مسند سهل بن زياد الآدمي
من أصحاب الإمام الجواد والهادي والعسکري(عليهم السلام) دراسة تفصيلية حول جميع روايات سهل
الجزء الأوّل
تأليف: الاستاذ المحقق الشيخ محمّد جعفر الطبسي
(5)
مقدّمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين محمّد صلّى الله عليه وآله أجمعين واللعن على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
أمّا بعد: فقد اختلفت كلمات أهل الرجال حول سهل بن زياد الآدمي على حدّ توجد قرائن عديدة على ضعفه من جانب، كما أنّه من جانب آخر توجد شواهد عديدة على وثاقته وربما يحصل للمتأمّل في كلماتهم التوقّف لوجود التعارض بينهما، ومن اللازم التحقيق والبحث عن وجود مرجّح لأحد القولين.
والظاهر أنّه يكفي لترجيح الوثاقة اعتماد المشهور على أخباره، ونقل الأجلاّء عنه، فكما أنّ اعتماد المشهور على فتوى في الفقه يوجب رجحانها عند التعارض مع فتوى غير المشهور، كذلك نقل الأجلاّء واعتمادهم في الحديث على شخص يوجب توثيقاً له مرجّحاً على قدحه عند التعارض، ولا ريب في اعتماد أجلاّء أصحاب الحديث وأكابر الرواية على ما يرويه سهل بن زياد، فإن الكليني والصدوق والشيخ قد اعتمدوا عليه في موارد كثيرة والشيخ وإن ضعّفه في الفهرست ولكن مضافاً إلى توثيقه في كتاب الرجال الذي هو متأخّر عن كتاب الفهرست، اعتمد على رواياته وجعلها مستندة لفتاواه مع عدم وجود مستند آخر.
(6)
هذا ويكفي لتضعيف من ذهب إلى ضعفه، أن يقال إنّ السبب المهمّ في جرحه إنّما هو رميه بالغلو وانّ أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري قد أخرجه من قم، مع انّ هذا غير قادح جدّاً، لأنّ مفهوم الغلو عند القدماء يختلف مع مفهومه عند المتأخّرين، فانّ كثيراً من القدماء كانوا يعتقدون للأئمّة عليهمالسلام مرتبة معيّنة من الفضل والعلم والعصمة مع عدم جواز التعدّي عنها بخلاف المتأخّرين فإنّهم يعتقدون بأنّهم ليسوا محدودة بتلك المرتبة، ويشهد لذلك ما صرّح به الوحيد البهبهاني في فوائده فانّه قال: الظاهر أنّ كثيراً من القدماء سيّما القميّين منهم والغضائري كانوا يعتقدون للأئمّة عليهمالسلام منزلة خاصّة من الرفعة والجلالة ومرتبة معيّنة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم ورأيهم وما كانوا يجوّزون التعدّى عنها وكانوا يعدّون التعدّي ارتفاعاً وغلواً حسب معتقدهم حتّى إنّهم جعلوا مثل نفي السهو عنهم غلواً بل ربما جعلوا مطلق التفويض إليهم أو التفويض الذي اختلف فيه كما سنذكر، أو المبالغة في معجزاتهم ونقل العجائب من خوارق العادات عنهم أو الإغراق في شأنهم وإجلالهم وتنزيههم عن كثير من النقائص واظهار كثير قدرة لهم وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض ارتفاعاً أو مورّثاً به سيّما بجهة أنّ الغلاة كانوا مختفين في الشيعة مخلوطين بهم مدلّسين. انتهى كلامه.[1]
فهذا الكلام يدلّ على وجود الاختلاف بين القدماء والمتأخّرين في تفسير الغلو فإذا ذهبنا إلى أنّ ما تخيلوه غلواً ليس عندنا بغلو بل هو حقّ محض ومعرفة خالصة، فلا يقدح التضعيف المستند إلى ذلك.
قال الشيخ المفيد: فأمّا نصّ أبي جعفر رحمهالله بالغلو على من نسب مشايخ القميين وعلمائهم إلى التقصير، فليس نسبة هولاء القوم إلى التقصير علامة على غلو الناس إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخة والعلم من كان مقصّراً، وانّما يجب
--------------------------------------------------
1. فوائد رجالية في ضمن منهج المقال، الفائدة الثانية 1: 128.
(7)
الحكم بالغلو على من نسب المحقّين إلى التقصير، سواء كانوا من أهل قم أم غيرها من البلاد وسائر الناس.
وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد لم نجد لها دافعاً في التقصير وهي ما حكي عنه أنّه قال: أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبيّ والإمام فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر مع أنّه من علماء القميين ومشيختهم.[1]
فإنّ ما ذهب إليه الشيخ الصدوق من أنّ القول بعدم السهو للنبي صلىاللهعليهوآله وسلم والأئمّة عليهمالسلام مساوق للغلو خطأ جدّاً وغير مطابق لاُصول المعارف والاعتقادات عندنا، فإنّ الله أراد اذهاب جميع ما يعدّ رجساً من الذنب والخطأ والسهو عن أهل البيت عليهمالسلام، وليس الرجس منحصراً في الذنب بل يشمل الخطأ والنسيان أيضاً.
وخلاصة الكلام انّ نقل الأجلاّء والمشايخ عنه دليل واضح على وثاقته ولا يقاومه ما ذكر في كلمات الرجاليين من التضعيف، كما أنّ الدليل المهمّ لجرحه إنّما هو رميه بالغلو وهو غير صحيح جدّاً كما أوضحناه، ففي المجموع ترجّح وثاقته ولكن في النفس شيء من جهة إنّ الظاهر انّ شهادة النجاشي بعد صحّة الاعتماد عليه غير مرتبط بعمل أحمد بن محمّد بن عيسى، فانّ النجاشي في أوّل كلامه صرّح بأنّه غير معتمد وبعد ذلك أشار إلى عمل أحمد بن محمّد بن عيسى، وكما انّ المستفاد من عبارة الشيخ في الفهرست هو هذا، بمعنى أنّه صرّح أوّلاً بانّه ضعيف في الحديث وغير معتمد فيه ثمّ بعد ذلك أشار إلى عمل أحمد بن محمّد بن عيسى، كما أنّ المستفاد من عبارة الشيخ في الفهرست أنّه صرّح أوّلاً بأنّه ضعيف في الحديث وغير معتمد فيه ثمّ بعد ذلك أشار إلى عمل أحمد بن محمّد بن عيسى، وبناءً عليه لا يصحّ أن يقال إنّ ذهابه إلى عدم الاعتماد من جهة ما فعله
--------------------------------------------------
1. راجع تصحيح الاعتقاد: 135.
(8)
أحمد بن محمّد بن عيسى.
هذا ويمكن أن يقال: بأنّ عمل الأجلاّء كما أنّه مضعف لعمل أحمد بن محمّد بن عيسى، كذلك هادم لهذا الوهم ويجعله غير قابل للإعتماد، وكيف كان فالبحث عن سهل بن زياد ليس بسهل جدّاً خلافاً لما هو المشهور من أنّ الأمر في السهل سهل، فاللازم على المحقّقين أن يبحثوا عنه وعن القرائن المتعدّدة للضعف والوثاقة، والبحث عن وجود مرجّح لأحدهما على الآخر، وكما أنّ اللازم أيضاً البحث عن الروايات التي نقلها سهل في كتاب التوحيد للشيخ الصدوق وغيره.
وبحمد الله والمنّة سماحة العلاّمة المحقّق المتّتبع الشيخ محمّد جعفر الطبسي دامت بركاته قام بهذا الأمر المهمّ في قسم التحقيق في مركز فقه الأئمّة الأطهار عليهمالسلام وبحث في مقدمة الكتاب عن هذا الموضوع بحثاً وافياً جامعاً فنشكره على هذه العملية العلمية المهمّة الرجالية، وكما أنّنا نشكر الفضلاء الذين ساعدوه في جمع الروايات، ونشكر أيضاً من مدير المركز سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد رضا الفاضل الكاشاني دامت بركاته، ونسئل الله تبارك وتعالى أن يقبل منّا ومن المؤلّف المعظّم وأن يحشرنا مع الأئمّة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
مركز فقه الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ـ قم
محمّد جواد الفاضل اللنكراني
5/1/1391
(9)
تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
سهل بن زياد الآدمي الرازي بين الوثاقة والضعف
الحمد للّه رب العالمين والصّلاة والسّلام على رسوله الحبيب وآله الطيّبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا سيّما الحجّة بن الحسن العسكري أرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء.
يدور البحث والكلام هنا حول شخصية من شخصيات عالم الحديث والرواية الذي أدرك ثلاثة من أئمّة أهل البيت عليهمالسلام وهم: الإمام الهادي والجواد والعسكري عليهمالسلام، وهذا ممّا اتّفق عليه أكثر كتب التراجم وعلم الرجال، وهو سهل بن زياد الآدمي الرازي[1] يكنّى أبا سعيد المتوفى سنة 255ه.
--------------------------------------------------
1. الآدمي: إمّا بالهمزة المفتوحة، والألف، والدال المفتوحة، والميم، والياء نسبة إلى جده الذي اسمه آدم، كما هو الحال في: أبي بكر أحمد بن محمّد بن آدم شاشي، الآدمي، بالمدّ.
أو الآدمي: بالهمزة، والدال، والميم محرّكة، نسبة إلى موضع قرب ذي قار، وموضع قرب العمق، وبلدة بصنعاء اليمن، وناحية قرب هجر من أرض البحرين، وناحية من عمّان، قاله في القاموس وغيره.
أو ـ الآدمي ـ: بضمّ الهمزة، والدال المهملة، وكسر الميم، بعدها ياء، نسبة إلى: الأُدْم، اسم جمع: الأديم، بمعنى الجلد، نسب إلى ذلك لبيعه له. راجع تنقيح المقال 34: 178، القاموس المحيط 4: 4، اُنظر باب الميم فصل الألف، تاج العروس 16: 8، معجم البلدان 1: 54.
وأما الرازي: بالراء المهملة، ثمّ الألف، ثمّ الزاي المعجمة، ثمّ الياء، زعم بعضهم كونه نسبة إلى رازان، قرية بأصبهان، أسقط في النسبة الألف والنون، فرقا بينها وبين النسبة إلى رازان، محلّة ببروجرد، منها: بدر بن صالح بن عبدالله الرازاني المحدّث البروجردي.
وعندي أنّ ذلك اشتباه، فإنّ النسبة إلى ذلك رازاني، وأما الرازي: فهو نسبة إلى الري، بلد مشهور ونقل الفاضل اللاهيجي في خير الرجال المخطوط: 387 عن مجموعة عنده بخطّ خواجه كي شيخ مكتوب: فما وجدت بخط مولانا قطب الدين الرازي، كان ينبغي أن تكون النسبة إلى ري: رئيّا، ولكن سبب زيادة الألف والزاي أنّه كان مَلِكان، أحدهما يسمّى ريا، والآخر رازا، واتّفقا في بناء مدينة الري، فلمّا كملت، اختلفا في تسمية المدينة بري أو راز، فاتّفقا على اصطلاح وقاعدة، وهي أن يسمّى بري، وينسب بالراز، رعاية لاسمهما فحصل من الاختلاف هذه النتيجة، وكتب في آخر هذه الحكاية: نقلت من خطّ حضرة المقدّسة المعينيّة المحمّدية قدس سره... راجع تنقيح المقال 5: 296 ـ 297.
(10)
وقد اختلف فيه علماء الرجال والنقل إلى ثلاثة أقوال:
1. التضعيف: كما عن ابن الغضائري والشيخ الطوسي في الفهرست.
2. التوثيق: كما عن الشيخ المفيد والشيخ الطوسي في الرجال، والسيّد بحر العلوم والحائري، والشيخ الحر العاملي في خاتمة الوسائل وغيرهم.
3. التوقف: كما عن ظاهر النجاشي والتفرشي وابن طاووس، وأقدم من تكلّم فيه وأسقطه عن درجة الاعتبار هو أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري.[1]
والظاهر هو أوّل من تكلّم في سهل بن زياد وضعّفه في الحديث وشهد عليه بالغلوّ والكذب وأخرجه من قم إلى الري كما سيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله، وكلّ من أتى بعده نقل ذلك عنه، منهم المرحوم النجاشي حيث يستند في تضعيفه إلى كلام أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري.
--------------------------------------------------
1. أحمد بن محمّد بن عيسى... الأشعريّ، وأبو جعفر رحمهالله شيخ القميين ووجههم وفقيههم غير مدافع، وكان أيضا الرئيس الذي يلقى السلطان بها، ولقي الرضا عليه السلام. راجع رجال النجاشي: 81، رقم 198.
(11)
دراسة الأقوال
القول الأوّل: التضعيف
1. قال النجاشي: سهل بن زياد أبو سعيد الآدمي الرازي كان ضعيفا في الحديث، غير معتمد فيه، وكان أحمد بن محمّد بن عيسى يشهد عليه بالغلوّ والكذب وأخرجه من قم إلى الري وكان يسكنها، وقد كاتب أبا محمّد العسكري عليهالسلام على يد محمّد بن عبد الحميد العطار[1] للنصف من شهر ربيع الآخر سنة خمس وخمسين ومائتين، ذكر ذلك أحمد بن عليّ بن نوح وأحمد بن الحسين (رحمهما الله)[2].
