ قال: لا.

وروى أيضا عن آدم بن محمّد القلانسي، عن عليّ بن محمّد القمّي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يعقوب بن يزيد، عن أبيه يزيد بن حمّاد، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال: قلت له: أصلّي خلف مَن لا أعرف؟ فقال: لا تصلِّ إلاّ خلف من تثق بدينه، فقلت له: أصلّي خلف يونس و أصحابه؟ فقال: يأتي ذلك عليكم عليّ بن حديد، قلت: آخذ بقوله في ذلك؟ قال: نعم، قال: فسألت عليّ بن حديد عن ذلك. فقال: لا تصلّ خلفه ولا خلف أصحابه، (انتهى).

فيظهر ممّا نقلنا أنّ قوله عليه‌السلام: «لا» نهي عن تسمية الأصحاب وتفصيل ذكرهم فإنّ قوله عليه‌السلام «لي موالٍ» أي لي موالٍ صلحاء مخصوصون فَلِمَ لا تصلّي خلفهم؟ فأراد أن يقولَ أصحاب هشام أو أصحاب يونس منهم، فأجابه عليه‌السلام قبل إتمام الكلام ونهاه عن ذكرهم مفصّلاً ثمّ قال: «يأمرك عليّ بن حديد» أي: سل عليّ بن حديد يأمرك بما يجب عليك العمل به وقوله عليه‌السلام «أو هذا» ترديد من الراوي. قوله: «فقلت: نعم» في أكثر النّسخ [فقال: نعم] أي أبو عليّ لا الإمام عليه‌السلام. أو سقط من البين، «قلت آخذ بقوله؟».[1]

الحديث 437: حدّثنا محمّد بن أحمد السناني رضى‌الله‌عنه، قال: حدّثنا محمّد بن أبي


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 256.


(534)

عبدالله‌ الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبدالعظيم بن عبدالله‌ الحسني رضى‌الله‌عنه، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن قول الله‌ تعالى: «وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَ يُبْصِرُونَ»،[1] فقال: إنّ الله‌ تبارك وتعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه، ولكنه متى علم أنّهم لا يرجعون عن الكفر والضلال، منعهم المعاونة واللّطف، وخلّى بينهم وبين اختيارهم، قال: وسألته عن قول الله‌ عزّوجلّ: «خَتَمَ الله‌ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ»،[2] قال: الختم هو الطبع على قلوب الكفّار عقوبة على كفرهم كما قال عزّ وجلّ: «بَلْ طَبَعَ الله‌ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً»،[3] قال: وسألته عن الله‌ عزّ وجلّ، هل يجبر عباده على المعاصي؟ فقال: بل يخيّرهم ويمهلهم حتّى يتوبوا، قلت: فهل يكلّف عباده ما لا يطيقون؟ فقال: كيف يفعل ذلك؟ وهو يقول: «وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ»،[4] ثمّ قال عليه‌السلام: حدّثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد عليهماالسلام، أنّه قال: من زعم أنّ الله‌ تعالى يجبر عباده على المعاصي أو يكلّفهم ما لا يطيقون، فلا تأكلوا ذبيحته ولا تقبلوا شهادته ولا تصلّوا وراءه، ولا تعطوه من الزّكاة شيئا.

المصادر: عيون أخبار الرضا 1: 123، ب 11 ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الأخبار في التوحيد، ح 16، وأورد قطعة منه في وسائل الشيعة 8: 312، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب 19 ح 12، وأورد ذيله في ج 9: 227، كتاب الزّكاة، أبواب المستحقين للزّكاة، ب 7 ح 1، وليس فيه: «فلا تأكلوا ذبيحته، ولا تقبلوا شهادته ولا تصلّوا وراءه» وفيه: «فلا تعطوه» بدل «ولا تعطوه»، وأورد ذيله بتمامه في ج 24: 69، كتاب الصيد والذبائح، أبواب الذبائح، ب 28 ح 9، وأورد ذيله في جامع أحاديث الشيعة 28: 117، كتاب الصيد


--------------------------------------------------

1. البقرة 2: 17.

2. البقرة 2: 7.

3. النساء 4: 155.

4. فصّلت 41: 46.


(535)

والذبائح، أبواب الذبائح، ب17 باب إباحة ذبائح أقسام المسلمين و...، ح9، وأشار إليه في ج 7: 302، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب 6 باب عدم جواز الصّلاة خلف المخالف، ذيل ح26.

الحديث 438: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد عن سهل بن زياد، عن عليّ بن مهزيار، عن أبي عليّ بن راشد، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: لا تصلِّ إلاّ خلف من تثق بدينه.

المصادر: وسائل الشيعة 8: 315، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب 11 ح 8، وأورد الشطر الأوّل من الحديث في ص 309، ب10 ح2 من هذه الأبواب.

قد مرّ الحديث بتمامة في الصفحة 532، رقم الحديث 436، فراجع هناك.

الحديث 439: عليّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة قال: سألت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام عن القوم من أصحابنا يجتمعون فتحضر الصّلاة فيقول بعضهم لبعض: تقدّم يا فلان؟ فقال: إنّ رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله قال: يتقدّم القوم أقرأهم للقرآن فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنّا، فإن كانوا في السنِّ سواء فليؤمّهم أعلمهم بالسُنَّة وأفقههم في الدّين، ولا يتقدّمنّ أحدكم الرّجل في منزله ولا صاحب [الـ] ـسلطان في سلطانه.

