تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
تازه های نشر 99
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
فراخوانی مقاله و اولویت های پژوهشی
سخن موسس فقید
سخن موسس فقید
مسند سهل بن زياد الآدمى (جلد دوم)

(173)

المصادر: الكافي 6: 553، كتاب الدّواجن، باب الكلاب، ح9، وسائل الشيعة 11: 533، كتاب الحجّ، أبواب أحكام الدوابّ، ب45 ح1، جامع أحاديث الشيعة 16: 918، كتاب العشرة، أبواب أحكام الدوابّ، ب38، باب كراهة الأكل مع حضور الكلب إلاّ أن يطعم أو يطرد، ح1.

أبواب أحكام العشرة

الحديث 610: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: كان أبي يقول: ما يعبأُ مَن[1] يؤمّ هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به مَن صحبه، أو حلم يملك به من غضبه، أو ورع يحجزه عن محارم الله‌.

المصادر: الكافي 4: 285، كتاب الحجّ، باب الوصيّة، ح1، وسائل الشيعة 12: 11، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب2 ح5، جامع أحاديث الشيعة 13: 55، كتاب الحج، أبواب مقدّمات الحجّ وما يتعلق بها...، ب4 باب ما ينبغي رعايته وملازمته للحاجّ...، ج1.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: «المخالفة» المعاشرة بخلق حسن. وفي الكافي حرف الترديد مكان العاطف فإنّ صحّ فهو بمعناه.[2]

وقال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «ما يعبأ من يؤمّ» في الفقيه: ما يعبأ بمن يؤمّ، وهو أظهر فيكون على بناء المفعول. قال الجوهريّ: ما عبأت بفلان عبأً، أي ما باليت به، وعلى ما في نسخ الكتاب لعلّه أيضا على بناء المفعول على الحذف والإيصال، أو على بناء الفاعل على الاستفهام الإنكاري، أي شيء يصلح ويهيّىُ لنفسه. قال الجوهريّ «عبأت الطيب» هيّأته وصنعته وخلطته، وعبأتُ المتاع هيّأته و... ،[3].


--------------------------------------------------

1. في الوسائل و الجامع: «بمن» بدل «مَن».

2. الوافي 12: 383.

3. مرآة العقول 17: 179 .


(174)

الحديث 611: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال: قال عيسى بن مريم[1] عليه‌السلام: إنّ صاحب الشرّ يعدي، وقرين السّوء يردي[2] فانظر من تقارن.

المصادر: الكافي 2: 640، كتاب العشرة، باب من تكره مجالسته ومرافقته، ح4، وسائل الشيعة 12: 23، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب11 ح2، جامع أحاديث الشيعة 16: 39، كتاب العشرة، أبواب العشرة، ب57 باب إختيار صحبة خيار الناس و...، ح2.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (إنّ صاحب الشرّ يعدي) أي يظلم صاحبه من أعدى عليه إذا ظلمه أو يسري شرّه إليه من أعداه الداء يعديه أعداء إذا أصابه مثل ما يصاحب الداء، أو صرفه عن الحقّ وشغله بالباطل من عداه عن الأمر ـ بالتخفيف والتشديد ـ إذا صرفه وشغله. (وقرين السّوء يردي) ردي كرضي، ردى، هلك، وأرداه أهلكه، والإضافة في قرين السوء على الأوّل لاميّة، وعلى الثّاني بيانيّة.

(فانظر من تقارن) يعني فانظر أوّلاً إلى صفات رجل، وإختبره مرارا فإذا وجدته أهلاً للأخوّة والصداقة فاتّخذه صديقا، لأنّ أخذ الصديق قبل الإختبار يؤدّي سريعا إلى الفراق ومفاسده كثيرة.[3]

قال الفيض الكاشاني:

بيان: «يعدي» أي يجاوز شرّه إلى صاحبه من الأعداء. «يردي» أي يهلك.[4]

وقال العلاّمة المجلسي:

وفي النهاية: أعداه، الداء يعديه إعداءً، وهو أن يصيبه مثل ما يصاحب الداء،


--------------------------------------------------

1. في الوسائل: «عيسى» بدل «عيسى بن مريم».

2. ردي: الردي: الهلاك، ردِىَ بالكسر يردي، ردي: هلك، لسان العرب 6: 140 «رَدَىَ».

3. شرح اُصول الكافي 11: 85.

4. كتاب الوافي 5: 578 .


(175)

وفي القاموس: ردى، كرمى، سقط في البئر وأرداه غيره، وردى كرضى ردى، هلك وأرداه غيره.[1]

الحديث 612: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن عمروبن عثمان، عن محمّد بن عذافر، عن بعض أصحابهما[2]، عن محمّد بن مسلم وأبي حمزة، عن أبي عبدالله‌، عن أبيه عليهماالسلام[3] قال: قال لي أبي علي بن الحسين صلوات الله‌ عليهما: يا بنىّ، اُنظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق، فقلت: يا أبت[4] مَن هم عرّفنيهم؟ قال: إيّاك ومصاحبة الكذّاب، فإنّه بمنزلة السّراب يقرّب لك البعيد، ويبعّد لك القريب، واياك ومصاحبة الفاسق؛ فإنّه بايعك بأكلة أو[5] أقلّ من ذلك، وايّاك ومصاحبة البخيل، فإنّه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، وايّاك ومصاحبة الأحمق؛ فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك، وايّاك ومصاحبة القاطع لرحمه؛ فإنّي وجدتُه ملعونا في كتاب الله‌ عزّوجلّ في ثلاثة مواضع: قال الله‌ عزّوجلّ «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ الله‌ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ»[6] وقال عزّوجلّ: «وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ الله‌ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله‌ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»[7] وقال في[8] البقرة: «الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ الله‌ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 12: 534

2. في الوسائل والجامع: «أصحابنا» بدل «أصحابهما».

3. ليس في الوسائل: «عليهما السلام».

4. في الوسائل: «أبه» بدل «أبت».

5. في الوسائل: «و» بدل «أو».

6. محمّد 47: 22 ـ 23.

7. الرعد 13: 25.

8. في الوسائل زيادة: «سورة».


(176)

وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله‌ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ»[1].

المصادر: الكافي 2: 641، كتاب العشرة، باب من تكره مجالسته و...، ح7 وص376، كتاب الإيمان والكفر، باب مجالسة أهل المعاصي، ح7، وسائل الشيعة 12: 32، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب17 ح1، جامع أحاديث الشيعة 20: 199، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب60، باب ما ورد فيمن لا ينبغي أو لا يجوز مؤاخاته و...، ح12.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: (قال: ايّاك ومصاحبة الكذّاب) المصاحبة شاملة للمجالسة والمخالطة والمحادثة والمرافقة، والكذّاب كما يطلق على من يأتي بخبر لا يطابق الواقع كذلك يطلق على من يرغب في أمر لا أصل له، ومنه قول العرب: كذبته نفسه إذا منّته الأمانيّ، وخيلت إليه من الآمال ما لا يكاد تكون، وذلك ممّا يرغب الرجل فيما لا يعنيه ويبعثه على التعرّض له.

(فإنّه بمنزلة السّراب) الضمير المنصوب راجع إلى الكذّاب، أو إلى الكذب المستفاد منه، والسراب اللاّمع في المفازة وقت الهاجرة شبيه بالماء، سُمّي سراباً لإنسرابه وجريانه في مرأى العين، ويطلق أيضا على ما لا حقيقة له.

وأشار إلى وجه الشبه بقوله: (يقرّب لك البعيد ويبعّد لك القريب) إذ كلّ منهما يقرّب لك البعيد وهو ما ليس بواقع في نفس الأمر بإخباره وإحضاره في مرأى العين، ويبعّد القريب؛ لعدم صفاء اللّفظ وبقاء النطق به وانسرابه وجريانه في مرأى العين، فالقريب حينئذٍ هو الّذي قرّباه، ويمكن أن يكون في طرف المشبه الحق؛ لأنّ تقريب الباطل يستلزم تبعيد الحقّ، والله‌ يعلم.


--------------------------------------------------

1. البقرة 2: 27.


(177)

(وإيّاك ومصاحبة الفاسق) مفاسد مصاحبته كثيرة أشار إلى بعضها بقوله: (فإنّه بايعك بأكلة أو أقلّ من ذلك) الأكلة، بالفتح، المرّة من الأكل، وبالضمّ، اللّقمة والقرص من الخبز، وذلك لأنّه لا زاجر له من القبيح فإذا قصرت فيه بهذا القدر من الطعام يذمّك عند الناس، أو يذهب إلى عدوّك فيتكلّم فيه بغير الجميل ليجيزه بجائزة، فيهتك ستر المصاحبة.

(وإيّاك ومصاحبة البخيل) الّذي يبخل في الفرائض المالية فضلاً عن مندوباتها.

(فإنّه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه) أحوج خبر تكون وضمير إليه للبخيل، وما مصدريّة زمانية، يعني يخذلك في وقت كونك محتاجا إليه أشدّ احتياج فكيف في غير هذا الوقت.

(وإيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه) بترك حقوقها اللاّزمة.

(فإنّي وجدته ملعونا في كتاب الله‌ في ثلاثة مواضع) وأوّل من دخل فيه بنو أُميّة وبنو عبّاس حيث قطعوا أرحام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، وهي رحمهم بالقتال والظّلم والتجاذب للخلافة.

قال الله‌ تعالى: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ»[1] من القطع أو التقطيع للمبالغة (أرحامكم) أن توليتم معترضة، وأن تفسدوا وما عطف عليه خبر عسى، والإستفهام للتقرير والتوبيخ، يعني يتوقّع منكم قطعا أن توليتم أُمور الناس أو أعرضتم عن الدين بالفساد في الأرض وقطع الأرحام؛ لضعفكم في الدّين وحرصكم إلى الدّنيا وميلكم إلى الجور.

ثمّ أشار إلى ثمرة عملهم وصرف الكلام من الخطاب إلى الغيبة؛ للتنبيه على


--------------------------------------------------

1. محمّد 47: 22.


(178)

بعدهم من الحقّ بقوله «اُولئِكَ الَّذِينَ» الموصوفون بالصفات المذكورة.

«لَعَنَهُمُ الله‌» وبعّدهم عن الحرمة الشاملة لمن يستعدّ قبولها «فَأَصَمَّهُم» عن إسماع الحقّ «وَ أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ»[1] الظاهرة والباطنة عن إدراكه، والاهتداء إلى سبيله.

(وقال تعالى) في سورة الرعد: «وَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ الله‌»[2] المأخوذ عليهم بقوله: «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى»[3] أو بالعقل الدالّ على وجوده وتوحيده وصدق رسوله وما جاء به بعد مشاهدة المعجزات، أو بإرسال الرسل وإنزال الكتب الدالّة على أمر المبدء والمعاد، والحلال والحرام، وغيرها ممّا يتمّ به نظام الدّارين وكمال السعادتين.

«مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ» أي من بعد أحكامه تعالى ذلك العهد بالآيات والكتب، أو بعد أحكامهم إيّاه بالإقرار والقبول والإذعان.

«وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله‌ بِهِ أَن يُوصَلَ»[4] كترك صلة الأرحام وموالاة أهل الولاية وغيرهما ممّا يوجب الوصل بينه تعالى وبين العبد.

«وَيُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ» بالظلم والجور وتحريك الفتن، هذا في القرآن موجود، وفي نسخ هذا الكتاب مكتوب مضروب.

«أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»[5] عذاب النّار أو قبح عاقبة الدّنيا.[6]


--------------------------------------------------

1. محمّد 47: 23.

2. الرعد 13: 25.

3. الأعراف 7: 172.

4. البقرة 2: 27 .

5. الرعد 13: 25.

6. شرح أُصول الكافي 11: 87.