--------------------------------------------------
1. محمّد بن عبد الحميد بن سالم العطّار أبو جعفر، روى عبد الحميد عن أبي الحسن موسى عليهالسلام، وكان ثقةً من أصحابنا الكوفيين، له كتاب النوادر. أخبرنا أبو عبدالله بن شاذان قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى، عن عبدالله بن جعفر، عنه بالكتاب. رجال النجاشي: 339، الرقم 906.
2. رجال النجاشي: 185، رقم 490، وفيه: له كتاب التوحيد، رواه أبو الحسن العبّاس بن أحمد بن الفضل بن محمّد الهاشميّ الصالحي عن أبيه، عن أبي سعيد الآدميّ، وله كتاب النوادر، أخبرناه محمّد بن محمّد قال: حدّثنا جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب قال: حدّثنا عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، ورواه عنه جماعة.
وقال المرحوم الشيخ محمّد طه نجف في إتقان المقال: 298، بعد العنوان ونقل كلام الخلاصة وابن الغضائري والنجاشي: قلت: يمكن أن يكون المشار إليه بذلك جميع ما ذكر ـ أي قول النجاشي ذكر ذلك أحمد بن عليّ بن نوح وأحمد بن الحسين ـ لا خصوص المتأخّر، فيكون الطعن من ابني نوح والغضائري خاصّة لا منه ـ أي لا من النجاشي ـ وإكثار الثاني ـ أي ابن الغضائري ـ من الطعن في الغاية قد يوجب الطعن في طعنه، وأمّا الأوّل ـ أي ابن نوح ـ فقد قال الشيخ: أنّه حكيت عنه مذاهب فاسدة مثل القول بالرؤية ونحوها، فلعلّ طعنه فيه بفساد المذهب لمخالفته له في بعضها، وأمّا شهادة أحمد بن محمّد بن عيسى عليه بالغلوّ فلا يخفى أنّ طعن القدماء به ـ سيّما القمّيين ـ كثيرا ما يقع من غير شيء مبيّن، ألا ترى إلى قول شيخهم الصدوق: أوّل مراتب الغلوّ نفي السهو والإسهاء عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وأما رميه بالكذب ـ هنا سقط غير مخلّ بالمعنى - فلعلّ سرّه الرمي بالغلو... إلى أن قال: فالأقوى وثاقته في نفسه... راجع هامش تنقيح المقال 34: 185، وقال المرحوم المامقاني في تنقيح المقال 6: 395 في وثاقة أحمد بن عليّ بن نوح: فلا شبهة في وثاقة الرجل. وربما زعم التفرشي والميرزا اتّحاد الرجل مع أحمد بن محمّد بن نوح البصري السيرافي الذي يأتي في عنوانه نقل كلام الشيخ في الفهرست والرجال، ونقل عبارة الخلاصة فيه، وهو اشتباه فإنّ الرجل هذا لم يغمز أحد فيه بشيء، وكفاك أنّ الحاوي ـ الذي أفرط في المناقشة في جملة من الرجال، أو التوقّف فيهم ـ عدّ هذا في القسم الأوّل ووثّقه، بخلاف أحمد بن محمّد بن نوح الذي تسمع من الشيخ رحمهالله رميه بفساد المذهب فزعم اتّحادهما في غاية الغرابة.
(12)
2. قال الشيخ الطوسي في الفهرست: سهل بن زياد الآدمي الرازي، يكنّى أبا سعيد، ضعيف....[1]
3. وقال أيضا: سهل بن زياد الآدمي، يكنّى أبا سعيد، من أهل الري.[2]
وقال أيضا: سهل بن زياد، يكنى أبا سعيد الآدمي الرازي.[3]
4. وقال الكشي: كان الفضل لا يرتضي سهل الآدمي ويقول: هو الأحمق.[4]
5. وعن ابن الغضائري: كان ضعيفا جدّا، فاسد الرواية والمذهب، وكان أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري أخرجه عن قم وأظهر البراءة منه ونهى الناس عن السماع منه والرواية عنه، ويروي المراسيل ويعتمد المجاهيل.[5]
--------------------------------------------------
1. الفهرست: 142، رقم 339.
2. رجال الطوسي: 375، رقم 5556. وقال المرحوم الكلباسي في الرسائل الرجالية 1: 70، ويمكن القدح فيما صنعه الشيخ باضطراب حَرَكاته، حيث إنّه يأتي بتوثيق شخص في موضع، ويأتي بتضعيفه في موضعٍ آخر، كما في سالم بن مُكْرم الجمّال وسهل بن زياد، وكذا محمّد بن عليّ بن بلال حيث إنّه جرى على توثيقه في الرجال، وعنه في كتاب الغيبة أنّه من المذمومين، ومع ذلك قد عدّ في العدّة ممّن عملت الطائفة بأخباره عبدالله بن بكير، وفي الاستبصار في أوائل الطلاق صرّح بما يدلّ على فسقه وكذبه وأنّه يقول برأيه، وادّعى في العدّة نقلاً عن الطائفة: لم تزل تعمل بما يرويه عمّار بن موسى الساباطي، وفي التهذيب في باب بيع الواحد بالاثنين: ( أنّه ضعّفه جماعة من أهل النقل، وذكروا أنّ ما ينفرد بنقله لا يعمل به، لأنّه كان فطحيا [غير أنّا لا نطعن عليه بهذه الطريقة، لأنّه وإن كان كذلك فهو] ثقة في النقل لا يطعن عليه فيه) وفي الاستبصار في آخر باب السهو في المغرب: (أنّه ضعيف فاسد المذهب لا يعمل بما يختصّ بروايته)، ومع ذلك كثيرا ما يذكر الراوي تارة في أصحاب بعض الأئمّة عليهمالسلام وأخرى يذكره في باب مَنْ لم يرو.
3. رجال الطوسي: 399، رقم 5851.
4. رجال الكشي: 792، طبع طهران و ص 138 تحقيق المصطفوي، وص 66 رقم 11 طبع دار الحديث.
5. رجال ابن الغضائري: 77، الرقم 91، وراجع نقد الرجال 2: 384 ذيل الرقم 2490، ورجال ابن داود: 460، طبع طهران.
(13)
هذه عمدة الأقوال من علماء الرجال والنقد حول تضعيف وجرح سهل بن زياد الآدمي، ويمكننا أن نلخّص ذلك بالكلمات التالية:
1. ضعيف.
2. فاسد الرواية.
3. إخراجه من قم إلى الري.
4. يروي المراسيل.
5. يعتمد المجاهيل.
6. نهي الناس عن السماع منه والرواية عنه.
7. إظهار البراءة منه.
8. أنّه أحمق.
9. كان غاليا.
10. كذّاب.
11. كان عامّيا. (يأتي في كلام الشهيد في المسالك)
القول الثاني: التوثيق:
1. قال الشيخ الطوسي في رجاله: سهل بن زياد الآدمي، يكنّى أبا سعيد، ثقة، رازي.[1]
2. وفي تحرير الوسائل للمرحوم الحرّ العاملي: وقد عرفت حال سهل بن زياد، وأنّ الأقوى توثيقه، وعنه أيضا: والحديث صحيح وإن ضعّف بعضهم سهل ابن زياد.[2]
3. توثيق الشيخ المفيد له: قال في منتهى المقال: وممّا يؤيّد أنّ المفيد (عطرالله مرقده) في رسالته في الردّ على الصدوق ذكر حديثا عنه مرسلاً وردّه وطعن فيه بوجوه كثيرة ولم يقدح فيه من جهة السند إلاّ بالإرسال ولم يتعرّض لسهل أصلاً، وروى قبيله حديثا فيه محمّد بن سنان وطعن فيه مع أنّه عنده ثقة، وهذا يدلّ على
--------------------------------------------------
1. رجال الطوسي: 387، رقم 5699. وعن المرحوم النمازي في مستدركات علم رجال الحديث 4: 176، بأنّ رجال الشيخ متأخّر عن الفهرست. راجع تنقيح المقال 34: 184، وفي خاتمة المستدرك الوسائل 23: 214 في الفائدة الخامسة قال: وقد ألّفه الرجال بعد تأليف الفهرست، لقوله في ترجمة الصدوق والكليني والعياشي: إنّي ذكرت كتبهم في الفهرست، ويعلم من التهذيب أيضا أنّ بناءه كان على ذلك.
2. تحرير الوسائل: 277، وص 317 مقدّمة العبادات.
(14)
عدم كونه عنده ضعيفا.[1]
4. توثيق المرحوم السيّد بحر العلوم:
قال:... والأصحّ توثيقه، وفاقا لجماعة من المحقّقين، لنصّ الشيخ على ذلك في كتاب الرجال، ولاعتماد أجلاّء أصحاب الحديث كالصدوقين والكليني[2] وغيرهم عليه، وإكثارهم الرواية عنه، مضافا إلى كثرة رواياته في الأصول والفروع، وسلامتها من وجوه الطعن والضعف، خصوصا عمّا غُمز به من الارتفاع والتخليط، فأنّها خالية عنهما. وهي أعدل شاهد على براءته عمّا قيل فيه، مع أنّ الأصل في تضعيفه كما يظهر من كلام القوم: هو أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري، وحال القميين سيّما ابن عيسى في التسرّع إلى الطعن والقدح والإخراج من قم بالتهمة والريبة، ظاهر لمن راجع علم الرجال. ولو كان الأمر فيه على ما بالغوا به من الضعف والغلوّ والكذب، لورد عن الأئمّة عليهمالسلام ذمّه وقدحه والنهي عن الأخذ عنه والرجوع إليه، كما ورد في غيره من الضعفاء المشهورين بالضعف، فأنّه كان في عصر الجواد والهادي والعسكري عليهمالسلام وروى عنهم، ولم نجد له في الأخبار طعنا، ولا نقل ذلك أحد من علماء الرجال، ولولا أنّه بمكان من العدالة والتوثيق، لما سلم من ذلك.
ثمّ اعلم أنّ الرواية من جهته صحيحة، وإن قلنا بأنّه ليس بثقة لكونه من مشايخ الإجازة، لوقوعه في طبقتهم، فلا يقدح في صحة السند كغيره من المشائخ الذين لم يوثّقوا في كتب الرجال، وتعدّ أخبارهم مع ذلك صحيحة مثل محمّد بن
--------------------------------------------------
1. منتهى المقال 3: 428، رقم 1406. راجع الرسالة العددية: 20، ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد: ج9.
2. في هامش نقد الرجال 2: 383 حكم الصدوق بصحّة حديث فيه سهل ـ صريحا وضمنا ـ في جميع أخباره، وكذا الكليني، م ت راجع الفقيه 1: 3، والكافي 1: 7. وعبّر العلاّمة المجلسي في مرآة العقول 23: 176 في باب ميراث ذوي الأرحام في رواية فيها سهل بأنّها صحيحة. وقال أيضاً في ج11: 347 ذيل الحديث الذي ورد في سنده سهل بن زياد: الحديث حسن كالصحيح بل أعلى من الصحيح.
(15)
إسماعيل البندقي، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، وأحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، وأحمد بن عبد الواحد، وابن أبي جيد، والحسين بن الحسن بن أبان وأضرابهم لسهولة الخطب في أمر المشايخ، فأنّهم إنّما يذكرون في السند لمجرّد الاتّصال والتبرّك، وإلاّ فالرواية من الكتب والأصول المعلومة حيث أنّها كانت في زمان المحمّدين الثلاثة ظاهرة معروفة كالكتب الأربعة في زماننا، وذكرهم المشائخ في أوائل السند كذكر المتأخّرين الطريق إليهم مع تواتر الكتب وظهور انتسابها إلى مؤلّفيها وينبّه على ذلك: طريقة الشيخ طاب ثراه فأنّه ربما يذكر تمام السند كما هو عادة القدماء، وربما يسقط المشايخ ويقتصر على إيراد الروايات وليس ذلك إلاّ لعدم اختلاف حال السند بذكر المشايخ وإهمالهم.
وقد صرّح الشيخ في مشيخة التهذيب والاستبصار باستخراج ما أورده فيهما من الأخبار من إصول الأصحاب. وكتبهم وإن وضع المشيخة لبيان طرقه إلى أصحاب تلك الكتب والأصول وإن لم يكونوا وسائط في النقل، والظاهر أنّ ما اشتمل على ذكر المشايخ من الروايات كغيره ممّا ترك فيه ذلك وأنّه لا حاجة إلى توسّطهم في النوعين معا.[1]
5. قال الحرُّ العاملي في خاتمة الوسائل: سهل بن زياد الآدمي، الرازي، وثّقه الشيخ وضعّفه النجاشي والشيخ في موضع آخر ورجّح بعض مشايخنا المعاصرين توثيقه، ولعلّه أقرب.[2]
دراسة منشأ التضعيف
والذي يظهر من التضعيف في المقام هو أنّ منشأ ذلك يرجع إلى حكاية أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري لإخراج سهل بن زياد من مدينة قم المقدّسة لكونه
--------------------------------------------------
1. رجال السيّد بحر العلوم 3: 21 ـ 30.
2. خاتمة الوسائل 30: 389، الفائدة الثانية عشرة.
(16)
غاليا وكذّابا حسب زعمه، فهنا يمكن البحث عن ذلك.