المصادر: الكافي 3: 376، كتاب الصّلاة، باب من تكره الصّلاة خلفه و...، ح 5، تهذيب الأحكام 3: 31، كتاب الصّلاة، ب 3 باب أحكام الجماعة و...، ح 25، وسائل الشيعة 8: 351، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب 28 ح 1، جامع أحاديث الشيعة 7: 336، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب 25 باب استحباب تقديم الأفضل و...، ح 7.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «أقرأهم للقرآن» أي أجود قراءةً، والمشهور تقديمه على الأفقه


(536)

وحكى في التذكرة عن بعض علمائنا قولاً: بتقديم الأفقه على الأقرأ. والمراد بالأسبق هجرةً، الأسبق من دار الحرب أو يكون من أولاد مَنْ تقدّمت هجرته، وقيل: في زماننا التقدّم في التعلّم، وقيل: سكنى الأمصار.

وقال في الدروس: إذا تشاحّ الأئمّة قدّم مختار المؤمنين فإن اختلفوا فالأقرأ، فالأفقه، فالهاشميّ، فالأقدم هجرة، فالأسنّ في الإسلام، فالأصبح وجها أو ذكرا، فالقرعة. والرّاتب والأمير وذو المنزل مقدّمون على الجميع، قيل: والهاشميّ، انتهى.

والمراد بالأقرأ من كان أعلم بقواعد القراءة وواجباتها ومندوباتها ومحسّناتها، أو مَنْ كان أحسن لهجةً أو أكثر حفظا للقرآن، والخبر يدلّ على تقديم الأقرأ على الأعلم كما ذهب إليه الأكثر، وقيل: بالعكس والأعلم، إمّا بمسائل الصّلاة، أو مطلقا، وقد يحمل الأقرأ على الأعلم، لأنّ في العصر السابق كانوا يتعلّمون القرآن مع معناه لكن في هذا الخبر بعد، إلاّ بأن يقال: الأقرأ من يعلم المسائل من القرآن والأعلم من يعلمها من السُّنّة، وذهب الأكثر إلى أنَّ المراد «بالأسنّ» الأسنّ في الإسلام، والمشهور تقديم الأعلم على سائر المراتب، ومناصب السّلطان أي الإءمام أو نائبه الخاصّ مقدّم على الجميع وبعده صاحب المنزل، وقد ادّعى بعضهم الإجماع عليه، وقد جعل جماعة منهم العلاّمة، إمامة المسجد الرّاتب فيه مثل صاحب المنزل وقالوا: لا فرق بين مالك العين والمنفعة كالمتاجر[1] والمستعير.[2]


--------------------------------------------------

1. هكذا في مرآة العقول، والصحيح: كالمستأجر كما يفهم من قول العلاّمة: «ولو اجتمع مالك الدار ومستأجرها فيها، فالمستأجر أولى، لأنّه أحقّ بالمنفعة والاستيلاء... والمالك أولى من المستعير، لنقص تصرّف المستعير، إذ للمالك عزله متى شاء». (نهاية الأحكام 2: 155).

2. مرآة العقول 15: 261، وملاذ الأخيار 4: 708.


(537)

وقال أيضا:

بيان: وتفصيل القول فيها أنّه لا ريب أنّ مع حضور الإمام الأعظم عليه‌السلام، هو أولى من غيره، ومع عدم حضوره فالمشهور أنّ صاحب المنزل والإمام الرّاتب في المسجد وصاحب الإمارة في البلد من قبل الإمام أولى من غيرهم.

وقال في المنتهى: لا نعرف فيه مخالفا. وهذا الخبر يدلّ على تقديم صاحب المنزل والإمارة، وأمّا صاحب المسجد فعلّل بأنّ المسجد يجري مجرى منزله وبأنّ تقديم غير صاحب المسجد عليه يوجب وحشة وتنافرا، وفيهما ما ترى، نعم يومي بعض الأخبار إلى رعاية حقّه كتقديمه على المتطهِّر إذا كان متيمّما ونحوه، وسيأتي في فقه الرّضا عليه‌السلام وفي الدّعائم ما يدلّ عليه.

والمشهور أنّه لو أذِنَ المستحقّ من هؤلاء لغيره في التقديم جاز وكان أولى.

وقال في المنتهى: ولا نعرف فيه خلافا، وتعليلهم لا يخلو من ضعف. ولو اجتمع صاحب المسجد أو المنزل مع صاحب الإمارة فقد قطع الشهيد الثاني بكونه أولى منهما، وفيه كلام، وقالوا لا فرق في صاحب المنزل بين مالك العين والمنفعة والمستعير.

وقال الشهيد الثاني رحمه‌الله: لو اجتمع مالك العين والمنفعة فمالك المنفعة أولى، وفي المستعير مالك العين أولى، وفي الفرق تأمّل.

ثمّ إذا لم يكن بينهم أحد من هؤلاء وتشاحّ الأئمّة فلا يخلو إمّا أن يتّفق المأمومون على إمامة بعض الأئمّة وإمّا أن يكرهوا جميعا إمامة بعضهم وإمّا أن يختلفوا فإن اتّفقوا على إمامة أحد، فهو أولى لما فيه من اجتماع القلوب، كذا ذكره الأصحاب، وفيه تأمّل وإن كرهوا جميعا إمامة واحد لم يؤمّ بهم لما مرّ.