(179)

الحديث 613: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضي الله‌ عنه قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار[1]، عن محمّد بن أحمد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن عبيدالله‌ بن عبدالله‌ الدهقان[2]، عن درست، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام[3] قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: خمسةٌ يجتنبون على كلّ حال: المجذوم، والأبرص، والمجنون، وولد الزنا، والأعرابي.

المصادر: الخصال 1: 287، باب الخمسة، ح42، بحار الأنوار 72: 15، كتاب العشرة، ب32، باب آداب معاشرة العميان والزّمنى و...، ح4، وسائل الشيعة 12: 50، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب28 ح4، جامع أحاديث الشيعة 20: 207، كتاب العشرة، أبواب العشرة واحكامها، ب60، باب ما ورد فيمن لا ينبغي أو لا يجوز مؤاخاته و...، ح46.

الحديث 614: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال: التودّد إلى الناس نصف العقل.

المصادر: الكافي 2: 643، كتاب العشرة، باب التحبّب إلى الناس والتودّد اليهم، ح5، وسائل الشيعة 12: 52، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب29 ح2، جامع أحاديث الشيعة 20: 38، كتاب العشرة، أبواب أحكام العشرة، ب4 باب التحبّب والتودّد إلى الناس و...، ح2.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (التودّد إلى الناس نصف العقل) لأنّ العقل نصفان، نصف عقل المعاد ونصف عقل المعاش، وهذا هو هكذا في شرح النهج.[4]

قال الفيض الكاشاني:

بيان: لعلّ نصفه الآخر أن يكون مع ذلك متبتّلاً إلى الله‌ تعالى في باطنه متيقّنا


--------------------------------------------------

1. ليس في الوسائل: «العطّار».

2. في الوسائل: «الدهقان» بدل «عبيد الله‌ بن عبد الله‌ الدهقان».

3. ليس في الوسائل: «عن أبي إبراهيم عليه‌السلام».

4. شرح اُصول الكافي 11: 91.


(180)

بأنّ الناس لو إجتمعوا بحذافيرهم على أن ينفعوه مثقال ذرّة، أو يضرّوه ما قدروا على ذلك إلاّ أن يشاء الله‌.[1]

الحديث 615: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وسهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن عبدالله‌ بن سنان عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: ردّ جواب الكتاب واجب كوجوب ردّ السلام، والبادي بالسّلام أولى بالله‌ ورسوله.

المصادر: الكافي 2: 670، كتاب العشرة، باب التكاتب، ح2، وأورد ذيله في وسائل الشيعة 12: 55، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب32 ح1، وأورده بتمامه في الحديث 1 من الباب 33، وأورد صدره في الحديث 1 من الباب 93 من هذه الأبواب، وأورد ذيله في جامع أحاديث الشيعة 20: 111، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب19 باب ما ورد في فضل الابتداء بالسّلام وتقديمه على الكلام‌و...، ح1.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (ردّ جواب الكتاب واجب كوجوب ردّ السّلام) هذا من باب إلحاق النظير بنظيره في الحكم، إذ السّلام تحيّة وتحفة من الحاضر، والكتاب تحفة وتحيّة من الغائب، فكما يجب ردّ السّلام بالسّلام يجب ردّ الكتاب بالكتاب، وأيضا رعاية حقوق الاُخوّة وكمال المروءة، وثبات الاُلفة مقتضية لردّ الكتاب بالكتاب.[2]

الحديث 616: محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وسهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن عبدالله‌ بن سنان، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: ردّ جواب الكتاب واجب كوجوب ردّ السّلام، والبادي بالسّلام أولى بالله‌ وبرسوله.


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 5: 531.

2. شرح اُصول الكافي 11: 133، راجع مرآة العقول 12: 577.


(181)

المصادر: وسائل الشيعة 12: 57، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب33 ح1، وأورد ذيله في الحديث 1 من الباب 32، وصدره في الحديث 1 من الباب 93 من هذه الأبواب. «مرّ آنفاً».

الحديث 617: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: كان سلمان ـ رحمه الله‌[1] ـ يقول: أفشوا سلام الله‌ فإنّ سلام الله‌ لا ينال الظّالمين.

المصادر: الكافي 2: 644، كتاب العشرة، باب التسليم، ح4، وسائل الشيعة 12: 58، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب34 ح2، جامع أحاديث الشيعة 20: 116، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب21، باب ما ورد في إفشاء السّلام وإطابة الكلام، ح4.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «كان سليمان عليه‌السلام » في بعض النسخ «سلمان رحمه الله‌» بدون الياء بعد اللاّم، «يقول: أفشوا السّلام فإنّ سلام الله‌ لا ينال الظالمين»، سلام الله‌ هو الرّحمة، والسلام من الآفات في الدّنيا والمكاره في الآخرة.

والمراد بإفشاء السلام أنّ السلام على كلّ من تلقّاه من المسلمين، خصوصا الفقراء والمساكين عرفته أولم تعرفه، ولم تخصّ به جماعة دون آخرين وإن كانوا من الظالمين، فإنّ السلام لا ينفعهم ولا يضرّك بل ينفعك؛ إذ تستوجب به كمال نظامك ومغفرة ذنوبك وحسن مقامك بينهم.

وممّا ينبغي الإشارة إليه أنـّه هل يجوز لنا أن نقول قال زيد عليه‌السلام: كذا فالّذي يقتضيه الدليل جواز ذلك، وعليه علماؤنا، وأكثر العامّة.

وقال أبو محمّد الجويني: لا يجوز ذلك؛ لأنّ السّلام تحيّة مختصّة بالأنبياء كالصّلاة، فلا يقال: عليّ عليه‌السلام، كما لا يقال: عليّ صلّى الله‌ عليه وآله.


--------------------------------------------------

1. في الوسائل: «سليمان عليه‌السلام» بدل «سلمان رحمه‌الله».


(182)

أقول: دعوى الإختصاص لا دليل عليها لا من طرقنا ولا من طرقهم، وقد بسطنا الكلام عليه فيما سبق.[1]

قال الفيض الكاشاني:

بيان: «إفشاء السّلام» أن يسلّم على من لقي كائناً من كان، يعني سلّموا على من لقيتم، فإن لم يكن أهلاً للسّلام بأن كان ظالماً، فانّه لايناله سلام الله‌.[2]

الحديث 618: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول: سلّمتُ فلم يردّوا عليّ، ولعلّه يكون قد سلّم ولم يُسمعهم، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردّه ولا يقول المسلّم: سلّمت فلم يردّوا عليّ.

ثمّ قال: كان عليّ عليه‌السلام يقول: لا تغضبوا ولا تغضبوا، أفشوا السلام، وأطيبوا الكلام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنّة بسلام، ثمّ تلا عليه‌السلام عليهم[3] قول الله‌ عزّوجلّ: «السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ»[4].

المصادر: الكافي 2: 645، كتاب العشرة، باب التسليم، ح7، وأورد شطراً من الحديث في وسائل الشيعة 12: 59، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب34 ح3، وأورد صدره في الحديث1 من الباب 38 من هذه الأبواب، جامع أحاديث الشيعة 20: 117، كتاب العشرة، أبواب أحكام العشرة، ب21 باب ماورد في إفشاء السّلام وإطابة الكلام، ح8.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «ثمّ كان (صلوات الله‌ عليه) يقول: لا تغضبوا ولا تغضبوا» نهى عن الغضب والإغضاب مطلقا؛ لأنّ تركهما من أعظم أسباب حسن النظام، أو عن


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 11: 93.

2. كتاب الوافي 5: 596، راجع مرآة العقول 12: 539.

3. ليس في الوسائل: «عليهم».

4. الحشر 59: 23.


(183)

الغضب بترك الجواب إذا لم يجهر بالسلام، وعن إخفاء الجواب الموجب للإغضاب.

«افشوا السلام وأطيبوا الكلام» تأكيد للسابق على الاحتمالين ولذا ترك العاطف.

«والنيام» بالفتح والتخفيف والتشديد، جمع نائم، وأما بالكسر فهو النعاس والرقاد «تدخلوا الجنّة بسلام»، أي متلبّسين بسلامة من الآفات والمكاره كلّها، «ثمّ تلا عليه‌السلام قوله تعالى: «السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ»» من أسمائه تعالى السّلام، لسلامته من النقص والآفات، أو لأنّه مسلم عباده من المهالك، أو لأنّه مسلم عليهم في الجنّة، فهو على الأوّل من أسماء التنزيه كالقدّوس، وعلى الثاني راجع إلى القدرة، وعلى الثالث إلى الكلام.

ومن أسمائه المؤمن، من الإيمان التصديق؛ لأنّه يصدق وعده، أو من الأمن ضدّ الخوف يؤمنهم في القيامة عذابه، ومن أسمائه المهيمن؛ لأنّه الراقب الشهيد، وفي ذكر هذه الآية إيماء إلى أنّه تعالى يحبّ سلام العباد بعضهم بعضا، ويجزيهم له يوم الجزاء.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

ولعلّ الاشتراك اللفظي هنا ينفع في ترتب الثواب، فتأمّل.

وقال في النهاية: في أسماء الله‌ تعالى السلام، قيل: معناه سلامته ممّا يلحق الخلق من العيب والفناء، والسلام في الأصل السلامة، ومنه سمّيت الجنّة بدار السلام، لأنّها دار السلامة من الآفات، وقيل: التسليم مشتق من السلام اسم الله‌ تعالى، لسلامته من العيب والنقص، وقيل: معناه أنّ الله‌ مطّلع عليكم فلا تغفلوا، وقيل: معناه إسم السلام عليكم، أي إسم الله‌ عليك إذ كان إسم الله‌ تعالى يذكر على


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 11: 94.


(184)

الأعمال توقعا لاجتماع معاني الخيرات فيه وإنتفاء عوارض العباد عنه، وقيل معناه سلمت منّي فاجعلني أسلم (السلم) منك.[1]

الحديث 619: محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه ولا يقول: سلّمت فلم يردّوا عليّ، ولعلّه يكون قد سلّم ولم يسمعهم، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردّه، ولا يقول المسلم، سلّمت فلم يردّو اعليّ... الحديث.

المصادر: وسائل الشيعة 12: 65، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب38 ح1، وأورد ذيله في الحديث 3 من الباب 34 من هذه الأبواب.

«وقد مرّ آنفاً».

الحديث 620: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: سمعته يقول: يسلّم الرّاكب على الماشي، والماشي على القاعد، وإذا لقيت جماعةٌ جماعةً سلّم الأقلّ على الأكثر، وإذا لقي واحد جماعةً سلّم الواحد على الجماعة.

المصادر: الكافي 2: 647، كتاب العشرة، باب من يجب أن يبدأ بالسّلام، ح3، وسائل الشيعة 12: 74، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، باب45 ح4، جامع أحاديث الشيعة 20: 129، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب27 باب أنّ الرّاكب يسلّم على الماشي والقائم على القاعد و... ح8.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (وإذا لقي واحد جماعة سلّم الواحد على الجماعة) هذا من الآداب سواء كان الواحد أفضل وأعلم من الجماعة أم لا، لما مرّ أنّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام مرّ بقوم


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 12: 540 .


(185)

فسلّم عليهم، نعم لو سلّم الجماعة على الواحد إذا كان أفضل منهم كان لهم مع ثواب فضيلة التقدّم بالسّلام ثواب فضيلة التعظيم للعالم.[1]

الحديث 621: عدّة من أصحابنا ـ معلّق ـ عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: يسلّم الرّاكب على الماشي والقائم على القاعد.

المصادر: الكافي 2: 647، كتاب العشرة، باب من يجب أن يبدأ بالسّلام، ح4، وسائل الشيعة 12: 74، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب45 ح5، جامع أحاديث الشيعة 20: 128، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب27 باب أنّ الرّاكب يسلّم على الماشي والقائم على القاعد و...، ح1.