نقول: لا شك في وثاقة الأشعري وهو ـ كما عن العلاّمة الحلي رحمهالله ـ أوّل من سكن قم، من آبائه سعد بن مالك بن الأحوص، وأبو جعفر شيخ قم ووجهها وفقيها غير مدافع، وكان أيضا الرئيس الذي يلقى السلطان بها، ولقى أبا الحسن الرضا عليهالسلام وأبا جعفر الثاني وأبا الحسن العسكري عليهماالسلام، وكان ثقة، وله كتب ذكرناها في الكتاب الكبير.[1]
إنّما الكلام يدور فيما قام به الرجل من إخراج سهل بن زياد الآدمي من قم، وقد أخرج قبله جماعة منهم البرقي من قم، فهل هذا العمل يستوجب إسقاطه عن درجة الاعتبار خصوصا إذا قلنا أنّه إنّما صدر ذلك اجتهادا منه؟ كما صرّح بذلك المرحوم الحائري المازندراني عن جدّه وقال: وقال جدي رحمهالله:
اعلم أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى أخرج جماعة من قم لروايتهم عن الضعفاء وإيرادهم المراسيل في كتبهم، وكان اجتهادا منه، والظاهر خطؤه، ولكن كان رئيس قم، والناس مع المشهورين إلاّ من عصمه الله، ولو كنت تلاحظ ما رواه في الكافي في باب النصّ على الهادي عليهالسلام وإنكاره النصّ لتعصّب الجاهلية لما كنت تروي عنه شيئا، ولكنّه تاب ونرجو أن يكون تاب الله عليه... إلى أن قال: وكيف يجوز طرح الخبر الذي هو فيه سيّما إذا كان من مشايخ الإجازة للكتب المشهورة؟! مع أنّ المشايخ العظام نقلوا عنه كثقة الإسلام والصدوق والشيخ، مع أنّ الشيخ كثيرا ما يذكر ضعف الحديث بجماعة ولم يتّفق في كتبه مرّة أن يطرح الخبر بسهل بن زياد... إلى أن قال: وأمّا الكتاب المنسوب إليه ومسائله الّتي سألها من الهادي والعسكري عليهماالسلام فذكرها المشايخ سيّما الصدوقين وليس فيها
--------------------------------------------------
1. خلاصة الأقوال: 61، الرقم 66، وراجع منتهى المقال 3: 428، وسماء المقال 1: 508، و 2: 267، ورياض المحدّثين: 336، رقم 282.
(17)
شيء يدلّ على ضعف في النقل أو غلو في الاعتقاد.[1]
وقد أخرج الأشعري كما قلنا أحمد بن محمّد بن خالد بن عبدالرّحمن بن محمّد بن علي البرقي، من قم ثمّ أعاده إليها واعتذر.
وعن العلاّمة الحلي قال: وقال ابن الغضائري: وجدت كتابا فيه وساطة بين أحمد بن محمّد بن عيسى وأحمد بن محمّد بن خالد لمّا توفي مشى أحمد بن محمّد بن عيسى في جنازته حافيا حاسرا ليبرّئ نفسه ممّا قذفه به.[2]
وقال المرحوم الحائري: وفي التعليقة: ظنّي أنّ منشأ التضعيف حكاية أحمد بن محمّد بن عيسى وإخراجه من قم وشهادته عليه بالغلوّ والكذب، وهذا مّما يضعّف التضعيف ويقوّي التوثيق عند المنصف المتأمّل، سيّما المطّلع على حالة أحمد وما فعله بالبرقي، وقاله في عليّ بن محمّد بن شِيرَه[3] وردّ النجاشي عليه.
وقال الشيخ محمّد: إنّ أهل قم كانوا يخرجون الراوي بمجرّد توهّمالريب....[4]
إذا هذا الإخراج من قم كان اجتهادا من أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري، ولعلّه صدر منه خطأً كما صرّح بذلك الوحيد البهبهاني وغيره، ولا يعبأ به.
وعن العلاّمة المجلسي الأوّل: وجميع هذه المفاسد نشأ من الاجتهاد والآراء، ونرجو من الله تعالى أن يعفو عنهم.[5]
--------------------------------------------------
1. منتهى المقال 3: 428، راجع روضة المتقين 14: 261، وتعليقة الوحيد البهبهاني: 177 في ضمن منهج المقال، طبع حجري.
2. خلاصة الأقوال: 63، ذيل الرقم 72، وراجع منتهى المقال 1: 320، رقم 226، ونقد الرجال 1: 156، رقم 136، ومجمع الرجال 1: 138.
3. عليّ بن محمّد بن شيره القاسانيّالقاشاني أبو الحسن كان فقيها، مكثرا من الحديث، فاضلاً، غمز عليه أحمد بن محمّد بن عيسى، وذكر أنّه سمع منه مذاهب منكرة وليس في كتبه ما يدلّ على ذلك... رجال النجاشي: 255، رقم 669.
4. منتهى المقال 3: 427، راجع نقد الرجال 3: 271، رقم 133، وسماء المقال 1: 56.
5. روضة المتّقين 14: 261 ـ 262، وراجع هامش تنقيح المقال 34: 191، وفي: 187، وإخراج أحمد بن محمّد بن عيسى إيّاه من قم لا يعتنى به، بعد إخراجه لجمع بأسباب لا تجوّز الهتك، فضلاً عن النفي الذي هو من أعظم مراتب الهتك. أنظر خاتمة المستدرك، الفائدة الخامسة.
(18)
هل كان سهل بن زياد غاليا؟
ممّا نجده في أسباب الجرح والضعف في ترجمة سهل بن زياد قيل بأنّه كان غاليا، وكما سبق بأنّ أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري كان يشهد عليه بالغلوّ والكذب، وممّا تجدر الإشارة إليه بأنّ المرحوم النجاشي ذكر ذلك ونسبه إلى أحمد بن عليّ بن نوح وأحمد بن الحسين رحمهماالله وهذا لا يدلّ على أنّه هو أيضا يعتقد بذلك، ولذا البعض عدّ النجاشي من المتوقفين في سهل بن زياد.
وممّا يضعّف نسبه الغلو إلى الرجل ما أورده المرحوم الحائري قال: وفي ترجمة محمّد بن أُورمة[1] ما يقوّيه، سيّما أنّه صنّف كتابا في الردّ على الغلاة، وورد عن الهادي عليهالسلام أنّه بريء ممّا قذف به، ومع ذلك كانوا يرمونه بالغلوّ....[2]
--------------------------------------------------
1. منتهى المقال 3: 427، وفي رجال النجاشي: 329: محمّد بن اورمة أبو جعفر القميّ ذكره القميّون وغمزوا عليه ورموه بالغلوّ حتّى دسّ عليه من يفتكّ به، فوجدوه يصلي من أوّل الليل إلى آخره فتوقّفوا عنه. وحكى جماعة من شيوخ القمّيين عن ابن الوليد أنّه قال: محمّد بن أورمة طُعِنَ عليه بالغلوّ، وكلّفكل ما كان في كتبه ممّا وجد في كتب الحسين بن سعيد وغيره فقل به، وما تفرّد به فلا تعتمده، وقال بعض أصحابنا: أنّه رأى توقيعا من أبي الحسن الثالث عليهالسلام إلى أهل قم في معنى محمّد بن أُورَمَة وبراءته ممّا قُذِفَ به، وكتبه صحاح... راجع معالم العلماء:101.
2. منتهى المقال 3: 427، رجال النجاشي: 329، الرقم 891، راجع معجم رجال الحديث 15: 116. وفي هامش تنقيح المقال 34: 187. لقد ذكرنا مرارا وتكرارا أنّ من زمان الإمام الصادق عليهالسلام إلى زمان الغيبة الصغرى كان زمن اختراع المقالات الفاسدة، والمذاهب الباطلة، ومن أضلّ تلك المذاهب مذهب الغلوّ، فكان أئمّة الحقّ وثقات رواتهم يبذلون قصارى جهدهم في إبطال تلك الأهواء ويفنّدونها بكلّ ما لديهم من حول وطول... ومن هنا كانوا يتّهمون كلّ من يروي شيئا في فضائل أهل البيت عليهالسلام يمكن أن يقوي القول بالغلوّ ويخرج أئمّة الهدى عليهمالسلام عن مصاف سائر الناس دفعا لتلك الضلالة العظمى، ومن هنا رمي بالغلو بعض من روى أمورا صحيحة ثابتة لهم عليهالسلام توسعا في معنى الغلوّ، واهتماما لإبطاله، غافلين من أنّ الغلو الباطل الموجب للكفر هو الاعتقاد بأنّهم عليهالسلام يتصرّفون في الأمور الكونيّة والحوادث الواقعة باستقلال منهم، واستغناء عن الله تعالى، فهذا هو الكفر والشرك، أما الاعتقاد بأنّهم عليهالسلام كانوا يفعلون خوارق العادات بطلب من الله تعالى شأنّه، واستعانة منه عزّ شأنّه، والتماس منه، فليس غلوّا تحقيقا، بل ممّا ثبت ذلك ووقع من النبيّ صلىاللهعليهوآله ومن الأئمّة عليه السلام، وقد خصّ الله عزوجل ووعد بذلك بقوله تعالى: «ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ» فيا ترى من هو أقرب إلى الله وأحقّ في استجابة الدعا منهم صلوات الله عليهم...
(19)
وقال أيضا: وممّا يؤيّد أنّه روي عنه أخبار كثيرة في مذمّة الغلاة والغلو وحقّية كونهم عليهم السلام عبادا، منها ما في التوحيد في الصحيح عنه قال: كتبت إلى أبي محمّد عليهالسلام: قد اختلف يا سيّدي أصحابنا في التوحيد فإن رأيت أن تعلّمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه فعلت متطوّلاً على عبدك، فوقّع عليهالسلام بخطه: سألت عن التوحيد وهذا عنكم معزول، الله تعالى واحد أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.[1]
وأما بشأن رواياته عن الأئمّة عليهمالسلام حدود اطلاعنا لم نعثر على رواية نقلت عن سهل بن زياد يكون فيه الغلو، وللأسف الشديد هناك الكثير من الرواة الذين جُرحوا وضُعّفوا وأُخرجوا من مدينة قم بحجة أنّهم كانوا من الغلاة.
كلام المامقاني
قال المرحوم المامقاني: لكن لا يخفى عليك أنّه قد كثُر رمي رجال بالغلوّ وليس (وليسوا) من الغلاة عند التحقيق، فينبغي التأمّل والاجتهاد في ذلك وعدم المبادرة إلى القدح بمجرّد ذلك.
ولقد أجاد المولى الوحيد حيث قال: اعلم أنّ كثيرا من القدماء ـ سيّما القميين منهم وابن الغضائري ـ كانوا يعتقدون للأئمّة عليهمالسلام منزلة خاصّة من الرفعة والجلال، ومرتبة معيّنة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم ورأيهم، وما كانوا يجوّزون
--------------------------------------------------
1. منتهى المقال 3: 428، راجع التوحيد للصدوق: 101، ح14، وص 115 ح 14، وص 149، ح3، وص 319، ح1 فظهر من هذه الرواية وسائر الروايات الّتي يرويها الشيخ الصدوق عن سهل بن زياد بأنّ الغلو لا يرتبط بشأن الأئمّة عليهمالسلام. انظر الرسائل الرجالية للمرحوم الشفتي: 464.
(20)
التعدّي عنها، وكانوا يعدّون التعدّي ارتفاعا وغلوّا على حسب معتقدهم، حتّى أنّهم جعلوا مثل نفي السهو عنهم غُلُوّا، بل ربّما جعلوا مطلق التفويض إليهم أو التفويض المختلف فيه أو المبالغة في معجزاتهم، ونقل العجائب من خوارق العادات عنهم والإغراق في شأنّهم أو إجلالهم وتنزيههم عن كثير من النقائص وإظهار كثرة قدرة لهم، وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض ارتفاعا أو مورثا للتهمة به، سيّما بجهة أنّ الغُلاة كانوا مختفين في الشيعة مخلوطين بهم مدلّسين.
وبالجملة الظاهر أنّ القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية أيضا، فربما كان شيء عند بعضهم فاسدا وكفرا أو غلوا أو تفويضا أو جبرا أو تشبيها أو... غير ذلك وكان عند أخر ممّا يجب اعتقاده، أولا هذا ولا ذاك، وربما كان منشأ جرحهم بالأمور المذكورة وجدان الرواية الظاهرة فيها منهم كما أشرنا إليه آنفا، أو ادعى أرباب المذهب كونه منهم، أو روايتهم عنه، وربما كان المنشأ روايتهم المناكير عنهم... إلى غير ذلك.
فعلى هذا ربما يحصل التأمّل في جرحهم بأمثال الأمور المذكورة... إلى أن قال: ثمّ اعلم أنّه ـ يعني أحمد بن محمّد بن عيسى وابن الغضائري ـ ربما ينسبان الراوي إلى الكذب ووضع الحديث أيضا بعد ما ينسبانه إلى الغلو، وكأنّه لرواية (لروايته) ما يدلّ عليه، ولا يخفى ما فيه.
قلت: فلابد حينئذٍ من التأمّل في جرحهم بأمثال هذه الأمور، ومن لحظ مواضع قدحهم في كثير من المشاهير كيونس بن عبدالرّحمن، ومحمّد بن سنان، والمفضّل بن عمر وأمثالهم عرف الوجه في ذلك، وكفاك شاهدا إخراج أحمد بن محمّد بن عيسى لأحمد بن محمّد بن خالد البرقي من قم، بل عن المجلسي الأوّل أنّه أخرج جماعة من قم، بل عن المحقّق الشيخ محمّد بن صاحب المعالم أنّ أهل
(21)
قم كانوا يخرجون الراوي بمجرّد توهّم الريب فيه، فإذا كانت هذه حالتهم وذا ديدنهم فكيف يعول على جرحهم وقدحهم بمجرّده، بل لابد من التروّي والبحث عن سببه والحمل على الصحة مهما أمكن، كيف لا ولو كان مجرّد اعتقاد ما ليس بضروري البطلان عن اجتهاد موجبا للقدح في الرجل للزم القدح في كثير من علمائنا المتقدمين...