وإن اختلف المأمومون فقد اعتبر أكثر الأصحاب الترجيح بالقراءة وغيرها وقال في التذكرة: يقدّم اختيار الأكثر فإنْ تساووا طلب الترجيح، والرّواية تميل


(538)

إلى الأوّل، وذكر غير واحد من الأصحاب أن ليس للمأمومين أن يقتسموا الأئمّة فيصلّي كلّ قوم خلف من يختارونه لما فيه من الاختلاف المثير للإحن.

ثمّ إنّ أكثر الأصحاب على أنّ الأقرأ أولى من الأفقه، وذهب بعضهم إلى العكس وبعضهم إلى التخيير، وتدلّ هذه الرواية على الأوّل.

وقد روي من طريق العامّة أيضا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله‌ فإنْ كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسُنّة، فإن كانوا في السُنّة سواءً فأقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سِنّا».

وقد يُجاب: بأنّ المراد بالأقرأ الأفقه، لأنّه كان المتعارف في زمانه صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أنّهم إذا تعلّموا القرآن تعلّموا أحكامه، قال ابن مسعود: كنّا لا نجاوز عشر آيات حتّى نعرف أمرها ونهيها، وإطلاق القاري على العالم بأحكام الشريعة غير عزيز في الصدر الأوّل.

واعترض عليه بأنّ ذكر الأعلم بالسنّة بعد ذلك يأبى عنه، إلاّ أن يُقال: المراد بالأقرأ الأعرف بمعاني القرآن وأحكامه.

ويؤيّده قوله عليه‌السلام: «لا خير في قراءةٍ ليس فيها تدبّر». والأفقهيّة المذكورة بعدها هو العلم بالسنن وغيرها وربما يرجّح تقديم الأعلم بالأخبار الدالّة على فضل العلم والعلماء، وبما سيأتي من ذمّ تقديم غير الأعلم، وبما اشتهر قديما وحديثا بين الشيعة من قبح تفضيل المفضول وتقديمه.

ثمّ إنّه فسّر جماعة من الأصحاب الأقرأ بالأجود قراءة، وإتقانا للحروف وأحسن إخراجا لها من مخارجها، وضمَّ بعضهم إليها الأعرف بالاُصول والقواعد المقرّرة بين القرّاء، وقيل أكثر قرآنا، ونسبه في البيان إلى الرواية، فيحتمل أكثر قراءة وأكثر حفظا للقرآن، ولا يبعد شموله للجميع.

ثمّ المشهور أنّ بعد الأقرأ الأفقه كما سيأتي في فقه الرضا عليه‌السلام، وذهب بعضهم


(539)

إلى تقديم الأقدم هجرة، فالأسنّ، فالأفقه، كما في الرواية، وبعضهم إلى تقديم الأقدم هجرة فالأفقه، وذكر غير واحد أنّ المراد الأفقه بأحكام الصّلاة فإنْ تساويا فيه وزاد أحدهما بفقه غير الصّلاة قيل بترجيحه، وقيل بنفيه وظاهر الرواية الأوّل.

ثمّ المشهور أنّ بعد الأفقه الأقدم هجرةً، وإليه ذهب الشيخ في النهاية، وقدّم الشيخ في المبسوط بعد الأفقه الأشرف ثمّ الأقدم هجرة، ثمّ الأسنّ، وقدّم المرتضى الأسنّ بعد الأفقه ولم يذكر الهجرة، والمراد بالهجرة السبق من دار الحرب إلى دار الإسلام.

وقال في التذكرة: المراد سبق الإسلام، أو من كان أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو يكون من أولاد من تقدّمت هجرته، ونقل في الذكرى عن يحيى بن سعيد أنّ المراد التقدّم في العلم قبل الآخر، وفي الذكرى ربما جعلت الهجرة في زماننا سكنى الأمصار، والظاهر من الرواية المعنى الأوّل، وإن كان في تحقّقه في زماننا إشكال كما عرفت.

والمراد بالأسنّ الأكثر بحسب السنّ. وفي الذكرى وغيره أنّ المراد علوّ السنّ في الإسلام، وكذا ذكره الشيخ في المبسوط وهو اعتبار حسن، لكنّه خلاف المتبادر من النصّ.

وأمّا الأصبح وجها فذكره ابنا بابويه والشيخان وجماعة.

وقال المرتضى وابن إدريس وقد روي إذا تساووا فأصبحهم وجها، وقال في المعتبر لا أرى بهذا أثرا في الأوّلويّة ولا وجها في شرف الرِّجال.

وعلّل في المختلف بأنّ في حُسن الوجه دلالة على عناية الله‌ به، وذكر في التذكرة عن العامّة تفسيرين أحدهما أنّه الأحسن صورة، والثاني أنّه الأحسن ذِكرا بين الناس.

قال في الذكرى: يمكن أن يحتجّ على الأخير بقول أمير المؤمنين عليه‌السلام في عهد


(540)

الأشتر رضى‌الله‌عنه: «وإنّما يستدلّ على الصّالحين بما يجري الله‌ لهم على ألسن عباده».