الحديث 622: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبيعبدالله‌ عليه‌السلام قال: إذا مرّت الجماعة بقوم أجزأهم أن يسلّم واحد منهم، وإذا سُلّم على القوم وهم جماعة أجزأهم أن يردّ واحد منهم.

المصادر: الكافي 2: 647، كتاب العشرة، باب إذا سلّم واحد من الجماعة أجزأهم و...، ح1، وسائل الشيعة 12: 75، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب46 ح3، جامع أحاديث الشيعة 20: 142، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب32 باب أنّه إذا سلّم واحد من الجماعة أو ردّ أجزأ عنهم، ح4.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: (إذا مرّت الجماعة بقوم أجزأهم أن يسلّم واحد منهم وإذا سلّم على القوم وهم جماعة أجزأهم أن يرد واحدٌ منهم) دلّ هذا وما بعده على أنّ وجوب الرّد كفائي، إذا ردّ أحد من جماعة كفى، وهو مذهب جماعة من أصحابنا وأكثر


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 11: 97.


(186)

العامّة، ويؤيّده أنـّه سلّم سلاما واحدا فليس له إلاّ عوض واحد، فإذا تحقّق خرجوا من العهدة وعليه يحمل قوله تعالى: «وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا»[1] إلاّ أن يحمل الأمر على الندب، لعدم وجوب الأحسن، وهو ضعيف، لأنّ الجواب غير منحصر في الأحسن بل هو مردّد بين المثل والأحسن، ثمّ رد واحد منهم إنّما يكفي لو كان داخلاً في المجموع المسلّم عليهم وكان مكلّفا بالجواب، فلو لم يكن داخلاً أو كان داخلاً ولم يكن مكلّفا لا يسقط جوابه عن الباقين؛ لأنّه قد وجب الردّ عليهم ولم يأت أحد بذلك الواجب، إذ لا يجب على غير الداخل ولا على غير البالغ.

وقال الفاضل الأردبيلي: يمكن أن يقال لو سلّم على جماعة يدخل فيهم غير البالغ وهو مقصود بالسلام أيضا يكفي ردّه عن الباقين؛ إذ المسلّم كأنـّه ما أوجب الردّ بل جاء بكلام يريد عوضه بواجب وغير واجب فيكفي غير الواجب.[2]

الحديث 623: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن ابن أبي عمير[3]، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: تصديق الحديث عند العطاس.

المصادر: الكافي 2:657، كتاب العشرة، باب العطاس والتسميت، ح26، وسائل الشيعة 12: 97، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب66 ح1، جامع أحاديث الشيعة 20: 227، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب69 باب أنّ العطسة عند الحديث شاهد صدقه، ح1.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (تصديق الحديث عند العطاس) لعلّ السرّ فيه أنّ العطسة رحمة من الله‌


--------------------------------------------------

1. النساء 4: 86.

2. شرح اُصول الكافي 11: 98.

3. ليس في الوسائل: «ابن أبي عمير».


(187)

تعالى للعبد ويستبعد نزول الرحمة في مجلس يكذب فيه خصوصا عند صدور الكذب، فإذا قارنت الحديث دلّت على صدقه.[1]

الحديث 624: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبدالله‌ بن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: دخل رجلان على أمير المؤمنين عليه‌السلام فألقى لكلّ واحد منهما وسادة فقعد عليها أحدهما وأبى الآخر، فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: اُقعد عليها فإنّه لا يأبى الكرامة إلاّ حمار، ثمّ قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.

المصادر: الكافي 2: 659، كتاب العشرة، باب إكرام الكريم، ح1، وأورد ذيله في وسائل الشيعة 12: 101، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب68 ح3، وأورد صدره في الحديث 1 من الباب 69 من هذه الأبواب، جامع أحاديث الشيعة 20: 425، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب107، باب ما ورد في إكرام الكريم والشّريف، ح2.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (فإنّه لا يأبي الكرامة إلاّ حمار) ترغيب في قبول الكرامة والتشريف والتعظيم، وتنبيه على أنّه لا يردّها إلاّ الأحمق الخسيس اللّئيم، خصوصا إذا كانت من الشريف الكريم، ولا يبعد إدراج التّحف والهدايا في هذا النحو من الإكرام؛ لشمول التعليل وعموم الدليل.[2]

الحديث 625: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبدالله‌ بن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: دخل رجلان على أمير المؤمنين عليه‌السلام فألقى لكلّ واحد منهما وسادة فقعد عليها أحدهما وأبى الآخر، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام: اُقعد عليها فانّه لا يأبى الكرامة الاّحمار...، الحديث.


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 11: 113.

2. شرح اُصول الكافي 11: 114.


(188)

المصادر: وسائل الشيعة 12: 101، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب69 ح1، وأورد ذيله في الحديث 3 من الباب 68 من هذه الأبواب.

«مرّ الحديث آنفاً».

الحديث 626: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمّد جميعا، عن ابن محبوب، عن عبدالله‌ بن سنان، عن ابن أبي عوف[1]، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: سمعته يقول: المجالس بالأمانة.

المصادر: الكافي 2: 660، كتاب العشرة، باب المجالس بالأمانة، ح1، وسائل الشيعة 12: 104، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب71 ح2، جامع أحاديث الشيعة 20: 213، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب63، باب أنّ المجالس بالأمانة عدا ما استثني، ح2.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (المجالس بالأمانة) نهي عن إعادة ما يجري في المجالس من قول أو فعل، فكأنّ ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه فإنّه يجب عليه حفظه فإنّه قد يترتّب على إفشائه مفاسد كثيرة.[2]

الحديث 627: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن الحسن بن كليب، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: ضحك المؤمن تبسّم.

المصادر: الكافي 2: 664، كتاب العشرة، باب الدعابة والضحك، ح5، وسائل الشيعة 12: 114، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب81 ح3، جامع أحاديث الشيعة 20: 78، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب10 باب كراهة القهقهة واستحباب الدُّعاء بعدها...، ح3.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (ضحك المؤمن تبسّم) التبسّم أقلّ الضحك وأحسنه ومن خصال الكرام،


--------------------------------------------------

1. في الوسائل: «أبي عوف» وفي الجامع «ابن عوف» بدل «ابن أبي عوف».

2. شرح اُصول الكافي 11: 115، راجع مراة العقول 12: 562، وروضة المتقين 13: 16.


(189)

وهو الّذي لم يبلغ حدّ القهقهة وهي من خصال اللّئام.[1]

الحديث 628: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: إيّاكم[2] والمزاح فإنّه يجرّ السّخيمة ويورث الضّغينة، وهو السّبّ الأصغر.

المصادر: الكافي 2: 664، كتاب العشرة، باب الدعابة والضحك، ح12، وسائل الشيعة 12: 118، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب83 ح9، جامع أحاديث الشيعة 20: 72، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب9 باب ما ورد في الدّعابة والمزاح والضّحك، ح33.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (وإيّاكم والمزاح فإنّه يجرّ السخيمة) وهي الحقد في النفس (ويورث الضّغينة) وهي الحقد والعداوة والبغضاء. (وهو السبّ الأصغر) كثيرا ما يجرّ إلى السبّ الأكبر.

وإعلم أنّ المزاح مشروع مطلوب إلاّ أنّه يتفاوت باعتبار الكميّة والكيفيّة، والأزمنة والمقام والأشخاص، والعاقل اللّبيب يعلم كيفيّة إستعماله بحسب تلك الاعتبارات بخلاف غيره، فلذلك ورد الأمر به تارة، والنّهي عنه أخرى.[3]

الحديث 629: عدّة من أصحابنا ـ معلّق ـ عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبدالله‌ بن جبلّة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: ما كان ولا يكون وليس بكائن مؤمن إلاّ وله جار يؤذيه، ولو أنّ مؤمنا في جزيرة من جزائر البحر لابتعث[4] الله‌ له من يؤذيه.


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 11: 123.

2. في الوسائل: «ايّاك» بدل «اياكم».

3. شرح اُصول الكافي 11: 124.

4. في الوسائل: «لبعث» بدل «لابتعت».


(190)

المصادر: الكافي 2: 251، كتاب الإيمان والكفر، باب ما أخذه الله‌ على المؤمن...، ح11، وسائل الشيعة 12: 122، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب85 ح4، جامع أحاديث الشيعة 20: 254، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب78، باب جملة من حقوق الجار وحرمة إيذائه‌و...، ح44.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (ما كان ولا يكون وليس بكائن مؤمن إلاّ وله جار يؤذيه) ليس المراد به الجارّ المعروف فقط بل كلّ من يجاوره ويقاربه رآه أو لم ير، فليس أحد يخلو من جار وأقلّه الشيطان فالحصر كليّ.[1]

وقال العلاّمة المجلسي:

وكأنّ المراد بالجارّ هنا أعمّ من جار الدّار والرّفيق والمعامل والمصاحب، وفي الحديث الجار إلى أربعين داراً.

(لا نبعث له) أي من الشيطان، وفي بعض النسخ: لابتعث الله‌ له، فالإسناد على المجاز، يقال: بعثه كمنعه، أرسله كابتعثه فانبعث.[2]

الحديث 630: وفي معاني الأخبار[3] عن عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق، ومحمّد بن أحمد السّناني، والحسين بن إبراهيم بن أحمد المكتب كلّهم[4]، عن محمّد بن أبي عبدالله‌ الكوفي، عن سهل بن زياد، عن عبدالعظيم الحسنى، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرضا عليه‌السلام: المؤمن الّذي إذا أحسن إستبشر، وإذا أساء إستغفر، والمسلم الّذي يسلم المسلمون[5] من لسانه ويده،


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 9: 193.

2. مراة العقول 9: 320.

3. في هامش الوسائل: لم نعثر عليه في معاني الأخبار، ولكن موجود في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام: 24، ذيل ح 2.

4. في العيون: «رحمهم الله‌» بدل «كلّهم».

5. في الوسائل في نسخة: «المؤمنون» هامش المخطوط.


(191)

وليس منّا من لم يأمن جاره بوائقه[1].

المصادر: عيون اخبار الرضا عليه‌السلام 2: 24، ب 31 باب فيما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الأخبار المجموعة، ذ ح2، وسائل الشيعة 12: 127، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب86 ح6، جامع أحاديث الشيعة 20: 247، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب78 باب جملة من حقوق الجار وحرمة إيذائه و...، ح5.

الحديث 631: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، عن إسحاق بن عمّار، عن الكاهليّ قال: سمعت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام يقول: إنّ يعقوب عليه‌السلام لمّا ذهب منه بنيامين نادى: ياربّ، أما ترحمني؟ أذهبتُ عيني وأذهبت إبنيّ، فأوحى الله‌ تبارك وتعالى إليه، لو أمتّهما لأحييتهما لك حتّى أجمع بينك وبينهما، ولكن تذكر الشّاة الّتي ذبحتها وشويتها وأكلت وفلان وفلان[2] إلى جانبك صائم لم تُنِله منها شيئا.

المصادر: الكافي 2: 666، كتاب العشرة، باب حقّ الجوار، ح4، وسائل الشيعة 12: 130، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب88 ح2، وفى ج24: 417، كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب آداب المائدة، ب101 ح4، جامع أحاديث الشيعة 20: 261، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب79 باب ما ورد فيمن بات شبعان ريّان كاسي و...، ح12.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: (ولكن تذكر الشّاة الّتي ذبحتها وشوّيتها وأكلت وفلان وفلان إلى جانبك صائم لم تنله منها شيئا) الظاهر صائمان ولم تنلهما والأفراد بتأويل كلّ واحد، وفيه تأديب على ترك إصابة الجارّ بمعروف قليلاً كان أو كثيرا، والجارّ غنيا كان أو فقيرا، ولو لم يكن عنده إلاّ القليل المحتقر فليهده ولا يترك الهدية؛ لأجل إحتقاره، والمهدى له مأمور بقبوله والمكافأة عليه ولو بالشكر، لأنّه وإن كان


--------------------------------------------------

1. البائقة: الداهية والشرّ و... الصّحاح 2: 1107.