وبالجملة أكثر الأجلّة ليسوا بخالصين عن أمثال ما أشرنا إليه، ومن هذا يظهر التأمّل في ثبوت الغلو وفساد المذهب بمجرّد رمي علماء الرجال من دون ظهور الحال.
فظهر أنّ الرّمي بما يتضمّن عيبا فضلاً عن فساد العقيدة ممّا لا ينبغي الأخذ به بمجرّده، بل لا يجوز لما في ذلك من المفاسد الكثيرة العظيمة، إذ لعلّ الرّامي قد اشتبه في اجتهاده، أو عوّل على من يراه أهلاً في ذلك وكان مخطئا في اعتقاده، أو وجد في كتابه أخبارا تدلّ على ذلك وهو بريء منه ولا يقول به، أو ادّعى بعض أهل تلك المذاهب الفاسدة أنّه منهم وهو كاذب أو روى أخبارا ربما يوهم من كان قاصرا أو ناقصا في الإدراك والعلم أنّ ذلك ارتفاع وغلو وليس كذلك، أو كان جملة من الأخبار يرويها ويحدّث بها ويعترف بمضامينها ويصدّق بها من غير تحاشي واتّقاء من غيره من أهل زمانه، بل يتجاهر بها لا تتحملها أغلب العقول فلذا رمي.[1]
--------------------------------------------------
1. راجع مقباس الهداية 2: 397 ـ 402، سماء المقال 1: 57، ولقد ذكر الوحيد البهبهاني رحمهاللهفي تعليقته على رجال الميرزا محمّد الاسترابادي منهج المقال: 176 ـ عند ترجمة سهل بن زيادما هذا نصّه: سهل بن زياد اشتهر الآن ضعفه ولا يخلو من نظر لتوثيق الشيخ، وكونه كثير الرواية جدّا، ولأنّ رواياته سديدة مقبولة مفتىً بها، ولرواية جماعة من الأصحاب عنه كما هو المشاهد، وصرّح به هنا النجاشي، بل ورواية أجلاّئهم عنه، بل وإكثارهم من الرواية عنه، منهم عدة من أصحاب الكليني، والكليني ـ مع نهاية احتياطه في أخذ الرواية واحترازه من المتّهمين كما هو ظاهر مشهورإكثاره من الرواية عنه سيّما في كافيه الذي قال في صدره ما قال (فتأمّل).
وبالجملة أمارات الوثاقة والاعتماد والقوة الّتي مرّت الإشارة إليها مجتمعة فيه كثيرة، مع أنّا لم نجد من أحد المشائخ القدماء تأمّل في حديثه بسببه، حتى أنّ الشيخ رحمهالله مع أنّه كثيرا ما تأمّل في أحاديث جماعة بسببهم ثمّ لم يتّفق في كتبه مرّة ذلك بالنسبة إليه، بل وفي خصوص الحديث الذي هو واقع في سنده ربما يطعن، بل ويتكلّف الطعن من غير جهة ولا يتأمّل فيه أصلاً (فتأمّل).
وإنّ أحمد بن محمّد بن عيسى أخرج جماعة من قم لروايتهم عن الضعفاء وإيرادهم المراسيل في كتبهم وكان اجتهادا منه، ولكن كان رئيس (قم) والناس مع المشهورين إلاّ من عصمه الله.
وعن المرحوم النوري في خاتمة المستدرك في الفائدة الخامسة: وقد عرفت نصّ النجاشي على أنّه كاتب أبا محمّد عليهالسلام وعرفت صحة سندها، ومكاتبة أخرى في التهذيب المروية عن طريق ثقة الإسلام في الوصايا المبهمة، ولا يجتمع عند الإمامية غلو شخص وكذبه إلى حدّ يوجب نفيه وطرده والبراءة منه، واعتناء الإمام عليهالسلام به وجوابه عن مسألته بخطه المبارك، ولا يعقل غلوّه وسؤاله عن التوحيد والمسائل الفرعية، فإنّ الغلاة بمعزل عن هذه المطالب، فلا بدّ من الإغماض عن فعل أحمد، فإن لاحظنا جلالته، فنقول: كان شيء ثمّ زال، وإلا فما هو بأعظم ممّا صنع بنفسه من كتم الشهادة ونفي من لا شك في خطئه فيه، وبالجملة فنسبة الخطأ إليه أولى من نسبته إلى إمامه.
وثانيا: إنّ أحمد لو كان مصيبا في قوله وفعله، وكان سهل غاليا كاذبا، كيف خفي حاله على أجلاّء هذه الطبقة؟ ولِمَ لم يقلّدوه في رأيه ولم يصوّبوه في عمله؟ فتراه يروون عنه بقم والري كما عرفت من روى عنه بلا واسطة، وروى عنه معها أيضا جماعة.
وفي الفهرست: له كتاب، أخبرنا به ابن أبي جيّد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عنه.
ورواه محمّد بن الحسن بن الوليد، عن سعد والحميري، عن أحمد بن أبي عبدالله، عنه، ورواه في المشيخة بطريق آخر تقدم.
فيعلم من ذلك أنّ مشايخ هذه الطبقة وأجلاّءهم على خلاف معتقد أحمد، والظاهر أنّ أبا الحسن عليّ بن محمّد الرازي الذي ـ جلّ روايات الكليني عن سهل بتوسطه تحمّل عنه في الري في أيام نفيه، فإن قلت: لعلّ ذلك لأنّه كان من مشايخ الإجازة للكتب المشهورة... إلى أن قال: إنّ الغلو الذي دعى أحمد إلى نفيه وإليه يرجع الكذب فإنّ الغالي عندهم كاذب مطلقا إن كان هو الغلو المعروف الذي يكفّر صاحبه ويخرج به عن ملة الإسلام، وهو القول بألوهيّة أميرالمؤمنين عليهالسلام أو أحد من الأئمّة عليهمالسلام كما نصّ عليه من المسالك... الغلو بهذا المعنى الذي يوجب الكفر لم يكن في سهل قطعا وما كان معتقدا لألوهية أمير المؤمنين أو أحد من الأئمّة عليهم السلام...
(23)
ضعف سهل بن زياد:
ومن جملة ألفاظ الجرح في سهل بن زياد قول المرحوم النجاشي حيث صرّح بضعفه في الحديث وقال: كان ضعيفا في الحديث غير معتمد فيه.
فهذا التضعيف هل يدلّ على وجود ضعف في نفسه وجرحه؟
ففي منتهى المقال على أنّ قول النجاشي: ضعيف في الحديث وغير معتمد في الحديث لا يدلّ على ضعف نفسه وجرحه، بل تشعر بالعدم، ولذا حكموا بعدم المنافاة بين قول الشيخ: ثقة وقول النجاشي: ضعيف في الحديث كما في محمّد بن خالد البرقي، ويشير إليه أنّهم فرّقوا بين قولهم: فلان ثقة، وفلان صحيح الحديث.
إلاّ أن يقال: إنّ هذا القول عن النجاشي وإنْ لم يدلّ على التضعيف إلاّ أنّه يفهم من قوله: وكان أحمد بن محمّد بن عيسى... إلى آخره، وفيه تأمّل، لعدم ظهوره في اعتماده عليه بعد ملاحظة تقييده الضعف بالحديث وإضافته إليه فإنّ ديدنهم في التضعيف عدم التقييد والإضافة. وممّا يؤيّد ما مرّ أنّه يروي المراسيل ويعتمد المجاهيل، وقول الفضل بن شاذان: أنّه أحمق، فتأمّل.[1]
--------------------------------------------------
1. منتهى المقال 3: 427، وفي هامش مقباس الهداية 2: 297، إن نسبة الضعف عند بعض القدماء خاصّة القميين منهم وابن الغضائري من غيرهم كانت هينة بل تراهم يضعّفون بما ليس بموجب للفسق كالرواية عن الضعفاء أو الحكاية عن المجاهيل أو اعتماد المراسيل، بل قال الوحيد رحمهالله في التعليقة ص 8: بل وربّما كانت مثل الرواية بالمعنى ونظائره سببا، ولعلّ من أسباب الضعف عندهم قلة الحافظة وسوء الضبط، والرواية من غير إجازة، والرواية عمّن لم يلقه واضطراب ألفاظ الرواية... وكذا نسبة الغلو عندهم حتّى تراهم يرون نفي السهو عنهم عليهمالسلام غلوا، بل ربما جعلوا نسبة مطلق التفويض إليهم أو المختلف فيه أو الإغراق في تعظيمهم ورواية المعجزات عنهم وخوارق العادات لهم أو المبالغة في تنزيههم من النقائص وإظهار سعة قدرتهم وإحاطة العلم بمكنونات الغيوب في السماء والأرض ارتفاعا موجبا للتهمة، على حدّ تعبير صاحب نهاية الدراية: 433.
وقال: فينبغي التأمّل في جرح القدماء بأمثال هذه الأمور، ومن لحظ موقع قدحهم في كثير من المشاهير كيونس بن عبدالرّحمن، ومحمّد بن سنان، والمفضّل بن عمر، ومعلّى بن خنيس، وسهل بن زياد ونصر بن الصباح عرف أنّهم قشريون كما ذكرنا، والحاصل أنّ تضعيفهم ليس بقادح عكس مدحهم، والضعف عندهم أعمّ من الضعف في الحديث أو المحدّث. وعن المرحوم النوري في خاتمة المستدرك في الفائدة الخامسة: إنّ إطلاق تضعيفه لابدّ وأن يقيّد بما في النجاشي المؤيّد بما في رجال الشيخ وهو الضعف في الحديث غير المنافي للوثاقة.
(24)
وقال السيّد محمّد باقر الشفتي في الرسائل الرجالية: وأمّا كلام النجاشي أي: قوله: (كان ضعيفا في الحديث غير معتمد فيه) فالظاهر أنّه غير دالّ على قدح نفس الرجل، بل الظاهر أنّ المراد منه أنّه ضعيف في الحديث لروايته عن الضعفاء، ويؤيّده قوله: (غير معتمد فيه) إذْ المراد منه غير معتمد في خصوص الحديث، وإلاّ كان المناسب أن يقول غير معتمد عليه، فعلى هذا لا منافاة بين قول النجاشي والتوثيق الذي صدر من شيخ الطائفة.
نعم إنّ توثيقه معارض بتضعيفه الذي ذكره في الفهرست، ولم يظهر المتقدّم منهما والمتأخر، والتعارض يوجب التساقط، ولذلك لا يمكن المصير إلى الحكم بموثقية حديثه، بناءا على أنّ التعارض بينه وبين ما ذكره ابن الغضائري من تعارض العموم والخصوص مطلقا، لأنّ لفظة (ثقة) ظاهرة في كون الرجل إماميا عادلاً ضابطا، فعند التعارض بالتصريح على فساد العقيدة يحمل على أنّ المراد الموثقّية.
لكن الظاهر من الرجال أن تصنيفه متأخرّ عن الفهرست.
قال في ترجمة محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه: له مصنّفات كثيرة ذكرناها في الفهرست.[1]
--------------------------------------------------
1. راجع الرسائل الرجالية: 465.
(25)
كلام الكشّي وردّه
وأمّا ما ورد عن الكشي في رجاله حيث قال: قال عليّ بن محمّد القتيبي: سمعت الفضل بن شاذان يقول في أبي الخير: وهو صالح بن أسلمة أبي حمّاد الرازي كما كنّى.
وقال علي: كان أبو محمّد الفضل يرتضيه ويمدحه، ولا يرتضي أبا سعيد الآدمي ويقول: هو أحمق.[1]
فنقول: ردّا عليه بأنّه لا إشكال في وثاقة وجلالة قدر الفضل بن شاذان إنمّا الكلام في وثاقة عليّ بن محمّد القتيبي.
حيث سمع من الفضل عدم ارتضائه لسهل وحكمه له بأنّه كان أحمقا، فمن اللازم البحث عن شخصية القتيبي فعلى فرض صحة ذلك فلا يخرجه عن حد الوثاقة، فإنّ الوثاقة شيء والحماقة شيء آخر، ولا تنافي بينهما.
وعن المرحوم النوري في خاتمة المستدرك في الفائدة الخامسة: إنّ مراده من الأحمق مع فرض صحة نسبته إليه لو كان ما ينافي الضبط والوثاقة لم يكن ليروي عنه.
وقال المرحوم المدقّق السيّد الخوئي رحمهالله: وقع الخلاف في اعتبار عليّ بن محمّد القتيبي وعدمه، فقيل باعتباره، واستدلّ على ذلك بوجوه:
الأوّل: اعتماد الكشي عليه حيث أنّه يروي عنه كثيرا، ويرد عليه ما يأتي عن النجاشي في ترجمته من أنّه يروي عن الضعفاء كثيرا.
--------------------------------------------------
1. اختيار معرفة الرجال المعروف بـ «رجال الكشي»: 607، رقم 1068 طبع طهران سنة 1382. وفي الرسائل الرجالية: 466 وأما ما حكي عن الفضل بن شاذان، فلأنّ دلالة عدم الارتضاء على القدح غير ظاهرة. وأما الحكم بالأحمقيّة، فلأنّ المعهود إطلاق هذا اللفظ في مقام التنبيه على البلادة لا الفسق أو فساد العقيدة، كما لا يخفى على ذي فطنة ودراية، راجع تنقيح المقال 34: 186.