ثمّ اعلم أنّ المحقّق رحمه‌الله في الشرائع جعل الهاشمي في مرتبة صاحب المنزل وقراءته، وقال في الذكرى: قال في المبسوط: إذا حضر رجلٌ من بني هاشم فهو أولى بالتقدّم إذا كان ممّن يحسن القراءة، والظاهر أنّه أراد به على غير الأمير وصاحب المنزل والمسجد، مع أنّه جعل الأشرف بعد الأفقه الذي هو بعد الأقرأ والظاهر أنّه الأشرف نَسَبَا. وتبعه ابن البرّاج في تقديم الهاشمي، وقال بعده: ولا يتقدّم أحد على أميره ولا على من هو في مسجده أو منزله، وجعل أبو الصلاح بعد الأفقه القرشي، وابن زهرة جعل الهاشمي بعد الأفقه، وابن حمزة جعل الأشرف بعد الأفقه، وفي النهاية لم يذكر الأشرف، وكذا المرتضى وابن الجنيد وعليّ بن بابويه وابنه وسلاّر وابن إدريس والشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد وابن عمّه في المعتبر وذكر ذلك في الشرائع وأطلق، وكذا الفاضل في المختلف وقال: إنّه المشهور يعني تقديم الهاشمي.

ونحن لم نره مذكورا في الأخبار إلاّ ما رُوي مرسلاً أو مسندا بطريق غير معلوم من قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «قدّموا قريشا ولا تقدموهم».

وهو على تقدير تسليمه غير صريح في المدّعى، نعم هو مشهور في التقديم في الجنازة من غير رواية تدلّ عليه. نعم، فيه إكرام لرسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله إذ تقديمه لأجله نوع إكرام، وإكرام رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله وتبجيله ممّا لا خفاء بأولويّته، انتهى.

وقال في التذكرة: فإنْ استووا في ذلك كلّه قدّم أشرفهم أي أعلاهم نسبا وأفضلهم في نفسه وأعلاهم قدرا، فإن استووا في هذه الخِصال قُدِّم أتقاهم وأورعهم لأنّه أشرف في الدِّين وأفضل وأقرب إلى الإجابة.

ثمّ قال: والأقوى عندي تقديم هذا على الأشرف، لأنّ شرف الدِّين خيرٌ من شرف الدُّنيا، فإنْ استووا في ذلك كلّه فالأقرب القرعة، واحتمل الشهيد في


(541)

الذكرى تقديم الأورع على المراتب الّتي بعد القراءة والفقه وهو غير بعيد.

وكذا احتمل تقديم المطلّبي على غيره، إن قلنا بترجيح الهاشميّ لكن الهاشميّ أولى منه، واحتمل ترجيح أمجاد بني هاشم، ثمّ بحسب شرف الآباء، كالطالبيّ والعبّاسيّ والحارثيّ واللّهبيّ ثمّ العلويّ والحسنيّ والحسينيّ ثمّ الصادقيّ والموسويّ والرضويّ والهادويّ.

واحتمل أيضا ترجيح العربيّ على العجميّ، والقرشيّ على سائر العرب، قال: وكذا ينسحب الاحتمال في الترجيح بسبب الآباء الراجحين بعلم أو تقوى أو صلاح، ومن عبّر من الأصحاب بالأشرف يدخل في كلامه جميع هذا ولا بأس به، ومن ثمّ ترجّح أولاد المهاجرين على غيرهم لشرف آبائهم، انتهى.

واعلم أنّ الترجيحات المذكورة في المراتب السابقة كلّها تقديم استحباب لا تقديم اشتراط، فلو قدّم المفضول جاز. قال في التذكرة: لا نعلم فيه خلافا، لكن قال في الذكرى: أوجب ابن حمزة أن يكون أقرأ القوم، لظاهر الخبر، والمشهور أنّه على الاستحباب.[1]

الحديث 440: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبدالله‌ عليه‌السلام: اُصلّي ثمّ أدخل المسجد فتقام الصّلاة وقد صلّيت؟ فقال: صلّ معهم يختار الله‌ أحبّهما إليه.

المصادر: الكافي 3: 379، كتاب الصّلاة، باب الرجل يصلّي وحده ثمّ...، ح2، ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 3: 270، كتاب الصّلاة، ب25 باب فضل المساجد والصّلاة فيها و...، ح96، وسائل الشيعة 8: 403، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب54 ح10، وفيه وفي التهذيب: «يعقوب» بدل «يونس بن يعقوب» في السند، جامع أحاديث الشيعة 7: 405، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب57 باب أنّه يستحبّ لمن صلّي وحده ثمّ يجد جماعة...، ح1.


--------------------------------------------------

1. بحار الأنوار 85: 62 ـ 67.


(542)

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «فتقام الصّلاة» الظاهر أنّه الإمام المقتدى به، وقوله عليه‌السلام «يختار الله‌» إذ ربما كانت صلاته منفردا أفضل، أو المراد بالأحبّ ما كانت جماعة».[1]

الحديث 441: عليّ بن محمّد، ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن [محمّد بن ]أبي نصر، عن الميثميّ،[2] عن إسحاق بن يزيد قال: قلت لأبي عبدالله‌ عليه‌السلام: جعلت فداك، يسبقني الإمام بالرّكعة فتكون لي واحدة وله ثنتان، فأتشهّد كلّما قعدت؟ فقال[3]: نعم فإنّما[4] التشهّد بركة.