2. في الوسائل: «وفلان» بدل «وفلان وفلان».


(192)

محتقرا فهو دليل المحبّة.

وفي كتاب مسلم «عن أبي ذر قال: أنّ خليلي صلى‌الله‌عليه‌و‌آله أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه، ثمّ انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف».

قال القرطبي: هذا تنبيه لطيف على تيسير الأمر على البخيل، إذ الزيادة إنّما هي شيء لا ثمن له، إذ لم يقل أكثر لحمها، إذ لا يتسير ذلك على كلّ أحد وأعني بالإكثار غير المفسد.[1]

الحديث 632: محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وسهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن عبدالله‌ بن سنان، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: ردّ جواب الكتاب واجب كوجوب ردّ السّلام...، الحديث.

المصادر: وسائل الشيعة 12: 135، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب93 ح1، وأورده بتمامه في الحديث 1 من الباب 33 من هذه الأبواب.

مرّ الحديث في الصفحة 180 رقم الحديث 615، راجع هناك.

الحديث 633: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وسهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: التّواصل بين الإخوان في الحضر التّزاور، وفي السّفر التكاتب.

المصادر: الكافي 2: 670، كتاب العشرة، باب التكاتب، ح1، وسائل الشيعة 12: 135، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب93 ح2، جامع أحاديث الشيعة 20: 265، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب82، باب أنّ التّواصل بين الإخوان في الحضر التّزاور و...، ح1.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (التواصل بين الإخوان في الحضر التزاور، وفي السّفر التكاتب).


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 11: 128 .


(193)

التّواصل مطلوب عقلاً وشرعا، لحسن النظام وتحقّق الالتيام، وبه ينتظم أُمور الدين والدّنيا بين الأنام، وهو يتحقّق في الحضر بالتّزاور وبسط بساط الوفاق، وفي السّفر بالتكاتب وإظهار السّلامة والمحبّة والاشتياق والتألّم بالفراق.[1]

الحديث 634: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبدالحميد قال: حدّثني[2] يحيى بن عمرو، عن عبدالله‌ بن سنان قال: قال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: أوحى الله‌ تبارك وتعالى إلى بعض أنبيائه عليهم‌السلام[3]: الخُلق الحسن يُميث الخطيئة، كما تُميث الشمس الجليد.

المصادر: الكافي 2: 100، كتاب الإيمان والكفر، باب حسن الخلق، ح9، وسائل الشيعة 12: 150، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب104 ح12، جامع أحاديث الشيعة 13: 518، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وتهذيبها و... ب32 باب ما ورد في ذمّ سوء الخلق ومدح حسنه و...، ح41.

الشرح: قال الفيض الكاشاني:

بيان: (يُميث الخطيئة) بالثّاء المثلّثة: أي يذيبها و(الجليد) ما يسقط على الأرض من الندي فيجمد، كذا في القاموس.

وفي النهاية الأثيريّة: في الحديث حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشّمس الجليد، هو الماء الجامد من البرد.[4]

الحديث 635: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبدالله‌ بن ميمون القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام: قال: قال


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 11: 133.

2. ليس في الوسائل: «قال: حدّثني».

3. ليس في الوسائل: «عليهم السلام».

4. كتاب الوافي 4: 420.


(194)

أميرالمؤمنين عليه‌السلام[1]: المؤمن مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

المصادر: الكافي 2: 102، كتاب الإيمان والكفر، باب حسن الخلق، ح17، وسائل الشيعة 12: 158، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، باب105 ح2، جامع أحاديث الشيعة 20: 49، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب5 باب ما ورد في التّواصل والتّراحم و...، ح12.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) لأنّ عدم الألفة في أهل الدّين يوجب أذا هم وتبدّدهم، وتقاطعهم وتفرّقهم فيه، وتدابرهم وعداوتهم، وكلّ ذلك يوجب زوال الخير عنهم، كما هو المعلوم بين المتقاطعين.[2]

وقال العلاّمة المجلسي:

وفيه حثّ على الألفة وحمل على الألفة بالخيار، وإن احتمل التعميم إذا لم يوافقهم بالمعاصي كما وردت الأخبار في حسن المعاشرة.[3]

الحديث 636: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنّى الحنّاط، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: من صدق لسانه زكى عمله.

المصادر: الكافي 2: 104، كتاب الإيمان والكفر، باب الصدق وأداء الأمانة، ح3، وسائل الشيعة 12: 162، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب108 ح2، جامع أحاديث الشيعة 17: 146، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وتهذيبها و...، ب38، باب وجوب الصدق وحرمة الكذب...، ح8.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: (من صدق لسانه زكى عمله) لأنّ صدق اللّسان تابع لطهارة القلب وهي


--------------------------------------------------

1. ليس في الوسائل: «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام».

2. شرح اُصول الكافي 8: 294.

3. مرآة العقول 8: 175.


(195)

مستلزمة لزكاة عمله وطهارته ونموّه وبركته والمدح عليه، وأيضا اللّسان مورد لجميع الأعضاء الظاهرة والباطنة، ومتناول لمدركات جميعها فصحته وهي صدقه في الحديث توجب صحّة جميع الأعضاء، وصدور أعمال الأصحّاء منها، فلذلك يزكّوا عمله على الإطلاق، كما أنّ مرضه وهو الكذب يوجب مرض جميع الأعضاء وصدور أفعال المرضى منها، فلذلك لا يزكوا شيء من أعماله.

وأيضا علّة صدقه وهي الخوف من الله‌ والفرار من اللؤم في وقت ما، وهو وقت أن يسأل عن أعماله الصالحة وإضطراره إلى الجواب عنها يبعثه على تزكية الأعمال.[1]

وقال العلاّمة المجلسي:

«زكى عمله» أي يصير عمله بسببه زاكيا، أي ناميا في الثواب؛ لأنّه إنّما يتقبّل الله‌ من المتّقين، وهو من أعظم أركان التقوى، أو كثيرا؛ لأنّ الصدق مع الله‌ يوجب الإتيان بما أمر الله‌ والصدق مع الخلق أيضا يوجب ذلك، لأنّه إذا سئل عن عمل هل يفعله؟ ولم يفعله لا يمكنه ادّعاء فعله، فيأتي بذلك، ولعلّه بذلك يصير خالصا لله‌، أو يقال: لمّا كان الصدق لازما للخوف والخوف ملزوما لكثرة الأعمال فالصدق ملزوم لها، أو المعنى طهر عمله من الرياء، فإنّها نوع من الكذب كما أشرنا إليه في الخبر السابق.

وفي بعض النسخ: زُكّي على المجهول من بناء التفعيل بمعنى القبول، أي يمدح الله‌ عمله ويقبله، فيرجع إلى المعنى الأوّل ويؤيّده.[2]

الحديث 637: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: الحياء من الإيمان،


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 8: 296.

2. مرآة العقول 8: 181 .


(196)

والإيمان في الجنّة.

المصادر: الكافي 2: 106، كتاب الإيمان والكفر، باب الحياء، ح1، وسائل الشيعة 12: 166، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب110 ح2، جامع أحاديث الشيعة 18: 93، كتاب جهاد النفس، أبواب جهاد النفس وتهذيبها و...، ب69 باب أنّ الحياء جماع كلّ جميل و...، ح4.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «الحياء من الإيمان» الحياء وصف للنفس يوجب إنقباضها عن القبيح وإنزجارها عن خلاف الآداب خوفا من اللّوم، وإنّما جعل كالبعض من الإيمان لمناسبة له في أنـّه يمنع من المعاصي كالإيمان، أو لأنّ المراد بالإيمان الايمان الكامل المعتبر فيه الأعمال والحياء، لكونه داعيا إلى فعل المأمورات، وترك المنهيّات جزء منه.

وبعبارة اُخرى: الإيمان تصديق وإقرار وإيتمار بالمأُمور به، وانتهاء عن المنهيّ عنه، فإذا حصل الإيتمار والإنتهاء بالحياء كان الحياء بعض الإيمان وجزءا منه، أو المراد أنّ الحياء من شيم أهل الإيمان، ومكارم اخلاقه ومحاسنه الّتي ينبغي التخلّق بها.[1]

وقال العلاّمة المجلسي:

والحياء ملكة للنّفس توجب إنقباضها عن القبيح، وإنزجارها عن خلاف الآداب خوفا من اللّوم، و«من» في قوله: «من الإيمان»، إمّا سببيّة، أي تحصل بسبب الإيمان، لأنّ الإيمان باللّه‌ وبرسوله وبالثواب والعقاب وقبح ما بيّن الشارع قبحه يوجب الحياء من الله‌ ومن الرسول، ومن الملائكة وإنزجار النفس من


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 8: 299.


(197)

القبائح والمحرّمات لذلك، أو تبعيضيّة، أي من الخصال الّتي هي من أركان الإيمان، أو توجب كماله.

وقال الراوندي قدس‌سره في ضوء الشهاب: الحياء إنقباض النفس عن القبائح وتركها لذلك، يقال: حيي يحيي حياءً، فهو حييّ وإستحيا، فهو مستحيي، وإستحى فهو مستح، والحياء إذا نسب إلى الله‌ فالمراد به التنزيه، وأنّه لا يرضى فيوصف بأنّه يستحي منه، ويتركه كرما.

وما أكثر ما يمنع الحياء من الفواحش والذّنوب، ولذلك قال صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: الحياء من الإيمان، الحياء خير كلّه، الحياء لا يأتي إلاّ بالخير، فإنّ الرجل إذا كان حييّا لم يرخّص حياؤه من الخلق في شيء من الفواحش فضلاً عن الحياء من الله‌.

وروى ابن مسعود: أنّه جاء قوم إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله فقالوا: إنّ صاحبنا قد أفسده الحياء؟ فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: إنّ الحياء من الإسلام، وإنّ البذاء من لؤم المرء، انتهى.

«والايمان في الجنّة» أي صاحبه.[1]

الحديث 638: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد[2]، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن الفضل بن كثير[3]، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: لا إيمان لمن لا حياء له.

المصادر: الكافي 2: 106 كتاب الإيمان والكفر، باب الحياء، ح5، وسائل الشيعة 12: 166، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب110 ح3، جامع أحاديث الشيعة 18: 94، كتاب جهاد النفس، أبواب جهاد النفس وتهذيبها و...، ب69، باب أنّ الحياء جماع كلّ جميل و...، ح11.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 8: 187.

2. في الوسائل: «سهل» بدل «سهل بن زياد».

3. في الوسائل: «فضيل بن كثير» بدل «فضل بن كثير».


(198)

الشرح: قال المازندراني:

قوله (لا إيمان لمن لا حياء له) لما عرفت من أنّهما مقرونان في حبل واحد، إذا ذهب أحدهما تبعه الآخر، وإن اُريد بالإيمان الايمان الكامل، وجعل الحياء جزءا منه، فالوجه ظاهر.[1]

الحديث 639: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبدالحميد، عن يونس بن يعقوب، عن غرّة بن دينار الرقيّ، عن أبي إسحاق السُّبيعيّ، رفعه قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: ألا أدلّكم على خير أخلاق[2] الدّنيا والآخرة؟ تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمّن ظلمك.