(26)
الثاني: حكم العلاّمة بصحّة روايته، وجوابه: أنّ ذلك منه مبني على أصالة العدالة الّتي لا نقول بها ومرّ ذلك مرارا.
الثالث: حكم الشيخ عليه بأنّه فاضل فهو مدح يدْخل الرجل به في الحسان.
والجواب: إنّ الفضل لا يعدُّ مدحا في الراوي بما هو راوٍ، وإنّما هو مدح للرجل في نفسه باعتبار اتّصافه بالكمالات والعلوم، فما عن المدارك من أنّ عليّ بن محمّد بن قتيبة غير موثق، ولا ممدوح مدحا يعتدّ به، هو الصحيح والله العالم.[1]
فنستنتج من جميع ما قلناه بأنّه لا يمكن الاعتماد على كلام القتيبي ناقلاً عن الفضل بن شاذان بأنّ سهل بن زياد كان أحمقا وذلك لما عرفت.
الأدلّة والشواهد على وثاقة سهل
هناك عدّة شواهد وأدلّة وقرائن جليّة في كلمات الأعلام من علماء الرجال تدلّ على وثاقة سهل بن زياد منها:
1 ـ إكثار المشائخ عنه: لا شكّ ولا ريب بأنّ المشائخ العظام والمحدّثين الكرام الذين هم أركان الدين والفقه خصوصا المشائخ الثلاثة لقد أكثروا في كتبهم الأربعة الّتي عليها مدار الأحكام الشرعية في الفقه الإسلامي الرواية عن سهل بن زياد، وهذا يكشف عن مدى اعتمادهم على رواياته في الأحكام الشرعية.
--------------------------------------------------
1. معجم رجال الحديث 12: 160، ذيل الرقم 8461، وراجع مدارك الأحكام 6: 84 في مبحث الكفارة. ومنتهى المقال 5: 68. وفي خاتمة المستدرك 23: 216، في الفائدة الخامسة: قال أبو عمرو الكشي في رجاله: في سهل بن زياد الآدميّ أبي سعيد، قال نصر بن الصباح: سهل بن زياد الرازي أبو سعيد الآدميّ يروي عن أبي جعفر وأبي الحسن وأبي محمّد صلوات الله عليهم، ولم يذكر في ترجمته غير هذا، ولا يخفى على من أنس بكلماتهم أنّهم يذكرون ذلك في مقام مدح الراوي وعلو مقامه، وإذا لوحظ مع ذلكأنّه لم يرد فيه طعن من أحدهم عليهالسلامكما ورد منهم الطعن والذم واللعن في حق جماعة من الغلاة والكذّابين في هذه الطبقة ـ مع أنّه كان معروفا مشهورا يروي عنهم عليهمالسلام ـ كانت دلالته على المدح القريب من الوثاقة ظاهرة.
(27)
وقال الحائري في منتهى المقال[1] وممّا يؤيّده كثرة رواية الكليني عنه مع كثرة احتياطه في أخذ الرواية واحترازه عن المتّهمين، مضافا إلى كونه كثير الرواية، وأكثر رواياته مقبولة مفتىً بها.
وقال المامقاني في تنقيح المقال[2] كونه كثير الرواية جدّا، ورواياته سديدة مفتىً بها فأنّه من أمارات اعتدال الرجل.
وقال آية الله السيّد الخوئي رحمهالله بأنّ روايات سهل قد بلغت (2304 موردا).[3]
علما بأنّ المرحوم الكليني معروف في احتياطه في نقل الحديث، فلو أردنا إسقاط روايات سهل بن زياد عن الكافي الشريف أسقطنا أكثر من ألف رواية، وهذه تستوجب مفسدة بيّنة في الحديث.[4]
2 ـ كونه من مشائخ الإجازة: وممّا يدلّ على وثاقة سهل بن زياد كونه من مشائخ الإجازة وهذا ممّا صرّح به الكثير من علماء الرجال.
قال المرحوم المامقاني: فإنّه من أسباب الوثوق بالرجل والاعتماد عليه كما أوضحناه في محله، وقد بنى الفاضل المجلسي الاعتماد على الرجل على ذلك في الوجيزة حيث قال: سهل بن زياد ضعيف، وعندي لا يضرّ ضعفه لكونه من مشائخ الإجازة.[5]
--------------------------------------------------
1. منتهى المقال 3: 427، الرقم 1406.
2. تنقيح المقال 34: 189.
3. راجع معجم رجال الحديث 8: 341 ـ 342.
4. وقد اعتمد شيخنا الأستاذ آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني في درسه على هذا الوجه.
5. تنقيح المقال 34: 189، الوجيزة: 91، رقم 883. وقال سماحة آية الله السيّد موسى الزنجاني حفظه الله في كتابه (جرعهاى از دريا 1: 252) في البحث عن تصحيح سند زيارت عاشوراء: وهؤلاء كلّهم من كبار الإمامية ومعتمديهم، وأما أحمد بن محمّد بن يحيى العطار فهو من مشايخ الإجازة، ومشايخ الإجازة في غنى عن التوثيق حسب التحقيق. وفي معراج أهل الكمال: 129، ذيل ترجمة أحمد بن عبدوس، الرقم 60، تتمّة مهمة من الفائدة الثانية، وكذا راجع في ص 25 26 وهامشها: عن بعض معاصريه عدّ حديثه في الصحيح وعدّه من مشايخ الإجازة. راجع مقباس الهداية 2: 219، ومنتهى المقال 3: 428. وعن المرحوم العاملي في مفتاح الكرامة 25: 286، وأما سهل فالأمر فيه سهل لأنّه كان شيخ إجازة ولم يثبت ضعفه كما قرر في محلّه. قال البروجردي في طرائف المقال 2: 260، ومنهاأي أسباب التوثيق والمدح كونه من مشايخ الإجازة، قيل: إنّهم لا يحتاجون إلى التنصيص على التذكية، وقيل: إنّهم في أعلى درجات الوثاقة، وقيل: لا يدلّ على التوثيق، ولعلّ كونه دالاًّ على التوثيق نظرا إلى أنّ دأب العلماء عدم الاستجازة من غير أهل الوثوق في الغالب قوي.
(28)
3 ـ المكاتبة: ومن الشواهد على وثاقة سهل المكاتبة الّتي نقلها المرحوم النجاشي حيث كاتب أبا محمّد العسكري عليهالسلام سيّما على يد محمّد بن عبد الحميد الذي وثّقه النجاشي والعلاّمة.[1]
4 ـ رواية الأجلاّء عنه: إطباق جماعة كثيرة من فحول أصحابنا على الرواية عنه الكاشفة عن كونه معتمدا عندهم سيّما مثل الشيخين والصدوق وغيرهم، وظاهر الكليني رحمهالله كونه من مشايخه لوقوع روايته عنه في الكافي بغير واسطة في موارد عديدة.[2]
وقد نقل في جامع الرواة رواية الفضل بن محمّد الهاشمي الصالحي، وعليّ بن محمّد، ومحمّد بن أحمد بن يحيى، وأحمد بن أبي عبدالله، ومحمّد بن أبي
--------------------------------------------------
1. رجال النجاشي: 185، الرقم 490، رجال العلاّمة الحلي خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: 257، الرقم 882، وفيه: (محمّد بن عبد الحميد بن سالم العطّار، أبو جعفر، روى عبد الحميد عن أبي الحسن موسى عليهالسلام، وكان ثقة من أصحابنا الكوفيين. راجع تنقيح المقال 34: 180 ـ 181.
2. راجع حول رواية الكليني عن سهل بلا واسطة في التهذيب في باب الزيادات بعد الصلاة تهذيب الأحكام 3: 206، ب22 باب الزيادات، ح38، وفي آخر الطواف، تهذيب الأحكام 5: 134، ب9 باب الطواف، ح114، وفي الكافي في آخر باب الخواتيم ج 6: 470، كتاب الزيّ والتجمّل، باب الخواتيم، ح17، وراجع سماء المقال 1: 508، وانظر مستطرفات المعالي للنمازي: 145، رقم 326. وكذا قالوا ولكن الظاهر فيه نظر، ويلزم من ذلك أن نقول بأنّ الكليني توفي بسنة 235ه. ويستلزم درك الكليني الإمامين العسكريين عليهماالسلام ولم يقل به أحد. والعلم عند الله.
(29)
عبدالله، ومحمّد بن الحسن، ومحمّد بن قولويه، ومحمّد بن علي، ومحمّد بن الحسين، وأبي الحسين الأسدي، ومحمّد بن نصير، وعليّ بن إبراهيم... وغيرهم عنه فإنّ رواية هؤلاء الأجلاّء عنه وإكثارهم من الرواية عنه يكشف عمّا ذكرناه.
وكلّ واحد من الوجوه المذكورة وإن كان لا يورث ترجيح توثيق الشيخ رحمهالله على تضعيف النجاشي، إلاّ أنّ المجموع من حيث المجموع إذا انضمّت إلى توثيق الشيخ رحمهالله الرجل أورثت الاطمئنان به.
ولا يتوهّم أنّ ذلك تقديم لتوثيق الشيخ رحمهالله على تضعيف النجاشي، مع أنّ النجاشي أضبط.
لأنّا نقول: إنّ النجاشي لم يضعّف الرجل نفسه، بل ضعّف رواياته، وقد عرفت أنّ رواياته كلها نقيّة بالوجدان عمّا يدلّ على ضعف في النقل، أو غلوّ في الاعتقاد، وإنّما يعارض توثيق الشيخ رحمهالله إيّاه في رجاله تضعيفه في فهرسته، فإذا كان التوثيق متأخّرا كان حاكما على التضعيف، وكشف عن أنّه تبيّن له عند تصنيف الرجال ما لم يكن متبنّيا لديه عند تصنيف الفهرست.
والعجب من بعض أعلام أهل الفنّ حيث قال: أنّه لم يظهر المتقدّم ـ من التوثيق والتضعيف ـ من الشيخ رحمهالله والتعارض يوجب التساقط.
ووجه العجب: أنّ تأخّر رجال الشيخ رحمهالله عن فهرسته ممّا لا يخفى على كلّ من راجع رجاله، حيث صرّح في مواضع عديدة بأنّ لمن عنونه كتبا ذكرها في الفهرست فتأخّر رجاله عن فهرسته من الواضحات، فبقي أنّ توثيق الشيخ لا معارض له إلاّ قول ابن الغضائري الذي لا وثوق بتضعيفاته لخروجها عن الحدّ وعدم خلوّ أحد من جرحه وغمزه.
وأمّا ما سمعته من العلاّمة رحمهالله من نسبة التضعيف مرارا إلى الشيخ رحمهاللهومقابلته بالتوثيق مرّة، فلم أفهم وجهه، فإنّ الشيخ لم يضعّفه إلاّ مرّة واحدة في الفهرست،
(30)
ووثّقه مرّة في رجاله المتأخّر عنه، وأمّا في سائر مقامات رجاله فلم يصدر منه إلاّ السكوت دون التضعيف.
وممّا ذكرنا كلّه ظهر أنّا إن لم نعدّ حديث الرجل في الصحاح استنادا إلى توثيق الشيخ رحمهالله المؤيّد بمجموع الوجوه المزبورة، فلا شبهة في كونه إماميّا غير غالٍ، فإذا انضمّت إلى ذلك القرائن المذكورة، عددنا حديثه في الحسان المعتمدة دون الضعاف المردودة.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ هذا المسلك الذي سلكناه أولى ممّا سلكه الشيخ الحرّ رحمهالله[1] ممّا لا يخلو من مناقشة، فإنّه قال: إنّه يظهر من الصدوق رحمهالله في الفقيه والشيخ رحمهالله في كتابي الأخبار، ومن كتب الرجال أنّ كتب سهل بن زياد معتمدة ولم يطعن فيها.
ثمّ استشهد بما ذكره الصدوق رحمهالله والكليني في أوّل الفقيه والكافي وأطال بنقل ذلك.
وفيه: أوّلاً: أنّ كون الكتاب معتمدا غير وثاقة الرجل، فإنّه كثيرا ما يطعنون في الرجل، ويصرّحون بأنّ كتابه معتمد، وقد يعكسون فلا تلازم بين الأمرين.
وثانيا: أنّه إن تمّ ما ذكره لزم وثاقة جميع رجال الفقيه، لاقتضاء ما ذكره في أوّله ذلك، مع أنّا نرى بالعيان أنّه كثيرا ما يروي الرواية ويضعّفها ويطعن في رجالها.
وأما الشيخ رحمهالله فقد ذكر في أوّل كتابيه أنّ الداعي إلى تصنيفهما هو اختلاف الأخبار ودفع التناقض الظاهر بينهما، ومقتضى ذلك أن يجمع جميع ما ورد
--------------------------------------------------
1. ذكر الحرّ العاملي رحمهالله هذا الكلام في كتابه الموسوم بتحرير وسائل الشيعة: 144 ـ 236 في الطبعة الجديدة ـ عند شرحه للباب الثالث من أبواب مقدّمات العبادات، وهي باب اشتراط العقل في تعلّق التكليف... راجع هامش تنقيح المقال 34: 194.