المصادر: الكافي 3: 381، كتاب الصّلاة، باب الرجل يدرك مع الإمام...، ح 3، ورواه الشيخ بإسناده، عن سهل بن زياد في تهذيب الأحكام 3: 270، كتاب الصّلاة، ب 25 باب فضل المساجد والصلاة فيها و...، ح99 وفيه: «أفأتشهّد» بدل «فأتشهّد»، وسائل الشيعة 8: 416، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب 66 ح 2، جامع أحاديث الشيعة 7: 396، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب 50 باب أنّه يستحبّ لمن سبقه الإمام بركعة...، ح 2.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

ويدلّ على استحباب التشهّد بمتابعة الإمام كما هو المشهور، قال الشيخ في النهاية: إنّه في الاُولى والثالثة يقعد ويحمد الله‌ ويسبّح في الثانية ويتشهّد تشهّدا خفيفا.[5]

الحديث 442: محمّد بن الحسن بإسناده عن سهل بن زياد، عن أبي هاشم


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 15: 269 وملاذ الأخيار 5: 511.

2. نسخة الأصل عن المثنى كما في هامش التهذيب، راجع تفصيل ذلك في هامش كتاب الوافي 8: 1234.

3. في الوسائل: «قال» بدل «فقال».

4. في التهذيب: «إنّما» بدل «فإنّما».

5. مرآة العقول 15: 275.


(543)

الجعفري قال: كنت مع أبي الحسن عليه‌السلام في السفينة في دجلة فحضرت الصّلاة فقلت: جعلت فداك نصلّي في جماعة؟ فقال: لا تصلّ في بطن واد جماعة.

المصادر: وسائل الشيعة 8: 429، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة الجماعة، ب73 ح4، وقد تقدّم مثله في ج5: 165، أبواب مكان المصلّي، ب29 ح1.

وقد مرّ الحديث في الصفحة 398، رقم الحديث 310، فراجع هناك.

أبواب صلاة المسافر

الحديث 443: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: سمعته يقول: من سافر قصّر وأفطر إلاّ أن يكون رجلاً سفره إلى صيد أو في معصية الله‌، أو رسولاً لمن يعص الله‌، أو في طلب شحناء أو سعاية ضرر على قوم مسلمين.

المصادر: الكافي 4: 129، كتاب الصيّام، باب من لا يجب له الإفطار والتقصير و...، ح3، تهذيب الأحكام 4: 219، كتاب الصيام، ب 57، باب حكم المسافر والمريض في الصيام، ح 15، وفي السند: «ابن محبوب» بدل «الحسن بن محبوب» و «عمّار بن مروان» بدل «محمّد بن مروان» وفي المتن: «قوم من المسلمين» بدل «قوم مسلمين»، وسائل الشيعة 8: 477، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب 8 ذيل ح 3، جامع أحاديث الشيعة 7: 493، أبواب صلاة المسافر، ب 12 باب أنّه من كان سفره معصية...، ح1.

الشرح: قال حفيد الشهيد الثاني:

وهذه الرواية نقلها شيخن قدس‌سره[1] لكن لم أرَها الآن في الفقيه في باب التقصير، وعلى ما نقله فهي صحيحة، ورواية الشيخ لها مؤيّدة مع رواية اُخرى رواها الشيخ في الصيد معلّلة بأنّ سفر الصيد ليس بمسير حقّ.

ثمّ إنّ إطلاق النصّ وكلام الأصحاب الّذين رأينا كلامهم يقتضي عدم الفرق في السفر المحرّم بين ما كانت غايته معصية كقاصد قطع الطريق بسفره، والمرأة


--------------------------------------------------

1. أي مدارك الأحكام 4: 445.


(544)

والعبد القاصدين النشوز والإباق، أو كان نفس السفر معصية كالفارّ من الزّحف، والهارب من غريمه مع القدرة على الوفاء، وتارك الجمعة بعد وجوبها، كما ذكره شيخن قدس‌سره[1] وإن كان في تحقّق الفرق بين نفس السفر وغايته نوع تأمّل.

والذي يظهر من الأخبار، وكلام بعض الأصحاب: أنّ من كان عاصيا بسفره بمعنى عدم جواز السفر يلزمه التمام.[2] وما قاله جدّي قدس‌سره في مثال السفر المحرّم مع كون الغاية محلّلة وعدمها في شرح الإرشاد لا يخلو أيضا من إجمال.

وقد أطال قدس‌سره الكلام إلى أن قال: وإدخال هذه الأفراد يقتضي المنع من ترخّص كلّ تارك للواجب بسفره؛ لاشتراكهما في العلّة الموجبة لعدم الترخّص، إذ الغاية مباحة كما هو المفروض، وإنّما عرض العصيان بسبب ترك الواجب، فلا فرق حينئذ بين استلزام ]سفر[ التجارة ترك الجمعة ونحوه وبين استلزامه ترك غيرها كتعلّم العلم الواجب عينا أو كفايةً، بل الوجوب في هذا أقوى، وهذا يقتضي عدم الترخّص إلاّ لأوحديّ الناس، لكنّ الموجود من النصوص في ذلك لا يدلّ على إدخال هذا القسم، ولا على مطلق العاصي وإنّما دلّ على السفر الذي غايته معصية.