المصادر: الكافي 2: 107، كتاب الإيمان والكفر، باب العفو، ح2، وسائل الشيعة 12: 173، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب113 ح5، بحار الانوار 77: 150، كتاب الروضة، ب7 باب ما جمع من مفردات كلمات الرسول صلى‌الله‌عليه‌و‌آله و...، ح66، جامع أحاديث الشيعة 20: 487، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب113، باب ما ورد في العفووالإحسان و...، ح26.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: (وتصل من قطعك) باليد واللّسان ومراقبة أحواله في كلّ زمان والإحسان إلى من أساء إليك وهو الأحسن من الإحسان إلى من أحسن إليك. (وإعطاء من حرمك) فإذا أحسنت إلى أحد ولم يقابل إحسانك بإحسان، أو لم يشكرك أو أساء إليك لا ترغب من الإحسان إليه وإلى غيره بسبب الكفران فإنه إذا لم يشكرك فقد يشكرك غيره، ولو لم يشكرك أحد فإنّ الله‌ يحبّ المحسنين كما نطق به القرآن المبين، وكفى به شرفا وفضلاً.[3]


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 8: 300.

2. في الوسائل: «خلائق» بدل «أخلاق».

3. شرح اُصول الكافي 8: 301.


(199)

الحديث 640: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و[1] محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي[2]، عن أبي عبدالله‌ قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: إنّ الله‌ أخذ ميثاق المؤمن على بلا يا أربع، أيسرها[3] عليه مؤمن يقول بقوله يحسده، أو منافق يقفو أثره، أو شيطان يغويه، أو كافر يرى جهاده، فما بقاء المؤمن بعد هذا.

المصادر: الكافي 2: 249، كتاب الإيمان والكفر، باب ما أخذه الله‌ على المؤمن...، ح2، وسائل الشيعة 12: 181، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب116 ح2، بحار الأنوار 68: 216، كتاب الإيمان والكفر، ب23 باب في أنّ السلامة والغنى في الدّين، ح6، جامع أحاديث الشيعة 17: 37، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وتهذيبها و...، ب30 باب إستحباب الصبر على الحسّاد و...، ح3.

الشرح: قال المازندراني:

قوله «إنّ الله‌ أخذ ميثاق المؤمن على بلايا أربع أيسرها عليه مؤمن يقول بقوله يحسده، أو منافق يقفو أثره، أو شيطان يغويه» أي يريد أن يغويه ويضلّه عن سبيل الحقّ بالوسوسة والخاطرات، كما حكى عنه الكتاب الكريم: «لأََقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ»[4] وهو كناية عن جذبهم من طريق الحقّ إلى الطريق الباطل. «أو كافر يرى جهاده» لازما فيجاهده ويضرّه من كلّ وجه يمكنه (فما بقاء المؤمن بعد هذا) ولهذا قلّ أهل الايمان.

والمقصود من الحديث أنّ المؤمن لا يكون إلاّ ومعه هذه البلايا كلّها أو بعضها، فلا ينافي الترديد الدالّ على منع الخلو. و«أيسرها» صفة لبلايا أربع، وفيه إشعار


--------------------------------------------------

1. في الوسائل: «وعن» بدل «و».

2. في الوسائل: «أبي حمزة» بدل «أبي حمزة الثمالي».

3. هامش الكافي، وفي الوسائل: «أشدّها» بدل «أيسرها».

4. الأعراف 7: 16.


(200)

بأنّ للمؤمن بلايا أخر أشدّ منها.

وفي بعض النسخ: «أشدّها» بدل «أيسرها» فيفيد أنّ هذه الأربع أشدّ بلاياه.

وقوله «مؤمن» خبر مبتدأ محذوف، أي هي مؤمن، وربما يزعم أنّ «أيسرها» مبتدأ و«مؤمن» خبره، وأن أشدّها أولى من أيسرها، لئلاّ ينافي قوله عليه‌السلام فيما بعد: «ومؤمن يحسده وهو أشدّهم عليه»، وفيه أنّ أيسرها أو أشدّها صفة لما تقدّم، فلا يتمّ ما ذكر، وكون هذه الأربع أيسر من غيرها لا ينافي أن يكون بعضها أشدّ من بعض، ولو جعل مبتدأ كما زعم لزم أن لا يكون المؤمن الحاسد أشدّ من المنافق وما بعده، وهو مناف لما يأتي، فليتأمل.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

الحديث الثاني كالأوّل. [أي صحيح]. «على بلايا أربع» قيل: أي إحدى بلايا للعطف بأو، وللحديث الرابع، وأربع مجرور صفة للبلايا، وأشدّها خبر مبتدا محذوف، أي هي أشدّها، والضمير المحذوف راجع إلى إحدى، والضمير المجرور راجع إلى البلايا، ومؤمن مرفوع، وهو بدل أشدّها، وإبدال النكرة من المعرفة جائز إذا كانت النكرة موصوفة، نحو قوله تعالى: «بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ»[2] و«أو منافق» عطف على أشدها، وفي بعض النسخ أيسرها.

وقال بعضهم: «أيسرها»، صفة لبلايا أربع، وفيه إشعار بأنّ للمؤمن بلايا أخر أشدّ منها، قال: وفي بعض النسخ أشدّها بدل أيسرها فيفيد أن هذه الأربع أشد بلاياه، وقوله: مؤمن خبر مبتدا محذوف، أي هو مؤمن، وقيل: إنّ أيسرها مبتدأ ومؤمن خبره، وإن أشدّها أولى من أيسرها لئلا ينافي قوله عليه‌السلام فيما بعد: ومؤمن يحسده وهو أشدّهن عليه، وفيه أنّ أيسرها أو أشدّها صفة لما تقدّم فلا تتمّ ما


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 9: 189.

2. العلق 96: 15 ـ 16.


(201)

ذكر، وكون هذه الأربع أيسر من غيرها لا ينافي أن يكون بعضها أشدّ من بعض، ولو جعل مبتدأ كما زعم لزم أن لا يكون المؤمن الحاسد أشدّ من المنافق وما بعده، وهو مناف لما سيأتي.

وأقول: يمكن أن يكون «أو» للجمع المطلق، بمعنى الواو، فلا نحتاج إلى تقدير إحدى، ويكون أشدّها مبتدأ ومؤمن خبره، وعبّر عن الأوّل بهذه العبارة لبيان الأشدّية، ثمّ عطف عليه ما بعده كأنـّه عطف على المعنى، ولكلّ من الوجوه السابقة وجه، وكون مؤمن بدل أشدّها أوجه.

«يقول بقوله» أي يعتقد مذهبه ويدّعي التشيّع، لكنّه ليس بمؤمن كامل بل يغلبه الحسد.

«أو منافق يقفوا أثره» أي يتبعه ظاهرا وإن كان منافقا، أو يتبع عيوبه فيذكرها للناس، وهو أظهر «أو شيطان» أي شيطان الجنّ أو الأعمّ منه ومن شيطان الإنس «يغويه» أي يريد إغواءه وإضلاله عن سبيل الحقّ بالوساوس الباطلة، كما قال تعالى حاكيا عن الشيطان: «لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ»[1] الآية.

وقال سبحانه: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوّا شَيَاطِينَ الاْءِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورا»[2].

وقال: «وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ»[3].

وربما يقرأ يغوّيه على بناء التفعيل، أي ينسبه إلى الغواية، وهو بعيد، «أو كافر يرى جهاده» أي لازما، فيضرّه بكلّ وجه يمكنه «فما بقاء المؤمن بعد هذا؟»


--------------------------------------------------

1. الأعراف 7: 16.

2. الأنعام 6: 112.

3. الأنعام 6: 121.


(20)

إستفهام إنكار، أي كيف يبقى المؤمن على إيمانه بعد الّذي ذكرنا، ولذا قلّ عدد المؤمنين أو لا يبقى في الدّنيا بعد هذه البلايا والهموم والغموم، أو لا يبقى جنس المؤمن في الدّنيا إلاّ قليل منهم.[1]

الحديث 641: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان قال: سمعت أبا عبدالله‌ عليه‌السلام يقول: أربعٌ لا يخلو منهنّ المؤمن أو واحدة منهنّ، مؤمن يحسده وهو أشدّهنّ عليه، ومنافق يقفو أثره، أو عدوّ يجاهده، أو شيطان يغويه.

المصادر: الكافي 2: 250، كتاب الإيمان والكفر، باب ما أخذه الله‌ على المؤمن...، ح4، وسائل الشيعة 12: 181، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب116 ح3، بحار الانوار 68: 219 كتاب الايمان والكفر، ب23 باب في أنّ السلامة والغنى في الدين و...، ح8، جامع أحاديث الشيعة 17: 38، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وتهذيبها و...، ب30 باب إستحباب الصبر على الحسّاد و...، ح4.

الشرح: قال المازندراني:

(قوله مؤمن يحسده وهو أشدّهنّ عليه) لأنّ صدور الشرّ من القريب المجانس أشدّ وأعظم من صدوره من البعيد المخالف، لتوقّع الخير من الأوّل دون الثاني.[2]

وقال العلاّمة المجلسي:

«أربع» أي أربع خصال «أو واحدة» أي أو من واحدة «مؤمن يحسده» أي حسد مؤمن وهو أشدّهنّ عليه؛ لأنّ صدور الشرّ من القريب المجانس أشدّ وأعظم من صدوره من البعيد المخالف لتوقّع الخير من الأوّل دون الثاني.

وفي الخصال بإسناده عن سماعة، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام أنـّه قال: يا سماعة لا ينفكّ المؤمن من خصال أربع: من جار يؤذيه، وشيطان يغويه، ومنافق يقفو


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 9: 311، وراجع بحار الأنوار 68: 217.

2. شرح اُصول الكافي 9: 191.


(203)

أثره، ومؤمن يحسده، ثمّ قال: يا سماعة أما إنّه أشدّهم عليه، قلت: كيف ذاك؟ قال: إنّه يقول فيه القول فيصدّق عليه «وعدو» أي مجاهر بالعداوة، «يجاهده» بلسانه ويده.[1]

الحديث 642: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال لقمان لإبنه: يا بُنيّ، إن كنت زعمت أنّ الكلام من فضّة، فإنّ السّكوت من ذهب.

المصادر: الكافي 2: 114، كتاب الإيمان والكفر، باب الصّمت وحفظ اللّسان، ح6، وسائل الشيعة 12: 183، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب117 ح5، بحار الانوار 71: 297، كتاب الايمان والكفر، ب78 باب السكوت والكلام وموقعهما و...، ح70، جامع أحاديث الشيعة 17: 41، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وتهذيبها و...، ب31 باب استحباب الصّمت والسكوت إلاّ عن الخير...، ح14.

الشرح: قال المازندراني:

قوله «يا بنيّ إن كنت زعمت أنّ الكلام من فضّة فإنّ السكوت من ذهب».

دلّ على أنّ السّكوت أفضل من النطق وهو كذلك؛ لأنّ مفاسد النطق كثيرة لا يمكن التحرّر عنها إلاّ بالسّكوت، وفيه ترغيب في السّكوت وإن زعم أنّ كلامه حسن، ومن ثمّ قال بعض الأكابر من نطق فأحسن قادر على أن يصمت فيحسن، وليس من صمت فأحسن قادر على أن ينطق فيحسن، وهو أيضاً يدلّ على أنّ السّكوت أفضل من النطق.[2]

وقال العلاّمة المجلسي:

ويدلّ على أن السكوت أفضل من الكلام، وكأنّه مبني على الغالب وإلاّ فظاهر أنّ الكلام خير من السكوت في كثير من الموارد، بل يجب الكلام ويحرم


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 9: 314.

2. شرح اُصول الكافي 8: 315.


(204)

السكوت عند إظهار أصول الدّين وفروعه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويستحب في المواعظ والنصائح وإرشاد الناس إلى مصالحهم، وترويج العلوم الدينية، والشفاعة للمؤنين وقضاء حوائجهم وأمثال ذلك.