(31)
عنهم عليهمالسلام من الصحيح والسقيم من غير التفات إلى أنّ راويه موثّق أو معتمد أم لا....[1]
هذه عمدة الوجوه المذكورة في توثيق سهل بن زياد، ومن بينها كونه كثير الرواية، عندي من أهمّ الوجوه في الباب في وثاقة الرجل، كما أعتمد على ذلك بعض الأعلام، فإنّ ثقة الإسلام الكليني روى عنه أكثر من ألف حديث كما سبق فإذا ضممنا إلى ذلك ما ورد في مقدّمة كتابه الشريف من أنّ ما أورده في الكتاب حجّة بينه وبين الله نثق برواياته بلا تأمّل فيه، والله العالم بحقائق الأمور.
5 ـ تأمّل الشيخ الطوسي في روايات سهل:
قال المرحوم المامقاني: أنّ الشيخ الطوسي رحمهالله كثيرا ما تأمّل في أحاديث جماعة بسببهم لكنّه لم يتّفق له ذلك بالنسبة إليه بسببه، بل وفي خصوص الحديث الذي هو واقع في سنده، وربما يطعن ـ بل ويتكلّف في الطعن ـ من جهة أُخرى ولا يتأمّل فيه أصلاً.[2]
6 ـ لم يظفر على ضعف في أحاديثه:
إنّ من يراجع أحاديثه خصوصا في باب التوحيد لا يجد ما يدلّ على غلوّ في الاعتقاد ففي هذا الفصل من البحث نشير إلى بعض رواياته الّتي رواها شيخ المحدّثين الصدوق في كتابه القيّم التوحيد.
1 ـ الصدوق: حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقاق رحمهالله قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال: حدّثني محمّد بن جعفر البغدادي، عن سهل بن زياد، عن أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهماالسلام أنّه قال: إلهي تاهت أوهام المتوهّمين
--------------------------------------------------
1. تنقيح المقال 34: 194، وراجع استقصاء الاعتبار 1: 141 ـ 143، جامع الرواة 1: 393، وفي الرسائل الرجالية للسيّد الشفتي ت1260 ص 462 ومنها: إكثار المشايخ العظام في الرواية عنه، سيّما ثقة الإسلام الكليني في الكافي في إصوله وفروعه، ومنه يظهر أنّه معوّل عليه عندهم، راجع بهجة الآمال 4: 516 ـ 517.
2. تنقيح المقال 34: 189 ـ 190.
(32)
وقَصُرَ طرف الطارفين، وتلاشت أوصاف الواصفين، واضمحلّت أقاويل المبطلين عن الدّرك لعجيب شأنك، أو الوقوع بالبلوغ إلى عُلوِّك فأنت في المكان الذي لا يتناهي، ولم تقع عليك عيون بإشارة ولا عبارة، هيهات ثمّ هيهات، يا أوّلي، يا وحداني يا فرداني، شَمَختَ في العلو بعزّ الكبر، وارتفعت من وراء كلّ غورة ونهاية بجبروت الفخر.[1]
2 ـ الصدوق: حدّثنا محمّد بن أحمد الشيباني المكتب قدسسره، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفيّ، قال: حدّثنا سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني، عن الإمام عليّ بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه الرضا عليّ بن موسى عليهالسلام قال: خرج أبو حنيفة ذات يوم من عند الصادق عليهالسلام فاستقبله موسى بن جعفر عليهالسلام فقال له: يا غلام ممّن المعصية؟ قال: لا تخلو من ثلاث: إمّا أن تكون من الله عزوجل، وليست منه فلا ينبغي لكريم أن يعذّب عبده بما لا يكتسبه، وإمّا أن تكون من الله عزوجل ومن العبد، وليس كذلك فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف، وإمّا أن تكون من العبد وهي منه، فإن عاقبه الله فبذنبه وإن عفى عنه فبكرمه وجوده.[2]
3 ـ الصدوق: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قدسسره قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن سهل بن زياد، عن حمزة بن محمّد، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليهالسلام أسأله عن الجسم والصورة، فكتب عليهالسلام: سبحان من ليس كمثله شيء لا جسم ولا صورة.[3]
4 ـ الصدوق: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قدسسره، قال: حدّثنا
--------------------------------------------------
1. التوحيد: 66، ب2، باب التوحيد ونفي التشبيه، ح19، وفي هامش الكتاب: في نسخةد و (و): فأنت الذي لا يتناهى.
2. التوحيد: 96، ب5 باب معنى التوحيد والعدل، ح2.
3. التوحيد: 97، ب6، باب أنّه عزّ وجلّ ليس بجسم ولا صورة، ح3.
(33)
محمّد بن الحسن الصفار، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن زيد، قال: جئت إلى الرضا عليهالسلام أسأله عن التوحيد، فأملى عليّ: الحمد للّه فاطر الأشياء إنشاءً، ومبتدعها ابتداءً بقدرته وحكمته، لا من شيء فيبطل الاختراع، ولا لعلّة فلا يصحّ الابتداع خلق ماشاء كيف شاء، متوحّدا بذلك لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيته، لا تضبطه العقول، ولا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأبصار، ولا يحيط به مقدار، عجزت دونه العبارة، وكلّت دونه الأبصار، وضلّ فيه تصاريف الصفات، احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير سِتْر مستور، عرف بغير رؤية، ووصف بغير صورة، ونعت بغير جسم، لا إله إلاّ الله الكبير المتعال.[1]
5 ـ الصدوق: حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكليني قدسسره قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد وغيره، عن محمّد بن سليمان، عن عليّ بن إبراهيم الجعفري، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال: قال: إنّ الله عظيم، رفيع، لا يقدر العباد على صفته، ولا يبلغون كنه عظمته «لاَ تُدْرِكهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يدْرِك الأبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»،[2] ولا يوصف بكيف ولا أين ولا حَيث فكيف أصفه بكيف وهو الذي كيف الكيف حتّى صار كيفا، فعرفت الكيف بما كيف لنا من الكيف، أم كيف أصفه بأين وهو الذي أيّن الأين حتّى صار أينا، فعرفت الأين بما أين لنا من الأين، أم كيف أصفه بحيث وهو الذي حيث الحيث حتّى صار حيثا، فعرفت الحيث بما حيث لنا من الحيث، فالله تبارك وتعالى داخل في كلّ مكان، وخارج من كلّ شيء، «لاَ تُدْرِكهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يدْرِك الأبْصَارَ»[3]، لا إله إلاّ هو العلي العظيم، «وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»[4].[5]
--------------------------------------------------
1. التوحيد: 98، ب6 باب أنّه عزّ وجلّ ليس بجسم ولا صورة، ح5.
2-4. 4 الأنعام 6: 103.
5. التوحيد: 115، ب8، باب ما جاء في الرؤية، ح14.
(34)
6 ـ الصدوق: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رحمهالله عن محمّد بن يحيى العطّار، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبدالله عليهالسلام في قول الله عزوجل: «كلُّ شَيءٍ هَالِك إِلاَّ وَجْهَهُ»[1] من أتى الله بما أُمر به من طاعة محمّد والأئمّة من بعده صلوات الله عليهم فهو الوجه الذي لا يهلك ثمّ قرأ: «مَنْ يطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله».[2]
7 ـ الصدوق: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رحمهالله عن أبيه، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن سنان، عن أبي سلام، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر عليهالسلام قال: نحن المثاني الّتي أعطاها الله نبيّنا صلىاللهعليهوآله ونحن وجه الله نتقلّب في الأرض بين أظهركم، عَرَفَنا من عرفنا، ومن جهلنا فأمامه اليقين.[3]
8 ـ الصدوق: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمهالله قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن يحيى الخزّاز، عن محمّد بن سَماعة، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال: قال رأس الجالوت لليهود: إنّ المسلمين يزعمون أنّ عليّا، من أجدل الناس وأعلمهم، اذهبوا بنا إليه لعلّي أسأله عن مسألة أُخطّئه فيها، فأتاه فقال: يا أمير المؤمنين إنّي أُريد أن أسألك عن مسألة، قال: سل عمّا شئت، قال: يا أمير المؤمنين متى كان ربّنا؟ قال: يا يهودي، إنّما يقال: متى كان لمن لم يكن فكان، هو كائن بلا كينونة، كائن كان بلا كيف، يا يهودي، كيف يكون له قبل وهو قبل القبل بلا غاية ولا منتهى، غاية ولا غاية إليها، غاية انقطعت الغايات عنه، فهو غاية كلّ غاية، فقال: أشهد أنّ دينك الحقّ وأنّ ما خالفه باطل.[4]
--------------------------------------------------
1. القصص 28: 88.
2. التوحيد: 149، ب12 باب تفسير قول الله عزّ وجلّ: «كلّ شيء هالك إلاّ وجهه»، ح3 والآية في النساء 4: 80.
3. التوحيد: 150، ب12 باب تفسير قول الله عزّ وجلّ: «كلّ شيء هالك إلاّ وجهه»، ح6، وقال الصدوق: معنى قوله: نحن المثاني أي نحن الذين قرننا النبيّ إلى القرآن بالتمسك بالقرآن وبنا، فأخبر أمّته بأن لا نفترق حتّى نرد عليه حوضه.
4. التوحيد: 175، ب28، باب نفي المكان، ح6.
(35)
9 ـ الصدوق: حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد(رحمهما الله) قالا: حدّثنا أحمد بن إدريس، ومحمّد بن يحيى العطار، عن محمّد بن أحمد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن يعقوب الهاشمي، عن مروان بن مسلم، قال: دخل ابن أبي العوجاء على أبي عبدالله عليهالسلام فقال: أليس تزعم أنّ الله خالق كلّ شيء؟ فقال أبو عبدالله عليهالسلام: بَلى، فقال: أنا أخلق، فقال عليهالسلام له: كيف تخلق؟! فقال: أُحدث في الموضع ثمّ ألبث عنه فيصير دوابّ، فأكون أنا الذي خلقتها، فقال أبو عبدالله عليهالسلام: أليس خالق الشيء يعرف كم خلقه؟ قال: بلى، قال: فتعرف الذكر منها من الأنثى، وتعرف كم عمرها؟! فسكت.[1]
10 ـ الصدوق: حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق رحمهالله، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدّثنا جَذْعان بن نصر أبو نصر الكنْدي، قال: حدّثني سهل بن زياد الآدمي، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالرّحمن بن كثير، عن داود الرقّي، قال: سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قوله عزّوجلّ: «وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»[2] فقال لي: ما يقولون في ذلك؟ قلت: يقولون إنّ العرش كان على الماء والربّ فوقه، فقال: كذبوا، من زعم هذا فقد صيّر الله محمولاً ووصفه بصفة المخلوقين ولزمه أنّ الشيء الذي يحمله أقوى منه، قلت: بيّن لي جعلت فداك، فقال: إنّ الله عزوجل حمل علمه ودينه الماء[3] قبل أن تكون أرض أو سماء أو جنّ أو إنس أو شمس أو قمر، فلمّا أراد أن يخلق الخلق نَثَرهم بين يديه فقال لهم: من ربّكم؟ ! فكان أوّل من نطق رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام والأئمّة صلوات الله عليهم، فقالوا: أنت ربّنا،
--------------------------------------------------
1. التوحيد: 295، ب42 باب اثبات حدوث العالم، ح5.
2. هود 11: 7.
3. في هامش كتاب التوحيد: لا يبعد أن يكون المراد بالماء هنا هو أوّل ما خلقه الله الذي ذكر في الحديث العشرين من الباب الثاني، إلاّ أنّ الاحتمال الأوّل هناك غير آت هنا.
(36)
فحملهم العلم والدين، ثمّ قال للملائكة: هؤلاء حملة علمي وديني وأُمنائي في خلقي وهم المسؤولون ثمّ قيل لبني آدم: أقرّوا للّه بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة، فقالوا: نعم ربّنا أقررنا، فقال للملائكة: اشهدوا، فقالت الملائكة شهدنا على أن لا يقولوا إنّا كنّا عن هذا غافلين أو يقولوا إنّما أشرك آباؤنا من قبل وكنّا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون يا داود ولايتنا مؤكّدة عليهم في الميثاق.[1]
11 ـ روى الشيخ المفيد: قال: أحمد بن محمّد بن عيسى، عن سهل بن زياد، عن أبي يحيى الواسطي قال: حدّثني عليّ بن بلال قال: حدّثني محمّد بن محمّد الواسطي قال: كنت ببغداد عند محمّد بن سماعة القاضي وعنده رجل، فقال له: إنّي دخلت مسجد الكوفة فجلست إلى بعض أساطينه لأُصلّي ركعتين فإذا خلفي امرأة أعرابية بدوّية وعليها شملة وهي تنادي: يا مشهورا في الدنيا ويا مشهورا في الآخرة ويا مشهورا في السماء ويا مشهورا في الأرض! جهدت الجبابرة على إطفاء نورك وإخماد ذكرك فأبى الله لنورك إلاّ ضياءا ولذكرك إلاّ علوّا ولو كره المشركون، قال: فقلت: يا أمة الله ومن هذا الذي تصفينه بهذه الصفة؟ قالت: ذاك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب الذي لا يجوز التوحيد إلاّ به وبولايته، قال: فالتفتُّ إليها فلم أر أحدا.[2]
هذه عمدة روايات سهل بن زياد، وليس في ذلك ما يدلّ على غلوّ في الاعتقاد أو فساد في العقيدة والمذهب كما قيل والله العالم بحقائق الاُمور.
وفي الرسائل الرجالية للمرحوم الشفتي: 436 أمّا حكاية غلوّه وفساد مذهبه، فكفاك في هذا الباب ما رواه شيخنا الصدوق في التوحيد في الصحيح، عن سهل بن زياد، أن قال: كتبت إلى أبي محمّد عليهالسلام :قد اختلف يا سيّدي أصحابنا
--------------------------------------------------
1. التوحيد: 319، ب49 باب معنى قوله عزّ وجلّ: «وكان عرشه على الماء»، ح1.