واعترض عليه بعض محقّقي المتأخّرين رحمه‌الله بأنّه لو سُلّم عدم الفرق فلا نُسلّم عدم تحقّق الترخّص إلاّ لأوحديّ الناس؛ لأنّه ليس الواجب على الناس تحصيل جميع الواجبات الّتي ذكروها بالدليل، أو التقليد على الوجه الذي ذكره البعض، ومنهم جدّي قدس‌سره على الظاهر؛ لاستلزامه المحال أو المشقّة المنفيّة عقلاً ونقلاً، واستلزام تعطيل العبادات والأحكام، بل ليس عليهم في الفروع إلاّ ما وصل إليهم وجوب تعلّمه، ـ وأطال الكلام إلى أن قال: ـ وإنْ أراد بما ذكره وجوب الاجتهاد


--------------------------------------------------

1. أي مدارك الأحكام 4: 446.

2. كالأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان 3: 378.


(545)

عينا فهو أبعد؛ لأنّ تكليف عجوز لا تكاد تفهم البديهيّات محال ظاهر.[1] انتهى ملخّصا.

ولقائلٍ أن يقول: إنّ الاعتراض لا يخلو من وجه في الجملة إلاّ أنّ تسليم كون السفر معصيةً يتناول ما غايته معصية (وابتداؤه معصية) يستلزم عدم جواز ترخّص غالب الناس إلاّ الأوحدي كما قاله جدّي قدس‌سره فإنّ الواجبات المتّفق عليها غالب الناس يسافرون من دون تعلّمها، فالقول بأنّ الأمر بالشيء يستلزم النّهي عن ضدّه ـ كما هو مذهب المعترض ـ يقتضي لزوم الإشكال لكثير من الناس، إلاّ أن يكون معهم في السفر من يعلّمهم الواجب.

وما ذكره جدّي قدس‌سره من اختصاص السفر الذي غايته معصية يشكل بخبر عمّار بن مروان؛ إذ ظاهره يتناول الغاية وغيرها، فليتأمّل.[2]

قال الفيض الكاشاني:

بيان: في بعض النّسخ «أو رسول» يعني رسالة فإنّه قد يجيء بمعناها، و «الشحناء» العداوة و «السعايّة» الوشي والوقيعة في شخص عند آخر، وفي التهذيب: «أو ضرر»[3] وفيه اختلافات ليست بواضحة.[4]

قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «إلى الصيد» المشهور أنّ المراد بالصيد صيد اللّهو. وقال الشيخ في المبسوط والنهاية: إنّ طالب الصيد للتجارة يقصّر صومه ويتمّ صلاته.[5]

الحديث 444: محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن ابن


--------------------------------------------------

1. مجمع الفائدة والبرهان 3: 379.

2. استقصاء الإعتبار في شرح الاستبصار 4: 124 ـ 126.

3. النسخة الّتي في أيدينا ليست فيها: «أو».

4. كتاب الوافي 7: 173.

5. مرآة العقول 16: 330.


(546)

بكير قال: سألت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام عن الرجل يتصيّد اليوم واليومين والثلاثة أيقصّر الصّلاة؟ قال: لا، إلاّ أن يشيّع الرَّجل أخاه في الدّين، وإنّ[1] التصيّد مسير باطل لا تقصّر الصّلاة فيه، وقال: يقصّر إذا شيّع أخاهُ.

المصادر: الكافي 3: 437، كتاب الصّلاة، باب صلاة الملاّحين والمكاريين وأصحاب الصيد و...، ح 4، ورواه الشيخ بإسناده، عن سهل بن زياد مثله في تهذيب الأحكام 3: 217، كتاب الصّلاة، أبواب الزيادات في الجزء الثاني من كتاب الصّلاة، ب 23 باب الصّلاة في السفر، ح 45، وفيه «الثلاث» بدل «الثلاثة» و«من الدّين» بدل «في الدين»، ورواه الشيخ أيضا مثله بإسناده، عن محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد في الاستبصار 1: 235، كتاب الصّلاة، أبواب الصّلاة في السفر، ب 138 باب المتصيّد يجب عليه التمام أم التقصير، ح 1، ورواه الحرّ العاملي عن الكليني، عن محمّد بن الحسن وغيره، عن سهل بن زياد في وسائل الشيعة 8: 480، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب 9 ح 7، وفيه: «فان الصيد» بدل «وإنّ التصيّد»، جامع أحاديث الشيعة 7: 495، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب 13، باب حكم الصّلاة من خرج إلى الصيد والنزهة واللّهو، ح 2.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

ولا خلاف ظاهرا في أنَّ الصيد إذا كان للقوت يقصّر، وفي أنّه إذا كان للّهو لا يقصّر.

ولو كان للتجارة فذهب الشيخ وجماعة إلى أنّه يقصّر الصّوم دون الصّلاة، ونسبه في الدروس إلى الشهرة، والمرتضى وأكثر المتأخّرين إلى إلحاقه بصيد القوت.[2]

الحديث 445: محمّد بن الحسن وغيره، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد


--------------------------------------------------

1. في الاستبصار: «فإنّ».

2. ملاذ الأخيار 5: 403، وراجع بحار الأنوار 86: 32 ـ 33.


(547)

بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه‌السلام عن الرّجل يخرج إلى ضيعته ويُقيم اليوم واليومين والثلاثة[1] أيقصّر أم يتمَّ؟ قال: يتمّ الصّلاة كلمّا أتى ضيعة من ضياعه.