فتلك الأخبار مخصوصة بغير تلك الموارد، أو بأحوال عامة الخلق فإنّ غالب كلامهم إنّما هو فيما لا يعنيهم أو هو مقصور على المباحات.

كما روى الطبرسي في كتاب الاحتجاج أنّه سئل عليّ بن الحسين عليه‌السلام عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟

فقال عليه‌السلام: لكلّ واحد منهما آفات فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت، قيل: كيف ذلك يابن رسول الله‌؟ قال: لأنّ الله‌ عزّوجلّ ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت إنّما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنّة بالسكوت، ولا استوجبت ولاية الله‌ بالسكوت، ولا توفيت[1] النار بالسكوت، إنّما ذلك كلّه بالكلام، ما كنت لأعدل القمر بالشمس انك تصف السكوت بالكلام ولست تصف فضل الكلام بالسكوت.

وقال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

وقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: جُمع الخير كلّه في ثلاث خصال: النظر والسكوت والكلام، فكلّ نظر ليس فيه إعتبار فهو سهو، وكلّ سكوت ليس فيه فكرة فهو سهو، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو.

وقال أبو جعفر عليه‌السلام: إنّ داود قال لسليمان عليه‌السلام: يا بني عليك بطول الصمت إلاّ من خير، فإنّ الندامة على طول الصّمت مرّة واحدة خير من الندامة على كثرة الكلام مرّات.


--------------------------------------------------

1. كذا في المصدر.


(205)

وقال الصادق عليه‌السلام: النوم راحة للجسد، والنطق راحة للروح، والسكوت راحة للعقل.

وقال عليه‌السلام: لا تتكلّم بما لا يعنيك ودع كثيرا من الكلام فيما يعنيك.

وفي نهج البلاغة قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: لا خير في الصّمت عن الحكم كما أنـّه لا خير في القول بالجهل.

وقال عليه‌السلام: من كثر كلامه كثر خطاؤه، ومن كثر خطاؤه قلّ حياؤه، ومن قلّ حياؤه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار.

وقال عليه‌السلام: من علم أنّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه.

وقال عليه‌السلام: تكلّموا تعرفوا فإنّ المرء مخبوء تحت لسانه.

وقد مرّ في كتاب العقل في حديث هشام أنّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام كان يقول: إنّ من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال: يُجيب إذا سُئل، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويُشير بالرأي الّذي فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شيء فهو أحمق.

أقول: وقد أوردت الأخبار الكثيرة في ذلك في كتاب البحار، وإنّما أوردت قليلاً منها هنا لتعرف موقع حسن الكلام وموضع فضل السكوت، وتجمع به بين الأخبار.[1]

الحديث 643: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، والحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد جميعا، عن الوشّاء، قال: سمعت الرضا عليه‌السلام يقول: كان الرجل من بنى إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين.

المصادر: الكافي 2: 116، كتاب الإيمان والكفر، باب الصّمت وحفظ اللّسان، ح18، وسائل الشيعة 12: 183، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب117 ح6، بحار الأنوار


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 8: 214، وراجع بحار الانوار 71: 298.


(206)

71: 306، كتاب الإيمان والكفر، ب78، باب السكوت والكلام وموقعهما و...، ح82، جامع أحاديث الشيعة 17: 39، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وتهذيبها و...، ب31 باب إستحباب الصمت والسكوت إلاّ عن الخير و...، ح7.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (صمت قبل ذلك عشر سنين) أي صمت عمّا لا ينبغي في تلك المدّة ليصير الصّمت ملكة له، ثمّ كان يشتغل بالعبادة والإجتهاد فيها لتقع العبادة صافية خالية عن المفاسد، وفيه تنبيه على أنّ الصّمت أصل عظيم في العبادة وخلوصها وبقائها، ومعرفة أحكامها وصيرورتها مرقاة للعابد في التّرقيات إلى المقامات العالية.[1]

قال العلاّمة المجلسي:

«صمت قبل ذلك» أي عمّا لا ينبغي وتلك المدّة ليصير الصمت ملكة له، ثمّ كان يشتغل بالعبادة والاجتهاد فيها لتقع العبادة صافية خالية عن المفاسد.

وأقول: يحتمل أن يكون الصمت في تلك المدّة للتفكّر في المعارف اليقينيّة والعلوم الدينيّة حتّى يكمل في العلم، ويستحق لتعليم العباد وإرشادهم وتكميل نفسه بالأعمال الصالحة أيضا، فيأمن عن الخطإ والخطل في القول والعمل، ثمّ يشرع في أنواع العبادات الّتي منها هداية الخلق وتعليمهم وتكميلهم، كما مرّ عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام: كلّ سكوت ليس فيه فكرة فهو سهو.

وقال الكاظم عليه‌السلام: دليل العقل التفكّر، ودليل التفكّر الصمت، ومثله كثير، وهذا وجه حسن لم يسبقني إليه فطن وإن كان بفضل المفيض المالك، وجلّ ما أوردته في تلك التعليقات كذلك.[2]


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 8: 319.

2. مرآة العقول 8: 223، وراجع بحار الانوار 71: 306.


(207)

الحديث 644: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن أبي جميلة، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: ما من يوم إلاّ وكّل عضو من أعضاء الجسد يكفّر اللّسان[1] يقول: نشدتك الله‌ أن نعذّب فيك.

المصادر: الكافي 2: 114، كتاب الإيمان والكفر، باب الصمت وحفظ اللّسان، ح12، وسائل الشيعة 12: 191، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب119 ح10، بحار الانوار 71: 302، كتاب الايمان والكفر، ب 78 باب السكوت والكلام وموقعهما و...، ح76، جامع أحاديث الشيعة 17: 55، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وتهذيبها و...، ب32 باب وجوب حفظ اللّسان عمّا لا يجوز من الكلام و...، ح10.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (ما من يوم إلاّ وكلّ عضو من أعضاء الجسد يكفّر اللّسان) أي يذلّ ويخضع له. والتكفير، هو أن ينحني الإنسان ويطأطأ رأسه قريبا من الرّكوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه، ثمّ قال من باب الاستيناف: (يقول: نشدتك الله‌ أن نعذّب فيك) نشد من باب نصر، أي سألتك بالله‌ وأحلفك به، كأنّ هذا القول بلسان المقال، ويحتمل أن يكون بلسان الحال.[2]

قال العلاّمة المجلسي:

وفي النهاية في حديث الخدري: إذا أصبح ابن آدم فإنّ الأعضاء كلّها تكفّر اللّسان أي تذلّ وتخضع.

والتكفير هو أن ينحني الإنسان ويطأطأ رأسه قريبا من الرّكوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه وقال: نشدتك الله‌ والرّحم، أي سألتك بالله‌ وبالرّحم، يقال: نشدتك الله‌ وأنشدك الله‌ وبالله‌ وناشدتك الله‌ وبالله‌، أي سألتك وأقسمت عليك


--------------------------------------------------

1. هامش الوسائل: في نسخة: «للّسان» هامش المخطوط.

2. شرح اُصول الكافي 8: 317 .


(208)

وتعديته إلى مفعولين، إمّا لأنّه بمنزلة دعوت، أو لأنّهم ضمّنوه معنى ذكرت، فأمّا أنشدتك بالله‌ فخطأ، انتهى.

وكأنّ الكلام بلسان الحال، وفيه إستعارة تمثيلية. قوله: «أن نعذب» كأنّ في الكلام تقديرا أي تكفّ نفسك من أن نعذّب فيك، أي بسببك.[1]

الحديث 645: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن مثنّى الحنّاط، عن الحارث بن المغيرة ، قال: قال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام: المسلم أخو المسلم، هو عينه ومرآته ودليله، لا يخونه، ولا يخدعه، ولا يظلمه، ولا يكذّبه، ولا يغتابه.

المصادر: اصول الكافي 2: 166، كتاب الإيمان والكفر، باب اُخوة المؤمنين بعضهم لبعض، ح5، وسائل الشيعة 12: 204، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب122 ح4، وأورده في الحديث3 من الباب 152 من هذه الأبواب، جامع أحاديث الشيعة 20: 336، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب93 باب ما ورد في حرمة المؤمن وحقوقه و...، ح48.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (هو عينه ومرآته ودليله)، أمّا أنّه مرآته، فلأنّ في كلّ واحد صفات الآخر مثل الإيمان وأركانه ولواحقه وآثاره والأخلاق والآداب، فكأنّ كلّ واحد مظهرا لصفات الآخر ومرآةً له، وأمّا أنّه دليله فلأنّه يهديه إلى ما ينفعه في الدّنيا والآخرة فيعلّمه أمر الدين، ويزجره عن المنهيّات، ويرغّبه في الخيرات، وينبّهه عن الغفلات ويظهر عليه قبح اللّذات والشهوات.[2]

وقال العلاّمة المجلسي:

«ومرآته» أي يبيّن محاسنه ليركبها، ومساويه ليجتنبها، كما هو شأن المرآة أو


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 8: 219، وراجع بحار الأنوار 71: 302 .

2. في الوسائل: «الحرث» بدل «الحارث».

3. شرح اُصول الكافي 9: 33.


(209)

ينظر إلى ما فيه من المعايب فيتركها، فإنّ الإنسان في غفلة عن عيوب نفسه، وكذا المحاسن. وقد روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله «المؤمن مرآة المؤمن» ويجرى فيه الوجهان المتقدّمان.

قال الراوندي في ضوء الشهاب: المرآة الآلة الّتيترى فيها صورة الأشياء، وهي مفعلة من الرؤية، والمعنى أنّ المؤمن يحكي لأخيه المؤمن جميع ما يراه فيه، فإن كان حسنا زيّنه له ليزداد منه، وإن كان قبيحا نبّهه عليه لينتهي عنه، إنتهى.

وأقول: قد ذهب بعض الصوفية إلى أنّ المؤمن الثاني هو الله‌ تعالى، أي المؤمن مظهر لصفاته الكماليّة تعالى شأنه كما ينطبع في المرآة صورة الشخص، والحديث يدلّ على أنّه ليس بمراد من الخبر النبوي، وقيل: المراد أنّ كلاًّ من المؤمنين مظهر لصفات الآخر، لأنّ في كلّ منهما صفات الآخر مثل الإيمان وأركانه ولواحقه وآثاره، والأخلاق والآداب، ولا يخفى بعده.

«ولا يكذّبه» على بناء المجرد، أي لا يقول له كذبا، أو على بناء التفعيل، أي لا ينسب الكذب إليه فيما يخبره، ولا يستلزم ذلك الاعتماد عليه في كلّ ما يقوله وإن كان يشعر بذلك، كما ورد في خبر آخر مستدلاًّ عليه بقوله تعالى: «وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ»[1].

والظاهر أنّ المراد بالمسلم هنا المؤمن إيذانا بأنّ غير المؤمن ليس بمسلم حقيقة.[2]

الحديث 646: وفي (الخصال) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله‌ عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال: إنّ من حَبَس حقّ المؤمن أقامه


--------------------------------------------------

1. التوبة 9: 61.

2. مرآة العقول 9: 13.


(210)

الله‌ خمسمأة عام على رجليه يسيل من عرقه أودية، ثمّ ينادي مناد من عند الله‌ جلّ جلاله: هذا الظّالم الّذي حبس عن الله‌ حقّه، قال: فيوبّخ أربعين عاماً، ثمّ يؤمر به إلى نار جهنّم.

المصادر: أورد ذيله في وسائل الشيعة 12: 210، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب122، ح20 وأورد صدره في الحديث 26 من الباب 1 من أبواب مقدّمة العبادات في ج1: 24.

مرّ الحديث في الصفحة 78 من المجلّد الأوّل برقم الحديث 4.