2. الاختصاص (سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) 12: 19.
(37)
في التوحيد، منهم من يقول: هو جسم، ومنهم من يقول: هو صورة، فإن رأيت يا سيّدي أن تعلّمني من ذلك ما أقف عليه، ولا أجوزه، فكنتَ متطوّلاً على عبدك.
فوقّع عليهالسلام بخطّه: سألتَ عن التوحيد، وهذا عنكم معزول، الله تعالى واحد أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، خالق ليس بمخلوق، يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الأجسام وغير ذلك، ويصوّر ما يشاء وليس بمصوّر جلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه، وتعالى أن يكون له شبيه، هو لا غيره «لَيسَ كمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ».[1]
هل كان سهل بن زياد عامّيا؟
من جملة أسباب الجرح والضعف الذي ذكر حول سهل بن زياد، وبذلك أُسقط عن درجة الاعتبار والاستدلال برواياته لأنّه كان عامّيا ومن أهل السنّة ورُدَّ جميع رواياته في أبواب الفقه.
المرحوم الشهيد الثاني (أعلى الله مقامه الشريف) في مواضع عديدة من كتابه القيّم (مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام) ضعّفه لكونه فاسد المذهب فقال: والخبر الثالث في طريقه سهل بن زياد وهو فاسد المذهب.[2]
وقال أيضا: وسهل ضعيفٌ غالٍ.[3]
وجعله في موضع آخر من المخالفين للحق.[4]
--------------------------------------------------
1. راجع التوحيد: 101، ب6 باب أنّه عزّ وجلّ ليس بجسم ولا صورة ح14، والآية في سورة الشورى 42: 11.
2. مسالك الأفهام 7: 402، وراجع ص454، و 8: 159، فلا يخفى على الباحث والمتتبّع أنّ الشهيد رحمهالله في كتبه الفقهية يتمسّك برواية النوفلي والسكوني علما بأنّهما كانا عاميين بلا ترديد، ففي المسالك 3: 191 يُعبّر عن رواية السكوني بالصحيحة، وهذا غريب، راجع مسالك الأفهام 10: 209، وفي 14: 77، يصرّح بأنّ السكوني كان عامّيا ومع ذلك يستدلّ بروايته فما الفرق بين سهل والسكوني والنوفلي؟
3. مسالك الأفهام 9: 471.
4. مسالك الأفهام 13: 267.
(38)
وقال: وحاله مشهور.[1]
ونقل هذا القول عن الشهيد المرحوم صاحب المدارك.[2]
فنقول: إن كان الرجل عامّيا أو من المخالفين للحق كما عليه الشهيد فكان من الطبيعي وجوده في كتب أهل السنّة ولو في مورد واحد، علما بأنّه ليس له ذكر في كتبهم المعتمدة وغير المعتمدة، فهذا دليل واضح على عدم صحة هذا الرأي من هذين العَلَمين الجليلين، ولا نعلم مستند كلام الشهيد، كما وقد صرّح بذلك السيّد العاملي في المدارك وقال: وما قاله شيخنا من أنّه عامي لا أدري مأخذه.[3]
أضف إلى ذلك رواياته الّتي رواها الأعلام كالشيخ الصدوق والشيخ الطوسي وغيرهما حول خلافة الإمام أمير المؤمنين والأئمّة المعصومين عليهمالسلام من بعده حيث جاء عنه في بعض الروايات الآتية بأنّه جرى حكم الأئمّة عليهمالسلام بعده (أمير المؤمنين) واحدا بعد واحد، جعلهم الله أركان الأرض، وهم الحجّة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.
وعن المرحوم المامقاني في تنقيح المقال 34: 193 فلا شبهة في كونه إماميا غير غال.
--------------------------------------------------
1. مسالك الأفهام 11: 165.
2. مدارك الأحكام 1: 111، وفي مقباس الهداية 2: 239، في البحث عن ألفاظ المدح قال: ومنها: قوله: خاصّي وفيه احتمالان: أحدهما: كون المراد به الشيعي مقابل العامي...
3. مدارك الأحكام 1: 111، راجع استقصاء الإعتبار في شرح الاستبصار 1: 134، لعلّ البعض يتوهّم ويرى بأن المراد من أنّه كان عاميا بمعنى أنّه كان من عوام الناس، وقبوله صعب جدّاً فإنّ مثل سهل بن زياد الذي أدرك ثلاثة من الأئمّة عليهمالسلام وقد كاتب الإمام العسكري عليهالسلام كيف يعقل أن يقال في حقّه بأنّه كان من عوام الناس، أضف إلى ذلك بأنّ هذه العبارة في بعض الأحيان يستخدمها المرحوم النجاشي فعلى سبيل المثال يقول ذلك حول الطبري فهل يصحّ أنّ نقول بأنّ الطبري كان من عوام الناس، وكذا الكلام بالنسبة إلى طلحة بن زيد حيث عبّر عنه عامي، وعبّر الشيخ الطوسي بأنّه عاميّ المذهب، والشهيد نفسه في مسالك الأفهام 14: 77، يصرح بأنّ السكوني كان عاميا فهل يقصد بأنّه كان من العوام؟
(39)
وإليك بعض رواياته في الباب:
1 ـ الصدوق: حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدّقاق قدسسره قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال: حدّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي قال: حدّثني عبد العظيم بن عبدالله الحسني قال: سمعت محمّد بن علي الرضا عليهالسلام يقول: ما زار أبي عليهالسلام أحد فأصابه أذى من مطر أو برد أو حرّ إلا حرّم الله جسده على النار.[1]
2 ـ الصدوق: حدّثنا الحسين بن إبراهيم المؤدّب قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد بن بشار، عن عبيد الله بن عبدالله الدهقان، عن درست بن أبي منصور الواسطي، عن عبد الحميد بن أبي العلاء، عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن طريف الخفّاف، عن الأصبغ بن نباته قال: قال أمير المؤمنين عليهالسلام :أنا خليفة رسول الله ووزيره ووارثه، أنا أخو رسول الله ووصيه وحبيبه، أنا صفي رسول الله وصاحبه، أنا ابن عم رسول الله وزوج ابنته وأبو ولْده، أنا سيّد الوصيين ووصي سيّد النبيّين، أنا الحّجة العظمى والآية الكبرى والمَثَل الأعلى وباب النبيّ المصطفى، أنا العروة الوثقى وكلمة التقوى، وأمين الله تعالى ذكره على أهل الدنيا.[2]
3 ـ أبو جعفر الطوسي: أخبرنا محمّد بن محمّد قال: حدّثنا الشريف الصالح أبو محمّد الحسن بن حمزة قال: حدّثنا أبو القاسم نصر بن الحسن الوراميني قال: حدّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي قال: حدّثنا محمّد بن الوليد المعروف بشباب الصيرفي مولى بني هاشم قال: حدّثنا سعيد الأعرج عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد عليهالسلام في حديث قال: أما علمت أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان يقول: أنا قسيم
--------------------------------------------------
1. أمالي الصدوق: 752، المجلس 94، ح1.
2. أمالي الصدوق: 92، المجلس 10، ح7.
(40)
الله بين الجنة والنار.[1]
4 ـ الصدوق: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رحمهالله قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار قال: حدّثني سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد قال: سمعت يونس بن يعقوب يقول: عن سنان بن طريف عن أبيعبدالله الصادق عليهالسلام قال: إنّا أهل بيت نوّه الله بأسمائنا أنّه لمّا خلق الله السماوات والأرض أمر مناديا فنادى: أشهد أنّ لا إله إلاّ الله ـ ثلاثا ـ أشهد أنّ محمّدا رسول الله ـ ثلاثا ـ أشهد أنّ عليّا أمير المؤمنين حقّا ـ ثلاثاـ.[2]
5 ـ الصدوق: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمهالله قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار قال: حدّثنا سهل بن زياد الآدمي، عن محمّد بن سنان، عن عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت رفعه قال: دخل رسول الله على عمّه أبي طالب وهو مسجّى، فقال: يا عم كفلت يتيما، وربيت صغيرا، ونصرت كبيرا، فجزاك الله عنّي خيرا، ثمّ أمر عليّا عليهالسلام بغُسله.[3]
6 ـ أبو جعفر الطوسي قال: أخبرنا محمّد بن محمّد قال: حدّثنا الشريف الصالح أبو محمّد الحسن بن حمزة قال: حدّثنا أبو القاسم نصر بن الحسن الوراميني قال: حدّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي قال: حدّثنا محمّد بن الوليد المعروف بـ «شباب» الصيرفي مولى بني هاشم قال: حدّثنا سعيد الأعرج قال: دخلتُ أنا وسليمان بن خالد على أبي عبدالله جعفر بن محمّد عليهمالسلام فابتدأني، فقال: يا سليمان، ما جاء عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام يؤخذ به، وما نهى عنه ينتهى عنه، جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله صلىاللهعليهوآله ولرسوله الفضل على جميع من خلق الله، العائب على أمير المؤمنين في شيء كالعائب على الله وعلى
--------------------------------------------------
1. أمالي الطوسي: 205 ـ 206، المجلس 8، ح 2.
2. أمالي الصدوق: 701، المجلس 88، ح4.
3. أمالي الصدوق: 489، المجلس63، ح6، راجع كتاب إيمان أبي طالب لفخار بن معد الموسوي: 264، فصل 6.
(41)
رسوله صلىاللهعليهوآله والرادّ عليه في صغير أو كبير على حدّ الشرك بالله.
كان أمير المؤمنين عليهالسلام باب الله الذي لا يؤتى إلاّ منه، وسبيله الذي من تمسّك بغيره هلك، كذلك جرى حكم الأئمّة عليهمالسلام بعده واحدا بعد واحد، جعلهم الله أركان الأرض، وهم الحجّة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.
أما علمت أن أمير المؤمنين عليهالسلام كان يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقرّ لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقرّوا لمحمّد صلىاللهعليهوآله، ولقد حملت على مثل حمولة محمّد، وهي حمولة الرب، وإن محمّدا صلىاللهعليهوآله يدعى فيكسى، ويستنطق فينطق، وأدعى فأُكسى وأُستنطق فأنطق، ولقد أعطيت خصالاً لم يعطها أحد قبلي: علمت البلايا والقضايا وفصل الخطاب.[1]
الشيخ الطوسي: وأخبرني جماعة، عن أبي محمّد التلعكبري، عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن الحسن بن العباس بن الحريش الرازي، عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال لابن عباس: إنَّ ليلة القدر في كلّ سنة، وإنّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله، فقال ابن عباس: من هم؟ فقال: أنا وأحد عشر من صلبي أئمّة محدثّون.[2]
هذه نماذج يسيرة من روايات سهل بن زياد الآدمي حول الأئمّة الاثنى عشر عليهمالسلام وخصوص إمامة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فهل يقع نقل القول أنّه كان عامّيا وفاسد العقيدة والمذهب، أو مخالفا للحق، ومن بين هذه الروايات، الرواية
--------------------------------------------------
1. أمالي الطوسي: 205، المجلس 8، ح2، وحديث على قسيم الجنة والنار رواه أعلام السنُّة منهم الجويني شيخ الذهبي في فرائد السمطين 1: 325 ـ 326، الباب 59.
2. كتاب الغيبة للطوسي: 141، رقم 106، راجع كمال الدين للشيخ الصدوق: 304، ح 19.
(42)
الملفتة للنظر روايته عن محمّد بن بشّار حيث ورد فيها قول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام :أنا خليفة رسول الله ووزيره ووارثه... أنا سيّد الوصيّين ووصيّ سيّد النبيّين، أنا الحجّة العظمى والآية الكبرى والمَثَل الأعلى، وباب النبيّ المصطفى، أنا العروة الوثقى....
فهل يمكن نقل أمثال هذه الروايات عن غير الشيعي الاثنى عشري؟ وأهم من ذلك كلّه الرواية الأخيرة الّتي رواها شيخ الطائفة الطوسي فقال: أنا وأحد عشر من صلبي.
وقد صرّح المامقاني بأنّ رواياته كلّها نقيّة بالوجدان عمّا يدلّ على ضعف في النقل أو غلوّ في الاعتقاد....[1]
تمسّك الفقهاء بروايات سهل بن زياد
لا شك بأنّ الفقهاء (رضوان الله عليهم أجمعين) ليسوا على نمط واحد في تمسّكهم بروايات سهل بن زياد فبعضهم كالشهيد الأوّل والثاني والمقدّس الأردبيلي والعلاّمة الحلي، والشيخ مرتضى الأنصاري، ومن المعاصرين شيخنا الأستاذ آية الله الشيخ محمّد الفاضل اللنكراني قدسسره لم يستدلّوا برواياته في الفقه، وفي مقابل ذلك نرى مجموعة أخرى من الفقهاء (أعلى الله كلمتهم) كالشيخ الطوسي والمحقّق الثاني صاحب جامع المقاصد والمرحوم النراقي وصاحب الجواهر والحدائق وصاحب الرياض ـ حيث عبّر عن رواية سهل بالمعتبرة كما ستأتي الإشارة إليه إن شاء الله ـ والسبزواري والسيّد العاملي وغيرهم تمسّكوا بروايات سهل، ففي هذا الفصل نشير إلى ذلك على وجه الاختصار.[2]
--------------------------------------------------
1. تنقيح المقال 34: 192.