المصادر: الكافي 3: 437، كتاب الصّلاة، باب صلاة الملاّحين والمكاريين وأصحاب الصيد والرجل يخرج إلى ضيعته، ح 3، تهذيب الأحكام 3: 214، كتاب الصّلاة، أبواب الزيادات في الجزء الثاني من كتاب الصّلاة، ب 23 باب الصّلاة في السفر، ح32، الاستبصار 1: 231، كتاب الصّلاة، أبواب الصّلاة في السفر، ب 135 باب الرّجل الذي يسافر إلى ضيعته أو يمرُّ بها، ح 14، وسائل الشيعة 8: 497، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب 14 ح 17، جامع أحاديث الشيعة 7: 486، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب 9 باب حكم من أتى ضيعة من ضياعه أو...، ح 1.

قال الشيخ الطوسي رحمه‌الله في ذيل الحديث:

فليس في هذين الخبرين ما ينافي ما قدّمناه لأنّه ليس فيهما مقدار المسافة الّتي يخرج فيها وإذا لم يكن ذلك فيهما احتمل أن يكون المراد بهما إذا كانت الضيعة قريبة إليه فلا يجب عليه حينئذٍ التقصير.[2]

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «يتمّ الصّلاة» أي مع نيّة إقامة العشرة، أو مع الاستيطان الشرعي، أو يكون محمولاً على ما إذا لم يكن بينها مسافة التقصير، كما قاله الشيخ في التهذيب: ولا يبعد حمله على التقيّة لذهاب كثير من العامّة إلى أنّه يتمّ إذا ورد منزله سواء استوطنه أم لا، وفي بعض الأخبار إيماء إلى التخيير بين القصر والإتمام وهو أيضا وجه جمع بين الأخبار.[3]

الحديث 446: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمّد جميعا،


--------------------------------------------------

1. في التهذيب: «الثلاث».

2. تهذيب الأحكام 3: 214.

3. مرآة العقول 15: 387.


(548)

عن عليّ بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام: أنَّ الرواية قد اختلفت عن آبائك عليهم‌السلام في الإتمام والتقصير في الحرمين فمنها بأن يتمَّ الصّلاة ولو صلاة واحدة ومنها أن يقصّر ما لم ينو مقام عشرة أيّام ولم أزل على الإتمام فيها[1] إلى أن صدرنا في حجّنا في عامنا هذا، فإنّ فقهاء أصحابنا أشاروا عليَّ بالتقصير إذ[2] كنت لا أنوي مقام عشرة أيّام فصرت إلى التقصير وقد ضقت بذلك حتّى أعرف رأيك؟ فكتب إليَّ بخطّه: قد علمت يرحمك الله‌ فضل الصّلاة في الحرمين على غيرهما فإنّي[3] اُحبُّ لك إذا دخلتهما أن لا تقصّر وتكثر فيهما الصّلاة. فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة: إنّي كتبت بكذا وأجبتني بكذا فقال: نعم، فقلت: أيّ شيء تعني بالحرمين؟ فقال: مكّة والمدينة.

المصادر: الكافي 4: 525، كتاب الحجّ، باب إتمام الصّلاة في الحرمين، ح 8، وسائل الشيعة 8: 525، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب 25 ذيل ح 4، جامع أحاديث الشيعة 7: 525، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب 21 باب أنّ المسافر مخيّر بين القصر والإتمام في الأماكن الأربعة، ح 20.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

الحديث: صحيح، ويدلّ على رجحان الإتمام في جميع مكّة والمدينة، وأنّه لا يشمل جميع الحرمين.[4]

الحديث 447: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبدالله‌، عن صالح بن عقبة، عن أبي شبل، قال: قلت لأبي عبدالله‌ عليه‌السلام: أزور قبر


--------------------------------------------------

1. في الجامع: «فيهما» بدل «فيها».

2. في الجامع: «إذا» بدل «إذ».

3. في الجامع: «فأنا» بدل «فإنّي».

4. مرآة العقول 18: 221.


(549)

الحسين عليه‌السلام؟[1] قال: نعم،[2] زر الطيّب وأتمّ الصّلاة فيه،[3] قلت:[4] فإنّ[5] بعض أصحابنا يرون[6] التّقصير، قال: إنّما يفعل ذلك الضّعفة.

المصادر: الكافي 4: 587، كتاب الحجّ، باب،[7] ح6، ورواه ابن قولويه بإسناده عن أبيه ومحمّد بن الحسن، عن الحسن بن متيل، عن سهل بن زياد الآدمي في كامل الزيارات: 429، ب82 باب التمام عند قبر الحسين عليه‌السلام وجميع المشاهد، ح1، وفيه زيادة: «قلت: أتمّ الصّلاة عنده، قال: أتمّ» وفيه: «يروي» بدل «يرون» و«للضفعة» بدل «الضّعفة» ورواه الشيخ عن الكامل في تهذيب الأحكام 5: 431، كتاب الحجّ، ب26 باب من الزيادات في فقه الحجّ، ح 142، والاستبصار 2: 335، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، ب229 باب أنّه يستحبّ إتمام الصّلاة في حرم الكوفة والحائر...، ح3، وفيه: «زر قبر الطيّب» بدل «زر الطيّب»، وسائل الشيعة 8: 527، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب25 ح12، جامع أحاديث الشيعة 7: 530، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب21 باب أنّ المسافر مخيّر بين القصر والإتمام...، ح 36.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «ذلك الضعفة» أي الضعفة في الدّين، الجاهلون بالأحكام، أو مَنْ له ضعف لا يمكنه الإتمام، أو يشقّ عليه فيختار الأسهل، وإن كان مرجوحا والأخير أظهر.[8]

الحديث 448: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد؛ وسهل بن زياد، عن أحمد


--------------------------------------------------

1. في التهذيب زيادة: «قال».