الحديث 647: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: لقي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله حذيفة فمدّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله يده، فكفّ[1] حذيفة يده، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: يا حذيفة بسطتُ يدي إليك فكففت يدك عنّي؟ فقال حذيفة: يا رسول الله‌ بيدك الرّغبة ولكنّي كنتُ جنبا فلم أحبّ أن تمسّ يدي يدك وأنا جنب، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: أما تعلم أنّ المسلمين إذا التقيا فتصافحا تحاتّت ذنوبهما كما يتحاتّ ورق الشّجر.

المصادر: الكافي 2: 183، كتاب الإيمان والكفر، باب المصافحة، ح19، وسائل الشيعة 12: 220، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب126 ح10، جامع أحاديث الشيعة 20: 98، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب16 باب إستحباب التسليم والمصافحة عند الملاقاة و...، ح11.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (أما تعلم إنّ المسلمين إذا إلتقيا) دلّ على أنّ الجنابة لا تمنع المصافحة وما فعله حذيفة كان في غاية التعظيم ورعاية الأدب ظاهرا.[2]


--------------------------------------------------

1. في الوسائل: «وكفّ» بدل «فكفّ».

2. شرح اُصول الكافي 9: 58.


(211)

وقال العلاّمة المجلسي:

«بيدك الرغبة» كأنّ الباء بمعنى في، أي يرغب جميع الخلق في مصافحة يدك الكريمة. وقيل: الباء للسببيّة، والرغبة بمعنى المرغوب، أي يحصل بسبب يدك مرغوب الخلائق وهو الجنّة، وهو تكلّف بعيد.

قوله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «أما تعلم؟» ظاهره أنّ الجنابة لا تمنع مصافحة المعصومين عليهم‌السلام، ويمكن أن يكون عذره مقبولاً، لكن لما علم صلى‌الله‌عليه‌و‌آله منه عدم إهتمامه في أمر المصافحة حثّه عليها بذلك، ويؤيّده ما روي أنّ أبا بصير دخل جنبا على الصادق عليه‌السلام فقال: هكذا تدخل بيوت الأنبياء؟.[1]

الحديث 648: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبيدة الحذّاء، قال: زاملت أبا جعفر عليه‌السلام في شقّ محمل من المدينة إلى مكّة، فنزل في بعض الطريق، فلمّا قضى حاجته وعاد قال: هاك[2] يدك يا أبا عبيدة[3] فناولته يدي فغمزها حتّى وجدتُ الأذى في أصابعي، ثمّ قال: يا أبا عبيدة ما من مسلم لقي أخاه المسلم[4] فصافحه وشبّك أصابعه في أصابعه إلاّ تناثرت عنهما ذنوبهما كما يتناثر الورق من الشّجر[5] في اليوم الشّاتي.

المصادر: الكافي 2: 180، كتاب الإيمان والكفر، باب المصافحة، ح5، وسائل الشيعة 12: 224، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب127 ح3، جامع أحاديث الشيعة 20: 97، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب16 باب استحباب التسليم والمصافحة عند الملاقاة...، ح7.


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 9: 73.

2. في الوسائل والجامع: «هات» بدل «هاك».

3. ليس في الوسائل: «يا أبا عبيدة».

4. ليس في الجامع: «المسلم».

5. في الوسائل: «عن الشجر» بدل «من الشجر».


(212)

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

الحديث ضعيف على المشهور بسهل، ولا يضرّ عندي ضعفه.

وكأنّ المراد بالتشبيك هنا أخذ أصابعه بأصابعه، فإنّهما تشبهان الشبكة، لا إدخال الأصابع في الأصابع كما زعم.

واليوم الشّاتي الشديد البرد، أو هو كناية عن يوم الرّيح للزومه لها غالباً، وعلى التقديرين الوصف لأنّ تناثر الورق في مثله أكثر. قال في المصباح: شتا اليوم فهو شات من باب قتل إذا اشتدّ برده.

ويدلّ الخبر على إستحباب الغمز في المصافحة، ولكن ينبغي أن يقيّد بما إذا لم يصل إلى حدّ اشتمل على الإيذاء.[1]

الحديث 649: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبدالله‌ بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار قال: دخلت على أبي عبدالله‌ عليه‌السلام فنظر إليّ بوجه قاطب، فقلت: ما الّذي غيّرك لي؟ قال: الّذي غيّرك لإخوانك، بلغني يا إسحاق انّك أقعدت ببابك بوّابا يردّ عنك فقراء الشّيعة، فقلت: جعلت فداك، إنّي خفت الشُهرة، فقال[2]: أفلا خفت البليّة أو ما علمت أنّ المؤمنين إذا إلتقيا فتصافحا أنزل الله‌ عزّوجلّ الرّحمة عليهما فكانت تسعة وتسعون[3] لاشدّهما حبّا لصاحبه، فإذا توافقا غمرتهما الرحمة، فإذا[4] قعدا يتحدّثان[5] قال[6] الحفظة بعضها لبعض: إعتزلوا بنا فلعلّ[7] لهما سرا وقد ستر الله‌ عليهما، فقلت: أليس الله‌


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 9: 64 .

2. في الوسائل: «قال» بدل «فقال».

3. في هامش الكافى والوسائل: «تسعين» بدل «تسعون».

4. في الوسائل: «وإذا» بدل «فإذا».

5. في الوسائل: «يتحادثان» بدل «يتحدثان».

6. في الوسائل: «قالت» بدل «قال».

7. في الوسائل: «لعلّ» بدل «فلعلّ».


(213)

عزّوجلّ يقول: «مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ»[1] فقال: يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإنّ عالم السرّ يسمع ويرى.

المصادر: الكافي 2: 181، كتاب الإيمان والكفر، باب المصافحة، ح14، وسائل الشيعة 12: 229، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب130 ح2، جامع أحاديث الشيعة 20: 494، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب115 باب تحريم حجب المؤمن، ح7.

الشرح: قال المازندراني:

قوله (فقال: يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإنّ عالم السرّ يسمع ويرى) فعموم الآية بحاله لأنّ الله‌ تعالى رقيب.[2]

قال العلاّمة المجلسي:

في القاموس: قطب يقطب قطبا وقطوبا فهو قاطب وقطوب: زوي ما بين عينيه، وكلح كقطب. قوله عليه‌السلام: فكانت تسعة وتسعين، تسعة إسم كان، وكأنّ الأنسب تسعون كما في بعض نسخ الحديث، وفي نسخ الكتاب وتسعين، فالواو بمعنى مع، وليس في بعض الروايات «فكانت» فيستقيم من غير تكلّف.

وقال تعالى: «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ»[3].

قال الطبرسي رحمه‌الله: حبل الوريد، هو عرق يتفرّق في البدن، أو عرق الحلق، أو عرق متعلّق بالقلب، والمتلقّيان: الملكان يأخذان منه عمله فيكتبانه كما يكتب المملي عليه.

والمراد بالقعيد، الملازم الّذي لا يبرح، وقيل: عن اليمين كاتب الحسنات،


--------------------------------------------------

1. ق 50: 18.

2. شرح اُصول الكافي 9: 57 .

3. ق 50: 16 ـ 17.


(214)

وعن الشمال كاتب السيّئات. وقيل: الحفظة أربعة: ملكان بالنّهار وملكان باللّيل «مَا يَلْفِظُ» أي ما يتكلّم بكلام فيلفظه، أي يرميه من فيه «إِلاَّ لَدَيْهِ» حافظ حاضر معه.

والرقيب الحافظ، والعتيد المعدّ للزوم الأمر، يعني الملك الموكّل به، إمّا صاحب اليمين، وإمّا صاحب الشمال، يحفظ عمله لا يغيب عنه، والهاء في لديه تعود إلى القول أو إلى القائل، انتهى.

قوله: فإنّ عالم السرّ يعلم، أي يكفي لصدق الآية إطّلاع الرّب تعالى، وهو الرقيب على عباده، وقد قال سبحانه قبل ذلك: «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»[1].[2]

الحديث 650: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل[3]، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال[4]: أيّما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجابٌ، ضرب الله‌ بينه وبين الجنّة سبعين ألف سور، غلظ كلّ سور مسيرة ألف عام[5] [ما بين السّور إلى السّور مسيرة ألف عام].

المصادر: الكافي 2: 365، كتاب الإيمان والكفر، باب من حجب أخاه المؤمن، ح3، وسائل الشيعة 12: 230، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب130 ذيل ح3، جامع أحاديث الشيعة 20: 493، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب115 باب تحريم حجب المؤمن، ح5.

الحديث 651: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمر بن علي، عن عمّه


--------------------------------------------------

1. ق 50: 16.

2. مرآة العقول 9: 68.

3. في الوسائل والجامع: «المفضل بن عمر» بدل «مفضل».

4. في الوسائل: «قال: قال أبو عبدالله‌ عليه‌السلام» بدل «عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال:».

5. ليس في الوسائل والجامع: «غلظ كلّ سور ميسرة ألف عام».


(215)

محمّد بن عمر، عن ابن اُذينة[1] قال: سمعت[2] عمر بن يزيد يقول: حدّثني[3] معروف بن خرّبوذ، عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام أنّه كان يقول: وَيلُمّهِ[4] فاسقا من لا يزال ممارئا، ويلمّه فاجرا من لا يزال مخاصما، ويلمّه آثما من كثر كلامه في غير ذات الله‌ عزّوجلّ.[5]

المصادر: الكافي 8: 391، كتاب الروضة، خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام، ح587، وسائل الشيعة 12: 237، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب135، ح6، جامع أحاديث الشيعة 20: 441، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب111 باب ما ورد في اتّقاء شحناء الرِّجال و...، ح32.

الشرح: قال المازندراني:

قوله «كان يقول: ويلمه فاسقا من لا يزال ممارياً» لإبطال الحقّ وترويج الباطل. والويل: الحزن والهلاك والمشقّة من العذاب، والنداء طلب لإحضاره، لينظروا إلى شدّته ويعجبوا من فظاعته، فكأنّه قال: يا ويل اُمّه احضر فهذا وقت حضورك، وإنّما إضافه إلى الاُمّ للمتعارف وللاشعار بأنّها سبب له ومصدر للخطاء، وضمير اُمّه مبهم يفسّره «من»، و «فاسقا» نصبه للتميز، أو الذمّ، أو الحال عن فاعل لا يزال.

والمراء: الجدال، والتماري والممارات: المجادلة على مذهب الشكّ والريبة، ويقال للمناظرة: مماراة؛ لأنّ كلّ واحد منهما يستخرج ما عند صاحبه ويمتريه كما يمتري الحالب اللّبن من الضرع ليريبه ويشكّكه، والمجادلة مذمومة، إلاّ ما


--------------------------------------------------

1. في الوسائل: «عمر بن اُذينة» بدل «ابن اُذينة».

2. ليس في الوسائل: «قال سمعت».

3. ليس في الوسائل: «يقول حدّثني».

4. في الوسائل: «ويل أمّه» بدل «ويلمّه».

5. ليس في الوسائل: «عزّ وجّل».