2. وممّا تجدر الإشارة إليه بأنّ هؤلاء الأعلام والفقهاء الذين تمسّكوا بروايات سهل لهم مبان رجالية خاصّة، والهدف من ذكرهم هنا وتمسّكهم ليس بالتحديد إثبات وثاقتهم لسهل.
(43)
1 ـ الشيخ الطوسي (ت: 460)
سبق منّا بأنّ المرحوم الشيخ الطوسي رحمهالله تضاربت أقواله حول سهل ففي الفهرست ضعّفه وفي الرجال الذي متأخرا عن الفهرست وثّقه.
ولذا نراه يستدلّ في كتابه الرسائل العشر: 262 في باب تحريم الفُقّاع برواية سهل بن زياد.
وقال: وأخبرني جماعة عن أبي غالب الزراري وأبي المفضل الشيباني وجعفر بن محمّد بن قولويه والحسين بن رافع، عن محمّد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمر بن سعيد، عن الحسن بن الجهم، وابن فضّال قالا: سألنا أبا الحسن عليهالسلام عن الفُقّاع؟ فقال: هو خمر وفيه حدّ شارب الخمر.[1]
2 ـ المحقّق الحلي (ت: 676)
لقد استدلّ المحقّق الحلي صاحب كتاب شرائع الإسلام برواية سهل بن زياد في باب الصلاة قال: وأما الأثر فروايات ست: الأولى: رواية سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال: سألته عن رجل نسي الظهر حتّى دخل وقت العصر، قال: يبدأ بالظهر وكذلك الصلوات ويبدأ بالتي نسيت.[2]
3 ـ المحقّق الكركي (ت: 940)
فقد استدلّ المحقّق الكركي برواية سهل بن زياد في باب تكفين الميّت عند قول العلاّمة الحلي حيث قال: (وتزاد لفافة أُخرى لثدييها) فقال: لخبر سهل بن زياد....[3] وقال في ص 386: ولا ريب أن الأفضل كونهما من النخل، فإن فقد
--------------------------------------------------
1. الرسائل العشر: 262. وراجع الكافي 6: 423، باب الفقاع، ح8، التهذيب 9: 125، ح541، الاستبصار 4: 95، ح370.
2. الرسائل التسع: 124، ويلاحظ بأنّه في ص 129 تمسّك برواية سهل ولكنه ضعّفه، وأما هنا سكت عنه ولم يضعّفه.
3. جامع المقاصد 1: 383.
(44)
فالسدر، فإن فقد فالخلاف، وهذا الترتيب موجود في خبر سهل بن زياد.
وكذا في كتابه(خلاصة الإيجاز في المتعة) فقال: قد تكره المتعة وقتا ما للتقية، وربما حرمت، وعليها تحمل رواية سهل بن زياد....[1]
4 ـ المحقّق النراقي (ت: 1245)
لقد استدلّ المرحوم النراقي في موارد كثيرة في كتابه القيّم مستند الشيعة بروايات سهل بن زياد منها في 3: 162 في باب مستحبات غسل الميّت، و 178 في أحكام غسل الميّت و 181 و 182 و 184 و 185 و 188 و 192 و 196 و 198 في باب التكفين و 211 في مستحبات التكفين، و 225 في استحباب جعل الجريدة مع الميّت، و 229 و 269 فيما يتعلّق بالدفن، و 291 في واجبات الدفن، و 304 في مستحبات الدفن، و 329 في الأغسال المسنونة.
و 5: 383 في مستحبات الصلاة، و 431 في النوافل اليومية حيث عبّر بحسنة سهل، و 8: 115 في مستحبات الجماعة، و 225 في صلاة المسافر وشروط القصر، و 9: 189 فيما تجب فيه الزكاة، و 192 و 194 و 196.
5 ـ السيّد علي الطباطبائي (المتوفى: 1231)
قال في كتاب الطهارة، باب مكروهات التكفين: نعم في الخبر المعتبر الذي في سنده (سهل) ومرسل بالعدّة، وقد عرفت عدم القدح بهما في الحجية.[2]
فهذا الكلام تصريح منه رحمهالله في مقبولية خبر سهل بن زياد الآدمي.
6 ـ الشيخ محمّد حسن النجفي (المتوفى: 1266)
استند المرحوم صاحب الجواهر في كتابه القيّم جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام للمحقّق الحلي في موارد كثيرة بروايات سهل بن زياد منها في
--------------------------------------------------
1. خلاصة الإيجاز في المتعة: 187، ضمن مجموعة حياة المحقّق الكركي.
2. رياض المسائل 2: 206.
(45)
4: 295 من أحكام الأموات، و 243 و 300 و 309 و 1: 109 في المياه، و 12: 85 في الصلاة على الأموات، و 22: 292 من كتاب الإجارة، و 36: 107 من كتاب العتق.
7 ـ المحقّق السبزواري (ت: 1090)
استدلّ المرحوم المحقّق السبزواري في كتابه ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد في ص 52 سطر 43 من كتاب الطهارة، وقال: لأنّا نقول في طريق رواية جميل هذه: سهل بن زياد فتكون صحيحة... و ص 88 سطر 17 من أحكام التكفين، وص 89 سطر 37 و 112 من أحكام الوضوء، وص 290 سطر 34 في مندوبات الصلاة، وص333 سطر 1 في أحكام صلاة الأموات و ص 339 سطر 3 و ص 522 من أحكام الصوم و ص552 سطر 9 من أحكام حج القران والإفراد وغيرها، واستدلّ أيضا في كفاية الفقه 1: 249 و2: 113 و2: 805.
8 ـ الفاضل الهندي (ت: 1137)
لقد استدلّ أيضا المرحوم الفاضل الهندي في كتابه كشف اللثام 2: 384 من كتاب الطهارة، وص 197 من أحكام الغسل، وص 267 من أحكام التكفين، وص 261 من نفس الباب، و 3: 38 من كتاب الصّلاة، و 9: 281 من كتاب الصيد والذبائح وغيرها.
9 ـ السيّد العاملي (المتوفى: 1226)
وكذلك المرحوم السيّد محمّد جواد العاملي في موسوعته الفقهية القيّمة (مفتاح الكرامة) في موارد عديدة برواية سهل بن زياد منها في 13: 198 في مبحث بيع السمك، وص 185 في بيع غير المعيّن، وص 552 في بيع الصرف والمعاوضة، و 19: 580 في مبحث الاستئجار لحفر الآبار والعيون، وص 235 في عقد الإجارة، وص696 و24: 281 في ميراث المفقود، و 23: 164 في
(46)
مبحث الوصيّة للأعمام والأخوال، و 25: 286 في كتاب القضاء، وقال: وأما سهل فالأمر فيه سهل، لأنّه كان شيخ إجازة ولم يثبت ضعفه كما قرر في محلّه، وص26: 36 كتاب الديات، وص441 وغيرها من الأبواب.
10 ـ الشيخ يوسف البحراني (ت: 1186)
استند المحقّق المتتبّع الشيخ يوسف البحراني في كتابه (الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة 3: 467) في مكروهات غسل الميّت، و 4: 36، 47 وص41 في باب استحباب وضع جريدتين مع الميّت وص70 في حكم من يموت في البحر وص98 في مقدار ما يحفر القبر وص118 في استحباب الخروج من قبل رجلي القبر وص119 و5: 155 في ماء الزبيب إذا غلى ولم يذهب ثلثاه وص198 وص534، و10: 382 في أولى الناس بالميّت وص198 في أنّه هل يستحب حلق الرأس يوم الجمعة، و 13: 332 في مبحث الصوم المحرّم والمكروه، وص 364 و 388 و11: 110 في ما يعتبر في الجماعة، وص142 في حكم تقدّم المأموم على الإمام في الأفعال و12: 149 في وجوب الزكاة وعدمه في مال التجارة، و 14: 329 في حكم العدول عن التمتّع إلى غيره، و 15: 389 في حكم الجماع في إحرام العمرة، و 16: 438 في حكم ما لو أفاض قبل الفجر عامدا، و 18: 120 في باب حرمة معونة الظالم، وص 122 و460 و 20: 209 في أنّه لا يبطل الحقّ بتأخير المطالبة، و 21: 346، كتاب المزارعة و 22: 546 كتاب الوصايا، و 23: 92 في حرمة الدخول بالزوجة قبل إكمال التسع، و 24: 530 كتاب النكاح، و 25: 70 و 477.
11. وأما من المعاصرين فقد استدلّ الإمام الخميني (رضوان الله عليه) برواية سهل بن زياد ووثّقه، قال في المكاسب المحرمة 2: 21 في باب الاكتساب بما هو حرام في نفسه: ورواية الحسين بن عمر بن يزيد عنه عليهالسلام، وليس في سندها إلاّ
(47)
سهل الذي أمرُه سهل، ومثله في ص 345.
وقال في كتاب الطهارة: في رواية عن الصادق عليهالسلام، وفي طريقها سهل بن زياد الآدمي وأمرُه سهل بعد اشتراكها في إتقان الرواية وكثرتها مع النيسابوري، بل هو أكثر رواية منه، وله قدم راسخة في جميع أبواب الفقه كما يتّضح للمتتبّع مع قرائن كثيرة توجب الاطمئنان بوثاقته، راجع 1: 78 من كتاب الطهارة.
وقال في ص 258 من نفس المجلد: والمناقشة في سند الأولى في غير محلّها فإنّ سهل بن زياد وإن ضُعّف لكن المتتبّع لرواياته يطمئنّ بوثاقته ـ من كثرة رواياته وإتقانها واعتناء المشايخ بها ـ فوق ما يطمئنّ من توثيق أصحاب الرجال كما رجّحنا بذلك توثيق إبراهيم بن هاشم القمي ومحمّد بن إسماعيل النيسابوري راوية الفضل بن شاذان وغيرهما، ولا أستبعد كون الزبيري أيضا من هذا القبيل.
اللذين رووا عن سهل
1 ـ أبو الحسين الأسدي
2 ـ أحمد بن إدريس
3 ـ أحمد بن الحسين بن سعيد
4 ـ أحمد بن محمد
5 ـ أحمد بن يحيى
6 ـ إسماعيل بن إبراهيم العبديّ
7 ـ جبرئيل بن أحمد
8 ـ جعفر بن محمّد
9 ـ حريز بن عبدالله
10 ـ الحسن بن الحسن بن بُندار
(48)
11 ـ الحسن بن عليّ
12 ـ الحسن بن متّيل
13 ـ خلف بن حمّاد
14 ـ سعد
15 ـ سلمة بن الخطّاب
16 ـ عليّ بن إبراهيم
17 ـ عليّ بن محمّد
18 ـ عليّ بن محمّد بن عبدالله
19 ـ عليّ بن محمّد بن علان
20 ـ أبي عليّ الأشعري
21 ـ محمّد بن إبراهيم الرازي
22 ـ محمد بن جعفر الأسدي
23 ـ محمّد بن الحسن
24 ـ محمّد بن أبي عبدالله الكوفي
25 ـ محمّد بن أحمد الأسدي
26 ـ محمّد بن أحمد بن يحيى
27 ـ محمّد بن الحسين
28 ـ محمّد بن حمّاد
29 ـ محمّد بن حسّان الرازي
30 ـ محمّد بن سهل
31 ـ محمّد بن عقيل الكليني
32 ـ محمّد بن نصير
33 ـ محمد بن يحيى
(49)
الذين روى عنهم سهل
1 ـ الإمام الجواد والهادي والعسكري عليهمالسلام
2 ـ إبراهيم الدهقان
3 ـ إبراهيم بن عبدالحميد
4 ـ إبراهيم بن عبدالرحمن بن الحجّاج
5 ـ إبراهيم بن عقبة
6 ـ إبراهيم بن عليّ
7 ـ إبراهيم بن محمّد المدنيّ
8 ـ إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ
9 ـ ابن أبي نجران
10 ـ أبي عليّ الأشعري
11 ـ أحمد بن إسحاق الأشعري
12 ـ أحمد بن بشير البرقي
13 ـ أحمد بن الحسن بن علي
14 ـ أحمد بن عبدوس الخلنجي
15 ـ أحمد بن عليّ بن النعمان
16 ـ أحمد بن عمر الحلبي
17 ـ أحمد بن المثنّى
18 ـ أحمد بن الأشعث
19 ـ أحمد بن محمّد بن البصيري
20 ـ أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي
21 ـ أحمد بن محمّد البارقي
(50)
22 ـ أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري
23 ـ أحمد بن محمّد بن خالد
24 ـ أحمد بن محمّد القلانسي
25 ـ أحمد بن هارون الموفّق المديني
26 ـ أحمد بن سليمان الحجّال
27 ـ أحمد بن محمّد السيّاري
28 ـ أحمد بن يوسف بن عقيل
29 ـ أحمد بن محمّد البصري
30 ـ إدريس بن زيد الحارثي
31 ـ آدم بن عليّ
32 ـ إسماعيل بن مرّار
33 ـ إسماعيل بن منصور
34 ـ أسماعيل بن مهران أبي نصر
35 ـ أيّوب بن نوح
36 ـ بكر بن صالح الرازي
37 ـ جعفر بن إبراهيم بن محمّد الهمداني
38 ـ جعفر بن بشير
39 ـ جعفر بن عثمان الدارمي
40 ـ جعفر بن محمّد بن بشّار
41 ـ جعفر بن محمّد بن بشير
42 ـ جعفر بن محمّد بن حمزة
43 ـ جعفر بن محمّد بن يسار