2. ليس في الكامل والتهذيبين والوسائل: «نعم».

3. في نفس المصادر فيه: «عنده».

4. في التهذيبين والوسائل زيادة: «قلت: أتمّ الصّلاة، قال: أتمّ».

5. نفس المصادر ليس فيه: «فإنّ».

6. في التهذيبين والوسائل والجامع: «يرى» بدل «يرون».

7. ليس فيه عنوان.

8. مرآة العقول 18: 316.


(550)

بن محمّد بن أبي نصر، عن إبراهيم بن شيبة قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام أسأله عن إتمام الصّلاة في الحرمين؟ فكتب إليَّ: كان رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله يحبّ إكثار الصّلاة في الحرمين فأكثر فيهما وأتمَّ.

المصادر: الكافي 4: 524، كتاب الحجّ، باب إتمام الصّلاة في الحرمين، ح 1، تهذيب الأحكام 5: 425، كتاب الحجّ، ب 26 باب من الزيادات في فقه الحجّ، ح 122، الاستبصار 2: 330، كتاب الحجّ، أبواب العمرة، ب 228 باب إتمام الصّلاة في الحرمين، ح 1، وسائل الشيعة 8: 529، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب 25 ح 18، جامع أحاديث الشيعة 7: 524، كتاب الصّلاة، أبواب صلاة المسافر، ب 21 باب أنّ المسافر مخيّر بين القصر والإتمام...، ح 16.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «وأتمّ» ظاهره وجوب الإتمام كما هو ظاهر المرتضى رحمه‌الله في جميع المواطن الأربعة، والمشهور التخيير بين القصر والإتمام وأنّ الإتمام أفضل، وقال ابن بابويه: يقصّر ما لم ينو المقام عشرة، والأفضل أن ينوي المقام بها، ثمَّ إنّ المستفاد من الأخبار الكثيرة جواز الإتمام في مكّة والمدينة، وإن وقعت الصّلاة خارج المسجدين، وبه قطع الأكثر وابن إدريس خصّ الحكم بالمسجدين.[1]

وقال أيضا:

واختلف الأصحاب في إتمام الصّلاة في الحرمين وقصرها، فذهب الأكثر إلى التخيير وأنّ الإتمام أفضل، وعزاه في المعتبر إلى الثلاثة وأتباعهم. وقال ابن بابويه: يقصّر ما لم ينو المقام عشرة، والأفضل أن ينوي المقام بها ليوقع صلاته تماما.

وقال المرتضى في الجمل: لا تقصير في مكّة ومسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ومشاهد


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 18: 219.


(551)

الأئمّة القائمين مقامه عليهم‌السلام. وهذه العبارة تعطي منع التقصير، والمعتمد الأوّل.

ثمّ المستفاد من الأخبار الكثيرة جواز الإتمام في مكّة والمدينة، وإن وقعت الصّلاة خارج المسجدين، وبه قطع الشيخ والمحقّق وأكثر الأصحاب.

وأمّا مسجد الكوفة والحائر، فالرواية المعتبرة الواردة بالإتمام فيهما إنّما وردت بلفظ حرم أمير المؤمنين عليه‌السلام، وحرم الحسين عليه‌السلام، وفي هذا اللفظ إجمال. لكن قال المحقّق في المعتبر: إنّه تنزيل حرم أمير المؤمنين عليه‌السلام على مسجد الكوفة خاصّة أخذاً بالمتيقّن، ولم يتعرّض لحرم الحسين عليه‌السلام، وينبغي اختصاصه بالحائر أيضا.

وقال ابن إدريس: يستحبّ الإتمام في أربعة مواطن في السفر في نفس المسجد الحرام وفي نفس مسجد المدينة ومسجد الكوفة والحائر.

وعمّم الشيخ في هذا الكتاب والاستبصار الحكم في البلدان الثلاثة والحائر.

وحكى الشهيد عن المحقّق أنّه حكم في كتاب له في السفر بالتخيير في البلدان الأربعة حتّى في الحائر المقدّس، لورود الحديث بحرم الحسين عليه‌السلام، وقدّر بخمسة فراسخ وبأربعة فراسخ.

وذكر ابن ادريس أنّ المراد بالحائر ما دار سور المشهد والمسجد عليه، لأنّ الحائر في لسان العرب الموضع الذي يحار فيها الماء.

وذكر الشهيد في الذكرى أنّ في هذا الموضع حار الماء لمّا أمر المتوكّل بإطلاقه على قبر الحسين عليه‌السلام ليعفيه فكان لا يبلغه. ولعلّ الإتمام في ما عدا المسجد والحائر أقوى، والجمع بينهما أحوط.

والظاهر أنّ ما يظنّ كونه حائرا في هذا الزّمان ما انخفض من الصّحن المقدّس من أمام الرّوضة المقدّسة ويمينها وشمالها، وفي حجرات الصّحن في تلك الجهات إشكال.[1]


--------------------------------------------------

1. ملاذ الأخيار 8: 440.