(216)

هو لاثبات الحقّ وردّ الباطل. «ويلمّه فاجراً من لا يزال مخاصما» معاديا لأهل الحقّ مظهرا لعداوته وخصومته، والفاجر المنبعث في فعل المعاصي، والفاسق المنبعث في ترك الأوامر، وقد يطلق كلّ واحد منهما على الآخر «ويلمّه آثما» من الإثم بالكسر وهو الذنب «من كثر كلامه في غير ذات الله‌ عزّوجلّ» أي غير خالص لذاته تعالى وإن تعلّق بالعبادة، لأنّه أشدّ قبحا من اللّغو.[1]

قال الفيض الكاشاني:

بيان: «ويل اُمّه» بالإضافة ونصب «فاسقا» على التمييز، لرفع إبهام النسبة وكذا في اُختيها. «في غير ذات الله‌» أي في غير الله‌ فإنّ لفظة الذّات في مثله مقحمة، ولابدّ من تقدير مضاف سواء قيل في الله‌ أو في ذات الله‌، فإنّ المعنى في حقّ الله‌ أو طاعة الله‌ أو عبادة الله‌، وهذا كقوله سبحانه على الحكاية «يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِى جَنْبِ الله‌»[2].[3]

قال العلاّمة المجلسي:

قوله عليه‌السلام: «فاسقا» تمييزٌ، قال الجزري: الويل، الحزن والهلاك والمشقّة من العذاب، وقد يرد بمعنى التعجّب، ومنه الحديث (ويلمّه مسعر حرب) تعجّبا من شجاعته وجرأته.

قوله عليه‌السلام: «مماديا» أي في الدّين. قوله عليه‌السلام: «مخاصما» أي في الدّنيا. قوله عليه‌السلام: «في غير ذات الله‌» أي في غير ما ينسب إلى الله‌ ممّا يرضيه تعالى، وفي بعض النّسخ [في غير ذات الله‌] أي كُنهها.[4]


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 12: 545

2. الزّمر 39: 56.

3. كتاب الوافي 5: 942 .

4. مرآة العقول 26: 601 .


(217)

الحديث 652: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن أبي إسحاق الخراساني قال: كان أميرالمؤمنين (صلوات الله‌ عليه) يقول: إيّاكم والكذب، فإنّ كلّ راج طالب، وكلّ خائف هارب.

المصادر: الكافي 2: 343، كتاب الإيمان والكفر، باب الكذب، ح21، وسائل الشيعة 12: 245، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب138 ح8، جامع أحاديث الشيعة 17: 155، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وتهذيبها و...، ب38 باب وجوب الصدق وحرمة الكذب عداما إستثني...، ح51.

الشرح: قال المازندراني:

قوله: «قال: كان أميرالمؤمنين (صلوات الله‌ عليه) يقول: إيّاكم والكذب، فإنّ كلّ راج طالب، وكلّ خائف هارب» حذّر من الكذب على الله‌ وعلى رسوله وعلى غيرهما، وفي إدّعاء الدين مع ترك العمل به، ورغّب في الصّدق بأنّ الكذب ينافي الإيمان، وذلك لأنّ الكاذب لم يطلب الثّواب، وكلّ من لم يطلب الثّواب فهو ليس براج بحكم المقدّمة الاُولى ولم يهرب من العقاب، وكلّ من لم يهرب من العقاب فهو ليس بخائف، بحكم المقدّمة الثانية. ومن إنتفى فيه الخوف والرّجاء فهو ليس بمؤمن كما هو المقرّر عند أهل الإيمان، ودلّت عليه الروايات، والله‌ يعلم حقيقة كلام وليّه.[1]

قال الفيض الكاشاني:

بيان: أراد عليه‌السلام لا تكذبوا في ادّعائكم الرّجاء والخوف من الله‌ سبحانه، وذلك لأنّ كلّ راج طالب لما يرجو، ساع في أسبابه وأنتم لستم كذلك، وكلّ خائف هارب ممّا يخاف منه، مجتنب ما يقرّبه منه وأنتم لستم كذلك، وهذا مثل قوله عليه‌السلام: كذب والله‌ العظيم ما باله لا يتبيّن رجاؤه في عمله، وكلّ من رجا عُرف رجاؤه في


--------------------------------------------------

1. شرح اُصول الكافي 9: 385 .


(218)

عمله إلاّ رجاء الله‌ فإنّه مدخول، وكلّ خوف محقّق إلاّ خوف الله‌ فإنّه معلول الحديث بطوله، وقد مضى ذكر بعضه.[1]

وقال العلاّمة المجلسي:

وفيه إما إرسال أو إضمار، بأن يكون ضمير قال راجعا إلى الصّادق عليه‌السلام أو الرضا عليه‌السلام، «إيّاكم والكذب» أراد عليه‌السلام لا تكذبوا في ادّعائكم الرجاء والخوف من الله‌ سبحانه، وذلك لأنّ كلّ راج طالب لما يرجو، ساع في أسبابه وأنتم لستم كذلك، وكلّ خائف هارب ممّا يخاف منه مجتنب ممّا يقرّبه منه، وأنتم لستم كذلك وهذا مثل قوله عليه‌السلام الّذي رواه في نهج البلاغة أنّه عليه‌السلام قال بعد كلام طويل لمدع كاذب أنّه يرجو الله‌ ويدّعي بزعمه أنه يرجو الله‌: كذب والله‌ العظيم ما باله لا يتبيّن رجاؤه في عمله، وكلّ من رجا عرف رجاؤه في عمله إلاّ رجاء الله‌، فإنّه مدخول، وكلّ خوف محقّق إلاّ خوف الله‌، فإنّه معلول يرجو الله‌ الكبير، ويرجو العباد في الصغير، فيعطي العبد ما لا يعطي الربّ، فما بال الله‌ جل ثناؤه يقصر به عمّا يصنع لعباده، أتخاف أن تكون في رجائك له كاذبا أو يكون لا تراه للرجاء موضعا؟ وكذلك إن هو خاف عبدا من عبيده أعطاه من خوفه ما لا يعطي ربّه، فجعل خوفه من العباد نقدا، وخوفه من خالقه ضمارا ووعدا.

وقال بعضهم: حذّر من الكذب على الله‌ وعلى رسوله وعلى غيرهما في ادّعاء الدّين مع ترك العمل به، ورغّب في الصدق بأنّ الكذب ينافي الإيمان، وذلك لأنّ الكاذب لم يطلب الثواب، وكلّ من لم يطلب الثواب فهو ليس براج بحكم المقدّمة الاُولى، ولم يهرب من العقاب، وكلّ من لم يهرب من العقاب فهو ليس بخائف بحكم المقدّمة الثّانية، ومن إنتفى عنه الخوف والرجاء فهو ليس بمؤمن كما هو


--------------------------------------------------

1. كتاب الوافي 5: 930 .


(219)

المقرّر عند أهل الإيمان، انتهى. وإرتكب أنواع التكلّف لقلّة التتبّع، والمقصود ما ذكرنا.[1]

الحديث 653: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبدالله‌ عليه‌السلام قال: قال رسول الله‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: قال الله‌ عزّوجلّ: قد نابذني من أذلّ عبدي المؤمن.

المصادر: الكافي 2: 351، كتاب الإيمان والكفر، باب من أذى المسلمين واحتقرهم، ح6، وسائل الشيعة 12: 271، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب147 ح6، جامع أحاديث الشيعة 20: 507، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب117 باب تحريم إيذاء المؤمن وتحزينه و... ح21.

الشرح: قال العلاّمة المجلسي:

وفي المصباح: نابذتهم، خالفتهم، ونابذتهم الحرب كاشفتهم إيّاها، وجاهرتهم بها.[2]

الحديث 654: وعنهم، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن مثنّى الحّناط، عن الحرث بن المغيرة قال: قال أبو عبد الله‌: المسلم أخو المسلم هو عينه ومرآته ودليله، لا يخونه، ولايخدعه، ولا يظلمه، ولا يكذبه، ولا يغتابه.

المصادر: وسائل الشيعة 12: 279، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب 152 ح3، وأورد في الحديث 4 من الباب 122 من هذه الأبواب.

«مرّ الحديث في الصفحة 208 رقم الحديث 645.

الحديث 655: عدّة من أصحابنا، عن ـ معلّق ـ سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبدالله‌ بن جبلة، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام[3]


--------------------------------------------------

1. مرآة العقول 10: 344 .

2. مرآة العقول 10: 381، وراجع كتاب الوافي 5: 960.

3. في عقاب الأعمال والوسائل والجامع: «أبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام» بدل «أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام».


(220)

قال: قلت له: جعلت فداك، الرّجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الّذي أكرهه[1] فأسأله عن ذلك[2] فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات، فقال لي: يا محمّد كذّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم، لا تذيعنّ[3] عليه شيئا تشينه به، وتهدم به مروءته، فتكون من الذين قال الله‌[4] في كتابه: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»[5].

المصادر: الكافي 8: 147، كتاب الروضة، ح125، وأورد بسنده عن سهل بن زياد الآدمي في ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: 295، عقاب الذين يريدون أن تشيع... ح1، وسائل الشيعة 12: 295، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، ب157 ح4، جامع أحاديث الشيعة 20: 553، كتاب العشرة، أبواب العشرة وأحكامها، ب124 باب أنّ إذاعة سرّ المؤمن و...، ح7.

الشرح: قال المازندراني:

قوله «يا أبا محمّد كذب سمعك وبصرك عن أخيك» نظيره ما روي من طريق العامّة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله قال: «رأى عيسى بن مريم عليه‌السلام رجلاً يسرق، فقال له عيسى: سرقت؟ قال: كلاّ، والّذي لا إله إلاّ هو، فقال عيسى: آمنت بالله‌ وكذّبت نفسي» (فإن شهد عندك خمسون قسامة، وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم).

القسامة بالفتح: الأيمان، وهؤلاء الذين يقسمون على دعواهم يسمّون قسامة أيضا، والمقصود أنـّه إن شهد عندك خمسون رجلاً مع حلفهم بالله‌ أنّ مؤمنا فعل


--------------------------------------------------

1. في عقاب الأعمال: «اكره له» بدل «اكرهه».

2. في العقاب والوسائل: «عنه» بدل «عن ذلك».

3. في هامش الكافي والجامع: في بعض النسخ: «تدعينّ».

4. في عقاب الأعمال والجامع زيادة: «عزّوجّل».

5. النور 24: 19.


(221)

كذا وقال كذا، وقال لك ذلك المؤمن إنّي لم أفعله أو لم أقله فصدّقه وكذّبهم.

ولعلّ المراد بتصديقه تصديقه ظاهرا، والإغماض عنه وعدم المؤاخذة به والإذاعة عليه لا الحكم بأنّه صادق في نفس الأمر، لأنّه قد يحصل العلم بخلاف ذلك بتلك الشهود خصوصا مع أيمانهم، أو بالإبصار أو بالإستماع منه.

والحاصل: أنّه إن صدرت من المؤمن بالنسبة إليك مثلاً زلاّت واغتياب أو غير ذلك ممّا تكرهه، ثمّ إعتذر إليك فاقبل عذره، أو أنكر فصدّقه، وإن شهد لك شهود ثقات مع أيمان مغلظة شفقة له وتقرّبا من الله‌.

وأمّا إن صدرت منه بالنسبة إلى الله‌ تعالى، أو إلى أحد غيرك فربما وجب عليك أداء الشهادة عليه عند الحاكم، وإن لم يجز لك تعييره وإذاعة عثراته بين الناس، وإن شئت زيادة توضيح فارجع إلى ما ذكرنا في باب الغيبة، وباب من طلب عثرات المؤمن، وباب الرواية عليه، وباب التعيير من كتاب الكفر والإيمان «لا تذيعنّ عليه شيئا تشينه به، وتهدم به مروءته».

الإذاعة: الإفشاء، والشين خلاف الزين، شأنه من باب باع عابه وعيّره، والإذاعة حرام إلاّ ما يستثنى.

فيكون من الذين قال الله‌ تعالى في كتابه: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»[1] الفاحشة ما وقع النهي عنه مطلقا، وقد تخصّ بما يشتدّ قبحه.

قال بعض المحققين: الوعيد في إذاعة فاحشة مضت وفاحشة من لم يعرف بأذاية ولا فساد في الأرض. فامّا المعصية الحاضرة فوجبت المبادرة إلى النّصيحة والإنكار والمنع منها لمن قدر عليه، وليس هذا إذاعة.


--------------------------------------------------

1. النور 24: 19.